icon
التغطية الحية

المونيتور: الكرملين يسعى لأن تصبح سوريا شوكة في خاصرة الناتو

2021.12.29 | 15:10 دمشق

upload_3154785258.jpg
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة حميميم العسكرية في سوريا ـ إنترنت
المونيتور - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

تعتبر نهاية شهر كانون الأول مميزة لدى الجيش الروسي، ففي هذا التوقيت من كل عام يتوجه كل القادة العسكريون في القوات المسلحة، ويشمل ذلك الرئيس ووزير الدفاع وقائد الأركان إلى المركز الوطني لإدارة الدفاع في موسكو، حيث يلخصون النتائج التي توصلوا إليها ويعلنون عن الإحصائيات "ويعبرون عن قلقهم إزاء تحركات الناتو"، وبالطبع يطالبون بأخذ الحيطة. بعد ذلك ينقل الجنرالات ما سمعوه في تلك الاجتماعات إلى الجنود في مقراتهم.

ولهذا السبب، يمثل التصريح الذي خرج به وزير الدفاع سيرغي شويغو في الاجتماع السنوي حول توسيع المدرج الغربي لقاعدة حميميم بسوريا إقراراً بالعمل الذي تم إنجازه، فقد تم التخطيط لإعادة البناء في عام 2019، وبدأ العمل على ذلك في عام 2020 بعد الحصول على موافقة رسمية من النظام على بروتوكول يتصل بنقل ملكية أراض تشتمل على مياه إلى روسيا وذلك لتقوم بتوسيع قاعدتي حميميم وطرطوس. إلا أن هذا التوسع لا ينحصر في سوريا فحسب، بل أيضاً يتصل بالعلاقات بين روسيا والناتو.

تواصل موسكو سعيها للحصول على ضمانات طويلة الأمد من قبل واشنطن وبروكسل، بما أنه يتعين عليهما إبعاد توسع الناتو ومنع انتشار منظومات الأسلحة الخطيرة على مقربة من الحدود بحسب رأي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. إلا أن الجانب الروسي يقوم بذلك على طريقته الخاصة، إذ طوال عام 2021، حاول الكرملين إرغام الناتو على الدخول في مفاوضات جديدة ليس فقط عبر التلويح بالقيام بعمليات عدائية تجاه أوكرانيا، بل أيضاً عبر النشاط في اتجاهات ومسارات أخرى، أحدها يتمثل بخلق تهديدات بصورة منتظمة على الخاصرة الجنوبية لحلف شمال الأطلسي، أي من خلال سوريا.

تم توسيع المدرج الجنوبي لقاعدة حميميم الجوية التي تحدث شويغو عنها مسافة 3199 طولاً و52-54 عرضاً، مع أعمال طلاء وإضاءة جديدة وكذلك معدات راديو جديدة. وفي أيار، نصبت روسيا ثلاث قاذفات نووية من نوع توبوليف من طراز Tu-22M3 هناك، وتلك القاذفات بحاجة إلى مدرج طويل بسبب سرعتها الكبيرة عند الهبوط. والغرض من نشر تلك القاذفات هو استعراض القوة الذي يهدف لأن يري العالم بأن الأميركان ليسوا وحدهم من يعرفون كيف يقومون بإعادة نشر مواقع القاذفات الاستراتيجية لديهم، حيث تقوم روسيا بنقل القاذفات بشكل دوري بين المملكة المتحدة والنرويج، ومن هناك تحلق تلك القاذفات نحو الأراضي الروسية.

وفي حزيران، قام وزير الدفاع الروسي مجدداً بنشر قاذفات طويلة المدى من طراز  Tu-22M3 ومروحيات عسكرية معترضة مزودة بصواريخ تفوق سرعة الصوت من طراز ميغ- 31 ك، حيث تم نقلها من مجمع داغر بقاعدة حميميم لتقوم بتدريبات في البحر المتوسط. وبالعموم، لدى الخبراء الروس ثقة بأن حميميم ستصبح المقر الدائم لاستعراض القوة، وهي مهمة أيضاً من أجل الدفاع عن شبه جزيرة القرم بعد ضمها، فضلاً عن أهميتها في أي نزاع ممكن أن ينشب. وحول ذلك يقول أحد الخبراء الروس: "سيتم نشر طائرات الناتو على الحدود الجنوبية" لشرقي البحر المتوسط.

ومن ناحية ثانية، تم تصنيع صواريخ  Kh-32 طويلة المدى من أجل طائرات Tu-22M3M التي تم تحديثها والتي لابد أن تمثل تهديداً للناتو عند خاصرته الجنوبية، وفي ذلك اتجاه جديد.

إذ خلال شهر أيلول الماضي، ظهر ولأول مرة قبالة الساحل السوري، عدد غير مسبوق من حاملات صواريخ كاليبار السطحية والغواصة، إلا أن ذلك حدث بالمصادفة على الأرجح، وذلك نظراً لقيام عدة مجموعات من السفن بالتنقل داخل الأسطول ذاته.

وكذلك تبدي روسيا رغبتها بتوسيع تدريباتها العسكرية في سوريا على مقربة من الجيش الأميركي، فمثلاً، في 25 كانون الأول، تم نقل أكثر من 20 طائرة ومروحية حربية من حميميم إلى مطاري الحسكة ودير الزور العسكريين، وقامت طائرات A-50 AWACS بمراقبة حركة الطيران.

وإضافة لذلك، لا يخفي الخبراء الروس بأنه بعد فسخ معاهدة القوى النووية متوسطة المدى، أصبح بوسع روسيا أن تتأقلم بسرعة مع صواريخ كروز المضادة للسفن طويلة المدى، وذلك بفضل منظومات صواريخ اسكندر المتنقلة وبفضل المقرات التي تنضوي تحت معقلها الذي أقامته على الساحل السوري.

بالمختصر، يحاول الكرملين أن يظهر بأن تجميعه للقوات في سوريا يمثل تحركاً يتجاوز مجرد فكرة رفع العلم الروسي في المتوسط أو التغطية على إرسال الجنود الروس لفنزويلا ومخططات المرتزقة الروس في الدول الأفريقية. إذ بطريقة ما، كما يتضح من خلال الخطوات العسكرية التي تم اتخاذها في هذا العام، يمكن القول بإن موسكو نجحت في إظهار ذلك، بيد أنه من الخطأ المبالغة في تقدير حجم الاستعدادات العسكرية الروسية إلى جانب الجهود التي تبذلها لتوسيع قاعدتي حميميم وطرطوس بالعموم.

غير أن السلطات الروسية ماتزال غير قادرة على نشر آلاف الجنود في سوريا خلال فترة قصيرة، إذ ليس لدى روسيا ما يكفي من السفن الحربية التي بوسعها أن تقطع المحيط، كما لديها أسطول متواضع من طائرات نقل الجنود، مما يؤثر على قدرتها على القيام بحملة عسكرية سريعة وخطيرة في ساحة قصية.

لقد أتى توسيع قاعدة حميميم في وقت متأخر للغاية، إذ من الضروري تحسين أمن القاعدة وفصل البنية التحتية العسكرية عن المدنية، بما أن القاعدة الروسية قريبة من مطار باسل الأسد الدولي وتستعين ببنيته التحتية.

وينطبق الأمر ذاته على طرطوس، حيث بنى الجيش الروسي مقراً لإصلاح السفن قبل مدة طويلة، زود بمعدات روسية وبيلاروسية، حيث تعتزم روسيا أيضاً إنفاق 500 مليون دولار على تحديث قاعدة طرطوس وتزويدها بالمعدات التي تشمل إقامة مجمع صحي للجنود الروس الذين منعوا من السفر خارج البلاد. كما أن الجيش الروسي في طرطوس لا يسير دوريات في المياه الإقليمية على مدار الساعة وحسب وذلك بواسطة قوارب رابتور المضادة للتخريب بمشاركة سباحين مقاتلين، بل يقوم أيضاً بمراقبة ميناء بانياس المجاور، الذي يستخدمه الأهالي لتهريب البضائع بعيداً عن أعين الجمارك.

المصدر: المونيتور