المساعدات الدولية لتركيا وسوريا خلال الزلزال

2023.03.06 | 05:52 دمشق

المساعدات الدولية لتركيا وسوريا خلال الزلزال
+A
حجم الخط
-A

ضرب زلزال 6 فبراير كلاً من جنوبي تركيا وشمالي سوريا وأسفر عن آلاف القتلى في البلدين، حيث تجاوز عدد الوفيات المعلن عنها 55 ألفا، وكانت رقعة المناطق المتضررة من الزلزال واسعة حيث تضررت كثير من المدن في تركيا وسوريا.

بالنسبة لتركيا كانت هذه هي المرة الأولى التي تطلب فيها مساعدات إنسانية وفرق بحث وإنقاذ من دولة أخرى، وقد استجابت لها أكثر من 100 دولة ولكن الاستجابات كانت متفاوتة بين الدول.

كانت دوافع الدول التي ساعدت تركيا مختلفة فهناك دول أرادت أن تبرهن على صداقتها وأخوتها مع تركيا أو ترد لها الجميل على وقفاتها السابقة معها، ومن هذه الدول باكستان وأذربيجان وقطر حيث قدمت دعما حكوميا ماديا ومعنويا وأرسلت فرقا إغاثية للبحث والإنقاذ، ودعما شعبيا لتركيا، وفضلا عن ذلك قام بعض المسؤولين على المستوى رقم 1 في الدولة مثل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد ورئيس وزراء باكستان شهباز شريف أو على مستوى وزراء الخارجية مثل وزير الخارجية الأذري جيهون بيرموف بزيارات لتركيا وللمناطق المتضررة من الزلزال.

يرى باحثون أتراك أن هناك دولا حاولت الاستفادة من واقعة الزلزال للظهور بموقف المساند لتجاوز حقبة التوتر في العلاقة مع تركيا

وكذلك الحال قدمت بعض الدول الأخرى مثل دول الخليج وماليزيا وأندونيسيا والجزائر وليبيا دعما ومساعدات لتركيا بطرق عدة.

وقامت فلسطين وكوسوفو ودول تتلقى المساعدات الدولية بتقديم يد العون لتركيا على قدر ما تستطيع.

يرى باحثون أتراك أن هناك دولا حاولت الاستفادة من واقعة الزلزال للظهور بموقف المساند لتجاوز حقبة التوتر في العلاقة مع تركيا ومن هذه الدول الاحتلال الإسرائيلي واليونان وأرمينيا، وقد أرسلت هذه الأطراف وزراء خارجيتها لتركيا وقامت اليونان بجهد كبير خاصة أن أردوغان كان قبل الزلزال قد صرح أنه لن يتحدث بعد مع رئيس الوزراء اليوناني الذي قام بشكوى تركيا في الكونغرس الأميركي، وفتحت تركيا الحدود مع أرمينيا لأول مرة منذ الحرب الباردة.

ومن جهة أخرى كان هناك امتنان تركي من الموقف المصري، حيث أجرى الرئيس المصري اتصالا مع الرئيس التركي، وزار وزير الخارجية المصري تركيا، وتم الحديث في بعض وسائل الإعلام أن أردوغان قد يزور مصر في نهاية أبريل المقبل.

على النقيض لم تقدم الدول الغربية الغنية مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي عدا المجر لتركيا كثيرا من الدعم، وكان الدعم الأميركي مقارنة بإمكاناتها دعما باهتا، وقد قارن الأتراك بين زيارة الرئيس الأميركي بيل كلينتون لتركيا بعد زلزال 1999 حيث مكث قرابة أسبوع، والتي زار خلالها مناطق الزلزال، وبين زيارة وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن التي ركز فيها حديثه أكثر على الخلافات السياسية بين تركيا والولايات المتحدة.

لم تخرج المساعدات المقدمة لتركيا وسوريا إثر الزلزال المدمر عن التموضعات والأهداف السياسية للدول، بالرغم من هول الفاجعة

وبالنسبة لسوريا لم تكن هناك مساعدات في الأيام الأولى بسبب إغلاق المعابر في الشمال، والعقوبات على النظام، وانتشرت خريطة جوية في اليوم الثاني للزلزال لطائرات المساعدات تهبط في تركيا ولم يكن أي منها في سوريا ثم جاء الدعم لسوريا متأخرا في الشمال، من المؤسسات الخيرية القادمة عبر تركيا ومن قطر، وبالنسبة لمناطق النظام كانت هناك مبادرات من عدة دول عربية خاصة تلك التي تريد إعادة العلاقة مع النظام مثل مصر والإمارات التي قامت بإرسال مساعدات وزيارات لمسؤولين واستفاد منها النظام في سعيه لفك عزلته. ثم قامت دول أوروبية بإرسال مساعدات إنسانية بعد أن أعلنت أن العقوبات على النظام لا تشمل المساعدات الإنسانية. وبالطبع جاء ذلك بعد إعلان وزارة الخزانة الأميركية إصدار "الرخصة العامة 23 الخاصة بسوريا" للمساعدة في جهود إغاثة ملايين السوريين المتضررين من الكارثة. والتي بموجبها "سمحت لمدة 180 يوما بجميع المعاملات المتعلقة بمساعدة ضحايا الزلزال، التي كانت محظورة" بموجب العقوبات المفروضة على سوريا.

بشكل عام لم تخرج المساعدات المقدمة لتركيا وسوريا إثر الزلزال المدمر عن التموضعات والأهداف السياسية للدول، بالرغم من هول الفاجعة وضرورة تقديم الدعم الإنساني، وللأسف كانت الدول الغربية الأغنى عالميا هي الأقل انخراطا في عملية الدعم الإنساني.

لا يتوقع أن تحدث تغييرات سياسية من خلال تقديم بعض الدول للمساعدات ولكن يتوقع استمرار المسارات السياسية التي كانت قائمة قبل الزلزال وإن كان ثمة من تغيير سياسي فهو لأسباب وتطورات أخرى.