icon
التغطية الحية

المركز العربي يطلق فعاليات "المنتدى السنوي لفلسطين"

2023.01.28 | 19:22 دمشق

المركز العربي
انطلاق أعمال الدورة الأولى للمنتدى السنوي لفلسطين
إسطنبول - متابعات
+A
حجم الخط
-A

انطلقت اليوم السبت فعاليات الدورة الأولى من "المنتدى السنوي لفلسطين" التي ينظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالتعاون مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية، في العاصمة القطرية الدوحة.

وعلى مدار ثلاثة أيام (28- 30 كانون الثاني) ستُعقد جلسات مختصة يُقدّم فيها نحو 62 ورقة علمية محكّمة، بالإضافةً إلى عدد من ورش العمل العامّة التي تخص الشأن الفلسطيني.

أعمال اليوم الأول من المنتدى استُهلّت بجلسة افتتاحية ترأّستها منسقة المنتدى والباحثة في المركز العربي آيات حمدان، وألقى فيها رئيس مجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية طارق متري الكلمة الافتتاحية.

أما المحاضرة الافتتاحية، فقدمها المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عزمي بشارة، وتطرّق فيها إلى العلاقة بين الخطاب الأكاديمي بشأن فلسطين والتأثير في صنع القرار، وضرورة وجود إطار عامّ يجمع الفلسطينيين من شتّى أماكن وجودهم. كما تناولت المحاضرة أزمة المشروع الوطني الفلسطيني، والاستراتيجية المأمول أن ينخرط الفلسطينيون فيها.

بعد ذلك، عُقدت بالتوازي ثلاث جلسات أولى تمحورت حول خصوصية الاستعمار الاستيطاني في فلسطين والقضية الفلسطينية في السياق الدولي.

في الجلسة التي أدارها مروان قبلان، ناقش نديم روحانا، ومارك مهند عيّاش، وكارولين لاند، وزينة جلاد، الجوانب المتعددة للاستعمار الاستيطاني في حالة فلسطين، بالنظر إلى المواطنة وحق الانتماء في الدولة اليهودية، والعلاقة بين الصهيونية والقومية والاستعمار الاستيطاني، والمحاولات الإسرائيلية لمحو الآخر وفرض سردية مهيمنة.

أمّا في الجلسة التي ترأّسها محمد علوان، فعرضَ الحسين شكراني وسيف يوسف ومحمد الوادراسي، أوراقًا تتمحور حول فلسطين في القانون الدولي من منظور التعويض عن الأضرار البيئية، واللاجئين وحق العودة، وتطبيق العدالة الجنائية الدولية في فلسطين.

وفي الجلسة الأخيرة التي ترأّسها عبد الوهاب الأفندي، تطرّق مايكل ر. فيشباخ وعبد الله موسوس ونوغ نيوي أسانغا فون ومنى عوض الله، إلى القضية الفلسطينية في السياق الدولي من منظور مقارَن، وبالتحديد مع الولايات المتحدة وكشمير وأفريقيا.

وفي الجلسات الثلاث المتوازية التالية، ترأّست سناء حمودي جلسةً تناولت جوانب مختلفة من التقنيات الاستعمارية الأمنية، التي تحدّث فيها يوسف منير وبيترو ستيفانيني ونور عرفة وأريج صباغ-خوري، عن شبكة القمع الإسرائيلية العابرة للقوميات، ووحدة تنسيق أعمال الحكومة، وبرامج تعزيز الفاعلية المحلية في مكافحة التمرد، والمرونة المناهِضة للاستعمار في القدس.

أمّا الجلسة التي حملت عنوان "أنماط في المقاومة الفلسطينية" وترأّسها سلام الكواكبي، فقدّم فيها طارق راضي وخالد عنبتاوي وأحمد أسعد، ومصطفى شتا وأيمن يوسف، أفكارهم عن ملامح هبّة الكرامة وتجربة المسرح الوطني. وأخيرًا، في جلسة أدارها إبراهيم فريحات، ناقش كل من إيلان بابيه وبلال سلايمة وعبد الله أبولوز وسجى الطرمان، موقع فلسطين في الخطاب الأكاديمي/ المعرفي والاتجاهات المستقبلية لهذا الخطاب، وإنجازات حقل الدراسات الفلسطينية وتوجهاته المستقبلية.

كما انعقدت في ختام اليوم الأوّل للمنتدى ورشتَا عمل. تناولت الأولى موضوع فلسطين في استطلاعات الرأي، وترأّسها مهدي مبروك، وتحدّث فيها شبلي تلحمي عن التحوّل في الموقف الأميركي تجاه فلسطين/ إسرائيل، في حين تحدّث محمد المصري عن فلسطين في الرأي العام العربي وفق نتائج استطلاع المؤشر العربي الذي ينفّذه المركز العربي. وفي الورشة الثانية، التي ترأّسها غسان الكحلوت، قدّم محمد أبو نمر ولورد حبش وتامر قرموط، أفكارهم حول الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني وآفاق المصالحة.

وتستمرّ أعمال منتدى فلسطين في اليومين التاليين وفق ما هو مبيَّن في جدول أعماله، بنسقٍ مشابه؛ أي ستّ جلسات، تنعقد كل ثلاثة منها في مساراتٍ متوازية، يتبعها ورشتَا عمل. كما تتزامن مع المنتدى أعمال ندوة "الكتابة التاريخية في فلسطين" التي تنظّمها دورية أسطور للدراسات التاريخية.

بشارة: التأسيس لحوار عقلاني عن فلسطين وتاريخها

وفي محاضرته الافتتاحية، تطرّق المفكر العربي عزمي بشارة إلى العلاقة بين الخطاب الأكاديمي بشأن فلسطين والتأثير في صنع القرار، وضرورة وجود إطار عام يجمع الفلسطينيين من شتّى أماكن وجودهم، بهدف فتح سبل التواصل بين الفلسطينيين، وبينهم وبين باحثين وناشطين عرب وأجانب، ما يؤسس لحوار عقلاني منتظم ومسؤول، عن فلسطين وتاريخها، والقضية الفلسطينية، ونظام الأبارتهايد والاستعمار الاستيطاني، وفلسطين في العلاقات العربية والعلاقات الدولية، وغيرها من القضايا ذات الصلة.

كما تناولت المحاضرة أزمة المشروع الوطني الفلسطيني، والاستراتيجية المأمول أن ينخرط الفلسطينيون فيها، وذلك من خلال الإجابة عن الأسئلة الرئيسة التالية:

  • ما اعتبارات عقد منتدى سنوي لفلسطين؟
  • ما مدى الحضور الفعلي لقضية فلسطين على جدول الأعمال الرسمي العربي والدولي؟
  • هل تغيّرت اتجاهات الرأي العامّ العربي بخصوص الصراع العربي– الإسرائيلي، والقضية الفلسطينية؟
  • كيف يمكن فهم أزمة حركة التحرر الوطني الفلسطيني في ظل تغيّر الوضع الإقليمي والانشقاق السياسي– الجغرافي للشعب الفلسطيني؟ وما العمل وما البديل للخروج من هذا المأزق؟

استهلَّ بشارة محاضرته بالتركيز على الحاجة إلى عقد منتدى سنوي لفلسطين، وذلك من خلال الإشارة إلى ثلاثة اعتبارات أساسية: أولًا، إمكانية عقده بوجود غزارة في البحوث المتعلقة بفلسطين التي لم تعد تقتصر على مؤسسات بحثية وجامعية فلسطينية، ونظرًا إلى ازدياد أعداد الأكاديميين الفلسطينيين المتخصصين في العلوم الاجتماعية والإنسانية، والذين انتشروا في المؤسسات الأكاديمية وفي العديد من الجامعات في مختلف أنحاء العالم. ثانيًا، وجود فراغ مؤسسي على مستوى الشعب الفلسطيني عامةً، يستدعي الحاجة إلى أطر تجمع فلسطينيين من أماكن وجودهم كافة، وإطلاق هذا المنتدى السنوي سيساهم في توفير مساحة يتحاور فيها الباحثون ليس بتقديم الدراسات فقط، وإنما أيضًا بالتشاور في الأروقة، وبالتواصل مع المعنيين والباحثين والناشطين عربًا وأجانب. ثالثًا، ضرورة تضافر جهود الباحثين الفلسطينيين والعرب لمواجهة المحاولات المتواترة لتسلل أفكار صهيونية إلى مقاربة عامة الناس لتاريخ فلسطين عمومًا، وتاريخ الصراع على أرضها، وتشويه قيم التحرر ومقاومة الاستعمار في الثقافة العربية.

ثم انتقل بشارة إلى مسألة حضور فلسطين على مستويَي الفعل السياسي الرسمي والرأي العام العربيَين، مشيرًا إلى أنّ سبب تهميش قضية فلسطين على جدول الأعمال الرسمي العربي، يتمثل في أنه بات لكلّ نظام عربي أجندة خاصة به في القضايا الإقليمية، وقد تلتقي مع أنظمة أخرى في محاور مؤقتة، منذ تراجُع الأقطاب العربية الرئيسة بعد حرب 1967 وسلسلة الأزمات التي بدأت بغزو الكويت ولم تنته بغزو العراق، وانحسار المقاربة القومية العربية تجاه فلسطين. وفي هذا السياق، شدّد بشارة على أن التهميش يتجاوز عدم الاهتمام بالموضوع، ويعني تحولًا فعليًا في المواقف، إذ شهدنا في السنوات الأخيرة زيادة عدد الحكومات العربية المُتَخَلّية عن قضية فلسطين، ليس بسبب فلسطين ذاتها، وإنّما بسبب تطوير مصالح مشتركة مع النظام الإسرائيلي، وذلك بقدر ما تتوسع الفجوة بينها وبين الرأي العام العربي.

وفي الجزء الثاني من المحاضرة، تحدّث بشارة عن أزمة المشروع الوطني الفلسطيني، مشيرًا إلى أنّ مأزق حركة التحرر الوطني الفلسطيني يتمثّل في أمرين مترابطين: أولًا، التخلي عن إطار حركة التحرر وأهدافها ومؤسساتها وخطابها منذ منتصف التسعينيات، وخصوصًا بعد الانتفاضة الثانية، مقابل الاعتراف الإسرائيلي وبدء عملية سلام لا تجري بناءً على قواعد ومبادئ، وليس لها أهداف متَّفق عليها؛ وما تمخض عن ذلك من تحويل قضية فلسطين إلى خلاف بين طرفين يخوضان مفاوضات بإشرافٍ أميركي، ومن ثم تحييد أيّ تضامن نضالي شعبي دولي مع قضية فلسطين بوصفه متطفّلًا على اللعبة الأساسية من خارجها. ثانيًا، الانشقاق السياسي – الجغرافي للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة في عام 1967، الذي ينحصر في صراعٍ على سلطة من دون دولة ومن دون سيادة، والذي أثّر سلبيًا لا على مستوى المشهد السياسي الفلسطيني فقط، بل على المستوى السياسي في الساحات الدولية والإقليمية ذات الشأن.

واختتم بشارة المحاضرة بإبراز أهمية وجود مؤسسة فلسطينية جامعة للشعب الفلسطيني؛ مؤسسة تضع استراتيجيات نضالية في مواجهة النظام الإسرائيلي الاستعماري الاستيطاني، وقادرة على أن تستغل في صراعها ضد هذا النظام، الوجود المتواصل للشعب الفلسطيني في فلسطين وخارجها وحفاظه على هويته الوطنية، والاستعداد غير المحدود للتضحية في مقاومة الاحتلال، والصدام المتواصل مع الاحتلال والضفة الغربية (وهو انتفاضة في ظل الظروف الجديدة)، والرأي العام العربي المتضامن مع فلسطين، والتحولات في الرأي العام الغربي، والصعود الحتمي للصهيونية الدينية واكتساحها فئات أوسع وأوسع في المجتمع الإسرائيلي.