اللجنة الدستورية: اجتماع حاسم

2021.01.24 | 00:06 دمشق

118351-383026282.jpg
+A
حجم الخط
-A

كانت الإحاطة الأخيرة مساء الأربعاء الماضي أمام مجلس الأمن من طرف المندوب الأممي إلى سوريا غير بيدرسون مختلفة وخارجة عن المعهود في كلام الدبلوماسيين الأمميين. وتضمنت عدة خلاصات على قدر كبير من الأهمية. أولها "لا توجد محادثات سياسية بين السوريين إلا على المسار الدستوري". والثانية "الصراع دولي في سوريا وتنشط على أرضها خمسة جيوش.. لا يمكننا التظاهر بأن الحلول بأيدي السوريين فقط، أو أن الأمم المتحدة يمكنها أن تفعل ذلك بمفردها". أما الخلاصة الثالثة فهي "الانتخابات الحرة والنزيهة التي ستجري بموجب دستور جديد تحت إشراف الأمم المتحدة، على النحو الذي ينص عليه قرار مجلس الأمن 2254 تبدو بعيدة في المستقبل".

تبدو كل رسالة من هذه الرسائل موجهة في اتجاه وتخاطب طرفا بعينه، ولكنها تلتقي عند نقطة معينة، وهي أن الحل في سوريا ليس قريبا أو بيد السوريين والأمم المتحدة، وأن اقتصار المفاوضات بين السوريين على الجانب الدستوري لا يكفي وحده، وهو ما يوحي بأن المنظمة الدولية تمهد لإعلان فشل اللجنة الدستورية كآلية سياسية جرى التوافق عليها كمدخل لتطبيق القرار 2254. وهذه رسالة إلى الإدارة الأميركية الجديدة التي عليها النهوض بمسؤولية كبيرة.

لا يبدو أن الاجتماع سوف يسير كما هو مقرر له بسبب العقبات التي بدأت تظهر في الطريق، وعلى رأسها الخلاف داخل الهيئة العليا للمفاوضات

وجاءت تلك الخلاصات في وقت ذهب السوريون إلى جنيف ليبدؤوا يوم الإثنين المقبل جولة جديدة من اللجنة الدستورية، هي الجولة الخامسة التي تم تحديد جدول أعمالها والاتفاق عليه من حيث المبدأ كي يباشروا بصياغة الدستور. إلا أنه لا يبدو أن الاجتماع سوف يسير كما هو مقرر له بسبب العقبات التي بدأت تظهر في الطريق، وعلى رأسها الخلاف داخل الهيئة العليا للمفاوضات، والذي تفجر منذ عدة أيام ووصلت أصداؤه إلى بيدرسون وروسيا. والسبب الظاهري في هذه الأزمة داخل الهيئة التي تشكلت في مؤتمر الرياض 1 في نهاية العام 2015 هو ما تشهده بعض منصات الهيئة من خلافات داخلية، كما هو الحال داخل منصة القاهرة، ولكن السبب الفعلي والعميق هو محاولة السعودية عقد مؤتمر الرياض 3 من أجل إعادة هيكلة الهيئة التي يمتلك الائتلاف وقيادته الحالية الأكثرية فيها. وتطمح السعودية والإمارات إلى وضع اليد على الهيئة باعتبارها الجهة التي صارت موكلا إليها التفاوض، وهناك سبب إضافي للضغط الذي تمارسه الرياض وأبو ظبي يتمثل في محاولات إضعاف الدور التركي في المسألة السورية.

يأتي هذا التشرذم وتمييع القضية السورية مع وصول إدارة أميركية جديدة، كان ألف باء السياسة يفرض على السوريين أن يبدوا موحدين

ومن المؤسف أن من يفتح أبواب التدخلات الخارجية، ويمهد الطريق لها هم من السوريين الذين يتولون مسؤوليات قيادية في هيئات المعارضة، ومنها المنصات التي فرضت نفسها على المعارضة داخل هيئة التفاوض واللجنة الدستورية بضغط من روسيا في مؤتمر الرياض 2، في حين أن مكان بعضها الطبيعي هو صف النظام، وهذا ينطبق بصورة لا تقبل النقاش على منصة موسكو التي يديرها رجل الأعمال والسياسي الكردي الوزير السابق في حكومة بشار الأسد، والمقيم في موسكو منذ أعوام قدري جميل. وكان له حضور في مجريات الخلاف الراهن وترتيب اجتماع بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وبعض الشخصيات مثل الفنان جمال سليمان وخالد المحاميد رجل الإمارات وأحد عرابي صفقة تسليم درعا للروس والنظام في العام 2018.

ويأتي هذا التشرذم وتمييع القضية السورية مع وصول إدارة أميركية جديدة، كان ألف باء السياسة يفرض على السوريين أن يبدوا موحدين، عسى أن يتمكنوا من فرصة لإعادة تقديم القضية السورية على نحو يساعد الشعب السوري من التقاط أنفاسه على طريق إيجاد تسوية سياسية تليق بالتضحيات. ولكن يبدو أن هناك من لا مصلحة له في ذلك، ويود استمرار الوضع الراهن الذي باتت فيه موسكو صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة.