icon
التغطية الحية

الغارديان: تحذير روسيا من السلاح البيولوجي الأوكراني يشبه ما ارتكبته في سوريا

2022.03.10 | 14:38 دمشق

20220215_2_52184478_73706191.jpg
تدريبات عسكرية روسية في بيلاروسيا قبل أيام من غزو أوكرانيا ـ الأناضول
الغارديان - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

عندما اعتلت الناطقة الرسمية باسم روسيا المنصة في موسكو يوم الأربعاء الماضي وأخذت تحذر من "برنامج الأسلحة البيولوجية" في أوكرانيا، أدرك مقاتلون على جبهة أخرى، وهي سوريا، ما كانت تقصده.

فقد سبق لفصائل المعارضة المناهضة للأسد التي ما تزال تسيطر على الشمال السوري أن سمعت كل ذلك من قبل، إذ ابتداءً من عام 2011، عندما أصبح لروسيا حصة بارزة في النزاع السوري، وطوال السنوات المرعبة التي أتت بعد ذلك، كانت المزاعم التي تدور حول استخدام فصائل المعارضة، لا نظام الأسد، لأسلحة كيماوية بمنزلة افتراء وتهمة جاهزة تعمل عمل إبلاغ لهم عن أي هجوم وشيك. كانت موسكو هي من تطلق تلك الافتراءات كلما رغبت القوات البرية التي تدعمها في إخلاء مدينة أو قرية ما، ليأتي بعد ذلك قصف همجي عشوائي، مصحوباً بالإفلات من العقاب.

تكتيكات الحرب الروسية

وبالرغم من حداثة عهدها، فإن الحرب الروسية في أوكرانيا قدمت كثيراً من الأمور المشابهة لما قامت به روسيا في النزاع السوري، وعلى رأسها تلك الوحشية التي لا يقف أمامها شيء تقريباً، والنزوح الجماعي للمدنيين الخائفين، والتدمير الغاشم. ويمكن أن نضيف لهذه القائمة اليوم الحجج والتبريرات التي تنذر بمصيبة ما، والتي ولدت وسط خرائب غروزني، والقرم ودونباس، إذ جربتها روسيا وصقلتها مع المدنيين في الشمال السوري المحاصر.

كذّب البنتاغون وكذلك القيادة الأوكرانية المزاعم الروسية بكل ازدراء، بما أنها أتت مع دعوة لتقديم إجابات، وبدا احتمال خرق تلك المزاعم للخطاب الدولي ضعيفاً للغاية بما أن هذا الخطاب يتعارض بشدة مع الكرملين وبرامج التضليل الإعلامي التي ينتهجها.

لم يفضح أحد كذب موسكو في سوريا

إلا أن القصة كانت مختلفة تمام الاختلاف مع سوريا، وذلك لأن كل افتراء حول استخدام الثوار للأسلحة الكيماوية كان يقابل بسذاجة التصديق السريع من قبل بعض الأوساط في المملكة المتحدة وأوروبا، يرافقه عدم اهتمام بفضح كذب موسكو، لذا شكّل كسبُ حرب التضليل الإعلامي نجاحاً حققته روسيا في سوريا، ضمن مسرح لم يخلُ من انتصارات ومكاسب حققها جيش لم يقف في طريقه سوى ثوار ومجاهدين تفوّق عليهم بالسلاح.

يعلق على ذلك أحد الضباط الكبار في حلف شمال الأطلسي فيقول: "تمثل أوكرانيا اليوم جزءاً من شيء مستمر أكبر بكثير مما كانت عليه الأمور في سوريا، وتعود تلك الحالة لفترة سبقت حتى مرحلة الشيشان، من الناحية السياسية، وذلك فيما يخص السياسة الخارجية، ويتعلق بالديناميات الداخلية لروسيا التي تتصل بالأساليب والتكتيكات التي تتبعها آلة الحرب الروسية. إلا أن الشيء المذهل الوحيد الذي ظهر خلال الأسبوعين الماضيين هو مدى قلة حيلة وعدم جدوى القوات المسلحة الروسية، وهذا يُعدّ من حسن الحظ، وذلك لأنها كانت مريعة فعلاً من كل النواحي، وتلك أخبار جيدة. ثم إننا جميعاً ضحايا لتجاربنا، وتجربة بوتين قائمة على قدرته على الإفلات من أي شيء يرغب في القيام به في أي ناحية من نواحي الحرب، كالدعم الوقح للنزاعات التي تم تجميدها في دول بارزة مثل جورجيا وأوكرانيا، والسعي لتقويض الحكم على نطاق واسع لا يكاد يخفى على أحد، وذلك من خلال الحرب الهجينة، واستخدام أكثر الأساليب وحشية، وسحق مدن وقرى بكاملها مع سكانها، أي أن تجربة بوتين قائمة على قدرته على تحقيق الفوز عبر استخدام المواد الشديدة الانفجار على مرأى ومسمع وسائل الإعلام الغربية. وبفضل سيطرته الفعالة والقوية على شعبه الوطني، لم يعد هنالك ما يخيفه في الداخل الروسي".

سوريا: تدخل روسي بكلفة قليلة

عند مقارنة هذا المستنقع الذي وجدت روسيا نفسها فيه في أوكرانيا، وردود الفعل الدولية اللاذعة تجاه الغزو الروسي لأوكرانيا، نجد أن سوريا كانت تدخلاً قليل الكلفة بالنسبة لموسكو، وذلك لأن الطيارين الروس أخذوا يقومون بجولات القصف من دون أن يشعروا بأي خوف حقيقي من أن يقوم أحد بإسقاطهم من السماء، كما أن الأسلحة الروسية الثقيلة كانت تجوب المدن والقرى بكل حرية، فضلاً عن آلة التضليل الإعلامي التي اعتمدتها الروس والتي حققت انتصارات سريعة هناك.

يعلق على ذلك تشارلز ليستر وهو مدير برنامج سوريا ومكافحة الإرهاب لدى معهد الشرق الأوسط فيقول: "إن مجال الحرب في أوكرانيا مختلف، ولكن قطعاً هنالك بعض الأساليب التي تم تعلمها في سوريا وتطبيقها هناك. هنالك افتراض ينتشر على نطاق واسع يرى بأن إفلات بوتين من العقاب هو الذي دفعه بلا شك للمضي قدماً، كما وضعه في حالة نفسية جعلته يعتقد بأن وقوع أمر كهذا قد يكون مجدياً، فقد تعلم ألا يكترث للخطوط الحمراء التي يضعها له العالم، ثم إن الاستعانة بشكل واسع وشامل بالقصف العنيف الذي يهدف لتدمير الثقة لدى العامة بما أن ذلك القصف يستخدم كأداة للترويع كما يحدث الآن في ماريوبول، كل ذلك قد تم تجريبه في سوريا، حيث كانت روسيا لا تستخدم الذخائر الموجهة ذات الدقة العالية إلا نادراً، وذلك لأنها كانت تعتمد في الغالب الأعم على القنابل الخرساء، ولاستخدام تلك القنابل ينبغي على الطيارين أن يحلقوا على ارتفاع منخفض، ولهذا السبب يتم إسقاط الطائرات الروسية اليوم بواسطة صواريخ ستينغر وصواريخ أرض-جو الأخرى التي لم يتم تزويد الثوار السوريين بها".

مفارقة الممرات الإنسانية

هنالك حالة مشابهة أخرى ظهرت خلال الأيام القليلة الماضية، وتتمثل بمفارقة الاستعانة بالممرات الإنسانية كوسيلة للإكراه، وذلك لأن أثر الصدمة والرعب على السكان يعدّ من أحد الأسباب التي تؤدي إلى ارتكاب جرائم حرب بصورة أكبر.

ويعلق ليستر على ذلك بقوله: "رأينا ذلك في حلب ونشاهده اليوم في أماكن مثل ماريوبول، إذ من الواضح أن هذا الأسلوب التكتيكي يستخدم للترويع والإخضاع... وفي كلتا الحالتين، هنالك قصف كالجحيم، وحصار وتطويق، ومن ثم قصف عنيف متكرر يتبعه تقديم تنازلات".

المصدر: غارديان