icon
التغطية الحية

السياق الدولي والإقليمي لأحداث السويداء.. لماذا تخلى النظام عن عصابة فلحوط؟

2022.07.27 | 21:07 دمشق

ئءؤر
أنطاكيا - فراس فحام
+A
حجم الخط
-A

أفضى الهجوم الذي شنته فصائل محلية على رأسها "حركة رجال الكرامة" و"قوات شيخ الكرامة" على "حركة قوات الفجر" التابعة للأمن العسكري، إلى السيطرة على المقر الأساسي لـ "قوات الفجر" ومقتل أكثر من 5 من عناصرها وأسر آخرين، وتواري قياداتها عن الأنظار، بعد يوم ونصف من المواجهات التي امتدت من بلدة عتيل إلى سليم وصولاً إلى قنوات.

وبثت "قوات شيخ الكرامة" صوراً لأكياس من المخدرات والحبوب ومعدات لتصنيعها، عثرت عليها في المنزل الذي كان يختبئ فيه راجي فلحوط متزعم "حركة قوات الفجر"، وهي من ذات النوع الذي تضبطه الأردن على حدودها في كل حين.

ءؤر

من هي حركة قوات الفجر؟

لا تعتبر حركة قوات الفجر وقائدها راجي فلحوط حديثة الظهور في مشهد السويداء، وإنما يعود ظهورها إلى عام 2016، تاريخ تشكيل "قوات عتيل الكرامة"، وتميز هذا الفصيل عن باقي الفصائل المحلية في السويداء، بأنه غير مقبول من المرجعيات الدينية ووجهاء العشائر بسبب علاقاته وارتباطاته بالأمن العسكري، وتجاوزاته بحق السكان المحليين.

في أعوام 2020، و2021 كثف الأمن العسكري من دعم جماعة "راجي فلحوط"، حيث أصبح "فلحوط" أحد أذرع العميد أيمن محمد رئيس فرع الأمن العسكري في السويداء، فازدادت عمليات تجنيد أصحاب السوابق والمنبوذين اجتماعياً لصالح "قوات عتيل الكرامة"، فانتقلت لمسمى "حركة قوات الفجر"، بغطاء كامل من الأمن العسكري الذي منح قياداتها والمقربين منهم بطاقات أمنية مؤقتة.

وبهدف توفير دعم مالي، أوجد "راجي فلحوط" قناة تنسيق مع قيادات في حزب الله اللبناني بريف دمشق، وبدأ بلعب دور وساطة في ترويج مادة "الكريستال ميث" المعروفة باسم "آتش بوز" بمحافظة السويداء.

في أيار/ مايو 2022، تحولت منطقة عتيل إلى محطة مؤقتة لإقامة كوادر حزب الله، ثم أصبحت نقطة تصنيع حبوب الكبتاغون، قبل نقلها إلى الحدود الأردنية عبر ريف السويداء الشرقي، وغدت "حركة قوات الفجر" أحد عوامل زعزعة استقرار الحدود الأردنية بسبب كثافة محاولات تهريب المخدرات إلى داخل المملكة.

تنسيق التحالف مع قوة مكافحة الإرهاب

عمد التحالف الدولي إلى توفير قنوات اتصال مع جماعات محلية في السويداء بهدف مواجهة التحديات الأمنية التي تستهدف الأردن، المتمثلة بامتهان بعض الفصائل المرتبطة بالميليشيات الإيرانية تهريب المخدرات، وبناء عليه جرى تعزيز التنسيق بين جيش مغاوير الثورة المتمركز ضمن قاعدة التنف، و"قوة مكافحة الإرهاب" المحلية في السويداء التي تعتبر بمثابة ذراع عسكري لـ "حزب اللواء السوري "الذي تأسس في السويداء صيف 2021، بحسب مصادر عسكرية وأخرى محلية.

وفي شباط/ فبراير 2022 أثمر التنسيق الأمني بين قاعدة التنف، وقوة مكافحة الإرهاب، عن اعتقال قيادي محسوب على "حركة قوات الفجر" ويدعى جودت حمزة، بتهمة التعامل مع حزب الله اللبناني في تهريب المخدرات إلى الأردن.

وامتلك الأردن ما يشبه نظام الإنذار المبكر من خلال التنسيق مع المجموعات المحلية في السويداء، الأمر الذي أتاح له العلم المسبق بعمليات تهريب المخدرات قبل انطلاقها باتجاه الحدود الأردنية،  مما دفع التحالف الدولي فيما يبدو إلى العمل على زيادة حجم قوة مكافحة الإرهاب وتأثيرها، حيث قامت الأخيرة بضم مجموعات جديدة إليها في نيسان الماضي، لكن المجموعات المحلية المرتبطة بالنظام السوري وعلى رأسها الدفاع الوطني بقيادة رشيد السلوم وحركة قوات الفجر، شنت حملة عسكرية ضد قوات مكافحة الإرهاب في حزيران الماضي، أسفرت عن مقتل سامر الحكيم قائد القوة المركزية في القوة، مع تقليص نفوذها وتأثيرها إلى حد كبير.

واللافت أن الحملة هذه تزامنت مع التسريبات العديدة التي تحدثت عن توجه من التحالف الدولي والأردن إلى تفعيل دعم مجموعات محسوبة على المعارضة في الجنوب السوري بهدف مواجهة النفوذ والميليشيات الإيرانية، إثر تمددها في سوريا مجدداً عقب اندلاع الحرب الأوكرانية وتسخير روسيا اهتمامها بصراعها مع كييف.

البحث عن البدائل

مع استمرار الأرق الأردني والإقليمي من استمرار الخروقات الأمنية الواردة من جهة الجنوب السوري، وتمدد الميليشيات الإيرانية بعد تركيز روسيا اهتمامها على الحرب الأوكرانية، عمد الأردن إلى إجراء بعض الاجتماعات مع قياديين سابقين في فصائل الجنوب السوري بهدف بحث الخيارات، ويبدو أن عمان عمدت إلى تسريب الأخبار عن بعض هذه الاجتماعات بهدف الضغط على روسيا والتلويح بعودة الدعم إلى المعارضة في جنوب سوريا.

وأفادت مصادر مطلعة لموقع تلفزيون سوريا بأن الأردن تولى المباحثات مع روسيا بخصوص الأوضاع في الجنوب السوري، وطرحت موسكو مسألة إعادة هيكلة الوضع الأمني في الجنوب السوري والتركيز على مكافحة خلايا داعش، وبعض خلايا التهريب، وترتيب الأوضاع الأمنية في السويداء.

التخلي عن فلحوط وعصابته

وعلى الرغم من الدوافع الشعبية والمحلية لفصائل السويداء التي دفعتها للهجوم على مجموعة "حركة قوات الفجر" بسبب تورطها بالانتهاكات، التي كان آخرها احتجاز العديد من السكان المنحدرين من منطقة شهبا، لكن كان لافتاً عدم تدخل القوى الأمنية والعسكرية التابعة للنظام السوري، وعدم ممانعة هجوم الفصائل المحلية على جماعة "راجي فلحوط"، بل على العكس من ذلك، ركز الخطاب الرسمي للنظام السوري على دعم الأهالي في درعا والوقوف بجانبهم، والتأكيد على أن "فلحوط" خارج عن القانون، مما يوحي برغبة بعدم الصدام مع المكون المحلي في السويداء، ووجود تعهدات روسية بالفعل للدول الإقليمية بإنهاء بعض التشكيلات غير المنضبطة بهدف امتصاص غضب تلك الدول وعدم دفعها لاتخاذ إجراءات ميدانية.

وسبقت العملية العسكرية ضد "قوات الفجر"، زيارة وفد عسكري روسي إلى كل من درعا والسويداء في 22 و23 تموز/ يوليو 2022، ولقاؤه مع فعاليات شعبية، بالإضافة إلى إجراء جولة على القادة الأمنيين التابعين للنظام السوري.

من غير المستبعد أن تتوافق القوى الدولية على توسيع دور الفصائل المحلية، التي لا تمتلك ارتباطات تتجاوز نطاق السويداء، بحيث تلعب دوراً مهماً في ضبط المشهد الأمني، وإنهاء التجاوزات مع تجنب الصدام والمواجهة مع النظام السوري.