icon
التغطية الحية

السكن المشترك.. حجر عثرة أمام اندماج اللاجئين السوريين في ألمانيا

2022.01.08 | 06:27 دمشق

17274646_303.jpg
لاجئون سوريون في ألمانيا (DW)
سامي جمعة - برلين
+A
حجم الخط
-A

في ظل الصعوبات التي يواجهها اللاجئون السوريون في ألمانيا في إيجاد منازل الإيجار، بسبب المبالغ التي يطلبها السماسرة في تأمين سكن مستقل، يضطر اللاجئون للبقاء في مراكز الإيواء الجماعي (السكن المشترك)، الأمر الذي يحول دون اندماجهم في المجتمع الألماني.

يدرك اللاجئ مع بداية وصوله إلى ألمانيا أن التحدي الأكبر الذي يواجهه هو "الاندماج" في المجتمع الجديد، ويأتي تعلم اللغة الألمانية في مقدمة الصعوبات التي تتطلب اختلاطاً مع الألمان.

وتولي الحكومة الألمانية أهمية لاندماج سكان البلاد الجدد، ويبدو ذلك واضحاً من حجم وكثافة الـ"بروشورات" المشجعة على الاندماج، والتي تحتل المساحة الأكبر من جدران الدوائر الحكومية المتخصصة لاستقبال اللاجئين، حيث يمضي من يصل أيامه الأولى في غرف انتظارها.

ولا تقتصر صعوبات الاندماج الناتجة عن عدم إيجاد سكن مستقل والابتزاز من قبل السماسرة، على السوريين دون سواهم من اللاجئين في ألمانيا.

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في ألمانيا - بحسب آخر إحصائية رسمية - نحو 800 ألف شخص، 40 في المئة منهم نساء، بمتوسط أعمار لا يتجاوز الـ 20 عاماً.

السكن المشترك عائق أمام تعلم اللغة

سحر لاجئة سورية وصلت منذ أشهر قليلة إلى مدينة فرانكفورت (وسط) بعد أن حصلت على فيزا استقدام بموجب "لم شمل" مع زوجها، وتقول لـ “تلفزيون سوريا": "الحياة في ألمانيا جيدة جدا إلا أن السكن المشترك، يحرم الساكنين من فرصة الاحتكاك بالألمان".

وتضيف سحر "في السكن المشترك تبقى اللغة الأم هي اللغة المتداولة، أو لغات أخرى باستثناء الألمانية، ولكن بالوقت نفسه تطالبنا الحكومة بالاندماج واكتساب اللغة الألمانية".
وترى سحر أن الخطوة الأولى نحو الاندماج هو وجود جيران من الألمان لممارسة اللغة معهم لأن التعلم عن بعد في ظل كورونا حرم اللاجئين الجدد من فرصة المحادثة في كورسات تعلم اللغة.
وأشارت سحر إلى أن زوجها يعيش داخل سكن مشترك للاجئين "هايم" منذ 2015 ولا يتمكن من الحصول على سكن مستقل لأن سوق الإيجار والسكن يحتكره سماسرة يطلبون مبالغ مالية "ضخمة" لقاء وساطة بين المستأجر وشركات السكن.
ولفتت اللاجئة السورية إلى أن زوجها لم يتمكن من إنهاء مستوى اللغة "B1"، وهو المستوى المطلوب للتقدم للحصول على الجنسية الألمانية، والسبب الرئيس أنه يعيش إلى اليوم في سكن مشترك وهو ما حرمه فرصة الاختلاط وتشكيل علاقات مع أبناء موطنه الجديد واكتساب لغتهم الجديدة.

 

أحمد لاجئ سوري، وصل إلى العاصمة برلين عام 2016 واضطر للانتقال إلى مقاطعة براندنبورغ، القريبة من العاصمة برلين،  لأن أحد السماسرة طلب منه مبلغ سبعة آلاف يورو لتأمين سكن له في العاصمة بينما تمكن من الحصول على منزل في براندنبورغ بعد أن دفع 2500 يورو.
يقول أحمد أنه تواصل مع عدة سماسرة في صفحات متخصصة على منصة "فيسبوك" وإحدى المجموعات الخاصة تضم أكثر من 27 ألف عضو، وعلى الرغم من أنه يتم تعريفها على أنها لا تهدف إلى تنشيط السمسرة بين الأعضاء فإن معظم المنشورات فيها يُذكر صراحة أن المنزل المتوفر سيكون من نصيب الشخص الذي يدفع السمسرة.
يقول الناشط الحقوقي محمد الشيخ علي، يحتل موضوع إدماج المهاجرين أهمية خاصة في الأجندة السياسية للحكومة وعدد من الأحزاب الألمانية.

ويضيف الشيخ علي، في حديثه لـ "تلفزيون سوريا"، أن الطلبات على دورات اللغة الألمانية سواء في المدارس أو الجامعات الشعبية، تعكس الوعي بأهمية اكتساب المهارات اللغوية كشرط للاندماج الحقيقي.

ويستدرك قوله، إلا أن عدم تمكن اللاجئين من الحصول على سكن بعيد عن السكن المشترك يحول دون تطبيق خطط الاندماج.

العزلة تخلق مجتمعات موازية

ويؤكد الخبير اللغوي حازم بيطار أن تعلم اللغة بين اللاجئين يعتبر من أكبر التحديات الاجتماعية والسياسية التي سترافق ألمانيا خلال السنوات المقبلة. وما يزال الافتقار للمهارات اللغوية عائقا أساسيا في سوق العمل.

وبحسب بيطار، ما يزال عدد الذين يتركون المدرسة دون شهادة أعلى بمرتين بين الأطفال من أصول مهاجرة، مقارنة بالأطفال الآخرين. وهذا له تأثير على فرص الاندماج في سوق العمل أيضاً.

ويقول بيطار لـ “تلفزيون سوريا" إن العجز عن اكتساب المهارات اللغوية نابع من التكتل بمساكن تحرم اللاجئ من فرصة الاحتكاك الصحيح مع أصحاب اللغة المراد اكتسابها، ويؤدي إلى تشكيل ما يسمى بـ “المجتمعات الموازية"، ما يهدد بدوره التماسك الاجتماعي.
بدورها، تقول حنان كايد، من المنصة الرقمية "Flüchtlinge Willkommen" (أهلاً باللاجئين)، إذا كنت تعيش في مركز إيواء جماعي، كما هو الحال بالنسبة لعدد كبير من اللاجئين في ألمانيا، فإنك تكون معزولاً عن بقية المجتمع، إنه شكل من أشكال التقوقع.

وتضيف كايد أما إذا كنت تعيش مع السكان المحليين فإنك تتعلم اللغة بشكل أسرع، وتتواصل مع الناس حول جميع الخطوات الصغيرة التي تحتاجها للاندماج في المجتمع"، وهذا تماما ما يرسخه انتشار السمسرة بمبالغ خيالية للحصول على السكن الجديد.