icon
التغطية الحية

الحمام الدمشقي في "ستة أكتوبر".. السوريون ينقلون أجواء "باب الحارة" إلى مصر

2023.07.16 | 05:59 دمشق

الحمام الدمشقي في "ستة أكتوبر".. السوريون ينقلون أجواء "باب الحارة" إلى مصر
رجال في صالة استقبال في حمام شعبي سوري في حي "ستة أكتوبر"، القاهرة (تلفزيون سوريا)
القاهرة - لجين عبد الرزاق دياب
+A
حجم الخط
-A

في حي "السادس من أكتوبر" العاصمة المصرية القاهرة، أو ما يطلق عليه "دمشق الصغرى"، وعلى بعد بضع أمتار من منطقة الحصري المكتظة بالمحال السورية، لافتة كبيرة كتب عليها "الحمام الدمشقي القديم".

فكرة حمام السوق ليست غريبة على المجتمع المصري، ولكن تم استحداثها على الطريقة الدمشقية مما أثار إعجاب المصريين، وأعاد للسوريين جزءا كبيرا من ذكرياتهم عن طقوسهم المفقودة.

يعد الحمام الدمشقي أحد معالم دمشق التاريخية والتي لم تفقد رونقها عبر الزمن، كما يعد طقسا اجتماعيا أثرى حياة النساء الدمشقيات.

في الأعراس والمناسبات تجتمع النساء في حمام السوق، يأكلن ويشربن ويرددن الأغاني كنوع من الترفيه وزيادة الروابط الاجتماعية، وكذلك الرجال كانوا يجتمعون في سهرات دمشقية مفعمة بالبهجة.

إعادة إحياء طقوس دمشقية

يحاول السوريون في مصر التمسك بتراثهم وعاداتهم، ونقلوا إلى المجتمع المصري جزءا كبيرا من عاداتهم وثقافتهم ومهن اشتهروا بها.

برع السوريون في مصر في مجال الأكل السوري، وأتقنوا صناعة الأثاث، وصمموا الأزياء، وتعددت مجالات عملهم فلا توجد مهنة لم يعملوا بها في مصر.

أسامة زيدان، فلسطيني سوري من سكان دمشق (42 عاما) صاحب الحمام الدمشقي القديم يقول، كنت أبحث عن فكرة مشروع جديدة مع أصدقائي، فطرأت هذه الفكرة التي تعد جديدة وقررنا إنشاء حمام دمشقي يعيد للسوريين في مصر تراثهم وأجوائهم الخاصة.

يضيف أسامة، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، استخرجت ترخيص العمل كمركز تجميل حيث لا يوجد في مصر تراخيص للحمامات الشعبية التي تحولت إلى مواقع أثرية يزورها السياح.

افتتح أسامة مشروعه في 2016 كأول حمام سوق دمشقي في مصر، وكان حريصاً على نقل تفاصيل الحمام كما كان في سوريا.

ويوضح أسامة، في البداية واجهنا صعوبات في التصميمات وصنع المغاطس، والحفاظ على المياه ساخنة طوال الوقت المياه على الطريقة الدمشقية.

صُمم الحمام لينقل الأجواء الدمشقية للسوريين والمصريين، إذ يحتوي الحمام على صالة استقبال كبيرة تضم مجلسا عربيا بطراز دمشقي، وبحرة صناعية في منتصف الحمام.

وتزينت الجدران بنقوش ولوحات تحكي قصص الحارات الدمشقية القديمة، مع إدخال فن الأرابيسك الذي يعد أحد أبرز فنون التراث الإسلامي، كما يحتوي الحمام على أوان نحاسية.

يتألف القسم الداخلي"الجواني" من غرف على طراز الحمام الدمشقي يوجد بها مجالس رخامية، ودلال ماء صنعت من الرخام "جرن الحمام".

كما يقدم الحمام خدمات متعددة بعضها ظهر حديثاً، تبدأ بالاستحمام، تليها الساونا ويتبعها المساج.

جانب من الأجواء في حمام شعبي سوري في حي "ستة أكتوبر"، القاهرة (تلفزيون سوريا)

ويقول صاحب المشروع، قمنا باستحداث الحمام بما يتناسب مع متطلبات العصر، فنقدم خدمات كثيرة لإرضاء الزبون، كأنواع الحمام المتنوعة"التركي، والحلبي، والمغربي" بالإضافة إلى الساونا، والحمام الساخن والبارد "الجاكوزي" والمساج والعلاج بالحجامة على أيدي مختصين، كما تقام في الحمام حفلات أعياد الميلاد، وحنة العريس.

أجواء سورية في مصر

يقسم الحمام أوقات العمل بين النساء والرجال، فتأخذ النساء الوقت الصباحي وحتى المغرب، بينما يأتي دور الرجال من المغرب حتى بعد منتصف الليل.

استمرت النساء السوريات بممارسة طقوسهن الخاصة بالحمام بعد افتتاح حمام سوري في مصر، فيذهبن لقضاء يوم ممتع في محاولة للتخلص من أعباء الحياة والاستجمام.

وكعادة العروس السورية أن تذهب مع عائلتها وصديقاتها إلى الحمام، يوفر الحمام الدمشقي عروضا خاصة بالعرائس، فتقدم خدمات المساج والحنة والحمام المغربي وما إلى ذلك.

ناهد (40 عاما) دمشقية تقيم في حي "السادس من أكتوبر" (ستة أكتوبر)، ومديرة الفترة الصباحية في الحمام تقول، نقدم خدمات شاملة للعروس ونوفر لها سبل الراحة، فتستطيع أن تجلب الطعام معها أو نقوم نحن بتقديمه، كما نقدم النراجيل بالإضافة إلى الأغاني والأجواء الدمشقية القديمة.

تضيف ناهد، يوجد لدينا قسم للتجميل ورسم الحنة الخاصة بها مما يجعل العروس لا تحتاج إلى مكان آخر، فتقضي يوم العرس لدينا وتذهب جاهزة إلى صالة الفرح.

أما بالنسبة للعريس يقدم الحمام خدمة السهرة يقضيها مع أصدقائه، مع استضافة مطربين لإحياء السهرة، بالإضافة إلى التعاقد مع المطاعم، وفرق العراضة الشامية التي انتشرت فيها مصر مع ازدياد عدد السوريين خلال العقد الأخير.

تعد أسعار الحمام مقبولة بالنسبة لأصحاب الدخل المتوسط، فتبدأ الأسعار للحمام من 300 جنيه (10 دولار) ويزيد السعر على حسب الخدمات التي يطلبها الزبون.

سناء محمد، سورية مقيمة في منطقة المعادي تقول، على الرغم من بعد المسافة إلى أني أحببت قضاء ليلة الحنة في الحمام، واسترجعت مع عائلتي عاداتنا في دمشق، فنتصرف براحة ولا نشعر بالقلق لا سيما وأن التصوير والكاميرات ممنوعة في الحمام.

بدورها خلود عبد الغني، ستينية سورية تعيش في القاهرة تقول، عندما جاءت ابنتي وحفيداتي من السويد، قررت أن أخذهن إلى الحمام ليروا طقوسنا السورية، لأنهن تربين وقضين مراهقتهن في الخارج، من الجميل أن يتعرف المرء على عاداته، حتى لو كان خارج بلاده.

المصريون وتجربة أجواء "باب الحارة"

تغلغل السوريون في المجتمع المصري، ونشأت علاقة وطيدة بين الشعبين عززتها ثقة المصريين وتقبلهم لكل ما هو سوري. وعلى خلفية حب المصريين للمسلسلات الشامية التي لطالما انتشرت في المجتمع المصري، استطاع السوريون أخذهم في رحلة دمشقية على أرض مصرية.

وعلى غرار أجواء "باب الحارة" قدم الحمام الدمشقي أجواء مشابهة أحبها المصريون من رجال ونساء، فأصبح جزء كبير منهم يحبذ فكرة قضاء يوم دمشقي في الحمام.

يقول أسامة، أصحاب الحمام الدمشقي، هناك العديد من الرجال المصريين يحبون قضاء يوم الحنة في الحمام، فنقوم بتشغيل أغانٍ مصرية لهم وممكن أن تخرج زفة العريس من الحمام أيضا.

ويضيف، يوجد في مصر عدد قليل من الحمامات الشعبية، وهي تراثية أيضا، ولكن فكرة تقديم خدمات مستحدثة جعلت المصريين يحبون الفكرة، فهنا يوجد حمام ومساج وساونا، كما نسمح للجميع بإدخال الطعام ونقدم لهم الشيشة "النراجيل"

كما دفع النساء في مصر حبهن لأجواء النساء السوريات في المسلسلات الشامية لارتياد الحمام السوري والاستمتاع بالأجواء من لبس المناشف "الإزارت" والقباقيب الدمشقية، والاستماع للأغاني السورية.

زينة عكاشة، شابة مصرية تقول، ذهبت للحمام برفقة صديقتي السورية ووالدتها، شعرت كأني في مسلسل شامي، أنا أتابع باب الحارة منذ صغري، وفي الحمام عشت الطقس بالكامل، ارتديت القبقاب، ورقصت على دقة ستي، وشربنا الكركديه الشامي المشهور بالحمام.

كما يتردد إلى الحمام الدمشقي زبائن من جميع الجنسيات فلا يقتصر الأمر على الجنسيتين السورية والمصرية، بل هناك العديد من اليمنيين والليبيين والإرتيريين والأجانب في مصر من يودون تجربة أجواء حمام السوق على الطريقة السورية.