التصعيد الإسرائيلي مع إيران

2023.05.31 | 07:06 دمشق

آخر تحديث: 31.05.2023 | 07:06 دمشق

التصعيد الإسرائيلي مع إيران
+A
حجم الخط
-A

بينما تعيش الحكومة الإسرائيلية، حالة من التجاهل الدبلوماسي العالمي والإقليمي، نتيجة التصريحات والبرامج اليمينية المتطرفة التي قدمتها الحكومة الأكثر تشدداً منذ عقود، بقيادة بينيامين نتنياهو الذي بات مشابهاً لحكام الشرق الأوسط ممن لا يرغبون في النزول عن الكرسي مهما كانت النتائج، والذي قاد تحالفاً من أشد الأحزاب الدينية المتطرفة واليمينية لتشكيل حكومته الحالية، التي سببت اضطرابات كبيرة في الشارع مما قسم المجتمع الإسرائيلي عمودياً بين يسار ليبرالي، ويمين ديني يرغب في تهويد الدولة وإجراء تعديلات تمنح رئيس الحكومة سيطرة على تعيين وحركة القضاء في تل أبيب.

أرسلت الإدارة الأميركية دعوة لوزير الدفاع في حكومة نتنياهو، بيني غانتس، لزيارة واشنطن، بينما تجاهلت دعوة رئيس الحكومة ذاته، مما سبب غضباً كبيراً لدى نتنياهو.. فأطلق تعليقات سلبية تجاه إدارة بايدن، أفصحت عن الخلافات الكبيرة بين الطرفين، الذين باتا يبتعدان بشدة عن مواقف بعضهما البعض، بحيث تبدت الكراهية الفردية والشخصنة بينهما. رغم أن الثوابت السياسية لا تزال تتحكم بأداء الدولتين، خصوصاً لجهة الضمان الأميركي لسلامة واستمرار أمن إسرائيل. تاريخياً.

تؤكد التقارير الإسرائيلية القدرة الإيرانية على إنتاج الوقود النووي والتحول إلى القنبلة النووية خلال أسابيع إن أرادو. ولربما كانت هذه العمليات تتم سراً، بعد التعاون العسكري الروسي مع طهران

لكن الأزمة الإسرائيلية المتشكلة بين إيران وتل أبيب، تتعلق بالتصعيد الإيراني المستمر للملف النووي، والذي صار علامة نجاح انتخابية لدى أحزاب اليمين، حينما ارتفعت الأصوات في تل أبيب مهددة بنسف المشروع النووي الإيراني في محاولة لكسب الأصوات الانتخابية. وها هو المشروع النووي الإيراني يزداد وضوحاً ورسوخاً، في ظل غياب الاتفاق النووي، مع أوروبا والولايات المتحدة. بحيث تؤكد التقارير الإسرائيلية القدرة الإيرانية على إنتاج الوقود النووي والتحول إلى القنبلة النووية خلال أسابيع إن أرادوا. ولربما كانت هذه العمليات تتم سراً، بعد التعاون العسكري الروسي مع طهران في أعقاب الحرب الأوكرانية في تطوير الصواريخ البالستية، وفي المجال النووي كذلك، وبكل تأكيد في الدعم الاستخباري الذي أدى إلى القبض على مساعد وزير الدفاع السابق وإعدامه، بتهم تتعلق بتسريب وتعامل ونشر أخبار نووية إلى الغرب.

لكن الدعم الروسي الذي يقلق إسرائيل يتعلق بالتقانة النووية، والسرعة في الإنجاز رغم أن الإيرانيين ليسوا بحاجة الدعم الروسي، لكن التكنولوجيا الروسية النووية ساعدتهم في اختصار الوقت، يريد الروس من ذلك التعاون إرباك الغرب بعد الموقف من حرب أوكرانيا، من جهة، ورد الدين لحكومة طهران بعد الدعم المتفاني من قبلها في الحرب، عبر تزويدها بالمسيرات والمقذوفات والذخيرة المدفعية.

زاد الموقف الإسرائيلي الداعم لزيلينسكي من الغضب الروسي، ودعم طهران. لكن تل أبيب باتت في زاوية صعبة، تتعلق بأمن وجودها والخوف من عدم وقوف واشنطن معها في حال تدهور الأمر بعد قصف المفاعلات النووية الإيرانية، ونشبت حرب ستشترك بها حتماً أذرع إيران في المنطقة كما عودتنا الميليشيات في سوريا ولبنان والعراق. مما سيعقد المشهد في الشرق الأوسط عموماً وسينسف وعود السلام مع دول المنطقة، فالحرب ستؤجج الشعور الشعبي بمنطق الحل العسكري مع تل أبيب.

تعلم إيران أن بوسع إسرائيل تدمير مشروعها النووي خلال ساعات، عبر سلاح جوها هائل القوة، ولكنها تعلم أن ردها على تل أبيب سيكون موجعاً جداً، اقتصادياً وسياسياً، وسترتد الأمور في الداخل الإسرائيلي بشأن الوجود الدولة أساساً.

وتعلم إسرائيل أنها ربما ستضطر إلى دخول الحرب على أكثر من جبهة، فالمناورات التي أجرتها على الحدود الشمالية مع سوريا ولبنان، تؤكد الحرص الحكومي على مواجهة التهديدات من حزب الله، ورسائله التي قدمها عبر المناورات الإعلامية التي أطلقها الأسبوع الفائت. ومثل هذه الحرب متعددة الجبهات ستحتاج دعماً قد يورط واشنطن في المنطقة، وهي التي ترغب في الخروج من الشرق الأوسط والتفرغ لآسيا ولروسيا.

صاعدت الأصوات في واشنطن عن بدء تداول فكرة القبول بقنبلة نووية إيرانية، لتتحول إيران إلى كوريا شمالية شرق أوسطية، بعقوبات مدمرة، وعزلة دولية صارمة

وفي حديث لوكالة نوفوستي تحدث الناطق باسم الكرملين عن رغبة موسكو في إحراج واشنطن في أماكن مختلفة من العالم رداً على ما تفعله واشنطن في شرقي أوكرانيا، بينما لا تظهر واشنطن أي رغبة في خوض حروب أو عمليات عسكرية خارجية، خصوصاً مع تدهور أزمة الديون والسندات قبل بداية شهر حزيران، بحيث تهدد الأزمة الاقتصاد الأميركي وربما العالمي.. مما يعني أن لا قدرة لواشنطن على ضخ مليارات الدولارت في حرب مجنونة من أجل مفاعل نووي إيراني.

من هنا تصاعدت الأصوات في واشنطن عن بدء تداول فكرة القبول بقنبلة نووية إيرانية، لتتحول إيران إلى كوريا شمالية شرق أوسطية، بعقوبات مدمرة، وعزلة دولية صارمة، يعلم جيداً حكام طهران ماذا تعني، وكيفية ارتدادها على الداخل الإيراني الذي ضاق صدره بالواقع الاقتصادي المزري في البلاد، بحيث لم تتوقف المظاهرات منذ سنوات للاحتجاج على السياسات الإيرانية والمطالبة بتغيير النظام.

يتعقد المشهد في الشرق الأوسط بشكل كبير، ويرتبط بوشائج عميقة مع التعقيدات العالمية، التي تعني أن بدء أي عملية عسكرية في الشرق الأوسط ممكن، ولكن إنهاءها غير معروف وغير محدد نهائياً.