icon
التغطية الحية

الانتخابات التركية.. كل ما تريد معرفته عن السياسة الخارجية للمعارضة

2023.04.21 | 17:35 دمشق

xcvb
Middle East Eye - ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

للمرة الأولى منذ 22 عاماً يظهر احتمال بأن يخسر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السلطة، فاستطلاعات الرأي تتنبأ باستمرار بانتصار مرشح الرئاسة المشترك للمعارضة كمال كليتشدار أوغلو في الجولة الثانية من الانتخابات المقرر إجراؤها في أيار، إذا لم يحصل أي شخص على أكثر من 50 في المئة في الجولة الأولى.

ومن إعادة اللاجئين السوريين إلى السفر مندون تأشيرة لدول الاتحاد الأوروبي، قدم كمال كليتشدار أوغلو بعض الوعود الجريئة. لكن ما الذي يمكن أن نتوقعه حقا؟ هل تنسحب تركيا من ليبيا أم سوريا؟ هل ستقترب أكثر من الولايات المتحدة وإسرائيل؟ هل ستتوقف تركيا عن كونها رجل الناتو المحرج؟

لم تخف الولايات المتحدة كراهيتها لأردوغان. قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه يود أن تكون حكومة معارضة وقد حرص كليتشدار أوغلو على زيارة البلاد في وقت مبكر من حملته. وقد أدى ذلك إلى تكهنات بأن السياسة الخارجية التركية، التي ساعدت في تشكيل جزء كبير من العالم في السنوات الأخيرة، يمكن أن تتخذ منعطفا حادا وربما انعزاليا.

من ناحية أخرى، قدم كليتشدار أوغلو وعودا آسرة تصدرت عناوين الصحف في تركيا، مثل الوعد بالسفر من دون تأشيرة إلى الاتحاد الأوروبي في غضون ثلاثة أشهر من توليه منصبه، أو تهديد اليونان بالتدخل المسلح. لكن المقربين منه حريصون على إضفاء مزيد من التفاصيل الدقيقة على هذه التصريحات، والتحدث عن أولويات السياسة الخارجية المحتملة بعبارات أوسع، ويطلبون الحذر عندما يتعلق الأمر بالتنبؤ بالمستقبل.

وقال أونال سيفيكوز، السفير المتقاعد وكبير مستشاري كليتشدار أوغلو للشؤون الخارجية، إن الحكومة التي يقودها كليتشدار أوغلو ستكون مصممة على تطبيع علاقاتها مع المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

وقال لموقع Middle East Eye إن سياسة كليتشدار أوغلو الخارجية ستستند إلى "عدم التدخل في الشؤون الداخلية للجيران، والسياسة الخارجية المحايدة والالتزام بالمعايير الدولية".

هذه الركائز ليست جديدة بشكل خاص. مجموعة كبيرة من الحكومات في الثمانينيات والتسعينيات سبقت إردوغان كانت تروج إلى حد كبير للمثل العليا.

ليس من قبيل المصادفة أن تحالف الأمة المعارض، بقيادة حزب الشعب الجمهوري بزعامة كليتشدار أوغلو، أعلن أن تركيا ستعيد تبني شعار مصطفى كمال أتاتورك "السلام في الداخل، السلام في العالم" باعتباره حجر الزاوية في سياستها الخارجية.

وقال جيفيكوز إن تركيا حافظت في عهد أردوغان على سياسة خارجية تدخلية وإيديولوجية تعتمد على القوة الصارمة في دول مثل ليبيا، حيث دعمت القوات التركية حكومة معترفا بها من قبل الأمم المتحدة في الحرب هناك عامي 2019 و2020.

وأضاف سيفيكوز الذي يصر على أن هذا يجب أن يتغير: "لقد تم التخلي عن الدبلوماسية والحوار. سوف نعطي الأولوية للحوار ونهج عدم التدخل. سنكون وسيطا نزيها في أماكن مثل ليبيا من خلال التحدث إلى جميع الأطراف ".

وقال جيفيكوز إن أنقرة تدير شؤونها الخارجية على أساس العلاقات الشخصية المبهمة بين القادة، وهي ممارسة سيتم تصحيحها من خلال بناء المؤسسات.

وأضاف أنه يجب مناقشة كل نزاع بين الدول بدءا من اتصالات على مستوى أدنى، ورفع المستويات حتى القيادة نفسها إذا لم يكن هناك حل.

سياسة الاتحاد الأوروبي

يكرر مسؤولو المعارضة في أنقرة أن كليتشدار أوغلو لم يتخذ قراره بعد بشأن أي قضية أخرى غير الاتحاد الأوروبي.

قال جيفيكوز: "إن حكومة كليتشدار أوغلو ستؤيد أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وتطلق سراح السياسي الكردي البارز صلاح الدين دميرتاش والمحسن التركي عثمان كافالا من السجن".

وقال سفيران أوروبيان تحدثا دون الكشف عن هويتهما لموقع Middle East Eye إن كليتشدار أوغلو وعد دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي في حدث عُقد في أنقرة في وقت سابق من هذا الشهر بأن حكومته ستفي بجميع المعايير والإصلاحات التي طالبت بها الكتلة الأوروبية، حتى لو لم تقبل تركيا كعضو.

من ناحية أخرى، أقر مسؤول تركي كبير في المعارضة، تحدث دون الكشف عن هويته من أجل التحدث بحرية "وعد كليتشدار أوغلو بالسماح للمواطنين الأتراك بزيارة دول منطقة شنغن بحرية متفائل للغاية. هذه وعود انتخابية ستترجم إلى سياسات. لكن بالطبع، قد يستغرق الأمر أكثر من ثلاثة أشهر للتوصل إلى اتفاق لتحرير التأشيرات. لكننا على يقين من أنه يمكننا تسليمها في الوقت المناسب".

 

وقال مسؤول تركي كبير آخر في المعارضة إنه في ظل حكم كليتشدار أوغلو، لن تواصل تركيا "مغامرات السياسة الخارجية"، وأضاف: "أولويتنا الأساسية ستكون قضايا الأمن القومي الجوهرية، مثل التهديد الإرهابي الناجم عن سوريا والعراق".

وتابع حديثه: "لماذا نحن في الصومال؟ لا يوجد سبب. لماذا لدينا آلاف الجنود في قطر؟ لماذا نحن في ليبيا حيث وقفنا جانبا في حرب أهلية؟ سنراجعها جميعا".

أقامت تركيا أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في العاصمة الصومالية مقديشو في عام 2017، وهي قادرة على تدريب 1500 جندي في وقت واحد. تم تفسير تحرك أنقرة في ذلك الوقت على أنه خطوة لموازنة دول مثل الإمارات العربية المتحدة في القرن الأفريقي.

في العام نفسه، نشرت تركيا جنودا في قطر عندما كانت الدوحة تعاني من عزلة متزايدة من جيرانها الخليجيين. كانت هناك تقارير تفيد بأن نشر القوات يحتمل أن يكون قد منع انقلاب القصر الذي كان من الممكن أن يطيح بعائلة آل ثاني من السلطة.

اللاجئون السوريون في تركيا

قال المسؤول الثاني في المعارضة إن سياسة تركيا تجاه سوريا ستعتمد إلى حد كبير على الحوار مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي ظل منبوذا على مدى عقد من الزمان لكنه يلقى ترحيبا متزايدا بين دول الشرق الأوسط.

ولطالما دعت المعارضة التركية إلى استئناف العلاقات مع الأسد بهدف عودة اللاجئين السوريين، وهي سياسات اكتسبت شعبية متزايدة وحاكها إلى حد ما أردوغان، الذي بدأت حكومته التواصل مع الأسد.

ومع ذلك، لا تزال القوات التركية في شمالي سوريا تدعم فصائل المعارضة وتواجه أحيانا الفصائل الكردية السورية.

وقال المسؤول: "اتخذت تركيا جانبا في الحرب الأهلية السورية ، وسيتم تصحيح ذلك. لن ننسحب على الفور من سوريا، لا يمكنني إعطاء جدول زمني، لكننا سنناقش ظروفنا ونرى ما سيحدث".

وقال المسؤول إن العمل الإداري والمساعدات التركية الحالية للشمال السوري ستستمر، لكن الوجود العسكري سيعتمد على اتفاق نهائي يضمن أمن الحدود ضد التهديدات الإرهابية، ويستند هذا الاتفاق إلى اتفاق أضنة لعام 1998 حيث وعدت سوريا تركيا بأنها لن تؤوي جماعات إرهابية وستسمح لأنقرة بالتدخل العسكري على بعد 5 كيلومترات من الحدود لحماية نفسها.

وقال المسؤول "اتفاق أضنة سيكون له أهمية كبرى لحل القضية."

وأشار المسؤول إلى أن الأمر سيستغرق وقتا طويلا لكسب ثقة النظام السوري وتفكيك الوضع في الشمال، لا سيما في محافظة إدلب حيث توجد مجموعات مسلحة مثل هيئة تحرير الشام.

وقال المسؤول: "سيتعين علينا إعادة التواصل مع السكان المحليين في إدلب، وإعادتهم إلى المجتمع، ولكننا لا يمكن أن نفعل ذلك وحدنا".

لكن كليتشدار أوغلو سبق أن حدد عقارب الساعة، ووعد في شهر آذار بإعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم في غضون عامين.

وقال المسؤول إن عودة 3.7 ملايين لاجئ سوري من تركيا مشروع مهم يتطلب قدرا هائلا من الجهد وربما إطارا زمنيا أطول من عامين.

وأضاف: "لا شك في أن ذلك سيكون على أساس طوعي، وسيتطلب ذلك تشجيعات وفرص عمل وإعادة تأهيل. وسنريد بالتأكيد تقاسم العبء مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة".

روسيا والولايات المتحدة

تشعر العواصم الغربية بالفضول حيال الطريقة التي ستتعامل بها أنقرة مع حالة التماشي مع روسيا. فمنذ الغزو الروسي لأوكرانيا، تمكن أردوغان من الحفاظ على التوازن بين موسكو وكييف، حتى إنه سلّح الأخيرة دون رد فعل عنيف من الأولى.

ويتفق المسؤولان المعارضان على أن أنقرة يجب أن تواصل هذا النهج المتوازن من خلال السعي للحصول على منصب الوسيط. كما يجب ألا تنضم إلى العقوبات الغربية على روسيا، والتي تجنبها أردوغان أيضا.

أما عندما يتعلق الأمر بواشنطن، فإن المعارضة اتخذت نهجا أكثر تشددا مما قد يتوقعه كثيرون.

قال كليتشدار أوغلو العام الماضي إن الولايات المتحدة ملأت اليونان بقواعد عسكرية وأن حزبه مستعد لدعم حكومة أردوغان إذا أرادت إغلاق جميع المنشآت العسكرية الأميركية في تركيا. وقال حينذاك: "نحن ضد الجنود الأجانب على أرضنا بقدر ما نحن ضد النيوليبرالية. نحن مستعدون لعمل كل ما هو ضروري".

لكن في الشهر الماضي، التقى كليتشدار أوغلو بالسفير الأميركي جيف فليك في أنقرة، مما أثار غضب أردوغان، الذي يشك في واشنطن بسبب تصريحات الرئيس جو بايدن خلال حملة الانتخابات الأميركية لعام 2020 حيث قال إنه سيدعم المعارضة وأنه يجب على الرئيس التركي "دفع الثمن".

يقول مسؤولا المعارضة إن تركيا ستحافظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة على أساس شراكة متساوية، لكن لا يمكنهم الإجابة على أسئلة مثل كيف يمكنهم حل التوترات بشأن دعم الولايات المتحدة للجماعات المسلحة الكردية في سوريا.

يقولون إنهم سوف يسعون جاهدين لإعادة دخول برنامج الجيل الخامس من الطائرات المقاتلة F-35. طردت الولايات المتحدة أنقرة من البرنامج في عام 2019 بعد أن اشترت تركيا أنظمة دفاع صاروخي روسية الصنع من طراز S-400. قد تعني العودة إلى برنامج F-35 أن أنقرة لن تكون قادرة على تنشيط S-400.

اليونان وقبرص وإسرائيل

أما بالنسبة لليونان وقبرص، فقد قال المسؤولان إن تركيا ستستأنف الحوار "الموجه نحو النتائج" مع أثينا.

قال مسؤول المعارضة الأول: "إذا لم نتمكن من التوصل إلى حل معهم، فنحن على استعداد لرفع كل شيء إلى المحكمة، بما في ذلك ترسيم الحدود البحرية والمياه الإقليمية والمجال الجوي".

وأضاف المسؤولان أن الحكومة المقبلة ستعالج القضايا مع قبرص أولاً من خلال توحيد الشمال الذي تسيطر عليه تركيا، والذي لديه حكومة محلية تدعم الاستقلال ومعارضة تريد حلا فيدراليا. ثم تبدأ محادثات متواصلة برعاية الأمم المتحدة مع جمهورية قبرص في الجنوب، كما حدث في حوار 2017 الفاشل في كرانس مونتانا.

ماذا عن إسرائيل ومصر والخليج؟

قال كليتشدار أوغلو العام الماضي إنه سيحاسب إسرائيل والسعودية على الخطوات التي اتخذتها ضد تركيا في السنوات الأخيرة، ووعد بالتراجع عن سياسات أنقرة الأخيرة التي سعت إلى الانفراج مع جيرانها الإقليميين.

وقال: "هناك ثمن لاستشهاد مواطنينا في المياه الدولية"، في إشارة إلى حادثة أسطول مافي مرمرة عام 2010، حيث قتل تسعة ناشطين أتراك على يد القوات الإسرائيلية على متن سفينة مساعدات مدنية كانت متوجهة إلى قطاع غزة. وأضاف: "رسالتي لإسرائيل هي أن هذه القضية ليست مغلقة بالنسبة لنا.

قال السياسي المعارض البارز الثاني إن أنقرة لن تدير سياسة خارجية متشددة في الشرق الأوسط وستحاول التحدث إلى كل من إسرائيل وفلسطين.

وبشأن التعويضات التي وعد بها الإسرائيليون، تابع المسؤول حديثه: "إحساسنا بشأن مافي مرمرة هو أن مدفوعات إسرائيل النقدية لم تصل إلى عائلات الضحايا ... سننظر في هذه المسألة، لكنها لن تعطل علاقاتنا مع إسرائيل".

دفعت إسرائيل المبالغ لكن عائلات ضحايا مافي مرمرة رفضت تسلّمها.

دول الخليج

أما بالنسبة لدول الخليج العربية، التي قضى كثير منها سنوات معارضة لأنقرة حتى الانفراج الأخير، قال المسؤول الثاني إن تركيا "ستراجع علاقاتها لكنها تحافظ على العلاقات. نود أن تكون لدينا علاقات متساوية مع الجميع في المنطقة".

قال المسؤولان إن أنقرة عقدت صفقات غير رسمية مع دول مثل السعودية والإمارات وقطر في السنوات الأخيرة.

وأضاف المسؤول الأول: "لا نعرف بالضبط ما هي الوعود التي قُطعت وما الذي تم أخذه بالمقابل. سيتعين علينا رؤيتهم جميعا حتى نتخذ قرارا بشأن ما سيحدث بعد ذلك".

قال المسؤول الثاني إن حكومة كليتشدار أوغلو، على سبيل المثال، ترغب في تعميق علاقاتها في مجال الصناعة الدفاعية مع إسرائيل وأوروبا، وكذلك المملكة المتحدة.

وحذر المسؤولان من أن كل شيء مائع للغاية ولم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن أي قضية بخلاف النقاط المتفق عليها بين أحزاب المعارضة الستة التي تشكل تحالف الأمة بقيادة كليتشدار أوغلو.

وأضاف المسؤول الثاني: "لكننا مستعدون للتفاوض في كل شيء لتطبيع علاقاتنا مع جيراننا مثل إسرائيل ومصر. قد نضطر إلى مناقشة وجود حماس والإخوان المسلمين في تركيا معهم".

المصدر: Middle East Eye