icon
التغطية الحية

الاجتماعات لن تُعقد في عُمان.. ما مصير مسار الدستورية في الظروف الراهنة؟

2023.10.27 | 06:50 دمشق

آخر تحديث: 27.10.2023 | 15:32 دمشق

اجتماعات اللجنة الدستورية السورية
يبدو مستقبل العملية السياسية في سوريا محفوفًا بالتحديات وتضعف الآمال أكثر في استئناف اجتماعات الدستورية بسلاسة - الأناضول
تلفزيون سوريا - طارق صبح
+A
حجم الخط
-A

منذ انعقاد اجتماعها الأخير في صيف العام الماضي، شهدت اللجنة الدستورية السورية مساراً معقداً، وواجهت تحديات كبيرة أعاقت استئناف عملها وأوقفت اجتماعاتها، مع استمرار الخلاف بشأن العديد من القضايا، وعلى رأسها مكان انعقاد الاجتماعات القادمة.

وخلال الأسابيع الماضية، تزايدت التحديات بسبب الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة، حيث أثرت هذه الأحداث على السياق السياسي في سوريا، مما أتاح الفرصة للنظام السوري وداعميه في ارتكاب المزيد من المجازر والانتهاكات بحق السوريين في مناطق سيطرة المعارضة، في حين يتركز الاهتمام الدولي على الأحداث المتصاعدة في قطاع غزة.

وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي يبذلها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، لتحقيق تقدم في أعمال اللجنة، إلا أن تعقيد الأوضاع الدولية والخلافات المرتبطة بالموقف الروسي الرافض لعقد الاجتماعات في جنيف، أضفى تعقيداً إضافياً على المشهد.

وكانت "لجنة الاتصال الوزارية العربية" بشأن سوريا أعلنت، عقب اجتماعها في 15 من آب الماضي، أن الاجتماع المقبل للجنة الدستورية السورية سيكون في سلطنة عُمان، قبل نهاية العام الجاري، وذلك بتسهيل وتنسيق مع الأمم المتحدة.

وأيدت وزارة الخارجية الروسية استضافة عُمان للاجتماع، معتبرة أنه "بالنظر إلى حقيقة أن العُمانيين أثبتوا أنفسهم كوسطاء موثوقين وغير متحيزين، ويقدمون المساعي الحميدة للمساعدة في حل مختلف المشكلات الإقليمية الحساسة، فإننا ندعم هذا الخيار".

الاجتماعات لن تُعقد في عُمان

وقال رئيس لجنة التفاوض السورية، بدر جاموس، إن العملية السياسية في سوريا "شبه مجمدة حالياً"، مضيفاً أنه "لا شيء واضح في الأفق"، وذلك بعد تصاعد الأحداث في فلسطين المحتلة والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة

وأكد جاموس، في تصريحات لموقع "تلفزيون سوريا"، أن اقتراح عقد اجتماع اللجنة الدستورية في العاصمة العُمانية مسقط "ألغي نهائياً"، مضيفاً أنه خلال اجتماعات وفد المعارضة في نيويورك مع المبعوث الأممي، طُلب منه الدعوة إلى الاجتماعات في جنيف، لكن بيدرسن حتى الآن "يتخوف من إرسال الدعوات مع رفض روسيا والنظام، وتعقد الأمور بشكل أكبر".

وعلى الرغم من ذلك، نقلت صحيفة "العربي الجديد" عن أحد أعضاء هيئة التفاوض السورية قوله إن سلطنة عُمان هي من رفضت انعقاد اجتماعات اللجنة على أراضيها وضمن رعايتها، مشيراً إلى أن "وجهة نظر عُمان تقوم على أنه إذا لم يكن هناك توافق كامل على أي مسار، فإن مسقط لن تضطلع فيه".

وأشار المصدر إلى أن عُمان ""تريد مشروعاً يمكن من خلاله الخروج بمنتج حقيقي، مع إشارتها إلى الخلافات داخل اللجنة، وأنها لا تريد اجتماعات عبثية فقط لأجل الاجتماع والتصدير الإعلامي".

مشروع بيدرسن "الخطير"

وفي مقابل ذلك، قالت صحيفة "الوطن" المقربة من النظام السوري، نقلاً عن مصادر دبلوماسية في جنيف، إن المبعوث الأممي "مصمم على انعقاد اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف"، مضيفة أنه يدرس تقديم "مشروع خطير، بهدف إحراج جميع الأطراف".

وأوضحت المصادر أن بيدرسن "يدرس مشروع بيان يرسل من خلاله الدعوة للوفدين المفاوضين من دون حضور أي دولة أجنبية، وذلك للقفز فوق الفيتو الروسي على انعقاد الاجتماعات في جنيف"، مضيفاً أنه "مدرك مسبقاً أن مشروعه لن يحظى بموافقة موسكو ولا دمشق وداعميها".

من جهة أخرى، كشفت "الوطن" أن "هناك نشاطاً ملحوظاً للدبلوماسية المصرية باتجاه دعوة كل الأطراف لعقد الجولة المقبلة من اللجنة الدستورية في القاهرة بدلاً من مسقط وجنيف"، مضيفة أن "الجهود المصرية ما تزال في بداياتها ومن غير المعروف مدى قابلية الأطراف على الموافقة على الطرح المصري".

ونقلت الصحيفة عن مصادر عربية، دون أن تكشف عنها، قولها إن "عواصم عربية أخرى قد تتقدم كذلك بطلب لاستضافة هذه المباحثات"، مشيرة إلى أن "كل الخيارات مفتوحة حتى الآن، لكن احتمال عقدها في جنيف مستحيل، وكذلك في مسقط بالوقت الحالي".

النظام السوري عطّل الاجتماعات في عُمان

وتعليقاً على ذلك، قال عضو الهيئة المصغرة في اللجنة الدستورية وعضو هيئة التفاوض، أحمد العسراوي، إن المجموعة العربية في اجتماعها في آب الماضي "توافقت على عقد الدورة التاسعة من اجتماعات اللجنة الدستورية في عمان قبل نهاية العام، دون أخذ موافقة هيئة التفاوض السورية والمبعوث الأممي".

وفي تصريحات لموقع "تلفزيون سوريا"، أضاف العسراوي، الذي يشغل عضوية المكتب التنفيذي لـ "هيئة التنسيق الوطنية"، أن المبعوث الأممي "حاول التجاوب مع هذا التوافق والعمل عليه، وفق ما سمعنا منه بعد لقائه في دمشق، وحاولت هيئة التنسيق الدفع بهذا الاتجاه من خلال الحوارات الداخلية للمعارضة السورية، لكن للأسف على أرض الواقع عطّل النظام السوري هذا المقترح".

واعتبر العسراوي أن العديد من المؤتمرات الدولية والقرارات الأممية بشأن سوريا منذ 12 عاماً "لم تقدم أي خطوة جدية إلى الأمام بشأن العملية السياسية في سوريا، بل على العكس، فقد تراجعت إمكانية تحقيقه كثيراً".

وأوضح عضو اللجنة الدستورية وهيئة التفاوض أن "كل الثغرات التي وقعت بها المعارضة السورية، بما فيها نحن (هيئة التنسيق)، لم تكن السبب الأساسي لعدم التقدم نحو الحل السياسي التي نريده أن يفضي للتغيير الوطني الديمقراطي الجذري والشامل في سوريا"، مضيفاً أن النظام السوري "يضع جداراً أسود مصمتاً وقاتماً أمام هذا الحل، وللأسف لم تستطع الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي ومسار أستانا ثقب هذا الجدار".

وعن تأثير الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة على العملية السياسية في سوريا، قال العسراوي إن "التأثير السلبي على الملف السوري قائم لارتباطه بصعوبة التوافقات الدولية والإقليمية والعربية، نتيجة الحرب الأوكرانية، والانحيازات الدولية المتعلقة بالملف الفلسطيني".

وأكد المعارض السوري أن "الأنظار لم تتحول عن سوريا، لكن عمليات الحرب والقتل دوماً تتقدم على أي خبر في الإعلام"، مشيراً إلى أن "الانتهاكات التي يرتكبها النظام السوري في إدلب وجسر الشغور هي إحدى وسائل استخدام الحل الأمني العسكري بمواجهة المطالب المحقة للشعب السوري".

وطوال أربعة أعوام من عمر اللجنة الدستورية السورية وثماني جولات من اجتماعاتها، لم تفلح أطرافها الثلاثة، المعارضة السورية والنظام والمجتمع المدني، بكتابة مادة واحدة من الدستور الجديد للبلاد، التي تعيش حرباً قاربت على انتهاء عامها الـ13، في حين يواصل النظام السوري تمييع هذا المسار وتفريغه من مضمونه، كحال جميع مبادرات الحل والانتقال السياسي في سوريا.

ومع هذا التعقيد والضبابية، يبدو مستقبل العملية السياسية في سوريا، وبشكل خاص اللجنة الدستورية، محفوفاً بالتحديات، وتضعف الآمال أكثر في استئناف اجتماعات الدستورية بسلاسة، في حين يزداد مسار العملية السياسية تعقيداً، في الوقت الراهن على الأقل، في وقت ينصب جل التركيز الدولي على الأحداث في غزة.