icon
التغطية الحية

الإعلام الهولندي يسلّط الضوء على نجاحات السوريين في البلاد

2021.02.18 | 11:23 دمشق

refugees-netherlands.jpg
هولندا - ترجمة وتحرير أحمد محمود
+A
حجم الخط
-A

سلطت صحيفة هولندية الأضواء على نجاحات اللاجئين السوريين بعد أعوام من وصولهم إلى هولندا، وتحدثت عن تجارب ناجحة لاثنين من السوريين في إيجاد فرص عمل تناسبهم، مشيرة إلى أن 39 في المئة من اللاجئين السوريين الذي وصلوا في عام 2015 حصلوا على "عمل مدفوع الأجر".

وقالت صحيفة "هيت بارول" في تقرير لها إنه من خلال تعاون مشترك بين البلديات الهولندية ومنظمة "UAF" وبعض الشركات الهولندية، تمت مساعدة 400 لاجئ في العثور على عمل خلال عام 2020.    

"طموحون جداً"

وبحسب التقرير، وجد اللاجئون وظائف في عدة قطاعات أبرزها قطاع تكنولوجيا المعلومات وقطاع الرعاية الصحية والقطاع المالي وقطاع الطاقة المتجددة، ويقول جاسبر فينك من "UAF" وهي منظمة غير حكومية تقدم الدعم للاجئيين في دراساتهم وتساعدهم بالعثور على عمل يتناسب مع قدراتهم: "تبحث الشركات عن أشخاص جيدين، لكنها لا تعرف من أين تبدأ"، مضيفة "لا يمكنهم الوصول إلى اللاجئين المتعلمين جيداً.. ويمكنهم الاتصال بنا من أجل ذلك". ووفقاً لـ "UAF"، لا يمكن لأي شخص يبحث عن وظيفة في هولندا دون خبرة عمل هولندية في سيرته الذاتية أن يحصل على عمل. 

يقول فينك: "التقدم لوظيفة مختلف هنا، وثقافة العمل هنا غير رسمية إلى حد ما"، مضيفاً "تحدثت مؤخراً إلى لاجئ وأخبرني أنه لم يتلق أي مجاملة ولم يقابل أي مدير له خلال عمله في بلده (..) نحن نعرف الكثير من اللاجئين الطموحين جداً والذين ينشغلون ليلاً ونهاراً بتعلم اللغة". 

وكشفت الصحيفة الهولندية في تقريرها أن 39 بالمئة من اللاجئين السوريين الذين قدموا إلى هولندا في عام 2015 وهو العام الذي شهد أكبر تدفق للاجئين حصلوا على وظيفة مدفوعة الأجر بعد أربع سنوات ونصف من وصولهم إلى البلاد.

وذكرت الصحيفة الهولندية عدة نماذج عن نجاحات عدد من اللاجئين وأبرزهم السوري إياد أبو شملة (33 عاماً) الذي كان أول ما بدأ به فور وصوله إلى هولندا هو تعلم اللغة. أبو شملة المنحدر من مدينة دمشق، كان يعمل مهندس صيانة في دمشق، لكنه هرب عندما اندلعت الحرب حيث كان عليه حينها الانضمام إلى جيش النظام السوري. ويعيش أبو شملة في هولندا منذ ست سنوات، ويقول "اللغة هي المفتاح" بحسب الصحيفة التي وصفت لغته الهولندية بأنها "خالية من العيوب". وتمكن عندما كان في مركز طالبي اللجوء في مدينة الكمار من إقناع الشخص المسؤول عنه بأنه يجب عليه الالتحاق بدورة اللغة الهولندية في جامعة "أمستردام الحرة"، وبعد بضعة أشهر حصل على منزل في أمستردام بالقرب من منطقة سلوتيردايك، وبعد فترة حصل على منزل.

في عام 2017 تقدم أبو شملة لوظيفة في شركة "السكك الحديدية الهولندية"، لكن تم رفض طلبه بسبب قلة الخبرة، وفي وقت لاحق ومن خلال برنامج "خبرة العمل" في منظمة "UAF" أصبح موظفاً كمساعد تقني في الشركة ذاتها وبعد عام أصبح مهندسَ صيانة فيها. 

اقرأ أيضاً: ملاحقة "الشبيحة" في هولندا.. تحقيق يكشف هوية 3 ارتكبوا جرائم

"طريقة تفكير مختلفة"

أبو شملة يمتلك الآن منزلاً في فينندال ويسكن مع ابنته البالغة من العمر ثلاث سنوات، يقول إنه كان محظوظاً، ويضيف "لكنني أيضاً صنعت ذلك عندما فكرت بطريقة تفكير مختلفة وقررت أنني سأبقى هنا". ويقدم نصيحة إلى اللاجئين قائلاً "تعلموا اللغة، لا تضيعوا الكثير من الوقت في النظر إلى الوراء". 

يولاندا فيردونك، رئيسة قسم الموارد البشرية في السكك الحديدية تقول "يعتبر مسافرونا انعكاساً للمجتمع (..) ويجب أن يكون موظفونا أيضاً كذلك"، وتقول الصحيفة "لذلك حددت شركة السكك الحديدية الهولندية هدفاً لتوظيف اللاجئين المتعلمين تعليماً عالياً: خمسة أشخاص في السنة من خلال برامج خبرة العمل". 

ومن جانبها، شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" بدأت في عام 2017 ببرنامج لتوظيف اللاجئين "بذور برايس ووترهاوس كوبرز"، وهي عملية مدتها سبعة أشهر. 

في عام 2019، شارك 24 شخصاً في البرنامج، وبقي منهم أحد عشر، يقول مارك بورجريفن من مجلس إدارة شركة "برايس ووترهاوس كوبرز": "هؤلاء الأشخاص يمكنهم فعلاً فعل شيء ما.. هؤلاء أشخاص متعلمون تعليماً عالياً (..) هذا مفيد جداً لنا". 

تقول نيكول بوتجر، رئيسة قسم "التنوع" في بنك "ABN Amro": "يهدف البنك إلى أن يكون لديه 20 من حاملي تصريح الإقامة سنوياً"، لذلك ينظم البنك فعاليات يتمكن فيها اللاجئون مع شركاتهم الخاصة من تقديم عرض للعملاء الرئيسيين بحثاً عن مستثمرين، ويتلقى اللاجئون التدريب ودروس اللغة داخل البنك، وتقول بوتغر: "أفضل شيء يحصل هو أننا نمنح اللاجئين مكاناً حتى يتمكنوا من المشاركة في المجتمع".  

"كسر الصورة النمطية"

السورية لمى نور الله (43 عاماً) التي تنحدر من مدينة حلب، تعمل في قسم ائتمان الشركات في بنك "ABN Amro" منذ أيار من العام الماضي، وتقول: "كنت أعلم أننا سنبدأ بداية جديدة تماماً"، مضيفة "لكنني لم أتوقع أني سأبدأ من تحت الصفر". 

في سوريا، كان لديها عمل جيد في المحاسبة ومنزل في حلب ومنزل على البحر، زوجها فلسطيني سوري لذلك لم يكن لديه هو وبناتهما جواز سفر في سوريا، بحسب الصحيفة الهولندية. وهربوا من الحرب في سوريا إلى لبنان، كانت لمى حينها تعمل، وهرب زوجها عن طريق البحر إلى أوروبا وتبعته لاحقاً مع بناتهما.

اقرأ أيضاً: "رثاء"..فيلم لهولنديين عن طفل سوري رفضت هولندا لجوء أسرته فانتحر

عندما وصلت لمى إلى هولندا، حصلت على الإعانة الاجتماعية المالية الشهرية "الأوتكيريغ"، وتقول لمى "لا يعرف الكثير من الهولنديين أنه ليس لدينا خيار، لقد اعتقدوا أننا جئنا إلى هنا خصيصاً للحصول على الإعانة المالية".

وتضيف: "كان كسر الصورة النمطية هو الجزء الأصعب بالنسبة لي، لقد تم وضعنا في صندوق واحد تحت مسمى (اللاجئين)"، وتقول "ظللت أقول: أنا إنسان ولست مجرد لاجئ.. انظر إليّ وإلى التجربة التي أجلبها". وبحسب الصحيفة احتاجت لمى "الإعانة الاجتماعية" فقط لبضعة أشهر حتى وجد زوجها وظيفة.

لمى الآن "مطورة أعمال" في بنك "ABN Amro" وتقول "كنت أبحث عن فرصة عادلة، وحصلت عليها هنا، سمعت عن برنامج للتوظيف في البنك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي (..) كان هذا بالضبط ما كنت أبحث عنه.. أنا سعيدة جداً وأتعلم كل يوم". 

تقول لمى إنها فخورة ليس فقط لأنها جزء من بنك "ABN Amro"، فهي فخورة أيضاً بأطفالها، بدأت ابنتها الكبرى في دراسة العلوم الصيدلانية، والاثنتان الأخريان تدرسان في مرحلة ما قبل الجامعة، وتمتلك العائلة الآن منزلاً في مدينة هيرهوغوفارد، ولدى بناتها الآن غرفهن الخاصة مرة أخرى تماماً كما كان من قبل. 

يذكر أن السلطات في هولندا أعلنت أن أكثر من 5.500 لاجئ سوري تقدموا بطلبات لجوء في هولندا، خلال العام الماضي فقط، وسط انتظار أعداد كبيرة منهم فترات طويلة للحصول على تصاريح إقامة ولم شمل أسرهم بسبب إجراءات الحكومة الهولندية الصارمة للحد من انتشار فيروس كورونا. 

اقرأ أيضاً: أكثر من 5500 سوري بينهم 446 قاصراً وصلوا إلى هولندا العام الفائت