icon
التغطية الحية

"رثاء"..فيلم لهولنديين عن طفل سوري رفضت هولندا لجوء أسرته فانتحر

2021.01.26 | 05:57 دمشق

latlat.jpg
عائلة علي في مركز اللجوء- الطفل علي (صحيفة BN DeStem)
هولندا - ترجمة وتحرير أحمد محمود
+A
حجم الخط
-A

يسعى هولنديون إلى إنتاج فيلم يروي قصة طفل سوري انتحر الصيف الماضي في أحد مراكز اللجوء في هولندا، بعد رفض طلب لجوء عائلته من قبل السلطات الهولندية.

القصة بدأت في نهاية شهر تموز الماضي، حين انتحر الطفل السوري "علي الغزاوي" (14 عاماً) في مركز طالبي اللجوء في بلدة "خلزة" الواقعة جنوبي هولندا، بعد أن رفضت دائرة الهجرة والتجنيس في البلاد منح عائلته تصريح إقامة، فضاقت الدنيا في عيني علي الذي كان يشاهد الحزن واليأس في عيون والديه وإخوته.

"حلم" علي

كان علي يحلم أن يصبح جراح قلب في المستقبل، ليعالج قلوب الأطفال، ولكن عندما رُفض طلب لجوئه في هولندا، لم يستطع تحمل ذلك وقرر إنهاء حياته وترك عائلته يائسة بعد رحيله.

اقرأ أيضاً: هولندا تستقبل لأول مرة دفعة من اللاجئين السوريين من اليونان

عائلة الغزاوي التي تنحدر من درعا جنوبي سوريا، هربت من سوريا منذ أكثر من 9 سنوات، لجأت في البداية إلى لبنان حيث أمضت 5 سنوات في أحد المخيمات، ومن هناك سافرت إلى إسبانيا حيث حصلت على تصريح إقامة.

"لكن المكان الذي سكنوا فيه في مدينة مورسيا كان غير صالح للسكن.. غرفة لا يوجد فيها حتى نافذة"، بحسب والد علي، أحمد الغزاوي، الذي أضاف أنه "من المستحيل أن تقيم فيه عائلة مكونة من ثمانية أفراد"، فقرروا تقديم طلب لجوء إلى هولندا، بحسب صحيفة "الخمين داخبلاد" الهولندية.

بيد أن محاولة العائلة بالحصول على اللجوء في هولندا، فشلت لأن لديهم تصريح إقامة في إسبانيا. ولدى عودتهم إلى إسبانيا، أبلغتهم السلطات الإسبانية بأن تصريح إقامتهم لم يعد سارياً وأن عليهم العودة إلى هولندا. 

وفقاً لوالديه، لدى علي ذكريات سيئة في إسبانيا حيث اضطرت العائلة للنوم في الشارع لبعض الوقت، وعاملت الشرطة الأطفال بعدوانية.

اقرأ ايضاً: هولندا تؤكد عدم تغيير سياستها في حماية اللاجئين السوريين

في عام 2019، حاول علي الانتحار لأول مرة، إلا أن والده تمكن من إنقاذه، وتبع ذلك محادثات مع أطباء في رعاية الصحة النفسية، لكن حالة الصبي كانت تزداد سوءاً، إلى أن قرر إنهاء حياته منتحراً في مركز اللجوء الهولندي، وسط صدمة وحزن عائلته.

فاطمة (13 سنة) أخت علي، كتبت كل ما حصل مع عائلتها خصوصاً ما جرى مع أخيها علي في رسالة مؤثرة وصلت إلى الفنانة الهولندية "كلوديت فان دي راكت" التي تأثرت بشدة بعد قراءتها مضمون الرسالة.

الفنانة الهولندية، وهي زميلة فاطمة في العمل الفني، تنتمي إلى مؤسسة "فرولكهايد"، التي تجمع الفنانين والمقيمين من طالبي اللجوء للعمل ضمن اختصاصاتهم، ومشاركتهم الأنشطة الفنية.

كما تشارك كلوديت أيضاً في مؤسسة "Cultuurkantine" التي تربط الأطفال المعرضين للخطر مع الفنانين، في مشروع "رفاق الفن".

مستقبل مجهول

الرسالة، بحسب كلوديت، بسيطة ورصينة ولذلك كانت مؤثرة جداً. في بعض جوانب الرسالة ترسم فاطمة كيف عاشت الأسرة لسنوات بين الأمل والخيبة، كيف تغيرت الأحلام مراراً وتكراراً، وكيف بات المستقبل مجهول المعالم. 

وأنهت فاطمة قصتها بأمنية قالت فيها إنها "تود أن يعرف الجميع قصة عائلتها، وكنت أرغب في تحقيق هذه الأمنية. ولكن كيف؟".

اقرأ أيضاً: البرلمان الهولندي يتحرك ضد "الشبيحة" بين اللاجئين السوريين

وتجسدت الإجابة في مكالمة هاتفية من المخرج "ألكسندر موست" الذي أعرب عن استعداده لتحقيق تلك الأمنية، عبر إنجاز فيلم يتناول قصة علي، وفق كلوديت.

ومنذ ذلك الوقت، بدأ فنانو منظمة "فرولكهايد" (ومعظمهم من مدينة بريدا)، بإنجاز مشروع خاص في مركز إيواء اللاجئين في "خلزة" مع المقيمين داخل المركز بمن فيهم عائلة فاطمة.

"نجوم علي"

بتوجيه من الفنانة "هيلين فيرجوين"، تقول كلوديت، تم تصميم منزل مستوحى من روح علي، تخليداً لذكراه. وسيكون مبنى صغيراً على شكل ماسة، بسقف زجاجي يمكن من خلال سقفه رؤية النجوم. 

وتضيف أن الأطفال بإمكانهم اللعب في المنزل داخل مركز اللجوء، عندما يصبح المنزل جاهزاً. حيث "يمكنهم الرقص وتأليف الموسيقا، والرسم، والكتابة، أو النظر إلى النجوم من خلال السقف الزجاجي، مثلما أحب علي أن يفعل" بحسب تعبير كلوديت.

بهذه الطريقة يمكن للأطفال أن يستمتعوا في "بيت نجوم علي" بما يتناسب مع حلمه الذي أراد من خلاله معالجة قلوب الأطفال، وهكذا يصبح مكاناً للأمل.

فيلم "رثاء"

جنباً إلى جنب مع كلوديت، جاء ألكساندر موست بفكرة فيلم تدور قصته حول فاطمة كخيط مشترك بالتزامن مع عملية إنشاء المنزل من قبل سكان مركز اللجوء وعائلة علي والفنانين الهولنديين، بحسب صحيفة "BN DeStem" الهولندية.

وسيتم إنتاج الفيلم دون دعم من أي شركة، وإنما من خلال تبرعات الناس الذين يرغبون بتمويل المشروع، وذلك عبر رابط موقع "لأجل الفن" الذي كُتب فيه أن "الفيلم سيروي أكثر من مجرد قصة مؤثرة عن صبي استسلم لليأس وانتحر".

وذكر القائمون على المشروع أنهم تمكنوا من جمع أكثر من 7 آلاف يورو حتى الآن، من التبرعات لإنتاج الفيلم، بحسب ما ورد في موقع "لأجل الفن".

 وختمت كلوديت بالقول إن الفيلم "سيكون مليئاً بالأمل والثقة والنور"، مشيرة إلى أنه سيعرض لأول مرة في آذار المقبل، خلال ليلة الثقافة في مدينة "بريدا"، ولاحقاً سيتم عرضه في المهرجانات.