icon
التغطية الحية

الأسعار في صعود والبيع متوقف تزامناً مع انهيار الليرة السورية

2023.07.10 | 16:31 دمشق

سوق الحميدية في دمشق
سوق الحميدية في دمشق ـ رويترز
دمشق ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

بدأت معالم الحيطة والحذر والتخبط تظهر على الأسواق في دمشق، عقب اقتراب سعر صرف الليرة السورية من 10 آلاف دولار أميركي، إضافةً إلى قيام بعض التجار بـ"شلف" الأسعار نحو الأعلى، كما وصف متسوقون، مستغلين الانهيار الذي أصاب الليرة.

عاشت العاصمة دمشق خلال الفترة الماضية حالة من عدم اليقين بخصوص قيمة الليرة المتهاوية بشكل متسارع منذ انتهاء عطلة عيد الأضحى دون أي تصريح أو توضيح رسمي من حكومة النظام أو وعد بالتدخل.

في سوق الحريقة، أغلقت عدة محال تجارية أبوابها منتصف نهار الأحد لانحدار سعر الليرة، ما أثار مخاوفهم من أن تهوي إلى 10 آلاف لكل دولار ما سيسبب لهم خسائر ضخمة في حال البيع على التسعيرة القديمة.

إغلاق وتوقف عن البيع

يقول أحد تجار الحريقة لموقع تلفزيون سوريا "بعد قيام عدة محال بإغلاق أبوابها وخاصةً الذهب، أجبرت دوريات في المكان باقي المحال على الاستمرار بالعمل ومنعتهم من الإغلاق" مشيراً إلى أن "من بقي يعمل لم يبع شيئا تجنباً للخسارة".

يقوم تجار الأقمشة في الحريقة وبائعو الذهب وغيرهم من باعة المستلزمات الكهربائية والإكساء، بضرب أسعار سلعهم ومنتجاتهم بسعر الصرف الراهن عند شراء الزبون، وعند تسارع انهيار الليرة لا يمكنهم ضرب السعر كل ساعة وخاصةً عند الانخفاض بقفزات كبيرة كما حدث يوم الأحد حيث وصل سعر الصرف إلى 9700 ليرة للدولار في دمشق و9900 في حلب.

حتى بائعو المنظفات والدخان و"الماكياج" ومحال سوق الكهرباء أصابهم الارتباك. يقول نسيم وهو يعمل في تركيب منظومات الطاقة الشمسية، إنّ أغلب المحال توقفت عن بيع البطاريات والألواح الشمسية بحجة أن الكميات التي لديها انتهت ونقلوها إلى المستودعات، في حين من بقي يبيع استغل الظرف ورفع أسعاره بين 75 – 150 ألف ليرة.

نصح نسيم زبائنه بالانتظار حتى نهاية الأسبوع ليتبين إلى أي حد سيستمر انخفاض قيمة الليرة، فمن يريد تركيب طاقة شمسية ليس مضطراً عليها هذا اليوم، لكن المدخنين والمضطرين لشراء المنظفات لا يمكنهم التأجيل، حيث رفعت بعض المحال أسعار الدخان بين 500 – 1000 ليرة، إضافةً إلى  توقف تجار الغذائيات بالجملة مثل القهوة والشاي والزيت، عن التوزيع بحجة اقتراب صدور أسعار جديدة.

سبب الانخفاض

عندما يستشعر التجار والبعض من ذوي الملاءة بدء انهيار جديد لليرة، يتجهون فوراً للتخلص من الليرات التي بحوزتهم عبر شراء الدولارات ما يزيد من انخفاض قيمة الليرة بظل المخاوف وعدم اليقين، بينما يهرع آخرون لشراء مستلزمات المنزل لنهاية الشهر إن كانوا يملكون ما يكفي من ليرات، تحسباً من التضخم السعري القادم، وفقاً لما استطلعه الموقع.

تدور شائعات بين الأوساط الشعبية بأن الانخفاض سيستمر حتى يصل سعر الليرة إلى 10 آلاف وأكثر بقليل، وسيتزامن ذلك برفع أسعار المشتقات النفطية قبل رفع الرواتب، وتشير الشائعات إلى أن سبب كل هذا التدهور هو الحديث عن وجود نية لرفع الرواتب مع بداية الشهر القادم وعزم الحكومة تغطية هذه الزيادة بخفض قيمة العملة.

لكن بعض الاقتصاديين الذين التقاهم الموقع، أكدوا أن الأسباب متشابكة دون إهمال سبب التوجه لرفع الرواتب، ومنها عدم وجود أي تقدم بملف المصالحة العربية حيث لم تقدم الحكومة السورية أي خطوات ضمن مبدأ الخطوة مقابل خطوة في المبادرة العربية، ما أغلق الأفق السياسي للحل وأنهى الأمل بالمساعدات الاقتصادية لإنعاش السوق، إضافةً إلى دخول قانون الكبتاغون حيز التنفيذ الشهر الماضي الذي يجفف مصادر القطع الأجنبي لسوريا.

ومن الأسباب المطروحة أيضاً، هي رفع سعر الحوالات رسمياً ما يجبر المركزي على ضخ ليرات سورية أكثر في السوق ويزيد من معروضها، إضافةً إلى طبع 5  آلاف  ليرة جديدة على أنها فقط تحمل ميزات أمنية أفضل، إلا أنها في الحقيقة جاءت لتغطية العجز، على حد تعبير البعض.

عضو مجلس الشعب محمد زهير تيناوي، قال لصحيفة الوطن المقربة من النظام إنه ليس هناك مبررات أو أسباب واضحة لارتفاع  سعر صرف الدولار في السوق المحلية خاصة أنه وصلت للبلد كتلة جيدة من الحوالات بالقطع الأجنبي خلال فترة عيد الأضحى الماضي، مخففاً من احتمالات المضاربة في السوق المحلية على الدولار لأن معظم المنابع الأساسية لليرة السورية شبه مضبوطة، لكنه رجح احتمال ارتفاع الطلب على الدولار مؤخراً تبعاً لارتفاع معدل المستوردات أو التهريب، على حد تعبيره.

لكن الخبير الاقتصادي عامر شهدا، رد عليه عبر صفحته الشخصية في فيس بوك، قائلاً إن "هناك تراجعاً في الحوالات الواردة من الخارج، لأن المغتربين السوريين الذين جاؤوا إلى سوريا مؤخراً سلّموا الحوالات لعائلاتهم باليد، ثم سارعت السوق السوداء لرفع سعر الدولار للاستحواذ على أكبر كمية من الحوالات التي سلمت باليد، فقام المركزي برفع سعر الحوالات 300 ليرة لكن بعد فوات الأوان".

وأضاف شهدا، أن رفع سعر المشتقات النفطية قبل العيد وبعده "دون دراسة وبشكل اعتباطي أدى إلى زيادة عرض الليرة السورية وهذا الرفع حصدت نتائجه السوق السوداء"، مشيراً إلى أن "أسباب انخفاض قيمة الليرة السورية هي القرارات غير المدروسة وغياب السياسات والعمل بإطار فكر تقليدي بعيد كل البعد عن ما تتطلبه حلول المشكلات الاقتصادية الناتجة عن إدارة فاشلة وقرارات حكومية غوغائية".