الأسد إذ يعاقب العروبة

2023.08.17 | 06:39 دمشق

الأسد إذ يعاقب العروبة
+A
حجم الخط
-A

شن الأسد هجوما عنيفا على العرب والجامعة وتركيا، واعتبر أن العرب هم يعودون إلى سوريا وليست سوريا من عادت إلى الجامعة، وقال الأسد إن "العلاقة مع الدول العربية ستبقى شكلية، والجامعة العربية لم تتحول إلى مؤسسة بالمعنى الحقيقي، أما العلاقات العربية – العربية فهي علاقات شكلية، نحب الخطابات والبيانات واللقاءات الشكلية، مشكلة العرب أنهم لم يبنوا العلاقات على مؤسسات؛ لذلك لم يبنوا مؤسسات، وإذا تحدثنا عن العلاقات الثنائية فهي ضعيفة لهذا السبب والعلاقة الجماعية عبر الجامعة العربية لأن الجامعة العربية لم تتحول إلى مؤسسة بالمعنى الحقيقي هذا هو ما نراه وهذا ما نأمل من أن نتمكن من تجاوزه".

كان متوقعا جداً ما قاله الأسد فهو لم يكن يوما جزءا من المجموعة العربية أو يفكر بوطنه سوريا حتى يفكر بالعروبة أو يؤمن بها، الأولوية الأولى والأخيرة له هي البقاء في الحكم مهما كان الثمن، ومهما كانت التكلفة على الشعب السوري أو على العرب، لا يهم، يصبح العرب جيدين إذا ساعدوه في تحقيق مهمته هذه، ولكنهم يصبحون سيئين ومتخلفين عندما لا يساعدونه في القيام بمهمته هذه التي هي غايته العليا.

ليس لدي شك أن العواصم العربية التي طبعت معه ربما صدمت من هذا المستوى ولو أنها تعاملت معه وتعرف مستواه الفكري والعقلي، وتكوينه النفسي الذي يعكس إنسانا مريضا غير قابل أو قادر على التعلم

في الحقيقة لم أستغرب أبدا هذا الخطاب فهو اعتاد على هذا النوع من الانتقادات الجوفاء التي تعكس دوما عدم الخبرة والنرجسية، أو بالأحرى المرض الشخصي الذي يعاني منه ويؤثر على طريقة حكمه واتخاذه القرار المناسب.

ليس لدي شك أن العواصم العربية التي طبعت معه ربما صدمت من هذا المستوى ولو أنها تعاملت معه وتعرف مستواه الفكري والعقلي، وتكوينه النفسي الذي يعكس إنسانا مريضا غير قابل أو قادر على التعلم رغم بقائه في الحكم أكثر من 23 عاما، الشيء ذاته يتكرر عند استماعنا لفلسفته عند حديثه عن المعارضة وفلسفته لفهم المعارضة "إن المعارضة التي يتم الاعتراف بها هي المعارضة المصنّعة محلياً لا المصنعة خارجياً، المصنعة محلياً يعني أن تمتلك قاعدة شعبية، وبرنامجاً وطنياً، ووعياً وطنياً". "المعارضة هي شيء طبيعي نحن بشر ونختلف بالآراء في المنزل الواحد، فكيف لا نختلف على مستوى الوطن تجاه الكثير من القضايا". "كلمة خارج لا تعني السوء، قد يكون معارضاً داخلياً ومرتبطاً بالخارج، وقد يكون معارضاً بالخارج ولكنه مرتبط بالوطن، فالقضية ليست لها علاقة بالخارج والداخل، لها علاقة بأين تكمن انطلاقتك من الشعب أم من المخابرات الأجنبية هذا هو السؤال فقط".

هذه التعريفات الجوفاء ذاتها عندما تحدث عن "السيارة البيضاء والسيارة الحمراء" عام 2000 وكأنه لم يتعلم حرفا واحدا في طريقة تعبيره عن القضايا أو الأشياء، كلها فلسفة عدمية بدون قيمة أو معنى وكل ما يبحث عنه هو الكذب وعدم إعطاء أجوبة عن السياسات والقرارات التي أوصلت سوريا إلى ما هي عليه اليوم.

 

المشكلة أن شعب سوريا بأكمله دفع ويدفع ثمن وجود شخص بمثل هذا الإمكانيات على رأس الحكم، ليس ذلك فحسب وإنما يملك طاقة من الشر يندر الأشخاص التي يحملونها في هذا العالم

 

المشكلة أن شعب سوريا بأكمله دفع ويدفع ثمن وجود شخص بمثل هذا الإمكانيات على رأس الحكم، ليس ذلك فحسب وإنما يملك طاقة من الشر يندر الأشخاص التي يحملونها في هذا العالم، حتى استطاع أن يضع كل هذا الألم على الشعب السوري الذي هو ثلاث أنواع، متسول بالداخل ونازح في مناطق المعارضة ولاجئ خارج سوريا، هذا هو الشعب السوري اليوم الذي يعيش البؤس في أشقى أيامه بسبب بقاء عائلة الأسد في الحكم على مدى نصف قرن من الزمان، وأكثر من عقد من الزمان في حكم هذا الأسد الابن الذي دمر سوريا وشعبها ولم يتورع عن قصف أبناءها بالبراميل المتفجرة والسلاح الكيماوي أكثر من 38 مرة من أجل البقاء في الحكم.

هذا الحوار هو درس لكل القادة العرب الذي قرروا إعادة مجرم مثل الأسد إلى مقعد سوريا في الجامعة التي خسرت الكثير من قيمها وربما استحقت ما قاله الأسد عنها.