icon
التغطية الحية

اسم في ذاكرة الرعب.. علي دوبا قبضة حافظ الأسد المخابراتية لـ 26 عاماً

2023.06.21 | 12:17 دمشق

آخر تحديث: 21.06.2023 | 18:41 دمشق

اسم في ذاكرة الرعب.. علي دوبا قبضة حافظ الأسد المخابراتية لـ 26 عاماً
علي دوبا
إسطنبول - عبد الناصر القادري
+A
حجم الخط
-A

توفي العماد علي دوبا، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السورية السابق في عهد حافظ الأسد، كأحد أبرز الأسماء التي كانت تثير الرعب في نفوس السوريين لأكثر من 26 عاماً في المنصب الاستخباري.

علي دوبا

رافق علي دوبا حافظ الأسد في مشواره بالصعود إلى السلطة منذ البدايات، حيث كان أصغر من حافظ الأسد بنحو 4 سنوات، وتخرجا في الكلية العسكرية نفسها بحمص.

ساهم دوبا في حماية النظام السوري منذ تسلم البعث الحكم في انقلاب آذار عام 1963، ثم دعم انقلاب حافظ الأسد أو ما يسمى بـ"الحركة التصحيحة" عام 1970.

ولعب دوبا دوراً أساسياً في التمكين لحكم الأسد الأب خصوصاً بالفترة الأولى عبر سحق كل معارضيه، بمن فيهم جماعة الإخوان المسلمين، ومحاولة انقلاب شقيقه رفعت الأسد.

علي دوبا

بدايات بعثية

ولد علي عيسى دوبا عام 1933، لعائلة صغيرة من قبيلة المطورة العلوية في قرية قرفيص في قضاء جبلة بريف اللاذقية، وانضم إلى حزب البعث في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي في أثناء دراسته الثانوية، وكانت تلك الفترة بدايات لقائه مع حافظ الأسد.

التحق دوبا بالجيش السوري عام 1955 وأصبح نائب رئيس الأمن الداخلي في فرع دمشق لمديرية المخابرات العامة بعد خمس سنوات.

 شغل منصب الملحق العسكري في السفارة السورية في بريطانيا العظمى بين عامي 1964 و1966، ثم أوفد إلى بلغاريا بين عامي 1967 و1968.

عاد دوبا إلى سوريا بعد خسارة سوريا للحرب مع "إسرائيل" في نكسة عام 1967، حين كان حافظ الأسد وزيراً للدفاع، وسُلم منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في محافظة اللاذقية.

قبل أن يقوم حافظ الأسد بانقلابه العسكري جمع حوله الكثير من أنصاره، وبالفعل كان دوبا من أبرز القيادات العسكرية التي ساهمت بنجاح الانقلاب، حيث عينه رئيساً لشعبة المخابرات العسكرية في دمشق بتشرين الثاني عام 1970.

بعد عام واحد عينه حافظ الأسد نائباً لرئيس شعبة المخابرات العسكرية في سوريا، والتي كان يرأسها حكمت الشهابي.

مع زيادة التحديات ومعارضة حافظ الأسد في سبعينيات القرن الماضي، قبل النقابات المدنية وجماعة الإخوان المسلمين وغيرها، عين حافظ الأسد علي دوبا رئيساً لشعبة المخابرات العسكرية عام 1974، وساهم في إسكات العديد من الأصوات المدنية عبر الملاحقات والاعتقالات.

وفي عام 1978، انتخب عضواً في اللجنة المركزية للفرع الإقليمي السوري لحزب البعث العربي الاشتراكي، ورقي إلى رتبة لواء عام 1981.

علي دوبا

"سحق معارضي حافظ الأسد"

كانت تحركات الإخوان المسلمين في مدينة حماة، التحدي الأكبر أمام حافظ الأسد ومن خلفه أقوى جهاز استخباري بالبلاد بقيادة علي دوبا، فقد كانت الاستخبارات العسكرية تراقب جميع تحركات القطع العسكرية والفرق والضباط وصف الضباط، في نظام قوامه الأساسي بني على العسكر وقوات المخابرات التي تصب جميعها عند حافظ الأسد.

شارك علي دوبا وقوات فرعه من شعبة المخابرات العسكرية في مجازر حماة بشهر شباط 1982، إلى جانب سلسلة الاعتقالات والمواجهات التي حصلت في حلب وجسر الشغور والعديد من المدن السورية لملاحقة المنتسبين للجماعة وأقاربهم ومعارفهم وحتى جيرانهم.

في 13 تشرين الثاني 1983 نقل حافظ الأسد إلى المستشفى إثر أزمة قلبية تعرض لها. وقام بتشكيل لجنة سداسية لإدارة الشؤون الداخلية للبلاد ضمت في عضويتها وزير الدفاع مصطفى طلاس، ورئيس الأركان حكمت الشهابي، ووزير الخارجية عبد الحليم خدام، والأمين العام المساعد للقيادة القومية لحزب البعث عبد الله الأحمر والأمين العام المساعد للقيادة القطرية زهير مشارقة، ورئيس الوزراء عبد الرؤوف الكسم أمضى الأسد أسبوعين في المستشفى إضافة إلى فترة نقاهة استمرت عدة أسابيع أخرى. وكان أول ظهور علني له على التلفزيون السوري في 27 تشرين الثاني.

خلال فترة مرض حافظ الأسد تفاقم التوتر بينه وبين شقيقه رفعت الذي حاول الانقلاب على أخيه بعد عدم تعيينه في اللجنة السداسية لقيادة البلاد رغم أنه عضو في القيادة القطرية، وقد وصل الخلاف بين حافظ الأسد وشقيقه إلى ذروته عبر إنزال الدبابات إلى شوارع العاصمة مدعوماً بقرابة 20 ألف عنصر مدججين بالسلاح.

 

حافظ الأسد ومصطفى طلاس ورفعت الأسد

 

أجنحة الأمن القوية

وعن تلك الحادثة قالت صحيفة "إندبندنت" البريطانية، كان علي دوبا واحداً من ثلاثة من رؤساء الأمن والاستخبارات، إضافة إلى علي حيدر (قائد الوحدات الخاصة) ومحمد خولي (مدير المخابرات الجوية)، مع مسؤوليات متداخلة في كثير من الأحيان، وكان الرئيس يثق بهم ضمنياً، خاصة في تلك المحاولة الانقلابية التي قادها رفعت.

دعا الرئيس رؤساء المخابرات الثلاثة هؤلاء لكبح جماح أخيه، واستمرت المناوشات بين الطرفين نحو 5 أشهر عين على إثرها رفعت الأسد نائباً للرئيس، إلى أن تم إبعاده إلى خارج البلاد مقابل صفقة مالية ضخمة ما زالت طي الكتمان حتى اليوم.

في عام 1985، كلف حافظ الأسد علي دوبا بملف لبنان خلال الحرب الأهلية إلى جانب حكمت الشهابي وغازي كنعان.

في كانون الثاني عام 1993 تمت ترقية دوبا إلى رتبة فريق وعين نائباً لرئيس الأركان العامة، إضافة إلى دوره كرئيس للمخابرات العسكرية.

علي دوبا

إنهاء خدمات

وفي عام 1999 خلال فترة التجهيز لتوريث بشار الأسد الجمهورية السورية، بدأت مراحل إبعاده وقصقصة أجنحته، في ظل مخاوف من أنه قد يكون منافساً لمنصب الرئاسة، إلى أن أحيل للتقاعد في شباط من عام 2000 قبل وفاة حافظ الأسد بعدة أشهر.

بقي دوبا مقيماً في سوريا خلال حكم بشار الأسد، مع استمرار بعض من نفوذه في الدولة عبر أبنائه وأقاربه الذين كان لهم حضور بارز في ملفات الفساد الاقتصادي بسوريا خلال العقد الأول من حكم بشار.

علي دوبا

واجهة اقتصادية

بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، ومع القمع الدموي الذي قاده النظام السوري ضد المتظاهرين، فرض الاتحاد الأوروبي سلسلة من العقوبات على رجالات النظام الأمنيين والعسكريين شملت تجميد أصول "علي دوبا" رغم أنه كان خارج المنصب منذ 11 عاماً.

بعد تجميد أصوله بدأ علي دوبا بتسليم ثروته لابنه سامر دوبا بعد اختفاء شقيقه الأكبر محمد دوبا في مدينة اللاذقية في أيار 2012 في ظروف غامضة.

ساهم سامر دوبا في تأسيس شركة أمانة خير سوريا، وهو المدير العام والشريك المؤسس لشركة كواليس، والمدير العام والشريك المؤسس لشركة زحل، وساتورن لخدمات الدعاية والإعلان.

تشكل هذه الشركات، التي تأسست بالغالب في التسعينيات، وهي واجهة تجارية تهدف إلى تغطية المصادر غير المشروعة للثروة التي يديرها سامر نيابة عن والده الفريق علي دوبا، والتي جمعها على مدار ربع قرن قاد فيه المخابرات العسكرية، بحسب موقع "برو جاستيس" (مع العدالة).

أسس علي دوبا دولة داخل الدولة وكسب رزقه من الفساد والابتزاز والشراكات القسرية مع رجال الأعمال، بالإضافة إلى أموال النفط التي كان بإمكانه الوصول إليها من خلال قيادة أخيه للمؤسسة العامة للبترول لمدة 11 عاماً.

لعب علي دوبا الدور الأهم في تنحية عبد الرؤوف الكسم من رئاسة الوزراء وتنصيب محمود الزعبي مكانه. الزعبي كان مطيعاً لدوبا الذي كان ينشط خلال هذه الفترة في تهريب المستلزمات والسلع الاستهلاكية والإلكترونيات ومواد البناء من لبنان. كما شارك في تجارة الأسلحة، وجمع ملايين الدولارات من خلال الرشوة والفساد. ثم قام بإيداع هذه الأموال في البنوك الأوروبية.

بعد شراكات وثيقة مع رامي مخلوف ومفلح الزعبي (ابن محمود الزعبي) لتهريب النفط العراقي مع ماهر الأسد ومرؤوسي ماهر خالد قدور ومحمد وأيمن جابر وآخرين، أنشأ علي دوبا أعمالاً خاصة. من خلال ابنه سامر، الذي عمل كواجهة تجارية لإدارة الأموال القذرة التي جمعها والده خلال فترة قيادته للمخابرات العسكرية.