أنقرة ودمشق.. شروط العلاقة

2022.02.27 | 05:24 دمشق

1058952694_0_0_3182_2048_1440x900_80_0_1_94ec8ac579e21ab2f97c4fbb950349b4.jpg
+A
حجم الخط
-A

النظام السوري يريد إعادة العلاقات مع تركيا، هذا ما صرح به وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، خلال كلمة له في المؤتمر الشرق أوسطي لمنتدى "فالداي" للحوار في موسكو يوم الإثنين الماضي. وقال إن ذلك ممكن الحدوث لكن بشروط محددة، "أولاً، نطالب الحكومة التركية بسحب قواتها من الأراضي السورية، وثانياً، الكف عن دعم الإرهابيين وحرمان السكان السوريين من الموارد المائية، وثالثاً، بناء علاقات معنا على أساس الاحترام المتبادل". وأكد المقداد أنه "إذا التزمنا بهذه النقاط، فيمكن أن تتحسن علاقاتنا"، وفق ما نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية.

يكشف حديث المقداد عن أن مسألة إعادة العلاقات بين النظام وأنقرة باتت مطروحة، ومن هنا لا يمكن أخذ تصريحه بخفة. وعلى اعتبار أنه ينطق بلسان غيره، ويريد نقل رسالة ما فإنه يقصد ما يعنيه. وهذه إشارة صريحة إلى أنه جرى درس المسألة التي نطق بها، والأهم في الأمر أنه تحدث من موسكو التي تعد طرفا أساسيا في المسألة السورية، وشريكا مع تركيا في عدة تفاهمات من أهمها مسار أستانا. وبالتالي فإن الشروط التي وضعها المقداد تعبر عن موقف موسكو، أو تحوز على تأييدها على الأقل.

من المؤكد أنه في اليوم الذي تنتفي فيه المبررات لن تبقي تركيا جنديا واحدا على الأراضي السورية، وهذا أمر مرتبط بحل للمسألة السورية، تنسحب بمقتضاه كل القوات الأجنبية من سوريا

الشرط الأول هو أن تقوم تركيا بسحب قواتها من الأراضي السورية. وهذا طلب مشروع، لو كان النظام الذي يطالب به شرعيا من جهة، ومن جهة أخرى أن تركيا هي الدولة الأجنبية الوحيدة التي لديها قوات على الأراضي السورية. ومن المعروف أن تركيا لديها مبرراتها للوجود العسكري على الأراضي السورية، وترتبط باتفاقات مع روسيا وإيران بوصف هذه الدول تتشارك في عملية سياسية وأمنية من أجل التوصل إلى حل شامل في سوريا. ومن المؤكد أنه في اليوم الذي تنتفي فيه المبررات لن تبقي تركيا جنديا واحدا على الأراضي السورية، وهذا أمر مرتبط بحل للمسألة السورية، تنسحب بمقتضاه كل القوات الأجنبية من سوريا وأولها القوات الروسية والإيرانية، وتليها الأميركية والفرنسية.

والشرط الثاني هو "أن تكف تركيا عن دعم الإرهابيين"، والمقصود من ذلك الفصائل المسلحة السورية، التي توجد على جزء من الجغرافيا السورية في شمال غربي سوريا، وهي نتيجة للحرب التي شنها النظام ضد السوريين طوال أعوام الثورة، ولم تنشأ بقرار تركي رغم أن بعضها متحالف مع تركيا، وهذه الفصائل مكونة من سوريين على خلاف تلك التي تدعم النظام وتابعة للحرس الثوري الإيراني، والتي جاءت من باكستان وأفغانستان وإيران ولبنان والعراق لتقتل السوريين، وارتكبت مجازر بحق المدنيين وأعمال تهجير وتدمير. ولا يمكن معالجة وضع الفصائل السورية بمعزل عن حل سوري شامل، واللافت أن النظام لم يتطرق هنا إلى نحو أربعة ملايين لاجيء سوري استقبلتهم تركيا بعد أن هجّرهم النظام، وبالتأكيد تشكل عودة هؤلاء إلى ديارهم أحد شروط إعادة العلاقات، فلا يمكن بناء علاقات سليمة في ظل بقاء هؤلاء على الأراضي التركية، وخاصة أن هناك مطالبات من طرف بعض القوى التركية بإعادتهم إلى بلدهم.

أما الشرط الثالث فهو مطالبة تركيا لبناء علاقات مع النظام "على أساس الاحترام المتبادل". وهذا طلب مشروع وعادي بين الدول ذات السيادة، ولا علاقة له بالعواطف أو اختلاف الأنظمة السياسية. ورغم أن تركيا قطعت علاقتها بالنظام لأسباب سياسية، فإن ما يحول دون استئناف هذه العلاقة هي أسباب سيادية نابعة من أن النظام ليس سيد قراره وهو لا يحكم سوريا، ولا يقرر، ووجوده شكلي، وتستخدمه روسيا حين تحتاج له من أجل قضاء حاجات بروتوكولية، ومثال ذلك المناورات العسكرية التي أجرتها روسيا في سوريا، ودخول وخروج القوات الروسية إلى سوريا لا تقرره السلطات السورية، بل الروسية، وهناك غياب تام للسلطة السورية في بعض المرافق.

تبدو شروط النظام السوري لإعادة العلاقات مع تركيا خارج السياق، لأن هذا النظام لا يمتلك مقومات تنفيذها من طرفه، لاعتبارات تتعلق بالسيادة قبل كل شيء.