icon
التغطية الحية

أمام مرشح بايدن لوزارة الدفاع فرصة لإصلاح ما خلفه في سوريا

2020.12.11 | 14:06 دمشق

_115928475_gettyimages-488503406.jpg
+A
حجم الخط
-A

تعهدت إدارة بايدن المقبلة بإصلاح السياسات التي أخطأ فيها أوباما وترامب تجاه سوريا. إذ خلال هذا الأسبوع قام الرئيس المنتخب جو بايدن بتعيين وزير الدفاع لديه، وهو جنرال متقاعد من الجيش الأميركي يتمتع بتاريخ طويل تخلله كثير من الأمور الجدلية.

ولكن في حال موافقة مجلس الشيوخ على تعيين الجنرال لويد ج. أوستن في ذلك المنصب، ستصبح أمامه فرصة لإصلاح السياسات السابقة بالإضافة إلى ما خلفه من أمور في تلك البلاد.

اقرأ أيضاً: بايدن يعلن أسماء أبرز أعضاء إدارته الجديدة

فقد كتب بايدن في هذا الأسبوع بأنه قام باختيار أوستن نظراً لسجله الحافل وتاريخه في الشرق الأوسط، حيث أشار إلى أن أوستن أشرف على عملية سحب الجنود الأميركيين من العراق في عام 2011، ومن ثم إعادة نشرهم فيما بعد هناك ليقوموا بمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، ولكنه لم يعرج على ذكر سوريا إلا لماماً.

فقد كتب بايدن بأن أوستن: "هو من هندس ونفذ الحملة التي تمكنت في نهاية المطاف من إلحاق الهزيمة" بتلك الجماعة الإرهابية. إلا أنه عند مواجهة أوستن للسيناتورات ليصدقوا على تعيينه، لابد وأن يشير كثير من الجمهوريين إلى أن لهذه القصة وجه آخر.

اقرأ أيضاً: بايدن يختار أول وزير من أصول أفريقية لمنصب وزير الدفاع

ففي مقطع فيديو انتشر بشكل كبير في واشنطن خلال عام 2015، يظهر أوستن الذي كان حينها يترأس القيادة المركزية وهو يتعرض للتوبيخ والتقريع من قبل جون ماكين الذي كان رئيس لجنة الخدمات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ، وذلك لعدم دعمه للإجراءات التي كانت تهدف إلى حماية المدنيين في سوريا أو لعدم خروجه باستراتيجية قابلة للتطبيق يمكن من خلالها حماية المصالح الأميركية هناك، حيث أخذ ماكين يوجه كلامه لأوستن ويقول: "لم أر بحياتي جلسة استماع منفصلة عن واقع وحقيقة كل خبير من الخارج كالذي أسمعه منك".

ففي تلك الشهادة، اعترف أوستن بأن برنامج تدريب وتسليح الثوار السوريين لدى القيادة المركزية والذي رصد له مبلغ وقدره 500 مليون دولار أميركي لم ينتج عنه سوى أربع أو خمس مقاتلين مدربين ممن نجوا من المعركة الأولى.

وبالنسبة لمن يراقب الوضع في سوريا، كانت سياسة إدارة أوباما التي لم يطبق أوستن سوى أجزاء منها عبارة عن "فشل ذريع" بنظر ماكين.

إلا أن الذنب في ذلك ليس ذنب أوستن، فقد كان يطيع الأوامر ويتبع قيادة أوباما من البيت الأبيض. وكما أشار كثيرون خلال الفترة الماضية، فإن أوستن مشهود له بأنه مدير كفؤ وجندي صاحب ولاء، لم يسبق له أن قدم آراءه أو مصالحه على الأوامر التي يتلقاها.

فيما يعتبر البعض تلك الصفات بأنها نقاط ضعف بالنسبة لشخصية وزير الدفاع، والذي يجب أن تكون لديه رؤية استراتيجية وحنكة سياسية، غير أن أوستن قد يثبت بأنه يتحلى بتلك الصفات أيضاً، إذ في حال تمت المصادقة على تعيينه، ستلوح أمام هذا الرجل وللمرة الأولى فرصة رسم السياسات وليس فقط تنفيذها.

وإذا اختار أوستن أن يتبنى سياسة أكثر حزماً تجاه سوريا (وهذا لا يعني سياسة أكثر عسكرة)، عندها سيجد حليفه الطبيعي في وزير الخارجية أنطوني بلينكين (في حال تمت المصادقة على تعيين بلينكين أيضاً)، فقد أخبرني بلينكين في أيلول الماضي بأن سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا قد فشلت بشكل منهجي في وقف الخسائر المؤسفة في الأرواح هناك، كما قال: "نحتاج للعمل والتصرف بخصوص هذا الأمر".

اقرأ أيضاً: رأيه بسوريا.. 9 أمور عن مرشح بايدن للخارجية الأميركية

درج كثيرون على القول إنه لا يوجد ما نفعله في سوريا، ولكن أوستن يعرف أن هذا غير صحيح، فخبرته الوثيقة بالإشراف على المهمة العسكرية هناك تعتبر مثالية ومناسبة للاستفادة من بضعة مئات من الجنود الأميركيين الذين ظلوا في تلك البلاد وذلك بهدف دعم العملية الدبلوماسية التي تمت إعادة تحفيزها وإطلاقها من جديد برئاسة بلينكين. لكننا لم نعرف بعد إن كان ذلك ما يخطط أوستن للقيام به فعلاً.

وحول هذه النقطة يقول ستيفن هيديمان مدير دراسات الشرق الأوسط في كلية سميث: "نحتاج أن نرى بعض المؤشرات التي تدل على أن أوستن وبلينكين ينحازان لسياسة أميركية تجاه سوريا سيتم تطبيقها مع إدارة بايدن، وهل أوستن على استعداد لدعم الأجندة التي وضعها بلينكين وأعلن عنها".

اقرأ أيضاً: آراء دائرة بايدن "الضيقة" بالملف السوري

فقد أعلن بايدن بنفسه بأن هنالك حاجة لتخفيض تعداد الجنود الأميركيين في سوريا وذلك لحماية المصالح الأميركية، ومصالح الحلفاء وبينهم الكرد. إلا أن بايدن مايزال يحيط نفسه بالكثير من المسؤولين السابقين في إدارة أوباما، كما أنه يرى بأن سوريا تجاوزت مرحلة الإنقاذ وتحولت إلى عنصر تعقيد في القضايا السياسية الأكثر أهمية التي تتصل بالعراق وإيران.

اقرأ أيضاً: بعضهم شغلوا مناصب خلال ولاية أوباما.. من هم فريق إدارة جو بايدن؟

ويعلق السيد هيديمان على ذلك بالقول: "لم يتم حل بعض الصدوع التي حرمت نهج إدارة أوباما من فعاليته".

قانون أوقفوا القتل في سوريا

هذا ويمكن لأوستن وبلينكين أن يحشدا الدعم للقيام بالمزيد في سوريا وذلك عبر التواصل مع من يعارضهم وطلب الدعم منهم. فقد تقدمت لجنة الدراسة الجمهورية وهي مجموعة تضم حوالي 150 نائباً محافظاً بمشروع قانون يوم الخميس يحمل اسم: "أوقفوا القتل في قانون سوريا" والذي يشتمل على لائحة واسعة من الخيارات التي تهدف لحماية المدنيين السوريين، دون الحاجة لإرسال أي جندي أميركي آخر إلى هناك.

وتشمل تلك الأفكار المطروحة فرض عقوبات على كل المسؤولين السوريين الذين تورطوا بتعذيب المدنيين في السجون، وعقوبات على أي كيان ينتمي إلى دولة ثالثة ويمارس أي نشاط تجاري مع نظام الأسد، إلى جانب فرض إجراءات جديدة لمنع تمويل الأسد أو التطبيع معه. وفي الوقت ذاته، يقترح مشروع القانون هذا تقديم حوافز اقتصادية للسوريين الذين يعيشون خارج حكم الأسد وذلك للتخفيف من معاناتهم مع حرمان النظام من الاستفادة من ذلك.

إلا أن بايدن لم تعجبه الأفكار التي تقدمت بها تلك اللجنة، والتي تشمل إبعاد الأسد عن السلطة. إلا أن فريق بايدن قد يستعين ببعض تلك المقترحات لدعم وتمتين النفوذ الذي حققته الولايات المتحدة بهدف زيادة الضغط على الأسد حتى يعود إلى العملية الدبلوماسية التي يمكن لواشنطن أن تمارس نفوذها وقوتها معها.

إن السياسة الصادقة تجاه سوريا هي تلك التي تعترف بأن حماية المدنيين وتوجيه دفعة دبلوماسية جديدة تصب كلها في المصلحة الأخلاقية والاستراتيجية لبلادنا. ثم إن أوستن رجل محترم وشريف وعليه اليوم أن يرسم مساره ويحدد اتجاهاته وأن يقدم لبايدن تقييماً صادقاً وصريحاً، لا يذكر فيه ما الذي يريد منه مستشارو أوباما القدامى أن يقوله لبايدن، وهنا يكمن الفرق بين أن تكون جنرالاً جيداً، وأن تكون وزير دفاع جيد.

المصدر: واشنطن بوست