icon
التغطية الحية

أسعار المواد الغذائية في سوريا ترتفع والحجة هذه المرة الحرائق

2020.10.16 | 14:04 دمشق

1_69.jpg
أسعار المواد الغذائية في مناطق سيطرة النظام -(انترنت)
اسطنبول - حسام جمّال
+A
حجم الخط
-A

"الحرائق في الساحل وكُوينا بنارها في حلب" بهذه الكلمات وصفت فاطمة الواقع الذي يعيشه أهالي مدينة حلب في ظل ارتفاع الأسعار "اللامنطقي"، والتي زادت أيضاً خلال الأيام الماضية بحجة الحرائق التي نشبت في الساحل السوري الأسبوع الماضي، حيث ارتفعت أسعار معظم المواد الغذائية بنسبة تتراوح بين الـ 20 والـ 30 بالمئة في الأسواق بسبب انخفاض واردات المواد الغذائية من الساحل السوري وفق ما صرح به الباعة.

شماعة انخفاض سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، التي يُلقي عليها التجار أسباب الزيادة في الأسعار، لم تعد وحدها السبب في "بورصة الأسعار" التي يعود ربحها وبشكل دائم على التاجر، في حين يتحمل المواطن أعباء هذه الأرباح.

 

الحرائق حجة ارتفاع الأسعار هذه المرة

لا تأبى الأسعار أن تستقر في مناطق سيطرة نظام الأسد ومع كل أزمة تعصف بالبلد وما أكثر من تلك الأزمات التي يعيشها المواطنون والتي يصف الأهالي معظمها بالمفتعل، تنعكس سلباً على أسعار جميع السلع والتبريرات التي يقدمها الباعة كثيرة بهدف زيادة أسعار المواد الاستهلاكية منها والأساسية، هذه المرة الحرائق التي نشبت في الثامن من الشهر الجاري في ريف حمص الغربي وقرى وبلدات اللاذقية وطرطوس، والتي ساهمت في زيادة التجار لأسعار المواد الغذائية، بحجة انخفاض الواردات من المناطق التي تعرضت للحرائق.

وقالت فاطمة من مدينة حلب والتي اختارت أن تُطلق على نفسها هذا الاسم لموقع تلفزيون سوريا، إن "أسعار الخضار والفواكه ارتفعت بشكل ملحوظ في العاشر من الشهر الحالي أي بعد يومين من اندلاع الحرائق في طرطوس واللاذقية، وحجج التجار أن سبب ارتفاعها هو عدم وصول الخضار والفواكة من تلك المناطق إلى الأسواق، نتيجة احتراقها".

وأضافت أن "الباعة الصغار منهم والكبار يستغلون أي أزمة تحدث في البلد ليرفعون أسعار منتجاتهم مع غياب تام للرقابة على الأسعار، فكل واحد منهم يبيع وفق ما يحلوا له وهو ما أضر كثيراً بمعظم أهالي المدينة فأصبح الوضع المعيشي لا يطاق".

وأكد أحد المواطنين الذي يعمل في محل لبيع الألبسة بمدينة دمشق طلب عدم الكشف عن اسمه لموقع تلفزيون سوريا، أن الأسعار "ترتفع يوماً بعد يوم بحجة الحرائق، حتى زادت أكثر من 20 بالمئة بعد اندلاعها في اللاذقية وطرطوس على الرغم من استقرار سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار".

 

التجار "تكذب" بهدف رفع الأسعار

الحرائق فتحت الباب أمام الباعة لخلق سبب جديد لرفع الأسعار والتي بدأت بالصعود منذ هبوط سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، ثم أزمة البنزين التي دفعت التجار أيضاً لرفع الأسعار بحجة مصروف نقل البضائع من القرى إلى الأسواق وشرائهم البنزين من السوق السوداء، حتى وصف أبو عبد الله من أبناء مدينة حلب لموقع تلفزيون سوريا الوضع الذي وصل إليه الشعب في مدينة حلب "بالمأساوي".

وأفاد العامل في محل لبيع الألبسة في مدينة دمشق أن التجار "تكذب علينا بهدف رفع الأسعار فمنهم من يقول إن الأسعار ارتفعت بسبب احتراق البيوت البلاستيكية في الساحل وهذا كذب، لأن الخضار البلاستيكية قليلة في الأسواق ونحن في أواخر فصل الصيف وما زالت الخضار طبيعية، وبائع أخر يتحجج بأن سوق الهال أصبح يصدر الخضروات إلى الساحل وهكذا..، ونحن مجبرون أن نشتري لنأكل ونطعم أولادنا".

وأضاف أن سعر كيلو غرام الحليب "أصبح 900 ليرة سورية، بينما كان سعره قبل اندلاع الحرائق 700 ليرة، وكأننا نستورد الحليب من اللاذقية فقط، وارتفع سعر (تنكة الزيت) 50 بالمئة بحجة الحرائق أيضاً وقس على ذلك، حتى أصبحت تُكلف وجبة الغداء لعائلتي المكونة من ستة أشخاص في أدنى مكوناتها دون اللحمة لأنه أصبح من الصعب شراؤها ستة آلاف ليرة سورية".

 

أبو عبدو اشتكى أيضاً من ارتفاع الأسعار قائلاً إن "سعر (سطل) اللبن ارتفع 300 ليرة سورية خلال يومين، والحليب 200 ليرة، وكذلك الخيار، لم نعد نعلم ماذا نأكل في ظل هذا الغلاء الفاحش وجشع التجار وغياب الرقيب، مع قلة العمل وانخفاض الدخل، وأنا موظف وعندي ثلاثة أطفال لا أعلم ماذا سوف أطعمهم في حال استمرار الأسعار بالارتفاع".

اقرأ أيضاً: 11 ألف شجرة مثمرة تضررت بفعل الحرائق في ريف حمص الغربي

 

زيادة ساعات "تقنين" التيار الكهربائي بحجة الحرائق

"كان واقع الكهرباء سيئا والآن أصبح أكثر سوءًا، فاستغلال الأزمات لزيادة معاناتنا لم يقتصر فقط على القطاع الخاص بل على العام أيضاً، حيث زادت ساعات تقنين الكهرباء في حلب بحجة اندلاع الحرائق والحاجة  تزويد المناطق التي تعرضت للأضرار بالكهرباء وكأن ذلك المسؤول يشعرنا بأن قرى الساحل لم يكن يتوفر فيها كهرباء في السابق، فجميع المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام تشترك بواقع أليم واحد وهو استغلال الشعب" وفق ما أفادتنا به فاطمة.

وأضافت أن "ساعات التقنين تختلف من حي إلى أخر لكن في أفضل الحالات أصبح التيار الكهربائي يأتي ساعتين وينقطع لمدة خمس ساعات، بعد أن كان ينقطع لثلاث ساعات ويأتي ثلاث ساعات أخرى، وهناك مناطق أصبحت تأتيها الكهرباء ثلاث ساعات في اليوم الواحد فقط".

وأجاب المدير العام لكهرباء محافظة دمشق التابعة لحكومة النظام هيثم الميلع، الأربعاء الماضي، عن ورود شكاوى من أهالي مدينة دمشق بخصوص زيادة ساعات انقطاع الكهرباء في المدينة، أنه "الآن لدينا أولوية بتزويد المناطق التي تعرضت للحرائق بالتيار الكهربائي"، مبيناً أن "كميات الكهرباء التي تُعطى لهم يوزعونها، وأنه عندما يزيد الحمل على الشبكة تزداد ساعات التقنين".

 

 

وصرحت الشركة العامة للكهرباء التابعة لحكومة النظام في محافظة حمص، الثلاثاء الماضي، بأن قيمة أضرار الشبكة الكهربائية إثر الحرائق التي اندلعت في ريف حمص الغربي تُقدر بـ 40 مليون ليرة سورية.

وكشف عضو "مجلس الشعب"، وائل الملحم، أمس الخميس، أن حكومة نظام الأسد رفضت طلباً خطياً لاستيراد آلاف سيارات الإطفاء والإسعاف لربطها بمنظومات الإسعاف والإطفاء، وذلك قبل 20 يوماً من اندلاع الحرائق في الساحل السوري.

واعتبر أستاذ علم المناخ بجامعة تشرين في اللاذقية، الدكتور رياض قرة فلاح، أن الحرائق التي اندلعت فجر يوم الجمعة الماضي في محافظتي اللاذقية وطرطوس هي عملية تخريبية كبرى ممنهجة، وتهدد الأمن البيئي والاقتصادي والسياحي والسكني في سوريا، موضحاً أن 20 حريقاً اندلع في الفجر وفي أماكن متفرقة ومتباعدة وداخلية في الغابة، وبشكل يصعب على رجال الإطفاء السيطرة عليها، وقبل يوم واحد من تحول الرياح إلى شرقية جافة، جعلت الرطوبة في المناطق الساحلية تنخفض حتى رقم متدن جداً يصل حتى دون 25 %.

وهذا يعني أن الحرائق قام بها شخص أو مجموعة أشخاص، أو جهة مثقفة تتابع حالات الطقس وتفهم تماماً الأحوال الجوية التي تساعد فيها الرياح على حدوث أكبر امتداد للحرائق.

اقرأ أيضاً: تسريبات لطلاس: الحرائق اتفاق أسدي إيراني للضغط على الروس

اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة: 140 ألف شخص تضرروا بسبب الحرائق في سوريا

ويعاني الأهالي في مناطق سيطرة النظام من سوء الأوضاع المعيشية جراء ارتفاع الأسعار بشكل مستمر واستغلال التجار للأزمات لزيادة أرباحهم، في ظل عدم توافق قيمة الرواتب سواء في القطاع العام أو الخاص مع الأسعار، ويساهم نظام الأسد عبر مؤسساته في ترسيخ معاناة المواطنين في مناطق سيطرته.