icon
التغطية الحية

"أحضرت لك هدية".. رمي الأطفال في الشوارع ظاهرة تتسع شمالي سوريا

2023.05.26 | 12:42 دمشق

آخر تحديث: 26.05.2023 | 12:45 دمشق

سوريا.. حديثو ولادة يتركون للمجهول في الشوارع
 تلفزيون سوريا - وكالات
+A
حجم الخط
-A

تتسع ظاهرة "رميِّ الأطفال" حديثي الولادة شمالي سوريا، حيث تدفع الأزمة المعيشية والحرب أهال للتخلي عن أبنائهم.

وقال تقرير لوكالة فرانس برس إن الظاهرة ازدادت بعد عام 2011، مشيرا إلى أن السوريين باتوا يجدون الأطفال "مجهولي النسب" مرميين أمام أبواب المساجد أو المشافي والمدارس أو حتى على قارعة الطرقات أو تحت الأشجار.

أحضرت لك هدية

ونقل التقرير عن شخص وجد طفلة أمام باب جامع قريته حزانو شمالي إدلب قوله إنه في أحد أيام شباط 2020، دخل إلى منزله وهو يحمل الطفلة التي عثر عليها ملفوفة بغطاء.

وأضاف أنه نادى زوجته بالقول: "أحضرت لك هدية" قبل أن يطلب من طبيب معاينة الطفلة ليتبين أن عمرها لا يتجاوز بضع ساعات فقط، ويُرجح أنها ولدت في الشهر السابع من الحمل.

ويضيف أنه "قرر أن يربيها لأنها طفلة لا ذنب لها"، لافتاً إلى أنه وزوجته تعلقا بالطفلة التي أطلقا عليها اسم "هبة الله".

وتابع التقرير أن الطفلة تبلغ اليوم ثلاث سنوات، وقد كبرت بين أولاد إبراهيم وأحفاده وباتت جزءاً لا يتجزأ من عائلته حتى "أنها مدللة أكثر من الأطفال الآخرين"، على حد قوله.

يجهش إبراهيم بالبكاء حين يروي قصة الطفلة الصغيرة التي تناديه "جدو" مثلما يفعل أحفاده. ويروي أنه أوصى أولاده في حال وفاته بشكل مفاجئ أن "ترث هبة الله" كما يرثون، وإن كانت لا تحمل اسم العائلة.

ويضيف "أشكر كل شخص يجد طفلة ليس لها أحد ويؤويها".

وأكد أنه تقدم بطلب للتكفّل بتربية الطفلة أمام السلطات المحلية في إدلب (حكومة الإنقاذ) التي تمنع التبني، على غرار كل المناطق السورية على تعدد السلطات فيها.

وأشار التقرير إلى أنه في إدلب يتم تسجيل الطفل المجهول النسب بحسب المنطقة التي عُثر عليه فيها، ويُمنح معلومات شخصية وهمية، مثل الشهرة واسم الوالدين.

ما أسباب انتشار ظاهرة "مجهولي النسب"؟

ونقل التقرير عن المسؤول في الشؤون المدنية في إدلب عبدالله عبدالله قوله لفرانس برس: "دفعت ظروف الحرب القاسية الإنسان لأن يتخلى عن فلذة كبده".

وأضاف أن مجهولي النسب يرسلون إلى دور الأيتام، حيث يبقون فيها أو يتكفل بهم أحد الأشخاص بشروط، بينها أن يكون متزوجاً لضمان أن ينشأ الطفل ضمن أسرة، وأن يتمتع بقدرة مادية للإنفاق عليه، وأن "يكون من أصحاب السمعة المشهود لها".

وأكد مدير البرامج فيصل الحمود للوكالة الفرنسية أنه ومنذ إنشاء مركز "بيت الطفل" عام 2019 في إدلب، استقبل المركز 26 طفلاً حديثي الولادة تُركوا في أماكن مختلفة، بينهم تسعة عام 2023 وحده.

وتابع: إحدى المرات من عام 2021 استقبل المركز طفلة لا يتجاوز عمرها بضع ساعات وُجدت تحت شجرة زيتون حين كانت "قطة تهرش وجهها"، و"كانت الدماء تسيل من وجهها، قبل أن يهتم المركز بعلاجها حتى تكفلت أسرة باحتضانها".

وأضاف: يقع على عاتق المركز تقييم حال الأطفال في أسرهم الجديدة "لضمان عدم الإتجار بهم أو تعرضهم لأي خطر"، ويرى أن "الحرب هي السبب الأول لما وصل إليه السوريون".

ويضيف "الطفل ليس له أي ذنب، إنما هو ذنب الحرب والعائلات (...) هؤلاء الأطفال هم ضحايا" ويجدر التعامل معهم كباقي أفراد المجتمع.

ارتفاع أعداد "مجهولي النسب" في سوريا بعد 2011

أكد مركز سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، الذي يوثق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا ومقره الولايات المتحدة، أنه أحصى العثور على أكثر من مئة طفل حديث الولادة في 2021 و2022 في مناطق مختلفة، معتبراً أن الرقم لا يعكس الواقع مقارنة مع حجم الظاهرة.

وقال المركز للوكالة الفرنسية إنه "جرى توثيق حالات قليلة لأطفال تم التخلي عنهم" قبل 2011، لكن الأرقام ارتفعت "بشكل هائل" بعد ذلك.

وحول الأسباب التي تدفع بالوالدين، خصوصاً النازحين منهم، للتخلي عن أطفالهم أشار إلى أن هذه الأسباب مرتبطة بالفقر وانعدام الأمن ونقص المأوى وغياب الاستقرار، والزواج المبكر.

"ابتزاز جنسي و علاقات غير شرعية"

في حين أكدت إحدى العاملات في مجال حماية الطفل في إدلب، وفق تقرير للمركز، أن عشرين في المئة من الحالات التي وثقتها ناتجة عن تعرّض "النساء لابتزاز جنسي أو علاقات غير شرعية".

ووثق المركز ومسؤولون محليون العثور على أطفال في أماكن متنوعة، منهم من كان مريضاً أو عارياً أو من ترك ملفوفاً بغطاء.

أما في مناطق سيطرة النظام السوري، نقلت وكالة "فرانس برس" عن المدير العام للهيئة العامة للطب الشرعي زاهر حجو تأكيده تسجيل 53 طفلاً، و28 ذكراً و25 أنثى، جرى التخلي عنهم في الأشهر العشرة الأولى من 2022 في عدة محافظات.