لماذا لا يلوم أحد بشار الأسد على صمته حيال غزة؟

2023.11.10 | 05:50 دمشق

لماذا لا يلوم أحد بشار الأسد عن صمته حيال غزة؟
+A
حجم الخط
-A

مع توجّه الأنظار والتحليلات نحو أطراف محور المقاومة الذي تقوده إيران، والحديث عما تم اتخاذه أو قد يحصل في المستقبل إزاء الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، دارت أحاديث بين الانتقادات والعتب على حزب الله الأقرب للحدث، مع غياب شبه كامل للوم بشار الأسد الذي لطالما تغنى نظامه وأنصاره بشعارات نصرة فلسطين وتحريرها.

ووجه مسؤولون في حركة المقاومة الإسلامية حماس ما يشبه العتب لحزب الله اللبناني بأن خطواته الفعلية لم ترق إلى المستوى المأمول، وبأن غزة كانت تنتظر الكثير من الحزب المقاوم، في ظل انتقادات وعلامات استفهام تطرح على منصات التواصل حيال ما وصف "بالرد الضعيف مقارنة بالتصريحات النارية الرنانة".

لعلنا سمعنا ما ذكره عضو المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق الذي قال إن غزة "كانت تنتظر الكثير من حزب الله" ثم أكد أنهم في الحركة "يعتمدون على أنفسهم" دون أي إشارة للنظام السوري أو بشار الأسد في أي تصريح من التصريحات منذ بدء عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

كما كانت الانتقادات في منصات التواصل لتصريحات متكررة من مسؤولي إيران إزاء المأساة في غزة واضحة ولا تخفى على أحد، آخرها من وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الذي ذكر أن "الوقت ينفد بسرعة أمام استمرار الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة".

هل غسلت غزة يدها من بشار الأسد؟

ومع هذه التساؤلات التي طرحت على منصات التواصل من قبيل: "ما الذي تنتظره إيران وما هو الوقت الذي يناسبها للتحرك بعد مرور أكثر من شهر على الحرب وقتل الاحتلال لأكثر من 10 آلاف شخص غالبيتهم نساء وأطفال"، يدور تساؤل آخر حول سبب عدم ذكر أحد لبشار الأسد في العتب واللوم وحتى قياديو حماس الذين عاتبوا بأسلوب دبلوماسي حزب الله لم تصدر منهم أي كلمة "لا شكر ولا عتب".

قبل شهرين فقط من عملية طوفان الأقصى، كان بشار الأسد يتحدث لشبكة سكاي نيوز عربية عن أن العلاقة بين دمشق وحماس لا يمكن أن تعود إلى سابق عهدها في الوقت الحالي.

وعلى الرغم من وجود مكتب لها في دمشق يوصف بالشكلي، تدور تساؤلات فيما إذا كان تراجع العلاقات بين حماس والنظام السوري سبباً في غسل الحركة يدها من بشار الأسد وردة فعله إزاء الوضع في غزة؟

هل خرج بشار الأسد من حلف المقاومة؟

لكن دعونا من حماس ومن الحسابات السياسية والارتباطات التي تحتم عليها الدبلوماسية في كل خطوة تخطوها وكل تصريح تصرح به، ماذا عن الانتقادات التي وجهت إلى بعض أطراف محور المقاومة ولم تبال على الإطلاق بدور بشار الأسد وأهمية وجوده في الحرب الحالية على غزة أو على الأقل رده ولو شكلياً على الجبهات كما فعل حزب الله؟

هل أدرك الفلسطينيون والعرب أن النظام السوري لم يكن يوماً في صف المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي؟ وأنه لا يستحق حتى مجرد الإشارة إليه في الانتقادات أو العتب المتكرر إزاء ردة فعل إيران وحلفائها؟

حتى الميليشيات العراقية التابعة لإيران من الحشد الشعبي وغيره بات يذكر على الإعلام ومنصات التواصل أكثر من بشار الأسد، الذي يقتصر الحديث عنه في السياقات والخلفيات والإشارة غير المباشرة دون أي لوم مباشر له.

إسرائيل تسخر من بشار الأسد

كما كانت الرسائل غير المباشرة من إسرائيل التي من المفترض أن تحتاط من جبهتي سوريا ولبنان موجهة إلى حزب الله دون بشار الأسد، وحذرت وهددت بضربه في سوريا وتدمير دمشق والضاحية الجنوبية في حال انضمامه إلى معركة غزة.

غاب بشار الأسد حتى عن تلك الرسائل المباشرة وباتت تصله التحذيرات والتهديدات بشكل غير مباشر عن طريق ذكر حليفه حسن نصر الله، وبدا ذلك واضحاً من خلال ما نقلته صحيفة يديعوت أحرنوت عن مسؤولين كبار في الحكومة الفرنسية في أن "أي انضمام للمعركة الحالية في غزة ستلحق الضرر بحليفها بشار الأسد وسيتم تدمير العاصمة السورية دمشق والضاحية الجنوبية معقل حزب الله".

تلك الرسائل تعتبر برأيي بمثابة سخرية واستهانة إسرائيلية واضحة ببشار الأسد، حيث تقصف طائرات إسرائيل مطاراته بشكل متكرر وتخرجها عن الخدمة، وعندما تتحدث إليه أو تود إرسال الرسائل لنظامه تخاطبه عبر أمين عام حزب الله! أي مهزلة وأي فضيحة يعيشها النظام السوري اليوم؟!

قد يقول قائل إن سوريا تمر في فترة حرب ولم تتعاف بعد لهذا لا أحد يلوم النظام الحاكم فيها، لكن لا يستلزم الرد على ذلك الذهاب بعيداً والدخول في جدالات الوضع السوري وتعقيداته، ويكفي فقط ذكر ما فعلته أفرع بشار الأسد الأمنية وتحديداً فرع فلسطين (الاسم الذي يتذكره السوريون والفلسطينيون جيداً) باعتقال 3 فلسطينيين من بلدة يلدا جنوبي دمشق بسبب تنظيم وقفة احتجاجية نصرة لغزة.

ربما أدركت الشعوب والقوى المحلية في غزة ارتهان بشار الأسد للقوى الخارجية التي ثبتته في الحكم وعدم استقلاليته وتبعيته لأطراف مثل روسيا وإيران التي تتعارض أجندتها بعضها مع بعض رغم التصريحات المتفقة شكلياً حيال الأوضاع في المنطقة، لكنها لا تكاد تغير أي شيء من الواقع في أرض المعركة.