فوز نتنياهو والعلاقات التركية الإسرائيلية

2022.11.10 | 07:04 دمشق

فوز نتنياهو والعلاقات التركية الإسرائيلية
+A
حجم الخط
-A

لم يكن فوز نتنياهو مفاجئا كما يرى البعض، بل إن الخبراء المتعمقين بالشأن الإسرائيلي يرون أن نتنياهو كان سيفوز عاجلا أم آجلا، وأنه لو لم يفز لتوجهت دولة الاحتلال إلى انتخابات جديدة كل مرة حتى يفوز نتنياهو الذي بات أكثر القادرين على اللعب في الأوراق الداخلية وخاصة مع الحركات الصهيونية الدينية.

ربما كانت خسارة بعض الأحزاب بفوارق بسيطة قد أمّلت البعض بإمكانية استمرار حكومة لابيد، وغانتس، إضافة إلى الدعم الأميركي من إدارة بايدن لهما. لكن هذه القراءة لم تكن دقيقة كما أثبتت النتائج.

بالنسبة لتركيا والتي كانت علاقتها سيئة مع دولة الاحتلال إبان عهد نتنياهو وبالنظر إلى أنها بدأت جولة تطبيع سريعة مؤخرا مع حكومة لابيد فإن قدوم نتنياهو لم يكن مفضلا لديها.

 وعلى كل الأحوال كان وزير الدفاع الإسرائيلي غانتس في زيارة لتركيا التقى فيها مع نظيره التركي خلوصي أكار قبل الانتخابات بأربعة أيام، وتفاجأ غانتس أيضا أن لقاء رتب له مع الرئيس أردوغان عندما وصل إلى أنقرة للحديث عن استمرار عملية التطبيع. وتحدث غانتس بعد اللقاء عن أجواء دافئة وإيجابية في العلاقة. وربما كانت تلك رسالة تركية للإدارة الأميركية واستباقا لاحتمال التغيير الذي قد يحمله نتنياهو.

عامل نتنياهو

في هذه اللحظة جاء فوز نتنياهو والذي بالتأكيد سيغير شكل الحكومة ولكن السؤال الحاسم هل سيغير شكل العلاقة؟!
مع أن العلاقة التركية مع نتنياهو كانت سيئة جدا قبل أن يغادر نتنياهو المنصب، إلا أنه ليس بالضرورة أن يغير نتنياهو شكل العلاقة التي تم تطبيعها مؤخرا، حيث استغل أردوغان غياب نتنياهو لبدء عملية التطبيع وللملاحظة هنا لم يلتق أردوغان مع بينيت المتشدد، ولكن التقى مع لابيد وهرتزوغ وحينها تم تثبيت عملية تطبيع ناشئة كما قال أردوغان بعودة السفراء، ومن قبلها بلقاء مع هرتزوغ ومن بعده لابيد وغانتس على التوالي.

إن المعروف عن نتنياهو أنه رجل انتهازي، وبالتالي فإن إمكانية أن يغير من موقفه تجاه تركيا واردة تكتيكيا، خاصة في ظل إدارة بايدن وفي ظل موقفه المتشدد تجاه إيران وفي ظل البيئة المتقلبة بسبب الحرب في أوكرانيا.

حلفاء نتنياهو

ولكن هناك عوامل أخرى بالنسبة لتركيا التي دخلت عدة عمليات تطبيع ومصالحات في المنطقة، حيث يبدو أن تركيا تتطلع إلى علاقة خالية من المشكلات والتداعيات السلبية مع الاحتلال الإسرائيلي، وعندما ننظر إلى الأطراف الفائزة أو المتحالفة مع نتنياهو فإننا نرى أطرافا يمينية متشددة ومتعجلة بالمواجهة مع الشعب الفلسطيني، وترى أنها تحقق إنجازات من خلال اعتدائها وتهجمها على حقوق الشعب الفلسطيني ومقدساته، وليس هناك أي أمل حتى لفريق التسوية الفلسطيني في إمكانية عقد مباحثات مع هذه الحكومة، لذلك فإن المرجح أن يتزايد التصعيد في فلسطين. وهذه الحالة ستكون مزعجة للعلاقات التركية الإسرائيلية.

لقد تم سؤال أردوغان عن نتائج الانتخابات الإسرائيلية فأكد رغبة تركيا في استمرار العلاقات بغض النظر عن النتائج ولكن على أساس الحساسيات المتبادلة والمصالح المشتركة، كما أن أردوغان أشار إلى أن دبلوماسية الفوز للطرفين ستفيد المنطقة وليس الطرفين فحسب.

أما نتنياهو فإن المقربين المتشددين من حلفائه يحثونه على عدم التعاطي مع محاولات تركيا التطبيعية ويشككون في نوايا أنقرة، وأنها فقط محاولات مؤقتة مرتبطة بمصالح تركيا الداخلية والخارجية فقط وليست صداقة حقيقية.

أمام هذا المشهد يمكن القول إن قدوم نتنياهو يفتح الباب أمام عودة التوتر في العلاقة، لكن بالنظر إلى شخصية كل من نتنياهو وأردوغان فإن مصالح الطرفين هي التي ستحكم العلاقة ولذلك على الأغلب قد يتجه الطرفان إلى تهدئة الخلافات إذا أدركا أن هذا يخدمهما داخليا وخارجيا، ولعل الكرة الآن في ملعب نتنياهو وسياسة حكومته تجاه تركيا خصوصا وتجاه القضية الفلسطينية.