غزة وسوريا: مركز وأطراف

2024.01.12 | 06:18 دمشق

غزة وسوريا: مركز وأطراف
+A
حجم الخط
-A

قابلت مراكز بحث عالمية بين قصف حلب وقصف غزة فقد عانتا من العدوان عليهما بالقصف الشامل والتدمير الماحق، حتى أن أهل غزة يسمون الصواريخ الإسرائيلية "الغبية"، بالبراميل، إما لشبهها بالبراميل، وإما تأثرًا ببراميل النظام في سوريا. وقيل إنّ قصف إسرائيل لغزة بالقنابل الغبية مقصود لتعميم القتل. ومن أوجه التشابه بينهما، قصف الأسواق والمشافي، وقتل الأطباء وتدمير الخبرات الصحية، فالغرض الأول هو الترويع  للإرغام على الاستسلام أو الدفع للهرب، والغرض الثاني هو تهجير الشعب، سعيًا إلى التجانس الذي أعلنه الأسد صراحة، تجانس الموالين في سوريا في الدولة الطائفية، وتجانس الإسرائيليين في دولة اليهود أو الدولة اليهودية، وقد أعلن المحتلون عن تلك الرغبة، وشواهدها كثيرة ليس أشهرها إعلان شمعون بيريز رغبته في أن يبتلع البحر غزة، ومن ذلك تصريح وزير التراث الإسرائيلي (وليس وزير جيش الدفاع)، بالدعوة إلى استعمال القنبلة النووية في غزة. لم يحدث تهجير لأهل غزة خارج غزة بسبب الحصار وقد حوصر الشعب السوري حتى بات جواز سفره أغلى جواز في العالم وأخطر جواز أيضا، وقد منع حتى من الحج.

اهتم العالم بغزة بسبب موقع إسرائيل من الغرب، وقد همّ زعماء إسرائيليون بإغلاق مكتب الجزيرة، وغير خاف ما جرى لوائل للدحدوح وزملائه

هرب السوريون إلى الصحاري والبراري ودول الجوار، أما غزة فهي ضيقة وليس لها سوى معبر واحد مغلق، ويفتح بالساعات ولرشا باهظة للأفراد.  لكن غزة حظيت بتغطية إعلامية أفضل، بزعم إن ما يجري في سوريا "حرب أهلية". اهتم العالم بغزة بسبب موقع إسرائيل من الغرب، وقد همّ زعماء إسرائيليون بإغلاق مكتب الجزيرة، وغير خاف ما جرى لوائل الدحدوح وزملائه.

 ومن النظائر والتشابهات قتل الأطفال في غزة وسوريا، وقد انطلقت الثورة السورية بعد قتل طفل اسمه حمزة الخطيب، وقتل النساء واغتصابهن، إلا أن الاغتصاب في إسرائيل نادر، فهم يستعجلون القتل. وقد أفتى حاخام إسرائيلي بتحليل اغتصاب الفلسطينيات، والسبب في قلة الاغتصاب وندرته في غزة المراقبة الدولية، والاستعلاء العرقي.

ومن الشبه بينهما استعمال سلاح الحصار والتجويع، فغزة محاصرة منذ 17 سنة، وليس أقوى من سلاح التجويع، وكان حصار الغوطة أشد مناطق سوريا حصارًا، لبأس أهلها وشدتهم وقربها من العاصمة، حتى أكلوا لحوم الهررة والاعشاب وورق الشجر، وقد انتهى الحصار باستسلامهم ونزوحهم إلى إدلب.

استعمل كلاهما؛ الاحتلال الإسرائيلي والنظام السوري، الأسلحة المحرمة دوليًا، فإسرائيل تستخدم الفوسفور الأبيض الحارق، أما النظام السوري، فاستخدم أسلحة أشد تحريماً وأنكى، وهو الكيماوي وغاز السارين.

 وهما يشتركان في قتل الصحفيين، وما يزال في غزة صحفيون، فإسرائيل تحرص على بقية من صورتها الديمقراطية المزعومة، وأنها مندوبة الغرب في الشرق، وقد بلغ من قتل حتى كتابة هذه المقال أكثر من 100صحفي فلسطيني.

ومن التشابهات بينهما استخدام الكيان والنظام سلاح الكذب وإنكار الفظائع، فقد أنكر رأس النظام السوري البراميل مع وجود آلاف الصور والفيديوهات الموثقة، أما إسرائيل فزعمت أنَّ مشفى المعمداني البريطاني النشأة، قد دمر بصاروخ أطلق من قبل حماس، ثم ظهرت كذبتهم. وقد شاغلتهم إسرائيل بكذبة الصاروخ القسامي المرتد أو الضال يوماً أو يومين حتى برد الخبر في نشرات الأخبار.

زعمت إسرائيل أنها تحارب على سبع جبهات، هي غزة والضفة وإسرائيل (عرب 48) وجبهة لبنان وجبهة اليمن وجبهة سوريا وجبهة العراق. أما النظام السوري، فادّعى أنه يحارب ست وثمانين دولة، وانتصر عليهما وحده بمعونة روسيا وإيران.

ويتشاركان في القتل تحت التعذيب الذي ازداد في إسرائيل في الحرب، كما أن إسرائيل اقتدت بالنظام السوري في تحويل الملاعب إلى معتقلات، وفي تعرية المعتقلين. لكن الاعتقال السوري أشد وأنكى، والفارق هو عين الرقابة الدولية على ربيبة الغرب التي كانت سجونه تزار من مؤسسة الصليب الأحمر قبل الحرب، ونسبة الثائرين وعدد الشعبين.

يشكو جنود النظام من الفقر في سوريا، ولم تخل إسرائيل من شكايات عسكرية من الفقر

قد تجد جنودًا إسرائيليين ينتحرون يأسًا، أو مصابين بأمراض نفسية، ولا تجدهم لدى النظام، فجند النظام أصلب عقيدة من المحتلين، ولعل السبب في أن للإسرائيلي جواز سفر ثانٍ وأشد قوة وأكثر أسلحة. ويشكو جنود النظام من الفقر في سوريا، ولم تخل إسرائيل من شكايات عسكرية من الفقر.

تشترك غزة وسوريا في كثرة الأصدقاء وقلة الصادقين. وفي حفر الأنفاق، وظهرت حرب أنفاق بين المعارضة والنظام، قيل إن الأنفاق كان عددها 500 في حمص، وهي أكثر، من المعلوم أن المجاري سدت في دمشق خوفًا من استعمال المعارضة لها.

ومن أوجه الشبه بين غزة وسوريا؛ نبش المقابر فيهما، وبيع الأعضاء البشرية والتجارة بها، واتهام الثوار وحماس باغتصاب النساء، فابتدع إعلاميون إيرانيون مصطلح نكاح الجهاد، وسيقت قريبات لبعض الناشطين إلى التلفزيون الرسمي ادّعين أنهن ارتكبن سفاح المحارم.

 ومن التشابهات، قنص المدنيين بالإغراء، بالخبز أو بالطحين، لكن ليس لدى إسرائيل جنرال مهرج مثل سهيل النمر، وإن كان لديها شيوخ يفتون لها مثل الهباش وشيوخ المداخلة الذين طالبوا أبا عبيدة المجاهدة بالسنن وترك الجهاد.

ومن اوجه التشابه، إكراه جنود بشار الأسد للمعتقلين والأسرى بترديد الشهادة النظامية وهي: لا إله إلا بشار الأسد، أما جند الاحتلال، فأجبروا المعتقلين على ترديد النشيد العبري، وشتم حماس.

هذه بعض وجوه التشابه بين إسرائيل والنظام السوري، ليس آخرها نصرة دول عظمى لهما في وجه شعبين أعزلين أو مسلحين بأسلحة خفيفة، واستقدام مرتزقة لنصرة النظام (حشد شعبي، زينبيون، فاطميون)، أما مناصرو إسرائيل فهم أفراد وهم كثر، لكن بلا أسماء طائفية.