زيد وزين.. عودة أخبار مصارع العشاق

2024.04.17 | 06:13 دمشق

879999999999999999996
+A
حجم الخط
-A

قالت الأخبار: إنهم عثروا على جثة بين بلدة اليادودة وقرية خراب الشحم في الريف الغربي من محافظة درعا، تبين أنها للمساعد "يزن موسى سلطاني"، الشجاع الباسل، ليس في وغى الحرب، وإنما في وغى الحب، فقد جاهر بحب ابنة الرئيس، وسقط حتف قلبه، وقد تركت هويته العسكرية مع الجثة، حتى تكون أثرًا عليه، عبرة لمن يتجرأ على المجاهرة بحب ابنة الأكرمين، وهو العسكري صاحب مقاطع الفيديو المشهورة التي تم بثها في العام 2020، والتي أعلن خلالها حبه لـ "زين الأسد" ابنة رئيس النظام في سوريا.

ينحدر "يزن سلطاني" من محافظة اللاذقية، وقالت مصادر حينذاك إنه تم اعتقاله على أثر ذلك. لكن السؤال الذي يصعب الإجابة عليه هو كيف وقع هذا المساعد في حبها، وهي شخصية عامة، لكنها قليلة الظهور. قال أخو القتيل: إن القتيل قد خُدع، لعل حبه للأب تعدى إلى حب ابنته. سنضع ثلاثة احتمالات لمجازفته بالمجاهرة بحبها، وهو لم يلتق بها قط: فإما أن يكون العسكري قد تعاطى الكبتاغون فنبا به قلبه، أو أن الحرب والدماء التي رآها قد هونت عليه إجهاره بحبها، أو أن يكون عاشقًا حقًا، والعشق والشباب شعبتان من الجنون وقد اجتمعتا فيه. قال المساعد: (أنا شفت بمنامي القائد الخالد حافظ الأسد وقلي زين بنت ابني الك ورح تكون الك، بحبك كتير يا زين وطالبك من الله قبل أهلك).

لمَ لم ينتظر حتى يترفع إلى رتبة أعلى: مساعد أول مثلًا.

تباهي عائلة الأسد أنها تقدمية، وكان بشار الأسد قد سخر من الأمويين وأهل الصحراء، في خطبة شهيرة وكذلك يفعل جميع أتباعه من أهل الساحل، لأنهم يرتدون ثيابًا إفرنجية، أو لأن المحظورات أقل في مذهبهم.

كان الأسد قد أنكر في خطابه على الأمويين عظمتهم، وقال: "من بنى الدولة الأموية هم السوريون، هم الشاميون بمعنى بلاد الشام" –ولو كانوا قادرين على بناء الحضارة من مكة ومن المدينة لما أتوا لبلاد الشام- لما أتوا إلى دمشق (شرح زائد).

هل يقصد الأسد أن الأمويين غزاة أم وافدين؟ وأن العظمة هي عظمة المكان لا عظمة الإنسان، بدليل أنها جعلته عظيمًا! يتابع الرئيس المتحذلق: يجب أن نكون عادلين. يتابع: فإذا (كان) هذا الصراع صراعًا تاريخيًا فلن نسمح لهم، لا سياسيًا ولا دينيًا بالسيطرة علينا. دين بلاد الشام، إسلام بلاد الشام هو الأساس، هو الذي يقوم بحماية الإسلام الحقيقي.

سنضرب صفحًا ونطوي كشحًا عن فلسفته التاريخية والدينية، ونعرض لقصص حب مشابهة وقعت لأحد أبناء الرعية مع بنت خصومه الأمويين، ونبحث عن الفروق بين الأسرتين؛ التقدمية والرجعية.

يذكر كتاب أعلام النساء أن يزيد قال لأبيه (معاوية) الذي كان يحكم دولة مترامية تزيد مساحتها على أربعة ملايين كيلومتر مربع: إن عبد الرحمن بن حسان يشبب بابنتك رملة. قال: وما يقول فيها؟ قال: يقول:

هي بيضاء مثل لؤلؤة الغوّا / ص صيغت من لؤلؤ مكنون

قال صدق! قال: ويقول:

وإذا ما نسبتها لم تجدها / في ثناء من المكارم دون

قال صدق أيضًا! قال: ويقول:

تجعل المسك وليلنجو / ج صلاء لها على الكانون

قال: صدق. قال: فإنه يقول:

ثم خاصرتها إلى القبة الخضراء ... تمشي في مرمر مسنون

قال: كذب! قال: ويقول:

قبة من مراجل ضربوها / عند برد الشتاء في قيطون

قال: ما في هذا شيء. قال: تبعث إليه من يأتيك برأسه. قال: يا بنيّ، لو فعلت ذلك لكان أشدّ عليك، لأنه يكون سببًا للخوض في ذكره، فيكثر مكثر ويزيد زائد، اضرب عن هذا صفحًا، واطوِ دونه كشحًا.

وورد في الأخبار أيضًا: أن ابن الرقيات شبب بعاتكة بنت يزيد بن معاوية فقال:

أعاتك يا بنت الخلائف عاتكًا / أنيلي فتى أمسي بحبّك هالكا

تبدت وأترابا لها فقتلنني / كذلك يقتلن الرجال كذلك

يقلّبن ألحاظًا لهنّ فواترًا / ويحملن ما فوق النّعال السبائكا

إذا غفلت عنّا العيون التي نرى / سلكن بنا حيث اشتهين المسالكا

وقلن لنا لو نستطيع لزاركم / طبيبان منا عالمان بدائكا

فهل من طبيب بالعراق لعله / يداوي سقيما هالكا متهالكا

فلم يعرض له يزيد، للذي تقدم من وصاية أبيه معاوية في رملة.

وهناك قصة ثالثة للشاعر ابن نمير أنه تغزل في زينب أخت الحجاج: تحدث الرواة أن الحجاج رأى محمد بن عبد الله بن نمير الثقفي، وكان يشبب بزينب بنت يوسف أخت الحجاج، فارتاع من نظر الحجاج إليه، فدعا به، فلما وقف بين يديه قال:

فداك أبي ضاقت بي الأرض رحبها / وإن كنت قد طوّقت كلّ مكان

وإن كنت بالعنقاء أو بتخومها / ظننتك إلا أن يصدّ تراني

فقال: لا عليك، فوالله إن قلت إلا خيرًا! إنما قلت هذا الشعر:

يخبّئن أطراف البنان من التقى / ويخرجن وسط الليل معتجرات

ولكن أخبرني عن قولك:

ولمّا رأت ركب النميريّ أعرضت / وكنّ من إن يلقينه حذرات

في كم كنت؟

قال: والله إن كنت إلا على حمار هزيل، ومعي رفيق على أتان مثله! قال: فتبسم الحجاج ولم يعرض له.

بنى بنو أمية حضارتين واحدة في الشام والثانية في الأندلس، ولم يبن الأسد سوى مزة 86 العشوائية، ولو أن الأسد عزى بالقتيل لكان خيرًا له ولأسرته وشعبه، وأثبت للقاصي والداني، والحي والميت أن الحياة الكريمة صعبة في سوريا، لكنّ الأحلام غير محظورة، وأنها جمهورية يستطيع فيها المواطن أن يحب ابنة الرئيس من طرف واحد.

ذكرنا أن القتيل المساعد باسل شجاع، وهو مؤدب، لولا مجاهرته بحبِّ ابنة الرئيس على الهواء، وهو خالص الولاء، ولا يخلو خطابه من شعر، فقد خطب البنت من الله قبل جدها!

انقرضت أخبار العشاق الشهداء والديناصورات لولا خبر زيد سلطاني، وخبر جريمة الشرف (التي ارتكبت في الحلم) والتي راق على جوانبه الدم، على الحقيقة.