عمرو سالم وشخصيات طريفة أخرى

2022.04.08 | 06:32 دمشق

mrw_salm_ray.png
+A
حجم الخط
-A

يستطيع مَن يهمه الأمر، إذا أراد، أن يجمع ما يملأ عِدْلَاً (قلم أحمر) من أخبار الشخصيات الطريفة التي تُفرزها الأنظمة الديكتاتورية بشكل عام، والنظام السوري بشكل خاص؛ وهناك مثل شعبي حلبي ذكي جداً يعبر عن الكثرة عندما تجتمع مع الرداءة؛ يقول: خود من هالجبنْ العْزيزي وسَيِّخْ.. وهناك حكاية ذات دلالة، بطلُها برغوث يقف فوق شير القمح ويسأله: ما رأيك يا شير، أأحط أم أطير؟ فيرد عليه الشير: والله يا برغوث أفندي أنا لا أحس بوجودك عندما تقف، ولا بغيابك عندما تطير.  
ليس شرطاً أن يكون الشخص الطريفُ ذكياً، فكهاً، صاحب نكتة ودعابة، من أمثال فخري البارودي، وأحمد الجندي، وحسيب كيالي، وغازي أبو عقل، ونجاة قصاب حسن، وخالد تاجا، ونصر الدين البحرة، فهناك أشخاص سيئون، بل ومصنفون في خانة المجرمين، تصدر عنهم، في بعض الأحيان، تصرفاتٌ مضحكة.. لا نستبعد منهم الوريثَ الرئاسي بشار الأسد الذي يَضحك من دون مناسبة، فيُعدي مَن حوله، ثم إنه، وعلى الرغم من قيامه بتخريب سوريا، وتهجير نصف شعبها، لم يكف عن التحدث (وهو يشوبر بأصابعه) عن التطوير، والتحديث، والحرية، وكرامة الشعب، وحكم القانون، والديمقراطية، وقد قال، ذات مرة، إنه من غير المعقول أن يقتل رئيسٌ شعبَه، كما تزعم وكالات الأنباء، وإذا وُجد مثل هذا الرئيس، فهو مجنون!.. وبشار، بهذا، لا يقل طرافة عن الذي خَلَّفَه عندما قال، في خطبة ألقاها بين مجزرتين، إنه لا علاج لمشاكل الديمقراطية سوى تطبيق المزيد من الديمقراطية! 

والحقيقة؛ أن مَن يصف ألمانيا بأنها دولة غنية يظلمها، فالأصح أن نستخدم التعبير الشعبي الحلبي فنقول إنها دولة "زنكينة طَقَّانة"، وبالأمس القريب جرى الحديث عن تخصيص مئة مليار يورو، من الوفر العام، لأجل التسليح، مقابل 800 مليار يورو، التقدير الأولي لإعادة إعمار ما خربه بشار الأسد والجيش العقائدي السوري خلال السنوات الأخيرة


المضحك في وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام السوري الحالية، عمرو سالم، أنه لم يكن ينكت، أو يمزح عندما قال إن هناك أزمة أسعار في أوروبا عجيبة، بل كان منسجماً مع كل كلمة يقولها، حتى إنه ما انفك يبتسم حتى تحولت ابتسامته إلى قهقهة عندما قال: 
- يعني الغلاء عندهم مثل عندنا وأكثر، والآن، في ألمانيا وغيرها، يفكرون بتطبيق البطاقة الذكية، على النموذج السوري. 
الذين يعيشون في ألمانيا، أو الذين قرؤوا عنها، سيضحكون أكثر من غيرهم على هذا "الهَبَل" الذي صدر عن الوزير عمرو سالم، فارتفاع الأسعار الذي يحصل عندهم طفيف، ومدروس، ولا يشبه الانهيار الذي يحصل في سوريا ويبلغ حدود الكارثة.. ارتفاعُ الأسعار عندهم تسبقه، أو تتزامن معه، أو تتبعه زيادةٌ في دخل المواطن، سواء الذي يعمل عند الدولة أو في القطاع الخاص، وأما العاطلون عن العمل، فلا يوجد ضمن الـ 82 مليون ألماني، إضافة إلى اللاجئين، عاطل عن العمل واحد لا يقبض من دائرة العمل (job center) مبلغاً محسوباً على السِنْتْ، يكفيه للطعام والشراب والمواصلات، ناهيك عن أن سكنه مؤمن.. والحقيقة؛ أن مَن يصف ألمانيا بأنها دولة غنية يظلمها، فالأصح أن نستخدم التعبير الشعبي الحلبي فنقول إنها دولة "زنكينة طَقَّانة"، وبالأمس القريب جرى الحديث عن تخصيص مئة مليار يورو، من الوفر العام، لأجل التسليح، مقابل 800 مليار يورو، التقدير الأولي لإعادة إعمار ما خربه بشار الأسد والجيش العقائدي السوري خلال السنوات الأخيرة، وأما عن البطاقة الذكية، فالمراقبون السياسيون المبتدئون يعرفون أنه قلما تعثر في ألمانيا على شيء غير مُؤَتمت، والبطاقات الإلكترونية (الذكية) على قفا من يشيل، وهي دولة تعمل على توفير الطاقة البديلة منذ زمن طويل، وَضَعَتْ، للتخلص من السيارات التي تعمل بالديزل والبنزين، خطة يجري تنفيذها منذ زمن طويل، وقد صارت السيارة الكهربائية شائعة في طرقات ألمانيا، بالإضافة إلى شبكة القطارات الجبارة التي تعمل كلها على الكهرباء، والكهرباء عندهم، لعلمك، فائضة عن الحاجة، وفي مقابل البطاقة الذكية التي أتى بها النظام السوري ليزيد في قهر الشعب، (التي انفلت عمرو سالم بالضحك وهو يذكرها)، عندهم سيارات حديثة، تبرمجها قبل انطلاقك إلى هدفك، وتتركها تسير بنور الله - كما غنى محمد الطوخي – تدعي وتقول يا رب، تسرع وتبطئ وتأخذ اليمين أو تقف، بحسب مستجدات الطريق، بينما السائق يقلب صفحات السوشيال ميديا على جواله. 
إذا تحوّل الباحث عن الشخصيات السورية الطريفة إلى رَحَّالة، ودار على كعبيه مدنَ العالم، وبلداته، وقراه، وكفوره، ودساكره، ومَشَّطَها تمشيطاً، فإنه يستحيل أن يعثر على رجل يريد أن يوجه تحية لجيش بلاده، مثل زهير عبد الكريم، فينزل إلى حيث يقف جندي مسكين يحرس باب مؤسسة حكومية، وينحني على بوطه العسكري، ويأخذ منه مجقة (يبوسه).. والمخرجون والممثلون الكبار في مختلف أرجاء العالم كله، ينتقدون رؤساءَ بلادهم حينما يخطئون، مثلما فعل المخرج الأميركي مايكل مور الذي احتج على حرب أميركا على العراق، وقال لجورج بوش عار عليك.. وهم يحبون أوطانهم حقيقة وليس دجلاً، ولكنهم قلما يصرحون بذلك؛ لأن حب الوطن سلوك، وليس تصريحات إعلامية، ومع ذلك؛ إذا أراد الواحد منهم أن يصرح بحب الوطن فمستحيل أن يقول، مثلما قال دريد لحام: إذا حفي وطني أنا صرمايته! والحديث عن الصرماية والبوط، أصبح شيئاً متداولاً ضمن أدبيات المحور الإيراني كله، من دريد لحام، إلى كوثر البشراوي، إلى وزير الإعلام السابق الذي تشدق بالقول إن على مَن غادر سوريا، إذا أراد العودة إليها، لا بد له أن يفعل مثل زهير عبد الكريم.
الحقيقة أن كل الشخصيات السورية التي تصدر عنها تصرفات مضحكة يمكن أن توضع في كفة، والمحلل السياسي الاستراتيجي خالد العبود في الكفة الثانية، وإنه لقادرٌ، في ظني، أن يأتي، في كل مقابلة تلفزيونية، بجديد، وما إنْ يتفوه بهذا الجديد، وتُرفع المقابلة على اليوتيوب، حتى تنتشر أقواله في مختلف أرجاء الأرض كالنار في العشب الهشيم؛ ابتداء من يوم رفض العودة في حديثه إلى المربع الأول، وصولاً إلى تخيله أن وزير الدفاع الروسي قد جاء إلى دمشق ليستأذن من بشار الأسد باجتياح أوكرانيا، وأن بشار أذن له بذلك! يقول هذا بلغة عربية سليمة، واختصار شديد، عدا التفريعات الأدبية التي يلجأ إليها، فتوحي بأنه قائد عسكري عارف بأمور الشيفرة، كقوله إن السيارة التي تسير في شوارع دمشق هي نفس السيارة التي تسير في شوارع موسكو.