حرب أوكرانيا لم تعد شبحاً.. تحركات دبلوماسية وعسكرية مكثفة في أوروبا

2022.02.12 | 21:33 دمشق

2022-02-11t162552z_1788950564_rc2shs9q3q9t_rtrmadp_3_ukraine-crisis-russia-belarus-drills.jpg
+A
حجم الخط
-A

الأزمة الأوكرانية تقسم العالم، هذه المرة إلى أكثر من معسكر، فلم تعد الحرب الروسية على أوكرانيا شبحاً يخيم على أوروبا، بل أصبحت حدثا تتشكل معالمه مع تزايد الحشود العسكرية الروسية على الحدود الأوكرانية وتلويح واشنطن ومن ورائها حلف الناتو بالرد على خيارات موسكو مهما كانت.

بدأت الحرب استخبارياً وإعلاميا، مع كثافة المعلومات الأميركية التي ترجح حدوث غزو روسي لـ كييف في الأيام المقبلة، تحدث آخرها عن وقوعه عقب نهاية الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين التي زارها بوتين خلال افتتاح الألعاب، وحصل فيها على دعم الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي يعاني مشكلة مشابهة مع بايدن في ملف تايوان.

ودعا بوتين وشي جين بينغ في بيان مشترك إلى "حقبة جديدة" في العلاقات الدولية ووضع حدّ "للهيمنة الأميركية". وأكدا أنّ موسكو وبكين "تعارضان أي توسيع للحلف الأطلسي مستقبلاً".

ألمانيا المدمنة على الغاز الروسي والعضو المهم في الناتو تبدو حائرة، فهي ثاني أكبر شريك تجاري لروسيا بعد الصين، وستعاني بالتالي من أية عقوبات اقتصادية ضد موسكو إضافة إلى تضررها من توقف مشروع غاز نورد ستريم 2، وهو ما أكده بايدن للمستشار الألماني أولاف شولتس.

وبانتظار تفاصيل الاتصال الهاتفي بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين يبقى كل شيء مطروحا على الطاولة، في وقت يكثف فيه الحرس الخاص الأوكراني تدريباته لحماية العاصمة كييف، لأن موسكو قد تسعى للإطاحة بالحكومة الموالية للغرب وتختصر على نفسها طريق الحرب.

البيت الأبيض أعلن أن بايدن أبلغ بوتين بأنه إذا غزت روسيا أوكرانيا سيكون هناك رد حاسم وسريع، وهو ما كررته واشنطن أكثر من مرة.

كما أعلن مسؤول بالرئاسة الفرنسية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يقل شيئا خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم السبت يشير إلى أنه يستعد لغزو أوكرانيا.

وأوضح المسؤول للصحفيين بعد أن تحدث ماكرون وبوتين عبر الهاتف لمدة 90 دقيقة تقريبا "لا نرى ما يشير في تصريحات الرئيس بوتين إلى أنه سيمضي قدما في الهجوم".

وأضاف "رغم ذلك نحن متيقظون ومتأهبون جدا تجاه الموقف (العسكري) الروسي من أجل تجنب الأسوأ"، لافتا إلى أن فرنسا ستوصي الآن بأن يتجنب الفرنسيون السفر إلى أوكرانيا.

ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن الجيش الروسي قوله: إن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ونظيره الأميركي لويد أوستن بحثا القضايا الأمنية في اتصال هاتفي اليوم السبت.

الولايات المتحدة كانت قد قررت إرسال 3 آلاف جندي إضافي إلى بولندا خلال الأيام القليلة المقبلة "لمحاولة طمأنة حلفاء الناتو"، الأمر الذي وصفه مسؤولون بأنه "انتشار كبير".

ونقلت وكالة "رويترز" عن أربعة مسؤولين أميركيين أن القوات الأميركية التي ستنشر ستكون من الفرقة 82 المحمولة جوا والمتمركزة في فورت براج بولاية نورث كارولينا، وليس من داخل القوات الأميركية في أوروبا.

وتوقعوا وصول القوات الجديدة إلى بولندا بحلول الأسبوع المقبل، ما يعني أن المجال مازال مفتوحا لمزيد من المناورات السياسية والعسكرية.

في ميناء كونستانتا الروماني على البحر الأسود، وصلت تعزيزات عسكرية أميركية فجرا وتضم عتادا ثقيلا و 1000 جندي إضافي إلى قاعدة جوية هناك، بحسب وكالة أسوشييتد برس.

كان هذا مؤشرا آخر على تعزيز المعدات العسكرية الثقيلة حول البحر الأسود الاستراتيجي حيث توجد قواعد لروسيا وأوكرانيا وثلاث دول من حلفاء الناتو. 

وقال الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ من كونستانتا: "من هنا في منطقة البحر الأسود، على طول الطريق إلى بحر البلطيق، يتقدم الحلفاء لتعزيز وجود الناتو في هذا الوقت الحرج وسترحب بلغاريا المجاورة لرومانيا بالطائرات الإسبانية لتعزيز الوجود القوي للحلف".

وحذر ستولتنبرغ من أن "هناك خطر حدوث غزو كامل"، لكنه أضاف أن هناك تهديدات أخرى كامنة أيضا، "بما في ذلك محاولات الإطاحة بالحكومة في كييف".

في مياه البحر الأسود أيضا، وصلت السفن الحربية التابعة لأساطيل البلطيق والشمال الروسي إلى خليج سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم، والذي ضمته روسيا في عام 2014. وتنضم هذه السفن إلى العديد من السفن المماثلة التي تعد جزءا من أسطول البحر الأسود الروسي، مما يزيد من قدرتها على الإنزال البرمائي.

وأعلنت موسكو عن تدريبات واسعة في البحر الأسود وبحر آزوف في الأيام المقبلة وأغلقت مناطق واسعة أمام الشحن التجاري، مما أثار احتجاجا قويا من أوكرانيا.

وخارج الحدود الشمالية لأوكرانيا، بدأت روسيا وحليفتها بيلاروسيا 10 أيام من المناورات الحربية، والتي تتضمن تدريبات مكثفة بالذخيرة الحية.

وقبل أن تهدد روسيا أوكرانيا، كان إقليم دونباس جنوب شرق أوكرانيا البؤرة التي تقلق أوروبا، بعد سيطرة الانفصاليين الموالين للروس عليه عام 2014، وربما يكون ضمه على غرار شبه جزيرة القرم حلا مؤقتا يرضي بوتين ويسكب الماء على فتيل الحرب لأهمية الإقليم الاستراتيجية والاقتصادية لموسكو.

الحرب التي بدأت إعلامياً تتجه إلى ذروتها يوميا، وتوضح مقاطع الفيديو للتعزيزات العسكرية الروسية المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي قرب الحدود الأوكرانية، حجم الرعب الذي تثيره قعقعة الآليات العسكرية، فهل تصلح أوكرانيا أن تكون ساحة لإحياء الحرب الباردة أم أنها ستلحق بشبه جزيرة القرم؟