icon
التغطية الحية

جمال سليمان: عودة السوريين إلى بلادهم حق مشروع وليست كرم أخلاق من أحد

2021.11.24 | 15:50 دمشق

120161113732615.jpg
اعتبر سليمان أن الانقسام الذي حصل في المجتمع السوري أدى إلى حواجز من الدم والكراهية وعدم الثقة والعداء - الإنترنت
إسطنبول - متابعات
+A
حجم الخط
-A

أكد الفنان والمعارض السوري جمال سليمان، أن عودة السوريين إلى وطنهم هي "حق مشروع كمواطنين، وهي ليست تعاطفاً أو كرم أخلاق من أي أحد، ومع ذلك ما زال قرار رجعتنا إلى الوطن ممنوعاً"، مشيراً إلى أن "القصة لا تتعلق بالزملاء الذين لديهم رأي أو موقف إيجابي، ويدعون زملاءهم للعودة رغم أن كلامهم هو مصدر أمل ويستحقون التحية عليه".

وفي حوار مطوّل أجرته معه صحيفة "النهار" اللبنانية، قال سليمان إنه "أجبر على ترك البلاد، خصوصاً بعد دخول الأمن إلى البيت وتحطيمه"، مضيفاً أنه "عندما تكون هناك حملة كبيرة عبر مواقع التواصل تتهمه بالخيانة والعمالة وأنا لست ساذجاً لأن ما أراه يعبر عن الرأي العام، أما الكتائب الإلكترونية الموجهة والمنظمة تستطيع تقليب الناس ضد أشخاص معينين، فبالتالي نحن معرضون للاغتيال معنوياً وشخصياً".

وأوضح سليمان أنه "أمام العالم أجمع لم يبقَ شيء إلا أن يطلقوا الرصاص علينا، ونحن نعلم أن هناك العديد من الأشخاص ليسوا متطرفين ولا إرهابين، وإنما وطنيون جداً ويبحثون عن سلم سياسي بعيداً عن الفوضى والقتال، لكنهم اختفوا في السجون ولم نعد نعلم عنهم شيئاً".

من حقنا الاختلاف سياسياً وليس على فكرة المواطنة

وحول انقسام المجتمع السوري، قال الفنان السوري إن "الانقسام الهائل الذي حصل في المجتمع السوري، أدى إلى حواجز من الدم والكراهية وعدم الثقة والعداء، وهذا بالطبع شيء خطير في أي مجتمع، وبالتالي أعتقد أنه لا يمكن ردم هذا الشيء إلا من خلال أمور عديدة جداً أهمها طبعاً المشروع السياسي الوطني وهو أن يجتمع السوريون وأن يشعروا أنهم أصحاب فكرة مشتركة في الوطن والمستقبل، وأن يكون لهم ثقة في الدستور وبالبلد، وأن ينتخبوا بإرادتهم الحرة ممثليهم في السلطة التشريعية أو التنفيذية في البلاد".

وأشار إلى أن "هناك جانباً آخر على مدى المتوسط والبعيد، وهو مسألة التعليم من جهة والخطاب الثقافي من جهة أخرى، والذي يكون مضمونه العمل الفني على كل أنواعه ومن الممكن أن يلعب دوراً كبير جداً بتحقيق المصالحة الوطنية في المقومات السورية، وإعادة ترميم الهوية الوطنية السورية لجميع السوريين".

وأضاف سليمان أن "الفن يساعد على تخطي كل أنواع التطرف ويشمل الديني وغير الديني، وكي يتجاوز المرء هذا التطرف يجب أن يخلق الحكاية المشتركة بين الناس وأن تقول لهم إن حكايتنا وآلامنا  وخسائرنا واحدة".

وأشار إلى أنه "جميعنا أصحاب مصلحة بأن ننظر إلى المستقبل، ونبني حياة أفضل من التي مضت، أي حياة قائمة على السلم والأمن والإحساس بالانتماء إلى الوطن بمعنى المواطنة المتساوية، ولا أحد يتميز عن أحد لا بالانتماء العرقي ولا  الطائفي".

وشدد على أنه "من حقنا أن نختلف سياسياً، لكن ليس من حقنا أبداً أن نختلف على فكرة المواطنة، لأن المواطنة ليست مسألة انتماء فقط، يجب أن تكون قائمة على الإرادة الحرة، وعلى الحقوق والواجبات".

 

دور الفن في القضية السورية

وعن دور الفن في القضية السورية، قال سليمان "أرى أن الفن يلعب دوراً كبيراً، لأن السوريين يحتاجون اليوم أن تُروى لهم الحكاية على حقيقتها، والحكاية العظيمة هي تلك التي لبست باللون الأسود أو الأبيض فقط، بل يجب أن يتخللها تدرجات بالألوان، ولا يوجد طرف ممكن أن يكون على حق 100% ولا أن يكون طرف على باطل 100%".

وأوضح أنه "عندما تصل الناس إلى هذه القناعة يصبح التصالح والاتحاد والتعامل سهلاً، وأن ترجع الحياة إلى مسارها الطبيعي، كما أن إعادة بناء سوريا ليست مسألة طرقات ومستشفيات ومصانع، فهذه الأمور مهمة طبعاً، لكن لا تتوقف هنا، نحن نريد إعادة مجتمع وأن نبني مجتمعاً".

يجب أن يكون هناك تعليم، وأن نمنع التطرف عن عقول الأطفال وفي الوقت نفسه يجب أن يبقى الإنسان حراً ومسؤولاً ويعرف كيف يمارس حقوقه بالإضافة إلى الثقافة والتي هي الطب الوقائي للمجتمع".

 

هل ستعود سوريا كما كانت

ورداً على سؤال عما إذا كانت سوريا ستعود يوماً ما، أكد سليمان أن "على الإنسان أن يمتلك الأمل على الدوام"، مشدداً على أنه "بالطبع سترجع.. لكن متى وكيف هذا شيء لا أنا ولا غيري يستطيع أن يحكم فيه، لأن هناك عدة توقعات وتنبؤات سواء من قبل العرّافين أو المنجمين أو من قبل السياسيين على اختلاف مواقعهم أن هذه السنة ستكون آخر سنة حرب، والسنة القادمة ستنهي سوريا مشكلاتها، وستتوقف الحرب".

وأضاف أن "مسار الأحداث يعطي انطباعاً أن ما تم ذكره من إيجابيات هو مجرد أمنيات، لكن الواقع شيء آخر، وبرأيي أن سوريا لديها وقت ليس بقليل، وما يتم وصفه في الوضع الراهن على أنه الانتصار هو في الحقيقة وهم، لأن الانتصار هو أن تعود سوريا ويعود السوريون جميعهم، وأن يكون هناك مشروع وطني مشترك".

وتساءل الفنان السوري "كيف نسميه انتصاراً وهناك الملايين من السوريين منتشرون في أصقاع الدنيا، بالإضافة إلى مليوني سوري خارج التعليم؟".

وعن نفسه، قال سليمان "أنا إنسان بعيد عن وطنه إلى ما يقارب الـ10 سنوات، ولم أتخيل يوماً أنني سأبتعد لهذه الدرجة عن سوريا، هناك العديد من المدن التي استمتع بزيارتها، وأنا أيضاً من الأشخاص الذين يحبون السفر ومن الذين يملكون نظرة نقدية تجاه بلدي".

وأوضح أنه "لست من الأشخاص المتعصبين، بمعنى أن لا أنتقد بلدي أو لا أتقبل نقداً من أحد، مع ذلك أرى أن الأشخاص الذين لديهم نظرة نقدية تجاه بلادهم على ما يبدو هم من يكنون حباً لبلادهم أكثر، لأن علاقتهم بوطنهم تكون صادقة وغير زائفة أو قائمة على قصائد شعرية لا معنى لها غير الكذب والوهم".

آخر أعماله

وعن آخر أعماله، قال سليمان إنه باشر تصوير مشروع توقف السنة الماضية، يحكي سيرة حياة ملك ليبيا الأول والأخير، إدريس السنوسي، بالإضافة إلى عمل مشترك في لبنان، تدور أحداثه في عشرينيات القرن الماضي، وتتوزع بين دمشق وبيروت.

وأشار إلى أنه "لطالما شجع ورحب بإنتاج أعمال سورية لبنانية، لأنه يوجد العديد من القضايا المشتركة في حياتنا، والأعمال الفنية هي أبعد من مجرد مسلسلات بعيدة عن الواقع".

يذكر أنه إلى جانب شهرته كممثل ومخرج مسرحي، برز اسم الفنان المعارض جمال سليمان في صفوف المعارضة، إثر تأييده للثورة السورية التي انطلقت في العام 2011، وقد تسبب ذلك في فصله من "نقابة الفنانين"، كما أنه عضو في "منصة القاهرة"، و"هيئة التفاوض" المعارضة السورية.