تطورات حرب غزة ومراحلها ومآلاتها القادمة واحتمالات توسعها..

2024.01.11 | 18:14 دمشق

تطورات حرب غزة ومراحلها ومآلاتها القادمة واحتمالات توسعها..
+A
حجم الخط
-A

مع دخول الاعتداءات والعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة شهرها الرابع، فالوقائع الميدانية تقول إن الجيش الإسرائيلي لايزال مستمرا دون أي رادع أخلاقي إنساني أو دولي بارتكاب أبشع وأفظع أنواع المجازر الدموية بحق المواطنين الغزاويين بكافة فئاتهم، والعمل بكل ما يملك من صلف وإجرام وترسانات برية وجوية وبحرية على إحالة أحياء ومناطق كاملة في القطاع بكل ما فيه من بنى تحتية ومشاف ومدارس وأسواق إلى أثر بعد عين، ناهيك عن حالة الحصار والتجويع المفروض وتشريد أكثر من مليون ونصف من أهالي غزة داخليا، والتضييق عليهم أمنيا ومعيشيا في كل مناطق النزوح.

من خلال المتابعة فإن رئيس الوزراء نتنياهو وفي كل ظهور له يكرر أقواله ويؤكد بأنه سيقاتل حتى النصر، ولن يوقف الحرب حتى يستكمل جيشه جميع الأهداف المرسومة منذ بداية العمليات، والتي حددها بالقضاء على (حركة المقاومة الإسلامية حماس) وإنهاء حكمها وإطلاق سراح جميع الرهائن، وإقامة منطقة أمنية عازلة مع غلاف غزة. وأن ليس أمام حماس على حد وصفه إلا خيارين لا ثالث لهما، الاستسلام أو الموت، وأن حكومته وأركان حربه لن تسمح بأن يشكل القطاع بعد الآن منطلقا لأي أعمال تهدد أمن إسرائيل.

من ناحية ثانية تتوالى التصريحات التي يدلي بها مسؤولون حاليّون وسابقون في إسرائيل يتحدثون فيها عن الصعوبات والمشاكل الميدانية الكثيرة التي يواجهها جيشهم في عملياته الحربية وخاصة البرية منها في القطاع، وتكبده خسائر وصفت بأنها الأفدح منذ حروب عديدة خاضها. وعليه ومن كل ما تقدم يبدو أن نتنياهو وحكومة حربه وحسب كل التحليلات قد استسهلوا العملية وتفاءلوا كثيرا ووضعوا أهدافا غير واقعية وأسقفا مرتفعة وصعبة إن لم نقل أنها ووفق معطيات عدة أنها مستحيلة التحقيق في حربهم على غزة، وأن هذه الحرب في جميع مراحلها السابقة واللاحقة لن تكون كما كان يعتقد نتنياهو بأنها من الممكن أن تكون نزهة أو يستطيع من خلالها أن يحقق جيشه الانتصار السريع وغير المكلف فيها، فها هي 3 أشهر مضت بكل ما فيها من ويلات على كافة الأطراف دون أن يستطيع رئيس الوزراء وحكومة حربه وجيشهم الفاشي أن يحققوا أية مكاسب نوعية وميدانية لافتة تحسب لهم على الأرض، أو أن يتمكنوا بالقوة من تحرير ولو أسير واحد من الأسرى الذين أسرتهم حماس في بداية عملية طوفان الأقصى، لا بل ليس ذلك فحسب فالوقائع الميدانية ويوميات الحرب تقول إن الجيش الإسرائيلي قد علق وغرق في أوحال مستنقع غزة الاستنزافي ولايزال وكما هو واضح  يتكبد وبشكل يومي خسائر فادحة بالأرواح والمعدات، وخاصة في صفوف ضباطه وألوية وكتائب النخبة لديه، وهذا ما حدث للواء جولاني الذي تم سحبه من معارك القطاع بعد انهيار قدراته العسكرية وخسارة أكثر من نصف حجم قواته وعتاده الميداني.

ميدانيا ورغم القصف الهمجي والإجرامي الذي طال كل شيء في غزة، فإن حركة حماس لاتزال حقيقة تحسن حتى الآن إدارة المعركة بشكل مميز وكفاءة عالية، ولاتزال كتائب القسام ذراعها العسكري تتمتع بالقدرات القتالية اللافتة والقدرة على العمل والمناورة في جميع محاور القتال كوحدات قتالية احترافية مختصة، كما أنها عمليا لاتزال تحتفظ بورقة الأسرى وتحتجز حوالي 130 رهينة إسرائيلية وهذا الأمر بدوره ما عقد وسيعقد الحسابات والمهام القتالية للجيش الإسرائيلي بشكل دائم، ناهيك عن الضغط الذي تتعرض له هذه الحكومة من الشارع وأهالي الأسرى من إمكانية قتلهم على يد جيشهم بالقصف العشوائي، وهذا كله قد يجبر حكومة الحرب الإسرائيلية وبضغط أميركي أوروبي متواصل على تغيير تكتيكاتها والانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب، أي الانتقال من مرحلة التدمير والقصف المكثف والاجتياحات الواسعة إلى الاغتيالات والهجمات الدقيقة والعمليات الجراحية من قبل قوات المهام الخاصة. وبهذا فإن إسرائيل تأمل أن تخفف المرحلة الجديدة من الحرب عبء الخسائر الميدانية والتداعيات الاقتصادية الكبيرة التي لحقت مؤخرا بالاقتصاد الصهيوني، والتكلفة المادية الكبيرة لاستدعاء جنود الاحتياط، ناهيك عن أن المرحلة الجديدة ستأتي في إطار توجه نتنياهو لإطالة مدة الحرب ومعها عمره السياسي والبقاء ما أمكن على رأس الحكومة قبل السقوط القادم والمدوي له.

هل ستتوسع الحرب وتدخل فيها جبهات أخرى

صحيح أنه في الآونة الأخيرة كثرت الأحداث التي ترتبط بشكل أو بآخر بالحرب على غزة، فناهيك عن ازدياد عدد الاستهدافات للقواعد الأميركية في سوريا والعراق وتصاعد الأحداث في منطقة البحر الأحمر، وإعلان الولايات المتحدة الأميركية عن تشكيل تحالف دولي متعدد الجنسيات لحماية التجارة العالمية في المنطقة، وتأكيد جماعة الحوثيين على المضي في عملياتهم العسكرية تجاه السفن المتوجهة نحو إسرائيل، ولكن الأهم من كل هذا هناك تصعيد أكثر للاستهدافات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله واتخاذها منحى أكثر حدة وعمقا، ولكن نستطيع القول إنه ورغم كل ذلك فالمعطيات الميدانية وسير الاستهدافات تشير إلى أن الطرفين (إسرائيل وحزب الله) وعلى ما يبدو راضين عن الحفاظ على قواعد الاشتباك الحالية وحرصهم الشديد على عدم تطويرها ووصول المناوشات إلى مستويات أعلى توجب معها فتح الجبهات وحدوث حرب إقليمية ومواجهات مفتوحة بين الطرفين _مواجهات_ قد تكون كارثية عليهما معا أو على أحدهما على الأقل، وخاصة على إيران وحزب الله ولبنان وذلك بعد تهديدات نتنياهو بإحالة بيروت إلى غزة ثانية وقيام واشنطن برفع العصا الغليظة ووجود حاملات الطائرات والبوارج الأميركية في المنطقة، وتحذيرها المستمر من محاولات أية أطراف أخرى الدخول في الصراع أو العمل على توسيع دائرته، وهذا بالتأكيد ما انعكس جليا عند قيام تل أبيب قبل أيام عدة ودون أية حسابات أخرى بغارة جوية مستفزة واغتيالها لنائب رئيس المكتب السياسي لحماس الشيخ صالح العاروري في قلب الضاحية الجنوبية أهم معاقل حزب الله في لبنان، رغم تحذيرات حسن نصر الله السابقة، ناهيك عن اغتيال العميد رضي موسوي مسؤول عمليات إيران والحرس الثوري في سوريا والتزام إيران وحزب الله وأمينه العام الصمت إلا من تصريحات وتهديدات فارغة لاتسمن ولا تغني من جوع.

ختاما.. حقيقة وبعد دخول الحرب على غزة شهرها الرابع فالمجريات والمعارك الميدانية في كافة محاور القتال تقول إنه لا يزال من المبكر التنبؤ بكيف ومتى ستنتهي هذه الحرب، وعمليا فكل الوقائع والأحداث تشير إلى أنه إذا لم تنته الحرب ولم يتم التحرك دوليا لوضع حل للمأساة الحقيقية الجارية في غزة منذ أشهر والتوصل إلى تسوية ترضي كافة الأطراف قريبا فقد ينتهي الأمر إلى مالا تحمد عقباه واشتعال الجبهات في الشرق الأوسط كله.