شجرة موت و"بابا دراكولا" في سوريا

2018.12.12 | 00:12 دمشق

+A
حجم الخط
-A

إنها ليست شجرة ميلاد، تلك التي نصبها النظام ومريدوه في اللاذقية، مباهين برسالة المحبة التي نبتت "هنا" وانطلقلت لتضيء العالم!.

إنها شجرة موت، كل ورقة فيها مصنوعة من عجينة لحم الأطفال السوريين المذبوحين، ومصبوغة بدمائهم التي زوّرها النظام وأحالها خضراء عن طريق مزجها بحقده الأسود، أو بمركبات كيميائية صفراء يتقن "بشار الكيماوي" التفنن في صناعتها بحيث تلائم الأطفال حصراً، ولربما كان ينكّهها بالموز كي يمنحهم موتاً ألذّ!.

وإن كلَّ "بابا نويل" تشاهدونه في شوارع سوريا الآن، ما هو إلا غولٌ مفخخ بالكراهية، كيسه مملوءٌ عن آخره بألعاب الموت وأشكال التعذيب ودُمى الخوف.. فإن رأيتموه ففرّوا منه فراركم من الأشباح أيها الأطفال.

وكأنه قد صار لزاماً علينا نحن السوريين أن نخاف الفرح ومظاهره!، فالذي يجثم على صدورنا إنما يستخدم مفرداتِ الفرح أدواتِ قتل وترهيب.. محققاً -وفق زعمه- غرضين من خلال رسالتين: خارجية تقول للعالم انظروا كم هو نظام سِلْم، وداخلية مفادها أنْ سأقتلكم فيما أقول للعالم إني أحييكمْ!.

ولشدة حرصه على "الصحة النفسية" للسوريين، الأطفال منهم خصوصاً، يُشاع أن نظام "الرقة والنبل والحياء.." قد منع لعبة "بوبجي" العنيفة

هذا النظام الذي ارتكب أفظع وأبشع ما يمكن أن يقترفه مخلوق، حتى من غير الآدميين، يصرُّ على ارتداء قناع لا يمكن بحال من الأحوال أن يناسب قياس وجهه

في سوريا، حفاظاً على ترابط الأسرة وتوزان علاقتها وسلامة صحة أفرادها نفسياً وجسدياً، فله وحده حق انتهاك وتدمير تلك الحقوق، وسيكون مؤلماً وغير منطقي أن تُخرَّب أسرة أو تُنتهك حياة أو يموتَ فرد أو تبتر أطراف طفل... بمعزل عن نظام الأسد أو بغير أدواته وإرادته.

هذا النظام الذي ارتكب أفظع وأبشع ما يمكن أن يقترفه مخلوق، حتى من غير الآدميين، يصرُّ على ارتداء قناع لا يمكن بحال من الأحوال أن يناسب قياس وجهه. فلجرائمه -ناهيك عن الشكل- روائح وطعوم وألوان لا يمكن إخفاؤها، ويكفي أن العالم بأسره ما زال مزكوماً حتى قاع ضميره بروائح الغازات الكيميائية التي خنقت آلاف الأطفال وخلّفت في الذاكرة قرحاً لا يندمل ولا تمَّحي آثاره بتعاقب السنين.

ومن تجليات هذا القناع -غير شجرة الميلاد/الموت، وغير بابا نويل/دراكولا- سَوْقُ وسائل إعلام النظام تقارير عن تعرض اللاجئين السوريين في شتاتهم إلى ممارسات عنصرية هنا أو مضايقات هناك!.. فهو قلق على مواطنيه في تركيا، وأوروبا، وخصوصاً في فرنسا الآن مع اشتداد أزمة احتجاجات "السترات الصفراء"، ولذا فقد أرسل إليهم بكل محبة وحرص رسائل حنين عساها تحملهم إلى ضفاف بردى مجدداً، وتحديداً إلى بر الأمان في معتقلات الأمن العسكري أو الجوي، وربما يمنحهم رفاهية الاختيار ما بين فنادق "صيدنايا" أو "المزة العسكري"، ومن شاء العودة إلى عقر داره، فثمة سجون متاحة وثمة سجانون يعذبون بنكهة محلية!.

الاتحاد الوطني لطلبة سوريا يشعر بالقلق على الطلبة السوريين في باريس، ويطالبهم بتوخي

لا تسأل عن مصير مليون وسبعمئة ألف طفل سوري محروم من التعليم بسبب حرب "الأسد" على الشعب، وفق آخر إحصائية لمنظمة الطفولة "اليونسيف"، هؤلاء سيعوضهم "الأسد" بأن يفخّخهم بالجهل والفرح المزيف

الحيطة والحذر في باريس، وخصوصاً شارع الشانزلزيه، وذلك بسبب عنف الشرطة الفرنسية في مواجهة "ثورة السترات الصفراء".. هذا الخبر ليس مزحة أبداً، بل يمكن مطالعته على معرفات "الاتحاد الوطني لطلبة سوريا" في وسائل التواصل الاجتماعي.. أما عن مئات آلاف الطلاب المفصولين، والشهداء، والمشردين، والذين حُرموا تعسفياً من استكمال تحصيلهم العلمي، فلا تسأل..

وكذا لا تسأل عن مصير مليون وسبعمئة ألف طفل سوري محروم من التعليم بسبب حرب "الأسد" على الشعب، وفق آخر إحصائية لمنظمة الطفولة "اليونسيف"، هؤلاء سيعوضهم "الأسد" بأن يفخّخهم بالجهل والفرح المزيف، ولأجل هؤلاء نُصب فخّ شجرة الميلاد/الموت، وبغية اصطيادهم سيجول بابا نويل/دراكولا الشوارع، فوليمة عيد الميلاد لا تطيب إلا بنكهة لحمهم الطريّ.

كلمات مفتاحية