icon
التغطية الحية

تأنٍ روسي في معركة إدلب يواكبه حشد سياسي وعسكري تركي

2018.09.13 | 20:09 دمشق

وصول قافلة تعزيزات عسكرية تركية إلى ولاية هطاي المحاذية للحدود السورية (الأناضول)
تلفزيون سوريا - ماهر وكاع
+A
حجم الخط
-A

يخضع ملف منطقة خفض التصعيد الأخيرة؛ إدلب لجولة مفاوضات ثانية، بعد أن فشلت قمة طهران بوضع خارطة طريق واضحة تتفق عليها دول أستانا الثلاث.

رفع الرئيس التركي من حدة خطابه خلال القمة التي تعمدت إيران نقل نقاشاتها كاملة على الهواء مباشرة، دون علم المسؤولين الأتراك والروس، وفق ما ذكرت وسائل إعلام تركية. وقال أردوغان إن بلاده لا تريد "أبدًا" أن تتحول إدلب إلى بحيرة دماء، وقال إن المعارضة السورية تشعر بـ "الخداع" بعد ماحل بمناطق خفض التصعيد الثلاث (شمال حمص، الغوطة، درعا).

ونقلت الكاميرات السجال الذي دار حول البيان الختامي، حيث طلب أردوغان إضافة كلمة هدنة إلى المادة الثالثة من البيان قائلاً: "أرى أنه إذا أضيفت كلمة هدنة فإن هذا سيضفي عليه قيمة أكبر". وأضاف "إذا توصلنا إلى إعلان وقف لإطلاق النار هنا، فسيشكل ذلك إحدى النتائج الأكثر أهمية لهذه القمة، وسيهدئ إلى حد كبير السكان المدنيين".

ولم يعترض الرئيس الإيراني على المطلب التركي، لكن ذلك  لم يرق  للرئيس الروسي الذي جاوب أردوغان بـ: "أرى أن الرئيس التركي محق عموماً، من شأن هذا أن يكون جيدا، لكن لا يمكننا التحدث باسمهم، خصوصا باسم إرهابيي جبهة النصرة أو داعش، ولا أن نطلب منهم الكف عن إطلاق النار أو عن استخدام الطائرات دون طيار والقنابل".

وفي النهاية تمت صياغة بيان القمة بطريقة مواربة، ما ترك الباب مفتوحاً لجميع التأويلات، حيث أشار إلى معالجة الوضع بإدلب وفق "جوهر أستانا"، مع التأكيد على ضرورة فصل هذه المنظمات "الإرهابية" عن فصائل المعارضة.

القمة خرجت بـ "مهلة"

"أنا على يقين تام أنه بدون تضامننا مع عملية أستانا، لا يمكن أن يؤدي ذلك إلى نتيجة إيجابية، لذا أقترح أن نعزز التنسيق فيما بيننا من خلال وزارات الخارجية، والإدارات العسكرية ومن خلال القوات الخاصة". كان ذلك آخر تصريح لبوتين في القمة، وهو يعطي إشارة إلى استمرار النقاش التركي الروسي حول إدلب.

والرئيس التركي صرح أيضاً لصحف تركية من طائرة العودة قائلاً إن "المباحثات ستتواصل بين الفرق التقنية من الدول الثلاث، ونأمل أن نصل إلى نتيجة إيجابية". كما نقلت عنه صحيفة روسية: "اتفقنا على أن تناقش وفود أستانا كل شيء، ثم نلتقي ونتخذ قرارا نهائيا".

وسيجتمع ممثلو روسيا وتركيا وفرنسا وألمانيا في 14 أيلول، بإسطنبول لوضع أجندة قمة رباعية، ويبدو أن بوتين وأردوغان سيناقشان على هامشها ما تتوصل إليه "فرق أستانا" حول إدلب.

تركيا تحرك الغرب

بعد حصول الأتراك على "مهلة جديدة" من قمة طهران دون "هدنة"، بدأوا العمل على حشد ميداني وسياسي، من خارج "إطار أستانا"، افتتحه الرئيس التركي بسلسة تغريدات على تويتر باللغات التركية والعربية والفارسية والروسية والإنجليزية، رفعت حدة الخطاب تجاه النظام ومن خلفه روسيا لاستقطاب دعم الغرب الذي لم يبتعد كثيراً عن "خط الكيماوي الأحمر".

وقال أردوغان "صرحنا في قمة طهران اليوم وبكل وضوح عن أن الأساليب التي تتجاهل سلامة أرواح المدنيين السوريين لن تكون لها أية فائدة سوى أنها تخدم الإرهابيين (...) في حالة تجاهل قتل عشرات الآلاف من الأبرياء من أجل مصالح النظام، لن نكون شركاء ومتفرجين في هكذا لعبة".

وأتبع أردوغان تغريدات بمقالة في صحيفة "وول ستريت جورنال" تدعو الغرب للوقف في وجه النظام وتحذر من عواقب وخيمة لاقتحام إدلب، قال فيها: "هجوم النظام سيخلق أيضاً مخاطر إنسانية وأمنية خطيرة لتركيا وأوروبا ودول أخرى."

وحصل الموقف التركي على تأييد من واشنطن، حيث قالت مندوبتها في مجلس الأمن نيكي هيلي خلال اجتماع ناقش والوضع في إدلب "أي إجراء في إدلب سيكون عملًا متهورًا من قبل النظام، وإذا استمر مسلكه على هكذا حال فستكون هناك عواقب كارثية".

وفي تطور لافت قال وزير الخارجية الفرنسي: "إن القصف العشوائي الذي تشنه القوات الروسية والإيرانية وقوات نظام الأسد على محافظة إدلب قد يصل إلى حد جرائم الحرب".

"تصدير" اللاجئين

الحشد السياسي رافقه تهديد بأوراق أخرى، حيث لم يتوقف المسؤولون الأتراك عن التحذير من موجة لاجئين جديدة قد تجتاح أوروبا، مصدرها إدلب التي يسكنها نحو 4 مليون إنسان. والتصريح الأبرز في هذا الخصوص جاء من وزير الداخلية التركي الذي قال: "إن مسؤولية أي موجة هجرة تبدأ من هناك (إدلب) لا تعود إلينا". المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن قال أيضاً: "هذا الأمر سيثير موجة نزوح جديدة باتجاه تركيا، ومن هنا إلى أوروبا وأماكن أخرى".

تصريح آخر من بولنت يلدريم رئيس هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (İHH)، قال فيه: "مسألة إدلب لا تخصّ تركيا فحسب، بل تخص دول الاتحاد الأوروبي أيضاً، ففي حال لم يتدخلوا لمنع استمرار القصف في إدلب، فإن تركيا مضطرة لفتح الطريق أمام اللاجئين للتوجه إلى أوروبا". 

وأيّد الأتراك مندوب فرنسا في مجلس أمن قائلاً: "إن شن عملية عسكرية في إدلب من شأنه أن يتسبب في أزمة هجرة هائلة إلى شمال تركيا وربما أوروبا ومناطق أخرى من العالم".

حشد عسكري

نشاط تركيا السياسي رافقه حشد عسكري على الحدود ومن خلال تعزيز نقاط المراقة التركية (12 نقطة) خلف الحدود السورية التركية، ونشرت وكالة الأناضول بشكل يومي عن وصول قوافل عسكرية إلى الولايات الجنوبية، دون أن تأكد ذلك وزارة الدفاع. كما قالت صحيفة "يني شفق" التركية، إن الجيش أصدر تعليمات إلى الجيش السوري الحر المتمركزة في عفرين وإعزاز وجرابلس والباب والراعي، بالاستعداد لـ"التعبئة العسكرية".

ونقلت وكالة رويترز عن مصادر تركية ومن المعارضة السورية (لم تسمها) أن تركيا أرسلت جنوداً ومركبات مدرعة وعتاد إلى الحدود، وأكد مصدر أمني كبير -بحسب الوكالة- أن الجيش عزز 12 نقطة مراقبة داخل إدلب نفسها.

وقال المصدر التركي: "لدينا وجود عسكري هناك وإذا تعرض الوجود العسكري لضرر أو هجوم بأي شكل، فسيعتبر ذلك هجوما على تركيا وسيقابل بالرد المطلوب". كما قال قيادي كبير في المعارضة إن تركيا أرسلت دبابات بالإضافة إلى قوات خاصة إلى إدلب، وزادت أيضاً الإمدادات للفصائل في إدلب في الأيام القليلة الماضية بما في ذلك الذخيرة والصواريخ.

في سياق التصعيد التركي كشفت وسائل إعلام تركية بشكل مفاجئ عن عملية نوعية لجهاز الاستخبارات التركية تمكّن فيها مِن جلب مخطّط تفجير قضاء "الريحانية" في ولاية "هاتاي" جنوب تركيا، مِن قلب مدينة اللاذقية.

تأنٍ روسي

خارج أسطوانة الهجوم الكيميائي المدبر، وضرورة محاربة "الإرهابيين" في إدلب، بدأ الروس بالحديث  عن إرجاء الهجوم على إدلب، وأول تصريح أشار إلى ذلك صدر عن ألكساندر لافرينتييف مبعوث بوتين الخاص،  الذي اعتبر مهمة فصل "المعارضة المعتدلة" عن "الإرهابيين" من اختصاص تركيا، وقال "إذا تحدثنا عن التأجيل، فيمكن تأجيل محاربة التنظيمات الإرهابية أسبوعا أو أسبوعين أو 3 أسابيع. ولكن ماذا بعد ذلك؟ يجب حل هذه القضية بشكل جذري عاجلا أم آجلا. ولذلك فإن الأمر يتوقف على قدرة المجتمع الدولي على المساعدة في فصل المعارضة المعتدلة الموجودة في إدلب عن المتطرفين".