icon
التغطية الحية

8 ساعات قاتلة قبل حرب تشرين: وثائق إسرائيلية تكشف عن "المفاجأة" العربية؟

2023.10.06 | 06:36 دمشق

جولدا مائير وموشي ديّان
جولدا مائير وموشي ديّان
تلفزيون سوريا - خاص
+A
حجم الخط
-A

خمسون عاما مرّت على اندلاع معركة ظلت كثير من تفاصيلها حبيسة الأدراج؛ حرب 6 تشرين/ أكتوبر 1973، أو ما يطلق عليها إسرائيل حرب يوم الغفران (الكيبور) . 

يستعرض موقع تلفزيون سوريا ما كشفه الأرشيف الإسرائيلي الرسمي حديثاً من وثائق عن الساعات الثماني الأخيرة قبل اندلاع الحرب والمؤشرات التي نقلها الموساد إلى القيادة الإسرائيلية للتحذير من هجوم سوري مصري وشيك وما جرى في الاجتماع الأخير الذي ضم مسؤولين إسرائيليين في الحكومة والجيش والاستخبارات وتركز فيه النقاش على استعدادات الجيش الإسرائيلي لتلقي الضربة المحتملة وحديث عن ضربة إسرائيلية استباقية.

تكشف الوثائق أن أول معلومة وصلت إلى إسرائيل مؤكدة (بنسبة تزيد على 90%) عن نية سوريا ومصر شنّ هجوم مشترك كانت في الساعة الرابعة من فجر 6 تشرين الأول 1973 أي قبل نحو 8 ساعات من بدء المعركة التي انطلقت فعليا في الساعة 14:00 من اليوم ذاته.

وجاء في الأرشيف الإسرائيلي أن رئيسة الوزراء جولدا مائير استيقظت في صباح يوم 6 أكتوبر 1973، في تمام الساعة 03:50 صباحا على مكالمة هاتفية من سكرتيرها العسكري، يسرائيل ليئور. 

وأخبر ليئور في المكالمة الهاتفية رئيسة الوزراء عن رسالة عاجلة تلقاها من رئيس الموساد تسفي زامير، الذي ذهب إلى لندن للقاء "مصدر رفيع المستوى" وهو الجاسوس المصري أشرف مروان.

وورد في رسالة زامير أن مصر وسوريا على وشك شن هجوم مشترك على إسرائيل في ذلك المساء. تبع ذلك وصول برقية إلى مكتب رئيس الوزراء تتضمن التقرير الكامل من زامير، مع معلومات مفصلة عن الخطة المصرية مع توقع نسبة تنفيذ بلغت 99%.

وأكدت الرسالة الواصلة من لندن أن الهجوم سيبدأ بقصف جوي ومدفعي على أهداف إسرائيلية في صحراء سيناء ويستمر بعبور قناة السويس والاستيلاء على شريط على طولها، وهجمات جوية وبحرية وكوماندوز. 

وسيحاول الجيش المصري السيطرة على شريط يبلغ عرضه نحو 10 كيلومترات، وسيتم اتخاذ قرار التقدم أكثر وفقا للنتائج. 

كما سيبدأ "الجيش السوري" في الوقت نفسه هجوما على مرتفعات الجولان من أجل استعادة الأراضي التي فقدها في عام 1967.

رسالة رئيس الموساد تسفي زامير التحذيرية (الأرشيف الإسرائيلي)

"كنت أعرف أن هذا سيحدث"

صدمت رسالة زامير رئيسة الوزراء الإسرائيلية التي علقت عليها بالقول: "كنت أعرف أن هذا سيحدث يا إسرائيل – ماذا نفعل الآن؟".

ودفعتها الرسالة للانطلاق فورا إلى مكتبها في تل أبيب. وعند الساعة 07:30 كانت مائير في مكتبها تطلع مرة ثانية على تقرير زامير.

وبعد حصولها على تفاصيل التقارير الكاملة، بدأت في التحرك على مستويين الأول هو التحقق من استعدادات الجيش والمستوى الثاني كان جهودا دبلوماسية حثيثة مع الولايات المتحدة للعمل على تجنب اندلاع الحرب أو لتسريع عمليات الإمداد بالأسلحة في حال اندلاعها.

وعند الساعة 08:05 عقدت جولدا مائير اجتماعا ضم وزير الدفاع موشي ديّان ورئيس فرع المخابرات في جيش الدفاع الإسرائيلي ومسؤولين آخرين.

وتمحور اللقاء حول قضيتين؛ الأولى هو مدى تعبئة الاحتياطيات، وهو الأمر الذي اختلف عليه الخبراء العسكريون، حيث طالبت هيئة الأركان العامة بتعبئة واسعة النطاق للقوات المقاتلة، في حين اقترح وزير الدفاع تعبئة جزئية فقط. 

ضربة استباقية

أما النقطة الثانية التي نوقشت في الاجتماع فكانت شن ضربة عسكرية استباقية؛ إذ عرض في الاجتماع أهمية الإقدام على هذه الخطوة، على أن يكون الهدف النهائي منها تدمير سلاح الجو السوري، وضرب الصواريخ المضادة للطائرات، وإعطاء سلاح الجو الإسرائيلي حرية العمل في أثناء القتال، الأمر الذي عارضه وزير الدفاع آنذاك موشي ديان.

بدورها رفضت مائير أيضاً أي تحركات لتوجيه ضربة استباقية على الجبهات وعرضت "الصعوبات السياسية" التي ينطوي عليها الأمر، من منطلق أن "إسرائيل" ستحتاج إلى دعم دبلوماسي أميركي كبير ومساعدات عسكرية كبيرة في الأيام المقبلة.

وبحسب ما ورد في الأرشيف الإسرائيلي فإن مائير "استلهمت" قرارها من النصيحة التي قدمها هنري كيسنجر للسفير الإسرائيلي السابق في واشنطن، إسحاق رابين، والسفير سمحا دينيتز، بعدم وضع إسرائيل بموقف تتهم فيه بشن الحرب، مما قد يؤثر على المساعدات الأميركية التي تتلقاها.

وبذلك، انتهى الاجتماع لتتوجه مائير فورا لملاقاة السفير الأميركي في إسرائيل كينيث كيتنغ والتقته عند الساعة 10:15 صباحا وأخبرته بالنية السورية المصرية لشن الهجوم وأكدت للسفير أن إسرائيل لن تشن هجوما استباقيا "رغم أن ذلك سيجعل الوضع أسهل بكثير".

وأخبرت مائير السفير بضرورة أن يعلم الجانب السوري والمصري أن "إسرائيل كانت على علم بخططهما وسوف ترد بقوة".

واقترحت على السفير أن تستمر الولايات المتحدة في محاولة التحدث مع المصريين والسوفييت من أجل منع اندلاع الحرب. 

القصف يبدأ خلال الاجتماعات

وفي الساعة 12:00 أي قبل ساعتين من الهجوم السوري المصري بدأ اجتماع حكومي عاجل، استعرض فيه موشي ديان التقارير التي تفيد بأن الحرب كانت على وشك الاندلاع في الساعة 18:00 واستعدادات الجيش الإسرائيلي للهجوم.

وكانت التقارير المطروحة في الاجتماع بمنزلة مفاجأة لعدد من الوزراء الذين لم يطلعوا على معلومات داخلية في الأيام القليلة الماضية.

وركزت جولدا مائير على "الاعتبارات السياسية" التي دفعتها إلى اتخاذ قرار بعدم توجيه ضربة استباقية، تلا ذلك جدل حول كيفية التعامل مع السوريين لو فتحت مصر النار.

وقالت رئيسة الوزراء إنه ليس من المؤكد متى ستبدأ الحرب، وقد تكون الساعة الرابعة عشرة هي الساعة المقصودة، وبينما كانت تتحدث، سُمع دوي صفارات الإنذار، ودخل ليئور وأعلن أن السوريين أطلقوا النار، والمصريون أيضا على ما يبدو.

وكان رد فعل جولدا بحسب الأرشيف الإسرائيلي: "لقد فاجؤونا إذن، بعد كل شيء.. أنا غاضبة لأنهم فاجؤونا"، وكررت ذلك عدة مرات خلال الساعات المقبلة.