icon
التغطية الحية

1500 حالة شهرياً.. "الجَرَب" يغزو مخيمات المهجّرين شمال غربي سوريا

2023.09.15 | 05:49 دمشق

مخيم السكة إدلب
مخيم السكّة للمهجّرين في ريف إدلب (تلفزيون سوريا)
+A
حجم الخط
-A

 

سجّلت منظمة "أطباء بلا حدود" الدولية أكثر من 5700 إصابة بـ"الجَرَب" الجلدي، في مخيمات النازحين بريفي إدلب وحلب، خلال أشهر الصيف الماضية، ضمن موجة إصابات عالية ألمّت بمنطقة شمال غربي سوريا، في حين تسجّل المنظمة نحو 1500 إصابة شهرياً عبر فرقها النقّالة.

وعلى الرغم من تسجيل المنظمة أعدادا مرتفعة من الإصابات، إلا أنها تتوقع وقوع أعداد أكبر في المنطقة، إذ إن الإصابات المسجّلة لديها تشمل المناطق التي استجابت لها فقط وهي: إدلب، حارم، سلقين، سرمدا،  معرة مصرين، وجنوب غربي إدلب، ودارة عزة غربي حلب.

في هذا السياق، تقول بتول نجّار - مشرفة الأطباء في منظمة "أطباء بلا حدود" بإدلب - لـ موقع تلفزيون سوريا: "لا نستطيع التأكّد من الأعداد الكلية للمصابين بمرض الجرب في شمال غربي سوريا، ونعمل في عدد قليل من المخيمات مقارنةً بأعداد المخيمات الهائلة في المنطقة، ونتوقّع وجود مئات الحالات لم نكتشفها أو نصل لها بعد".

ولا تنفصل الإصابات عن تدهور الواقع الخدمي والبنى التحتية في مخيمات النازحين المهجّرين، التي يُعدّ نقص الخدمات من مياه وإصحاح ونظافة، وانتشار شبكات الصرف الصحي المكشوفة وغير المنظمة من أبرز انتشار المرض بين صفوف سكّانها.

ما هو مرض الجَرَب؟

تقول الطبيبة بتول عن مرض "الجَرَب"، بأنه "مرض طفيلي معدٍ بشدّة، يسبّب حكة جلدية شديدة، ينتج عن سوس ناقب صغير يسمى القارمة الجربية، ويسبب حكة جلدية شديدة في المنطقة التي ينقب فيها السوس، ويمكن أن ينتقل بسرعة من خلال المخالطة اللصيقة عند العيش في المسكن نفسه (بين أفراد الأسرة أو في المدارس والتجمّعات السكنية مثل المخيمات والسجون ودور رعاية المسنين)، كما يمكن أن ينتقل عن طريق ملامسة الأدوات الشخصية للمريض مثل الملابس وأغطية السرير".

وتضيف: "يظهر الجرب عادةً بين أصابع اليدين والقدمين والإبطين وباطن الرسغين وباطن القدمين وحول السرة والفخذ، وعلى الإليتين وحول الأعضاء التناسلية.

وذكرت "نجار" أنّ "أعراضه تبدأ خلال أيام قليلة من التعّرض للقارمة الجربية، على شكل حكة جلدية شديدة في الليل خاصّةً. وما يميز الجرب عن غيره من الأمراض الجلدية هو الأنفاق التي تحفرها القارمة في الجلد لتضع بيوضها، ثم يظهر خدوشا جلدية نتيجة الحكة الشديدة".

أعداد ضخمة

تسعى "أطباء بلا حدود" عبر برنامجها العلاجي إلى حصار مرض "الجرب"، خاصةً في مجتمعات المخيمات، وأطلقت في هذا الصدد حملتين للعلاج والتوعية بالمرض، واستجابت إلى نحو 40 مخيماً في ريفي إدلب وحلب، بعد التنسيق مع فريق "الترصد الوبائي" التابع لها، المنتشر في المجتمعات المحليّة.

تقول "نجار" إنّ "المنظمة أطلقت حملتين: الأولى عبر عيادات نقّالة، مؤلفة من طبيب وممرض وعامل توعية صحية، شخّصت نحو  1107 حالات جرب، واستمرت نحو 7 أيام".

وتزايد أعداد الإصابات خلال الأشهر القليلة الماضية، دفع المنظمة إلى إطلاق حملة ثانية استهدفت 29 مخيماً واستمرت 10 أيام، حيث انطلقت الحملة على شكل أربع عيادات نقّالة، وتم إجراء 4614 استشارة جلدية من بينها 4138 حالة جرب.

وحول التدخل الطبي، أوضحت "نجار" أنّ "الحملات شخّصت الحالات وزوّدتها بالأدوية اللازمة، شملت مصابين وغير المصابين ممن يسكنون تحت سقف واحد، لمنع انتشار المرض بين أفراد العائلة الواحدة في حال إصابتهم بشكل جزئي".

واستخدمت المنظمة في مواجهة المرض "أدوية القضاء على القارمة الجربية، وأدوية تخفيف الحكة الناتجة عن الجرب، ومعقمات للوقاية من حدوث إنتان ثانوي وأدوية لتخفيف الألم الناتج عن الحكة الشديدة".

نسب مرتفعة

تواجه مقاومة مخيمات النازحين للأوبئة الجلدية ومنها "الجرب"، تراجع الخدمات وغياب البنى التحتية وشروط النظافة، الأمر الذي جعل مخيم "السكة" قرب بلدة حربنوش في ريف إدلب، من المخيمات التي سجّلت نسبة إصابات مرتفعة بـ"الجرب".

يقول مدير المخيم طلال علي الصطوف لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ "نسبة الإصابات في المخيم وصلت لـ 10 في المئة، من السكّان، أي ما يقارب الـ100 إصابة، خلال فترة زمنية قصيرة، وذلك بسبب تشارك السكّان في دورات المياه والخزّانات".

ويضيف: "يحتاج المخيم إلى تحسين في شبكة الصرف الصحي، ودورات المياه، إضافة إلى سلال النظافة، التي تشكّل حاجزاً منيعاً لمواجهة الأمراض الجلدية".

وإلى جانب ذلك، تَعتبر الطبيبة "نجّار" أنّ "عامل الاكتظاظ السكاني في مقدمة أسباب انتشار مرض الجرب، حيث يصعب على الكوادر الطبية السيطرة على المرض في ظل وجود مئات الأشخاص ضمن المخيم الواحد، والذي يكون في بقعة جغرافية صغيرة، فضلاً عن وجود العديد من الأشخاص وقد يصل عددهم لأكثر من ستة في الخيمة الواحدة، ما يفسح المجال واسعاً أمام انتشار المرض".

ومخيم "السكة" واحد من المخيمات الـ40 التي استجابت لهم منظمة "أطباء بلا حدود" عبر حملتيها وعيادتها الدائمة في المخيم، إذ بدأت الحالات بالتماثل للشفاء، وفقاً لـ"الصطوف"، الذي أضاف أنّ "المنظمة سيطرت على المرض، بعد تنسيق فريق الصحة المجتمعية الموجود في المخيم، مع أطباء بلا حدود، وقدّمت العلاج المناسب، والحالات في تحسّن كبير".

كيف نتجنب الجرب؟

تقدّم بتول نجّار - مشرفة الأطباء في منظمة "أطباء بلا حدود" بإدلب - عدداً من التوصيات لمواجهة "الجرب" أبرزها: الحفاظ على النظافة الشخصية، والابتعاد عن الأماكن المزدحمة والتأكد من غسل ملابس الشخص المصاب بشكل مستقل عن الآخرين، ونشر الملابس تحت ضوء الشمس لمدة ثلاثة أيام على الأقل، وتعزيز تهوية الخيم.

وتشير إلى "ضرورة تنظيف مكان المعيشة جيداً سواء كان منزلا أو خيمة، وتنظيف الحمام وأغطية الفراش بشكل دوري، وتطبيق إجراءات العزل على الشخص المصاب عند الاشتباه بإصابته فوراً، إلى جانب تجنب الملامسة المباشرة للحيوانات المصابة كالكلاب والقطط".