icon
التغطية الحية

يد إيرانية تمتد إلى المنازل الأثرية بدمشق وتغير ملامح أزقتها | صور + فيديو

2024.02.17 | 18:27 دمشق

يد إيرانية تمتد إلى المنازل الأثرية بدمشق وتغير ملامح أزقتها
يد إيرانية تمتد إلى المنازل الأثرية بدمشق وتغير ملامح أزقتها
+A
حجم الخط
-A

تتمدد يد إيران إلى داخل أحياء دمشق القديمة، مستهدفة منازل الدمشقيين وممتلكاتهم، إذ باتت عيون ميليشياتها تتربص البيوت القديمة ذات القيمة التاريخية داخل تلك الأحياء منتهزة ما توفره حكومة النظام السوري من تسهيلات وضغوط على أصحاب تلك الأملاك، وتحولها فيما بعد لمشاريع سياحية.

تقول رهام، وهي ناشطة تلتقط بعدستها تفاصيل الأحياء القديمة: "هذه ليست دمشق التي نعهدها، المتجول فيها يشعر أنه في أحد أحياء إيران التي باتت تستوطن هذه الأزقة على حساب تهجير أهلها وأصحابها".

تغيرت ملامح حي الأمين الدمشقي حتى الجذور إذ بات يطلق عليه اسم جعفر الصادق، وتقام بين أزقته وبشكل متواصل طقوس دينية غريبة عن روح المنطقة. أيادي الميليشيات الإيرانية في سوريا، لم تعد تحكم الضغط على الزناد فقط، بل تجاوزت ذلك لتصل إلى منازلهم وتاريخهم لسلبها، بالترغيب تارة والترهيب والإجبار في كثير من الأحيان.

يقول عبد الرحمن لتلفزيون سوريا وهو من أبناء حي العمارة: "لدينا بيت دمشقي قديم إرثنا الوحيد عن أبي، لي ولستة من إخوتي، لوقت قريب لم يكن أحد من الورثة يفكر في البيع، قبل سبعة أشهر أبلغتنا وزارة السياحة بعد الكشف بضرورة إخلاء المنزل بحجة أنه يحتاج إلى ترميم عاجل".

وأضاف: "في هذه الأثناء وُضعنا أمام خيارت صعبة إما البيع أو الإخلاء من دون شروط واضحة، وفي حال الرفض فأنت مجبر على دفع تكاليف الترميم الباهظة وبالدولار وجميع هذه الخيارات كانت خارج إطار مخططات العائلة التي كانت تفكر في الإبقاء على المنزل كحلقة ربط تذكرنا بالماضي، إلى أننا ومع زيادة الضغط اضطررنا في نهاية الأمر إلى بيع المنزل تفاديا لخسائر أكبر".

"ميليشيا عقارية"

نشطت أخيراً ما يُطلق عليها الأهالي اسم "ميليشيا عقارية" في شارع حي الأمين، وتحديداً في الجانب الشمالي بالقرب من باب توما، إذ يسيطر أصحاب المكاتب العقارية "الشيعة" على نحو 70 في المئة من السوق، بحسب تاجر عقارات في المنطقة.

ويؤكد، في تصريح لموقع تلفزيون سوريا، إنه وبعد أن أصبح تملك العقارات متاحاً للأجانب القادمين من خارج سوريا، اشترى إيرانيون ما نسبته 40 في المئة من حجم العقارات المباعة في حارة الجورة بحي الأمين.

وأضاف: "بيع خلال الشهر الماضي بيت عربي بمساحة 100 متر مؤلف من فسحة سماوية وليوان 3 غرف للمعيشة في الطابق السفلي وغرفتين علويتين بسعر 150 ألف دولار، وكان المشتري إيراني الجنسية".

وأشار إلى أن منزلاً آخر مشابهاً في حي باب توما، بمساحة 350 متراً، اشتراه عراقي من النجف بسعر 372 ألف دولار، مبيناً أن الإيرانيين يتصدرون قوائم المُشترين، يليهم العراقيون واللبنانيون.

ويتركز استملاك القادمين من إيران بالتحديد للعقارات المجاورة للمقامات الشيعية مثل مقام السيدة رقية، حيث استملكوا نحو نصف العقارات من النسبة المذكورة آنفاً في الأحياء القديمة، ويُسلمون هذه المشاريع لسوريين من أبناء طائفتهم لإدارتها.

ويضيف تاجر العقارات أن المستملكين الإيرانيين مدعومون بالأموال من قبل حكومتهم بهدف التوسع في المنطقة على حساب السكان الأصليين لدمشق القديمة، بينما العراقيون واللبنانيون يدفعون الأموال، بدءاً من شراء العقار وانتهاء بالترميم وعمل الديكورات للمشاريع السياحية، من جيوبهم بعد الحصول على التصريحات اللازمة من قبل وزارة السياحة ومجلس محافظة دمشق.

ويتمتع هؤلاء بمزايا كثيرة أهمها تمكنهم من الحصول على تصاريح الترميم وإنشاء المشاريع السياحية في هذه المنازل من دون عوائق، كما يوضح أبو جاد الذي يعمل في نطاق تسهيل المعاملات الحكومية (معقب معاملات).

حكومة النظام بدورها تقدم تسهيلات كبيرة بزعم أنها تعمل على إنعاش الحركة الاقتصادية والسياحية في المنطقة، وخاصة لما يسمى بالحجاج الشيعة كونها تنتفع منهم بشكل كبير ويضخون أموالا بعملات أجنبية خلال زيارتهم للعاصمة دمشق في مواسم الزيارات أو "موسم الحج".

وأخيرا بدأ أصحاب العقارات الجدد بالترويج لمشاريعهم عبر إقامة فعاليات دينية بأسعار منافسة فيما بينهم لاستقطاب السياح الشيعة من الخارج.

قلة قليلة تقاوم التغيير الديمغرافي

يتباهى الدمشقيون سكان الأحياء القديمة بمنازلهم الأثرية القديمة ذات الطراز المعماري المميز، وتعتبر هذه البيوت ثروة، لا سيما في وجه التمدد الإيراني الذي يسعى لتغيير هوية المنطقة، فهي لم تكتف بوضع يدها على جميع المقامات المقدسة في المدينة، بل راحت تستغل اليوم تفاقم سوء الوضع الاقتصادي للأسر السورية المالكة، فيضطر بعض أصحاب المنازل مجبرين على بيعها لتحسين وضعهم المعيشي أو لتسفير أحد أبنائهم هرباً من الخدمة الإلزمية، في حين تقاوم شريحة صغيرة هذه الممارسات وتتمسك بممتلكاتها، بحسب أحد التجار في شارع الأمين.

في نهاية المطاف، تتحول معظم تلك المنازل إلى مطاعم سياحية ومقاهي خاصة في أحياء شارع الأمين والدرويشية والقيمرية وهي أحياء مستهدفة بشكل مركز، في حين يقف بعض المسؤولين المستفيدين في حكومة النظام إلى جانب "ميليشيات العقار"، يسهلون البيع ويعرقلون أعمال الترميم، ويجبرون الأهالي على بيع ممتلكاتهم، وهي سلسلة بدأت بحرائق المحال التجارية وتهجير أصحابها بحجة إعادة التأهيل ولا يبدو أنها ستنتهي عند هذا الحد.