icon
التغطية الحية

وقائع ميدانية تفرضها حرب غزة.. طهران تراعي بايدن في انتخاباته

2023.10.31 | 08:04 دمشق

آخر تحديث: 31.10.2023 | 08:04 دمشق

قصف غزة
بيروت - صهيب جوهر
+A
حجم الخط
-A

لا يمكن لأي من الفاعلين الإقليميين أن يتجاهل حجم العقبات التي تحول دون أولى خطوات الحل السياسي لما يجري في قطاع غزة وغلافها، امتداداً إلى كل الجبهات التي فُتحت أو تلك المرشحة للاشتعال في أي لحظة، فالسقوف العالية التي رفعتها إسرائيل لعمليتها العسكرية تحت عنوان "إنهاء حماس" جعلتها في مواجهة مفتوحة قد لا تنتهي قريباً مع عملية "طوفان الأقصى". وعليه، تتزايد الأسئلة مَن في قدرته حسم هذا المسار؟ وهل من قوة دولية مؤهّلة لدور الوسيط النزيه؟

إسرائيل المترددة بعد الصفعة

في هذا الإطار يعتبر مصدر دبلوماسي عربي رفيع لـ"تلفزيون سوريا" أن الدوائر السياسية الإقليمية لا ترى نهاية قريبة للحرب في غزة ولا حتى أي وقف لإطلاق النار، بل على العكس هناك تحضير لمراحل جديدة لا تقل خطورة عن تلك التي مرت في ظل التدفق الكبير للسلاح الذي تحصله إسرائيل من الولايات المتحدة ودول أوروبية.

ويعتقد المصدر أن القلق من استمرار الحرب يُظهر بوضوح مع اعتذار أكثر من عاصمة عربية في الدخول بدور في ملف تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، خشية أن تستخدم حكومة نتنياهو الملف للمناورة والضغط أكثر على عواصم المنطقة للقبول بمسارات التهجير، وبالتالي، تحميل أوزار ما قد يحدث للدولة الفاعلة في ملف الوساطة.

ولأن الحكومة الإسرائيلية تريد أثماناً ميدانية تؤدي إلى إنهاء حركة حماس والقضاء على نفوذ إيران داخل الساحة الفلسطينية، والسعي لتثبيت حل الدولة اليهودية من خلال واقع ميداني جديد يمتد للضفة الغربية والقدس أيضاً، فسياسة اليمين الإسرائيلي قائمة على أساس الدولة الواحدة وليس الدولتين، ما يعني أن اقتراح إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة يناقض هذا التوجه.

 

ويشير المصدر إلى أن حماس التي تلوح بورقة تبادل الأسرى لوقف الحرب، تقابلها رغبة الجيش الإسرائيلي على استغلال نقاط الضعف العسكرية التي يمكن النفاد من خلالها لترسيخ معادلة ميدانية جديدة. لكن الإدارة الأميركية تشير لكل حلفائها الإقليميين بتخوفها المفرط من افتقار إسرائيل لأهداف عسكرية قابلة للتحقيق، وهذا ما ترجم بتقدير الموقف الذي سلمته قيادة المنطقة الوسطى العسكرية الأميركية إلى المخابرات العسكرية الإسرائيلية تقول إن الواقع الميداني يؤشر إلى صعوبة التوغّل البري.

ويعتبر المصدر أن العملية التجريبية التي أجراها الجيش الإسرائيلي لاختبار جاهزية حماس أظهَرت نتائج صادمة لقوات النخبة الإسرائيلية التي وقعت بمصيدة كتائب القسام، لذلك يؤكد المصدر أن الإدارة الأميركية اقترحت على وزارة الدفاع الإسرائيلية والتي تشهد حالة تصدع واضح، استبدال التوغل البري بعمليات تطول أهدافاً مُنتقاة بعناية وتكون بمنزلة المفاصل الأساسية التي تقف عليها حماس.

وهي لذلك عمدت إلى عدة خطوات، حيث أرسلت فرقة الدلتا المتخصصة بتحرير الرهائن إضافة إلى ذخائر وقنابل ذكية متطورة مخصصة لاختراق الأعماق، إلى جانب متخصصين في استخدام غاز الأعصاب لشل حركة المجموعات القتالية الأخرى. ولذلك، يستعد البيت الأبيض للإعلان عن دعم مالي كبير جديد لإسرائيل يصل لنحو 20 مليار دولار.

إيران وحسابات الانتخابات الأميركية

بالتوازي لا تزال إيران ومجموعاتها يستخدمون ورقة التلويح بفتح الجبهات الأخرى لتجميد التوغل البري. فهي تدرك أن الحرب الإقليمية هي آخر ما يريده الرئيس الأميركي جو بايدن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الحاسمة بالنسبة له ولحزبه. لكنها تدرك أيضا أنه لا يجب تجاوز حد معين في المعركة ربطاً بمصالحها الإقليمية ومصير الاتفاق النووي والإفراج عن الأموال المجمدة، بحيث تصبح المسألة المناورة بدلاً من إحراج الإدارة الأميركية.

أضف إلى ذلك، أن طهران تدرك كمية الضغوط التي يتعرض لها البيت الأبيض من الحزب الجمهوري في الكونغرس الذين يدفعون باتجاه الحسم العسكري ضد حماس ورفض القبول بأي هدنة أو وقف لإطلاق النار.

لذا فإن استهداف القواعد الأميركية بقي تحت سقف محدد ومدروس وبوتيرة محدودة وعبر أنواع مسيرات غير متطورة وهو ما يؤدي إلى أضرار محدودة جدا. وجاءت الغارة الأميركية على مواقع الحرس الثوري شرقي سوريا لتؤكد وجوب عدم التمادي بالهجمات والضربات.

ولأن الطرفين مقتنعين أن الظروف الانتخابية الأميركية لا تحتمل سقوط إصابات كبيرة للجيش، وبالتالي فإن اللعبة على حافة الهاوية. ولهذا السبب نشر البنتاغون نحو 900 جندي جديد في الشرق الأوسط متخصّصين في عمل بطاريات الدفاع الجوي للارتفاعات من نوع "ثاد" وبطاريات باتريوت. على اعتبار أن هامش المغامرة ضيق وغير متوقع.

تثبيت وقائع جديدة؟

بالمقابل يعتبر المحلل السياسي جوني منير أنه وعلى اعتبار أن المخاطر مرتفعة والمفاجآت واردة، باشرت واشنطن بمعالجة النقص الاستراتيجي في مخازن الذخائر والأسلحة بعدما أدّت حربا أوكرانيا وغزة إلى استهلاك كثير منها. لا بل طلبت واشنطن من حلفائها الأوروبيين العمل مثلها على زيادة إنتاج مخزون الذخائر ورفع مستوى إنتاج المصانع الحربية. ذلك أن القيادة العسكرية الأميركية تحسب لاحتمالات اتساع رقعة المواجهات خصوصا إذا تدحرج الوضع ودخل حزب الله إلى الحرب.

ويشير منير أن واشنطن تضع دائماً في حساباتها التحوّط من احتمال نشوب حرب في شرقي آسيا، ولو أن احتمالاتها ضعيفة جداً لكن لا بد من وضعها في الحسبان، وهنا لا بد أيضا من الإشارة إلى الاستنتاجات التي تخرج بها دوائر إنتاج الأسلحة حول فاعلية الأسلحة الجديدة، والتي يجري اختبارها في أوكرانيا وغزة.

 

وبحسب منير فإنه وفي الوقت الذي تعمل فيه الدوائر المختصة للاستفادة من الميدان، تسعى روسيا لتحسين مواقعها في أوكرانيا وفي الوقت نفسه تراقب بانزعاج الترتيبات القائمة لإنجاز سلام سريع بين أرمينيا وأذربيجان، والذي تدفع به تركيا.

وبحسب منير فإن النظام السوري يسعى إلى استغلال الفرصة لتحقيق تقدم ميداني في إدلب، وهو ما لم توافق عليه روسيا لعدة أسباب. أما في الجنوب السوري فهناك مسارعة لتثبيت وتكريس صيغة الإدارة الذاتية من خلال استمرار الاحتجاجات ومشاركة وفد من درعا للمرة الأولى، وهو ما يعني أن غزة تدفع باتجاه تثبيت وقائع جديدة من خلال استغلال الظرف.

"الحزب" واللجوء إلى الخطط البديلة

بالمقابل تتكاثر الأسئلة حيال الخطط التي أعدها "حزب الله" لرفع الضغط عن قطاع غزة، ومن هذا المنطلق ومع غياب الموقف السياسي للنظام السوري والدفع بوجوهه السورية واللبنانية للتصويب على رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل وما يحكى عن تمنٍ سوريٍ من عدم استخدام الميدان السوري في المعركة.

لذا يلجأ حزب الله إلى استراتيجيته العسكرية المضبوطة، والتي يعتبر أنها ستضفي عليه شرعية سياسية في المرحلة المقبلة، وهو ما يسعى إلى مراكمته من خلال إشراك فصائل أخرى في العمليات العسكرية من الجنوب اللبناني، مع دخول قوات الفجر الجناح العسكري للجماعة الإسلامية إلى تبني إطلاق صواريخ والسماح بحرية الحركة لها ولحماس في مواقع ومرابض صاروخية في مناطق العرقوب وشبعا.

وتعتبر أوساط سياسية لبنانية متعددة أن الحزب وإذا ما استمرت المعركة بهذا الزخم قد يلجأ لمشاركة أطراف أخرى كالحزب الشيوعي والحزب السوري القومي الاجتماعي وسرايا المقاومة في ظل الاستنفار العسكري الحاصل والتعاون الجاري مع الجبهة الشعبية -القيادة العامة، وهذا ما يخيف الأطراف الداخلية المناوئة لحزب الله على اعتبار أن هذا المسار المفتوح للعسكرة سيرسخ وقائع جديدة ما بعد انتهاء الحرب، إلى ارتداد أنشطة كل هذه الجماعات والتنظيمات إلى الداخلين اللبناني والسوري، كنوع من السعي إلى ترسيخ النفوذ وتوسيع هوامشه على كل الأراضي اللبنانية، وذلك كله تحت عنوان محاربة العدو الإسرائيلي.

وعلى الرغم من حالة التبني الداخلي لمشروع المواجهة وحصره ضمن قواعد الاشتباك، لكن الأطراف الفاعلة تعتقد أنه سيزيد ويرفع من منسوب الشرخ الداخلي، لا سيما في ظل تنامي خطاب سياسي واضح رفضاً للانطلاق بالعمليات العسكرية من جنوبي لبنان، ما قد يدفع كثيرين إلى اعتماد مبدأ الانعزال أو الانفصال أو التقسيم، وخاصة مع تنامي النزعة

اليمينية لدى المسيحيين في لبنان بعد الفراغ الرئاسي ومحاولات إعادة النظام السوري إلى الحظيرة العربية.