icon
التغطية الحية

واشنطن بوست: يمنيون وأفغان وسوريون يفرون من الحرب الأوكرانية

2022.03.11 | 16:00 دمشق

2022-03-11t133809z_1753414000_rc2a0t9zyinm_rtrmadp_3_ukraine-crisis-border-romania.jpg
لاجئون أوكرانيون يصلون إلى رومانيا ـ رويترز
واشنطن بوست - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

كان قد خرج لتوه عندما ضرب وابل من الصواريخ الأحياء الواقعة في إحدى المدن الأوكرانية الشرقية.

يتحدث طالب الهندسة هذا عن خاركيف التي انتقل إليها قبل أكثر من سنة فيقول: "كانت مكاناً رائعاً للعيش وللإقامة، كانت عظيمة، لكني تركت كل شيء خلفي"، ثم طلب عدم نشر اسمه بالكامل لئلا يؤثر ذلك على طلب لجوئه الذي سيقدمه في إحدى الدول الأوروبية مستقبلاً.

فرض الغزو الروسي لأوكرانيا خيارات صعبة على بعض الناس الذين سبق لهم أن فروا هرباً من حرب أخرى، لتتلقفهم حرب ثانية ويهربوا منها من جديد.

فقد انضم هؤلاء إلى قرابة ما يزيد على مليوني نسمة خرجوا من أوكرانيا منذ غزو روسيا لها، ليشكلوا أسرع موجة نزوح شهدتها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

قصص الهروب 

ومن بين هؤلاء هنالك محللة بيانات أفغانية هربت من كابل إلى كييف بعد هيمنة طالبان على أفغانستان، لكنها ما لبثت أن ألفت نفسها تهرب للمرة الثانية خلال ستة أشهر، إذ فرت ماسوما طاجيك من العاصمة الأوكرانية وهي تحمل حقيبة الظهر ذاتها التي جلبتها من كابل، وفيها بعض الملابس وحاسوبها المحمول.

وهنالك تلك الأسرة التي وصل ابنها البالغ من العمر 11 عاماً إلى سلوفاكيا بمفرده، وقد كتب رقم هاتف على يده، بعدما سبق له أن فر قبل سنوات من سوريا، عندما تدخلت روسيا في الحرب الدموية عبر شن غارات جوية دعماً لبشار الأسد.

على مجموعات فيس بوك المخصصة للسوريين في أوكرانيا، ثمة رسائل كتبها لاجئون طلبوا من خلالها مساعدتهم في الخروج من البلاد، أو تأمين مأوى مؤقت لهم، أو إسداء نصيحة حول المكان الذي بوسعهم أن يذهبوا إليه بعد فرارهم من تلك البلاد.

تقول الأفغانية ماسوما طاجيك البالغة من العمر 23 عاماً: "عندما وصلت إلى كييف شعرت أن بوسعي أن أتنفس براحتي، والآن أحس بأنه لا شيء مضمون في هذه الحياة، ولهذا أعيش يومي كما هو".

وذكرت أن رفع "الحواجز والإجراءات البيروقراطية" قد يساعد أمثالها ممن مايزالون يبحثون عن ملاذ آمن ليبدؤوا منه من جديد، وأضافت: "لا أحد يستحق ذلك، فقد تركت صديقاتي في كابل بالطريقة ذاتها التي تركت فيها صديقاتي الأوكرانيات اليوم، ولهذا أشعر بالقلق عليهن وعلى أمنهن لأنهن رحبن بي في بيوتهن وبلدهن عندما خسرت بيتي ووطني".

لم يتمكن أحمد من قطع الحدود ليصل إلى بولندا إلا بعد مرور أيام ثلاثة، وعندما تمكن من الحديث إلى أهله في اليمن، لم يكن يرغب في إقلاقهم عليه، لذلك يقول وهو يضحك: "جعلتهم يعتقدون أني أقيم في فندق خمس نجوم".

بدت فكرة بقاء المرء محتجزاً في أوكرانيا تعيسة ولكن ليس كتعاسة الفكرة ذاتها عندما تعرض أحمد للعنف في بلاده، إذ يعلق على هذا بقوله: "في اليمن، كنا بين ظهراني أهالينا، لكنا وصلنا إلى مرحلة بتنا معها غير مكترثين سواء أبقينا على قيد الحياة أم فارقناها، وذلك لأن الأمور بخير طالما نحن معاً، ولكن الوضع يختلف تماماً هنا، لأننا لا نعرف كثيرا من الناس، ولذلك لم نستطع إيجاد مخرج بسرعة".

كان هنالك مئات من اليمنيين في أوكرانيا عندما اندلع النزاع خلال الشهر الماضي بحسب ما ذكره متطوعون يمنيون وغير يمنيين عملوا على جمع التبرعات عبر الشابكة لمساعدتهم.

وفي الوقت الذي يخبرنا فيه أحمد أن ظروفه أفضل من غيره بكثير، نجد أن الهروب قد هزه في الصميم، إذ يقول وهو في قطار يحمله باتجاه ألمانيا، حيث يأمل أن يلتقي بأحد أقاربه وأن يواصل الدراسة هناك: "أخاف من الاستقرار من جديد، وذلك لأن الأمور يمكن أن تتدهور مرة أخرى، وعندها لن نجد مكاناً نذهب إليه".

تمييز في المعاملة

هنالك كثير من الطلاب الأجانب أمثال أحمد، الذين هرعوا للفرار من أوكرانيا، بينهم عرب وأفارقة وجنوب آسيويين، لكنهم ذكروا أنهم عوملوا بطريقة مختلفة عن طريقة التعامل مع الأوكرانيين البيض في أثناء محاولتهم الهروب من أوكرانيا، إذ ذكر بعضهم أنه لم يسمح لهم باستقلال الحافلات الخاصة، كما أن الجنود على الحدود دفعوهم إلى الوراء وسمحوا للأوكرانيين بالعبور.

طلب محمد عدم نشر اسم عائلته لأنه تقدم بطلب لجوء في إحدى الدول الأوروبية منذ أن غادر مسقط رأسه الذي يقع على الساحل الغربي لليمن، إذ إنه خرج من أوكرانيا بعدما استيقظ على صوت صفارات الإنذار في مدينة بولتافا الواقعة وسط البلاد. وهكذا بدأت رحلته عبر محطات القطارات والحافلات التي غصت بالحشود، ولهذا سار على قدميه في رحلة امتدت لـ15 ساعة حتى وصل إلى الحدود بمساعدة  بعض الغرباء.

ويروي محمد ما حدث له بقوله: "لم أعد أحس بساقي بعد ساعات من المسير، ناهيك عن الخوف".

إجراءات غير مسبوقة

بعدما تجاوزت أعداد المهاجرين الأوكرانيين خلال أقل من أسبوعين العدد التاريخي للاجئين السوريين الذين وصلوا إلى أوروبا بين عامي 2015-2016، سن الاتحاد الأوروبي إجراءات غير مسبوقة من أجل اللاجئين الجدد، خرق من خلالها ما قوبل به من مقاومة في السابق إزاء قدوم غيرهم من اللاجئين، وهكذا أصبح بوسع الأوكرانيين اليوم الحصول على حماية مؤقتة في دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، وفي ذلك تجاوز سافر لنظام اللجوء الذي جعل غالبية طالبي اللجوء القادمين من أفريقيا أو من الشرق الأوسط يعيشون في متاهة طوال سنين تلت وصولهم إلى أوروبا.

"جوارب جديدة"

في بداية الأمر، عبر محمد الحدود إلى بولندا، ليلتقي في نهاية المطاف بعائلة بولندية تحمل لافتات تعرض من خلالها المساعدة، ولهذا يعبر محمد عن جزيل امتنانه لأنهم أوصلوه بسيارتهم إلى وارسو، برفقة صديق عراقي تعرف إليه في الطريق، قبل أن ينتقلا إلى مكان آخر، ويعلق محمد على تلك التجربة بقوله: "بصراحة لم يوفر منهم أي جهد، بل أطعمونا وقدموا لنا جوارب جديدة".

يستعيد محمد ذكرياته في بولتافا بشوق فيقول: "لم أتخيل أبداً أن يصل الدمار إلى هذا المستوى، فلقد أقمت صداقات مع أوكرانيين وصرنا نحتفل معاً، ومازلت أتواصل مع أهاليهم... لقد كنت سعيداً هناك".

 المصدر: واشنطن بوست