icon
التغطية الحية

واشنطن بوست: خطأ صغير قد يجر الشرق الأوسط إلى تصعيد خطير

2024.01.05 | 16:02 دمشق

أحد مؤيدي حزب الله وهو يتجه نحو صورة كبيرة نصبت للقيادي صالح العاروري من حركة حماس إثر اغتياله في الضاحية الجنوبية يوم الثلاثاء الماضي
أحد مؤيدي حزب الله وهو يتجه نحو صورة كبيرة نصبت للقيادي صالح العاروري من حركة حماس إثر اغتياله في الضاحية الجنوبية يوم الثلاثاء الماضي
The Washington Post- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

إن الأزمة المشتعلة في الشرق الأوسط والتي انطلقت مع بداية الحرب على غزة قبل شهرين تقريباً، تهدد بحالة غليان وسط تصاعد القصف والعنف في المنطقة.

بات من الواضح للجميع تزايد التوتر على الرغم من وجود مؤشرات قليلة تدل على وجود رغبة لدى العناصر الفاعلة في المنطقة لشن القتال، والأوضح من كل ذلك إحجام إيران وحلفائها بشكل كبير عن فتح جبهة ضد إسرائيل وحلفائها منذ السابع من تشرين الأول الماضي عندما شنت حماس هجومها الكبير.

غير أن الخبراء يرون بأن تسلسل الأحداث الذي يجري في المنطقة، وتنوع العناصر الفاعلة فيها، وكل منها لديه دوافع مختلفة، كل ذلك ينذر بخروج الأمور عن السيطرة على الفور بمجرد وقوع أي خطأ صغير في الحسابات.

يقول هوست هتلرمان، وهو خبير بملف الشرق الأوسط لدى المنظمة الدولية للأزمات، عن تنوع العناصر الفاعلة في الشرق الأوسط: "إن أي خطأ في الحسابات أو أي خطأ في الاتصالات أو أي ضربة غير مقصودة يمكن أن تدفع نحو تصعيد هائل".

خلال هذا الأسبوع فقط، اغتيل قيادي بارز لدى حماس في بيروت، وقائد للميليشيا العراقية في بغداد، وخلال الأسبوع الماضي، قتل عضو رفيع في الحرس الثوري الإيراني بدمشق. أما في البحر الأحمر، فقد واصل الحوثيون في اليمن تهديداتهم بمنع أي عملية شحن تجارية هناك على الرغم تهديد أميركا وحلفائها لهم بعمل عسكري ضدهم.

تعرضت إيران هي أيضاً لتفجير قتل فيه 95 شخصاً يوم الأربعاء الماضي، على الرغم من أنها داعم رئيسي لمحور المقاومة المناهض للولايات المتحدة، وأعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عن هذا التفجير الذي وقع في احتفالية أقيمت بمناسبة مرور الذكرى الرابعة على اغتيال اللواء قاسم سليماني بغارة جوية أميركية نفذتها مسيرة في العراق عام 2020.

وخلال الشهر الماضي، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أمام لجنة برلمانية بأن إسرائيل تدافع عن نفسها في حرب ذات ساحات عديدة تتجاوز حدود غزة والضفة الغربية، وقال: "أقولها هنا وبكل صراحة: كل من يعمل ضدنا بات هدفاً محتملاً، ولا حصانة لأحد في ذلك".

فيما يأتي بعض بؤر التوتر في المنطقة:

لبنان

اغتيل قيادي بارز في حماس بغارة حملت كل بصمات الاغتيال الذي تنفذه إسرائيل عادة، وذلك في بيروت يوم الثلاثاء الماضي.

هذا ويعتبر صالح العاروري من أرفع قياديي حماس الذين قتلوا منذ السابع من تشرين الأول عندما شنت مجموعة فلسطينية هجوماً عبر الحدود في العمق الإسرائيلي أسفر عن مقتل 1200 شخص. وقد حذر المسؤولون الإسرائيليون من احتمال استهدافهم لقيادات حماس المقيمين في دول أخرى، على الرغم من أن إسرائيل لم تعلن عن مسؤوليتها المباشرة في اغتيال العاروري.

يأتي هذا الاغتيال وسط تكهنات ظهرت منذ مدة طويلة وتفيد بأن حزب الله يمكن أن يشارك في حرب حماس ضد إسرائيل، إذ منذ السابع من تشرين الأول، شاركت تلك الجماعة في هجمات عبر الحدود استهدفت إسرائيل، على الرغم من أن الجميع اعتبرها قد نأت بنفسها عن كل الأعمال العدائية بشكل كامل.

اغتيل العاروري في الضاحية الجنوبية القريبة من بيروت والتي تعتبر معقلاً لحزب الله، فخرج الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، وخطب في كلمة ألقاها يوم الأربعاء الماضي، قال فيها بأن "الرد والعقاب" قادم على اغتيال العاروري.

ترى ريم ممتاز، وهي عضو لدى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، بأن حزب الله يمكن أن يتعرض لضغط من داعميه حتى يرد، ولكن على الحزب أن يأخذ بعين الاعتبار أيضاً الوضع الاقتصادي المتردي في لبنان، وأضافت: "قسم كبير من الشعب اللبناني لا يمكنه بكل بساطة أن يفكر بخوض حرب أخرى، نظراً لما يقاسيه الآن" وفي ذلك إشارة إلى الأزمة المالية التي هزت البلد وجعلت 82% من سكانه يعيشون في فقر.

العراق

اغتيل قائد ميليشيا عراقية مرتبطة بإيران في بغداد بغارة جوية أميركية وسط العاصمة يوم الخميس الفائت، وهذا الرجل، واسمه مشتاق طالب السعيدي، كان نائب قائد العمليات في منطقة بغداد لدى ميليشيا حركة حزب الله النجباء، وذلك بحسب البيان الذي أصدرته الجماعة التي أعلنت مسؤوليتها عن عدد من الهجمات التي استهدفت الجنود الأميركيين في العراق منذ السابع من تشرين الأول الماضي، وذلك ضمن موجة أوسع من الهجمات الأخيرة التي تهدف إلى إجبار الأميركيين على إنهاء وجودهم في العراق.

تتبع حركة حزب الله النجباء لتحالف يضم جماعات مدعومة إيرانياً تعرف باسم قوات الحشد الشعبي التي تعاونت مع الجيش العراقي على دحر تنظيم الدولة بعد استيلائه على البلد في عام 2014، وتخضع هذه الميليشيا لقيادة الجيش العراقي بصورة رسمية.

في بيان صدر يوم الخميس، أعلن الناطق الرسمي باسم الجيش العراقي، يحيى رسول، بأن قوات التحالف الدولي الذي تترأسه الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية عن "اعتداء غير مبرر، طال جهة أمنية عراقية" وهذا الاعتداء يرقى إلى "عدوان وانتهاك سافر لسيادة العراق وأمنه".

حالياً، ما يزال 2500 جندي أميركي موجودين في العراق، إذ أعلن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بأن الوجود الأميركي ضروري للعمل على منع تنظيم الدولة من العودة للسيطرة على المناطق في العراق.

يذكر أن ميليشيا الحشد الشعبي كانت وراء أكثر من مئة هجوم استهدف القوات الأميركية في العراق منذ 17 تشرين الأول، بحسب ما أوردته الولايات المتحدة التي تحدثت عن تصعيد كبير أدى إلى ظهور جولات انتقامية.

سوريا

تكرر قصف إسرائيل لسوريا منذ السابع من تشرين الأول، ولهذا أعلن الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء الماضي عن قصفه: "لبنية تحتية عسكرية تعود للجيش السوري" رداً على صاروخ أطلق باتجاه إسرائيل.

وفي أواخر شهر كانون الأول الماضي، أعلنت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية عن مقتل سيد رضي موسوي، وهو مسؤول رفيع لدى الحرس الثوري الإيراني، بغارة في منطقة السيدة زينب بدمشق.

وعن اغتيال موسوي، ذكرت وسائل الإعلام بأنه كان زميلاً لسليماني وهو قائد عسكري إيراني نال لقب الشهيد عقب اغتياله على يد الولايات المتحدة، وقد ترأس سليماني فيلق القدس التابع للحرس الثوري الذي نفذ عمليات عسكرية في مختلف بقاع العالم.

ترى رندة سليم، وهي مديرة برنامج حل النزاعات وحوارات المسار الثاني لدى معهد الشرق الأوسط، بأن اغتيال موسوي يمثل ضربة أقوى من ضربة اغتيال العاروري، وذلك بالنسبة لحزب الله وإيران.

ولذلك تعهد المسؤولون في إيران بالانتقام لاغتيال موسوي، إذ أعلن حسين أكبري وهو سفير إيران في سوريا بأن إسرائيل ستتلقى: "الرد على هذه الجريمة في الزمان والمكان المناسبين".

اليمن والبحر الأحمر

نفذ الثوار الحوثيون في اليمن هجمات عديدة استهدفت سفناً تجارية في أثناء عبورها للبحر الأحمر، وفي يوم الأربعاء الماضي، أعلن هؤلاء عن استهدافهم لسفينة تحمل علم مالطا وزعموا أنها كانت متوجهة إلى إسرائيل.

تسببت الهجمات المتكررة على هذا الطريق التجاري الأساسي بدفع بعض أهم شركات الشحن في العالم إلى تجنب المرور بمضيق باب المندب القريب من المناطق التي تسيطر عليها تلك الميليشيا المدعومة إيرانياً في اليمن.

ورداً على قطع الطريق التجاري، أطلقت الولايات المتحدة وحلفاؤها مبادرة دولية تحت اسم "تحالف حارس الازدهار"، ويذكر بأن سفن البحرية الأميركية اشتبكت مع قوات الحوثيين فأغرقت لهم ثلاثة مراكب خلال عملية واحدة تمت يوم الأحد الماضي بحسب ما أعلنه البنتاغون.

في بيان نشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي يوم الثلاثاء، حذر الحوثيون من أن: "أي اعتداء أميركي لن يمر من دون رد".

كما أطلق الحوثيون صواريخ بعيدة المدى على إسرائيل منذ السابع من تشرين الأول، وأعلنوا أنهم سيواصلون استهداف إسرائيل إلى أن تكف عن عدوانها. غير أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت معظم الصواريخ.

منذ أن استولى الحوثيون على السلطة في العاصمة صنعاء عام 2014، تحول هؤلاء إلى أهم حليف لإيران يتمتع بإمكانيات بارزة في المنطقة، بيد أن الحوثيين أشد حلفاء إيران استقلالية، إذ يرى محللون بأنهم عبر قطعهم لطريق الشحن دعماً لحماس يكسبون تأييد مناصريهم في الداخل، ويقدمون أنفسهم على أنهم نظراء لجماعات أقدم منهم وعلى رأسها حزب الله.

إيران

تأثرت إيران بالعنف الذي جرى على أراضيها خلال هذا الأسبوع، إذ هز تفجيران مدينة كرمان يوم الأربعاء ما أسفر عن مقتل 95 شخصاً على الأقل، وقد كان هؤلاء يزورون مسقط رأس سليماني إحياء لذكرى وفاته.

لم يرتبط هذا الهجوم بإسرائيل أو بالولايات المتحدة، بل بعدو إقليمي خطير آخر، ألا وهو تنظيم الدولة الذي أعلن مسؤوليته عن التفجيرين في رسالة نشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي يوم الخميس، وقد علق هتلرمان على الحدث بقوله: "تنظيم الدولة الإسلامية يكره إيران أكثر مما تكره إسرائيل إيران، إن كان ذلك ممكناً".

حتى الآن، لم تضرب إسرائيل إيران بشكل مباشر منذ السابع من تشرين الأول، على الرغم من أن المسؤولين في إسرائيل ألمحوا إلى إمكانية حدوث ذلك في حال توسع النزاع، في حين يرى محللون بأنه من غير المرجح لإيران أن تتراجع عن دعمها لحماس وغيرها من الحلفاء الإقليميين، إذ تقول سليم: "إن أي حدث كهذا لن يؤدي إلى حرب بحد ذاته، ولكن مع تزايد هذه الاغتيالات، الواحدة تلو الأخرى، ستتجه الأمور نحو وضع قد يقول قائل معه: فلتذهب كل الأمور للجحيم! بعد ذلك سنبتلى بحرب كبيرة".

 

المصدر: The Washington Post