icon
التغطية الحية

واشنطن بوست: الخوذ البيضاء السورية على استعداد لمساعدة الأوكرانيين

2022.03.08 | 20:34 دمشق

274640847_2160344010788009_982292047051429814_n.jpg
عناصر من الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) في شمال غربي سوريا (فيس بوك)
واشنطن بوست- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

في الوقت الذي يوسع فيه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين من هجماته الإجرامية الغادرة على المدنيين في عموم أرجاء أوكرانيا، يتحول المدنيون العاديون إلى جنود على الجبهات، أما السوريون الذين تعرضوا للهجمات العسكرية الروسية طوال سنوات سبع، فقد أبدوا استعدادهم لمساعدة الأوكرانيين على تنظيم طلائع المستجيبين والمسعفين. إذ لا بد أن يغدو الشعب الأوكراني بحاجة إلى كل مساعدة يمكنه تلقيها لإنقاذ أرواح أكبر عدد ممكن من المدنيين الأبرياء خلال هذا النزاع الذي قد يمتد طويلاً.

منذ عام 2015، عندما قام بوتين بنشر جنوده في سوريا لمساعدة بشار الأسد على البقاء في السلطة، بدأ الجيش الروسي بشن هجماته على المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، كما وردت تقارير حول ارتكابه لجرائم حرب بوتيرة منتظمة، وذلك عبر استهدافه للمشافي والمدارس وللبنية التحتية الحساسة. واليوم تستخدم التكتيكات والأساليب ذاتها مع العديد من المدن الأوكرانية، إلى جانب الهجمات التي تستهدف العائلات والأسر النازحة، حيث وردت تقارير مرعبة حول استخدام أسلحة محظورة كالقنابل العنقودية على يد الجيش الروسي. وخلال الأسبوع الماضي، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أنها ستبدأ على الفور بالتحقيق في أمر ارتكاب روسيا لجرائم حرب في أوكرانيا.

بقيت فرقة الدفاع المدني السوري، المعروفة باسم الخوذ البيضاء، تعمل على إنقاذ المدنيين وإخراجهم وتقديم الإسعافات الأولية لهم تحت القصف منذ عام 2014. وقد أعلن هذا الفريق المؤلف من متطوعين بكامله عن قيامه بإنقاذ ما يربو عن 100 ألف مدني وعن مقتل ما لا يقل عن 252 فرد من أعضائه خلال تلك العمليات، والآن، بدأت الخوذ البيضاء تهتم بأمر آخر ضحايا بوتين.

يقول رئيس منظمة الخوذ البيضاء رائد الصالح في مقابلة: "إننا هنا لنساعد إخوتنا وأخواتنا في أوكرانيا بأي طريقة ممكنة"، وذلك لأن هدف بوتين هو كسر إرادة المدنيين من أبناء الشعب بحسب رأي رائد، إذ لا حدود لوحشية جنود بوتين، حيث يتابع رائد بالقول: "الجيش الروسي بلا مبدأ، ولا يحترم حقوق الإنسان، ولا يلتزم بأية معايير أو أخلاق... أي أن الأوكرانيين يواجهون اليوم أشرس وأعتى آلة قتل وأكثرها إجراماً وبعداً عن الأخلاق في العالم بأسره، وقد سبق لنا أن واجهنا تلك الآلة طوال السنوات السبع الماضية".

تقوم منظمة الخوذ البيضاء بتجهيز سلسلة من الفيديوهات لمساعدة المدنيين الأوكرانيين على تعلم مهام الدفاع المدني، مثل طريقة التعامل مع الصواريخ التي لم تنفجر أو أفضل طريقة لإخلاء مبنى تحت القصف. كما تجهز تلك المنظمة قوائم بالمعدات واللوازم الضرورية التي لا بد أن تحتاج إليها فرق الإنقاذ والإخلاء الأوكرانية، وأبدت المنظمة استعدادها لإرسال كوادرها أيضاً.

وفي هذه الأثناء، بوسع الأوكرانيين أن يتعلموا من تجربة الخوذ البيضاء، إذ ينصح رائد الصالح بأن يقوم الأوكرانيون مثلاً بتنظيم فرق الدفاع المدني الخاصة بهم داخل كل مدينة وذلك عبر توزيع وتقسيم تلك الفرق إلى فرق صغيرة مؤلفة من أربعة أو خمسة أشخاص، ثم توزيعهم جغرافياً وتزويدهم بمركبات صغيرة وسريعة بوسعها الوصول بسرعة إلى موقع القصف. كما حذر رائد الصالح الأوكرانيين من تشكيل مقار كبيرة أو دائمة لتلك الفرق، لأنها ستتحول لأهداف للقصف الروسي.

هذا وتعتبر أجهزة التواصل اللاسلكية (ووكي-توكي) قصيرة المدى أفضل وسيلة للتواصل برأي رائد الصالح، أي أنها أفضل من أي وسيلة اتصال خلوية أو عبر الشابكة والتي يمكن تعقبها من قبل الروس، إلى جانب أنها قد تتعطل عن العمل في مناطق القصف والهجوم. كما ينبغي نشر بعض أعضاء الفريق لمراقبة السماء والتأكد من خلوها من الطائرات، لأن هذا يعتبر أفضل نظام للإنذار المبكر مقارنة بأي رادار أو صفارات إنذار.

إن فهم طبيعة التكتيكات الروسية الوحشية يمكن أن يساعد على إنقاذ الأرواح برأي رائد الصالح، إذ من المعروف مثلاً عن سلاح الجو الروسي قيامه بشن غارات جوية مزدوجة، حيث تقوم الطائرات الروسية بشن غارة أولى على المدنيين، ثم تنتظر حتى يصل المسعفون فتنفذ غارة ثانية تستهدف بها المسعفين.

ويعلق رائد على ذلك بالقول: "من الأمور التي تعلمناها أنه بعد الهجوم الأول سيكون أمامنا نحو سبع إلى تسع دقائق على أبعد تقدير، نكون خلالها قادرين على فعل شيء في تلك المنطقة، وذلك قبل أن تقوم الطائرات الروسية بقصفنا مجدداً، ولهذا فإن تلك السبع إلى تسع دقائق غاية في الأهمية".

ينبغي على الأوكرانيين أن يقيموا نقاطاً طبية صغيرة حول المدينة ليقوموا من خلالها بمعالجة الإصابات الطفيفة، تخفيفاً للضغط على المشافي الكبيرة، بحسب ما ذكره رائد. ولكنه حذر من أنه لا بد من إبقاء أمر تلك النقاط الطبية سراً، ونقلها إلى مناطق أخرى بين الحين والآخر، وإلا فستتحول إلى هدف للجيش الروسي هي الأخرى.

بالرغم من اعتراف الغرب ببطولة متطوعي الخوذ البيضاء وشجاعتهم، فإن هذه المنظمة تتعرض باستمرار للاستهداف عبر حملة تضليل كبيرة تطلقها الحكومة الروسية ونظام الأسد، حيث يتم اتهام أفراد تلك المنظمة زوراً وبهتاناً بأنهم إرهابيون، وذلك لأن بوتين يكرههم برأي رائد، ليس فقط لأنهم يقومون بإنقاذ حياة الناس، بل لأنهم يوثقون أيضاً جرائم الحرب التي يرتكبها الروس وهم يؤدون عملهم في الإنقاذ.

تعتبر كاميرات المراقبة أفضل طريقة لمحاربة التضليل الإعلامي الروسي برأي رائد، وذلك لأنها: "تبقى صادقة عندما تسجل الوقائع على الأرض، لأن الحقيقة هي الحقيقة في نهاية المطاف".

ثمة بعض الأمور التي تعلم السوريون تجنبها، ومن ذلك عدم مشاركة مواقع المرافق الطبية عبر نظام تحديد الموقع الجغرافي GPS مع الأمم المتحدة، التي قد تدعي بأنها بحاجة إلى تلك المعلومات من أجل الحفاظ على سلامة تلك المرافق. وذلك لأن الروس سيستخدمون تلك المعلومات لاستهداف هذه المرافق، كما يجب ألا يكون لموسكو أي رأي أو سيطرة بطريقة توزيع المساعدات الإنسانية، حتى عندما يتم توزيع تلك المساعدات وفقاً لبرنامج تقدمه الأمم المتحدة. وذلك لأن الكرملين سيستخدم سلطته لتجويع المدنيين من أبناء الشعب، كما سبق له أن فعل في سوريا، وما يزال يفعل حتى الآن.

إذن كيف تقنع الآلاف من البشر بتعريض حياتهم للخطر من أجل مساعدة الآخرين؟ يجيب رائد الصالح عن هذا السؤال بالقول: "لا شرف يفوق شرف القيام بهذا العمل"، وأضاف أنه من واجب المنقذين أن يقوموا بإنقاذ الناس الذين يمثلون مستقبل بلادهم، بل إن ذلك يعتبر شرفاً وامتيازاً بالنسبة لهم.

على الرغم من ورود أخبار حول تجنيد بعض السوريين ليحاربوا لصالح روسيا في أوكرانيا، فإن الغالبية الساحقة من الشعب السوري على استعداد لمساعدة الأوكرانيين في محاربة الغزاة الروس بحسب رأي رائد، وذلك لأن الشعب الأوكراني أظهر قوة وشجاعة كبيرة أثارت إعجاب الجميع، إلا أن الطريق أمام هذا الشعب ما يزال طويلاً.

وفي الختام يعلق رائد بالقول: "خلال السنوات السبع الماضية، تصدى الشعب السوري لروسيا التي لا بد لها أن تنهزم، ولهذا نؤمن بأن الشعب الأوكراني بوسعه أن يقاوم لفترة طويلة هو أيضاً... فإرادة الشعوب أمضى سلاح في نهاية المطاف، حتى ضد أعتى وأقوى الجيوش في العالم كله".

 

 

المصدر: واشنطن بوست