هل يُعبّد هنيّة طريقه نحو دمشق بصواريخ "القليْلة"؟

2023.04.10 | 05:54 دمشق

رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنية (وكالات)
+A
حجم الخط
-A

في شهر شباط 2012، وقف رئيس حكومة غزّة حينذاك إسماعيل هنية وسط الجموع المحتشدة في جامع الأزهر بالعاصمة المصرية القاهرة. كانت الجموع تهتف عالياً "ارحَل ارحَل يا بشّار"، فقابلها هنيّة بقوله "أحييكم وأحيي كل شعوب الرّبيع العربي بل الشتاء الإسلامي، فأنا أحيي شعب سوريا البطل الذي يسعى نحو الحرية والديمقراطية والإصلاح".

كانَ موقف هنيّة هذا أوّل تطرّقٍ من مسؤول رفيع المستوى في حركة حماس إلى الأوضاع السّوريّة بشكلٍ مُباشر. وإن كانَ هنيّة أوّل الحمساويين الذين حيّوا الثّورة السّوريّة، لكنّه كان أيضاً أوّل أبناء الحركة الذين اتخذوا موقفاً مغايراً بعد سنوات.

في حزيران 2018، اختارَ هنيّة وكالة "سبوتنيك" الرّوسيّة ليصِفَ الثّورة السّوريّة بـ"الفتنة"، فقال في مقابلته: "ما يجري في سوريا تجاوز الفتنة إلى تصفية حسابات دوليّة". كما قال إنّ حماس لم تقطع العلاقة مع النظام في سوريا.

بعد مقتل القائد السّابق لـ فيلق القدس في الحرس الثّوريّ الإيرانيّ، طارَ هنيّة إلى طهران ليحمِلَ الميكروفون وسطَ الجموع التي تُشيّع سُليْماني ويهتف مقولته الشّهيرة ثلاثاً: "شهيد القدس، شهيد القدس، شهيد القدس".

حاوَل هنيّة، منذ 2018، أن يفتح خطوط التّواصل مع النّظام السّوريّ، الذي بقيَ "يتدلّل" على الحمساويين. تدخّلَ الإيرانيّون وحزب الله اللبنانيّ، وفتحوا ثغرةً تُوِّجَت بعدّة لقاءات غير معلنة، بين عاميْ 2021 و2022، بين المسؤول في حركة حماس أسامة حمدان ومُستشارة رئيس النّظام السّوريّ بُثينة شعبان

حاوَل هنيّة، منذ 2018، أن يفتح خطوط التّواصل مع النّظام السّوريّ، الذي بقيَ "يتدلّل" على حركة حماس. تدخّلَ الإيرانيّون وحزب الله اللبنانيّ، وفتحوا ثغرةً تُوِّجَت بعدّة لقاءات غير معلنة، بين عاميْ 2021 و2022، بين المسؤول في حركة حماس أسامة حمدان ومُستشارة رئيس النّظام السّوريّ بُثينة شعبان وعددٍ من مسؤولي استخبارات النّظام على مُختلف أجهزتهم الشهيرة.

حماس.. العودة

في حزيران 2022، حطّ هنيّة رحاله في العاصمة اللبنانيّة بيروت. التقى بالأمين العام لحزبِ الله الذي أبلغه بأنّ طريق دمشق باتت سالكة أمام عودة الحركة. في تلك الزّيارة، التقى هنيّة بمسؤولين أمنيين من النّظام السّوريّ انتدبهم رئيس الاستخبارات العامّة حُسام لوقا للتفاوض على تطبيع العلاقات بين الجانبين مجدداً.

في تشرين الأوّل من العام نفسه، فُتِحَت أبواب قصر المُهاجرين أمام "حماس". دخلَ رئيس مكتب العلاقات العربيّة والإسلاميّة في الحركة خليل الحيّة القصرَ ضمن وفدٍ من الفصائل الفلسطينيّة، وكانَ أوّل مسؤولٍ من حماس يُصافح بشّار الأسد منذ اندلاع شرارة الثّورة السّوريّة في 2011.

قبل أيّامٍ قليلة عادَ هنيّة مُجدّداً إلى بيروت. التقى هنيّة بمسؤولين من استخبارات النّظام، وأُبلِغَ أنّه باتَ باستطاعته زيارة دمشق خلال الأسابيع المُقبلة.

أطلقت حماس، 35 صاروخاً من سهل القليلة قُرب مدينة صور جنوبي لبنان نحو مُستوطنات إسرائيليّة في شمال فلسطين. كانَ هنيّة ينوبُ عن "المحوَرِ" كلّه. تناولَ الإفطار في السّفارة الإيرانيّة ببيروت مع قائد فيلق القدس الجنرال إسماعيل قاآني ما قد يكون تنسيقاً مسبقاً مع حزب الله وإيران.

الأمر الذي يحمل التساؤل هل كان القصف الذي شنته حماس على إسرائيل رداً على استهداف الأخيرة لإيران في سوريا بتسهيل من حزب الله في لبنان؟

وفي إطار ذلك أعطى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الغطاء السّياسيّ والأمنيّ للعمليّة. خصوصاً أنه في 22 آذار، ألقى نصر الله كلمةً قال فيها: "إذا قام العدو بأي عمل عسكري أو أمني ضد أي مقيم في لبنان ولو من جنسية أخرى فإن المقاومة ستردّ سريعاً".

هل كانَ هذا التصريح بمنزلة المظلّة التي حملها هنيّة "معنويّاً" بين أشجار الموز في سهل القليْلة. تلكَ الحقول التي لا تدخلها ذبابة من دون أن يعلمَ فيها أو يأذَن لها  حزب الله؟ هل حمَلَ هنية "القصف" عن "أركان محور المقاومة" بما يفيد اكتمال التطبيع بين "حماس" والنظام السوري.

تساؤلات كثيرة أخرى يطرحها القصف الأخير الذي نفذته حماس ضد إسرائيل، فهل كان تنفيذاً من حماس لوقف الاعتداءات على المصلين في الأقصى المبارك؟ أم عربوناً جديداً للتطبيع مع الأسد عبر الرد على آلاف الغارات الإسرائيليّة التي أضاءَت سماء دمشق وحلب وحمص ودير الزّور وأريافها على مدى 12 عاماً ولم يستطيع النظام السوري سوى الاحتفاظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين.

قد يكون الجواب في زيارة قريبة يجريها إسماعيل هنية إلى دمشق ويستقبله بشار الأسد شاكراً له على دعم "سوريا" ووقوفها الدّائم إلى جانب الشّعب الفلسطينيّ والمُقاومة" من دون أي إشارة إلى أهالي مخيم اليرموك والمخيمات الأخرى ممن كانوا ضمن المحرقة السورية التي أشعلها النظام.