icon
التغطية الحية

هل يخطط نظام الأسد لعمليات عسكرية بعد الانتخابات؟

2021.05.28 | 06:20 دمشق

alltamnt.jpg
حلب - خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

قد يندفع بشار الأسد مزهواً بنتائج "مسرحية الانتخابات" المحسومة مسبقاً إلى التصعيد العسكري ضد المعارضة السورية شمال غربي سوريا، وربما ضد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) شمال شرقي سوريا، والتي ما تزال العلاقة معها بين شد وجذب يسودها التوتر غالباً، الاندفاع المفترض نحو الخيار العسكري تدعمه تلميحات النظام عن فرض السيادة وهيبة الدولة على الأراضي الخارجة عن السيطرة بالإضافة الى الشعارات التي لطالما رددها مسؤولو "حزب البعث" على مسامع الموالين خلال جولاتهم التي حشدت لانتخابات الأسد، وأهمها تصريحات هلال الهلال الأمين العام المساعد في "البعث" خلال زيارته إلى خان شيخون جنوبي إدلب وإلى الحسكة.

في 25 من أيار/مايو أعلنت وزارة الدفاع الروسية إدخال ثلاث قاذفات بعيدة المدى من طراز Tu-22m3 إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا للمرة الأولى، وفي 21 من أيار/مايو قالت وزارة الخارجية الروسية إن "جبهة النصرة تخطط بمشاركة الخوذ البيضاء للقيام بأعمال استفزازية في سوريا وذلك من خلال استخدام مواد كيميائية سامة ضد المدنيين وفق سيناريو مدروس"، وفي الأسبوع ذاته أعلنت إيران رسمياً عن افتتاح قنصليتها في حلب، وتزامن ذلك مع عمليات إعادة انتشار للميليشيات التي تدعمها والتي كثفت انتشارها في كامل المناطق على يمين مجرى نهر الفرات (دير الزور وحلب والرقة).

أنصار فرضية اتجاه النظام نحو التصعيد العسكري بعد الانتخابات يعتبرون أن تحركات حلفاء الأسد روسيا وإيران خلال الفترة الحالية مؤشرات مهمة تدعم فرضيتهم، في حين يرى فريق من المعارضة السورية أن نظام الأسد لا يسعى للتصعيد العسكري مع المعارضة وقسد، وسيواصل مساعيه بدعم من حلفائه لإصلاح علاقاته مع الدول الإقليمية، فهو غير قادر أصلاً على المخاطرة في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها.

ولتسليط الضوء على فرضيات ما بعد انتخابات الأسد حاور موقع تلفزيون سوريا باحثين وشخصيات عسكرية وسياسية في المعارضة السورية.

الخيار العسكري

لا يستبعد فريق من المعارضة عودة المعارك إلى مناطق شمال غربي سوريا في الفترة ما بعد انتخابات الأسد، لكنهم يعتقدون أن النظام لا يملك القرار، فعودة التصعيد المفترض واستئناف العمليات العسكرية سيكون قراراً روسياً ويهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية بالدرجة الأولى لإخراج النظام من أزماته، أهمها أزمة الشرعية والاعتراف الدولي بانتخاباته، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي ستكون أشد وطأة في النصف الثاني من عام 2021.

مدير مكتب العلاقات الإعلامية في "هيئة تحرير الشام" تقي الدين العمر قال لـ موقع تلفزيون سوريا: "لا يخفى على أحد أطماع المحتل الروسي وميليشياته، والتي تتجلى في السيطرة على كامل المناطق المحررة وتدمير البنى التحتية وتهجير المدنيين العزل، وما يؤخره عن ذلك هو استنزافه عسكرياً واقتصادياً وانشغاله بالأزمات المتتالية التي تحيط به اجتماعيا وأمنيا وعلى مختلف الأصعدة، إلى جانب بعض التعقيدات السياسية، وعليه فإن فصائل الثورة والمدنيين أنفسهم، على إدراك تام بهذا المخطط وعلى استعداد للدفاع عن المناطق المحررة، فبعزم وثبات أهلنا والثوار المرابطين على خطوط التماس مع العدو، ستكسر مخططات الاحتلال على صخرة الثورة العتيدة".

 

زعيم مليشيا لواء الباقر في حلب.jpg
زعيم ميليشيا لواء الباقر في حلب

 

المحلل العسكري العقيد مصطفى بكور يعتقد أن النظام سيحاول إيجاد طرق للتخلص من الحصار وتحسين الوضع الاقتصادي للموالين لضمان عدم انتفاضهم ضده وستبقى عينه على إدلب ما بعد انتخاباته الصورية المهزلة، أما شرقي الفرات فلن يتحرك النظام ضده بوجود الأميركان حلفاء قسد، فالنظام حاليا يربط كل الملفات السياسية والعسكرية بنتائج الانتخابات التي حسمت لصالحه بحكم العادة خلال نصف قرن تقريباً  وأضاف العقيد بكور لموقع تلفزيون سوريا "قد يحاول نظام الأسد التقدم عسكرياً على الأقل حتى حدود طريق M4 بدعم روسي، لكن هذا الاحتمال سيكون ممكناً في الربع الأخير من العام الحالي بعد أن ينتهي النظام من ترتيب وضعه الداخلي".

المتحدث باسم تيار المستقبل الكردي وعضو المجلس الوطني الكردي، علي تمي لا يستبعد اتجاه النظام نحو التصعيد العسكري بعد انتخابات الأسد، ولكن الوجهة لن تكون نحو إدلب، وذلك لعدة أسباب وفق تمي، أهمها

"الكثافة السكانية العالية، وفي حال شن النظام هجوماً على إدلب سيتحول جزء هائل من السكان إلى سيل من اللاجئين نحو تركيا و أوروبا وهذا لن يسمح به الغرب، كما أن النظام لن يستفيد من السيطرة على إدلب، لا آبار نفط ولا ثروات طبيعية يمكن أن تساعده على إنعاش اقتصاده المنهار لذلك من المرجح أن تكون وجهته مناطق سيطرة قسد التي سيجد فيها ضالته، فيها أهم حقول النفط"

وأضاف تمي لموقع تلفزيون سوريا أن "علاقة النظام مع قسد متوترة وقد تتصاعد في الفترة القادمة بعد أحداث القامشلي التي قلصت نفوذه، ولاحقاً منعته من إجراء الانتخابات في مناطق شرقي الفرات، لذا أتوقع أن يكون هناك هجوم للنظام على مناطق قسد، والاحتمال الآخر هو أن يتنازل النظام عن عين عيسى ومناطق أخرى لصالح تركيا بهدف الانتقام من قسد"

الباحث في العلاقات السياسية بلال صطوف قال لموقع تلفزيون سوريا إنه "من المحتمل أن يعمد النظام بعد الانتخابات إلى التحرك العسكري المحدود نحو مناطق المعارضة وبخاصة مناطق إدلب الجنوبية وسهل الغاب وريف اللاذقية الشمالي، مدفوعاً بتحقيقه شرعية انتخابية مفترضة تظهره كطالب الحق الشرعي في استعادة المناطق الخارجة عن سيطرته، وبخاصة المعابر الحدودية التي تسعى روسيا منذ مدة لتحييدها من المعادلة السورية عبر طرح مشروع نقل المساعدات الإنسانية عبر معابر النظام وهذا ما يرجح وجود رغبة روسيا في ممارسة بعض الضغط العسكري على مناطق المعارضة نتيجة عدم الاستجابة التركية لفتح معابر مشتركة مع النظام".

تجميد الجبهات

يعتقد فريق في المعارضة أن النظام في الفترة ما بعد انتخابات الأسد سيتوجه نحو خيار تجميد الجبهات، لأن خياره الوحيد في هذه المرحلة هو إعادة ترميم العلاقات مع الدول الإقليمية والدول خارج الإقليم وإعادة تقديم نفسه بطريقة مختلفة كقوة مساومة.

الناشط السياسي محمد قرندل يرى أن "المنطقة طرأت عليها مستجدات سياسية كبيرة خلال الفترة القريبة الماضية، أهمها حرب غزة والتقارب التركي المصري، والتركي السعودي، وغيرها من المستجدات التي ستدفع نظام الأسد إلى الانفتاح على العالم بجهود روسية وإيرانية لكي يستعيد مكانته كدولة مساومة ضمن حلف دولتين تسعيان للهيمنة على الإقليم وأضاف قرندل لموقع تلفزيون سوريا "بعيداً عن الوضع الاقليمي فلم يعد للنظام الحاجة إلى المزيد من القتل والتدمير، فالمناطق الخارجة عن سيطرته شمال غربي سوريا ليست مغرية من الناحية الاقتصادية، وفي حال فكر في مهاجمتها فستكون كلفة السيطرة عليها أكثر بكثير من كلفة بقائها خارج سيطرته، كون المنطقة مكتظة بالسكان وفي بقعة جغرافية صغيرة فأي عمل عسكري عليها لن يجد سكان المنطقة سوى الجدار التركي لهدمه والهروب من موت وجحيم هذا النظام مما سيفتح عليه جبهة أوروبية أميركية ستزيد من حصاره الاقتصادي وربما توجه له ضربة عسكرية دولية لردعه عن فعله الوحشي".

من جهته، قال عضو نقابة المحامين الأحرار في إدلب محمد سلامة لموقع تلفزيون سوريا إن "نظام الأسد ليس في يده فتح معارك جديدة، أي أن قرار الحرب ليس في يده، القرار هو روسي أولاً وإيراني ثانياً، ونظام الأسد غير قادر على أي تحرك بمفرده، أعتقد أن الهدوء سيستمر في محافظة إدلب والحفاظ على مناطق السيطرة الحالية لكل جهة هو عنوان المرحلة القادمة، على الأقل في المدى المنظور".

قال الناطق الرسمي في "فرقة الحمزة قوات خاصة" التابعة للجيش الوطني السوري، النقيب محمد الحاج علي "لا نستبعد التحرك العسكري للنظام، فمن مصلحته ومصلحة حلفائه إيران وروسيا استمرار التصعيد والتوتر حتى الوصول إلى السيطرة على كامل المناطق، لكني أرجح الفرضية الثانية، وهي مواصلة النظام جهوده لتحسين علاقته مع المحيط وسعيه للعودة إلى الجامعة العربية"، أضاف النقيب حاج علي لموقع تلفزيون سوريا: أن "الجيش الوطني بكامل فصائله بما فيها فرقة الحمزة قوات خاصة على أهبة الاستعداد في حال توجه نظام الأسد نحو الخيار العسكري والتصعيد مجدداً".

الباحث في العلاقات السياسية محمد أديب يرى أن "النظام سيتجه في الفترة القادمة نحو ترتيب وضعه الداخلي المنهار على مختلف الصعد، وفي الفترة ذاتها سيكون النظام على موعد مع ضغوط دولية جديدة خاصة بجرائم الحرب والكيماوي وغيرها من الاستحقاقات التي ستظهر تباعاً، وبالتالي لن يكون النظام قادراً على التفكير بأي تحرك عسكري لأنه ببساطة عاجز تماماً".