icon
التغطية الحية

هل يحرف "طوفان الأقصى" مسعى التطبيع بين إسرائيل والسعودية عن مساره؟

2023.10.08 | 15:50 دمشق

الأمن الإسرائيلي يتخذ موقعه مع اقتراب سيارة على الطريق بعد تسلل جماعي لمسلحي حماس من قطاع غزة بالقرب من سديروت
عناصر من أمن الاحتلال الإسرائيلي يتأهبون مع اقتراب سيارة على الطريق بعد تسلل جماعي لمقاتلي حماس بالقرب من سديروت ـ رويترز
 تلفزيون سوريا ـ وكالات
+A
حجم الخط
-A

أعاد الهجوم المباغت الذي شنته حركة حماس ضد الاحتلال الإسرائيلي انطلاقا من قطاع غزة، تركيز الأنظار على القضية الفلسطينية ووّجه ضربة للزخم الذي اكتسبه في الأشهر الماضية المسعى الأميركي لإبرام اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية. بحسب وكالة فرانس برس.

وأطلقت حركة حماس السبت عملية "طوفان الأقصى" ضد  إسرائيل، وأطلقت الحركة صواريخ ونفذت عمليات توغل وأسر في مستوطنات غلاف غزة. وردت إسرائيل بشنّ غارات على القطاع المكتظ بالسكان، والذي تحاصره منذ أعوام.

وجاءت العملية على نطاق لم يُشهد له مثيل منذ عقود في الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأتت في ظل مسعى لإبرام اتفاق تطبيع بين الرياض وتل أبيب، سيكون في حال إنجازه، الأحدث في سلسلة تفاهمات بين إسرائيل ودول عربية في الأعوام الأخيرة.

"طوفان الأقصى" يعقد التطبيع السعودي

وتلقى اتفاقات التطبيع معارضة شديدة من الفصائل الفلسطينية مثل حماس، إضافة إلى إيران وحلفائها في المنطقة.

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السبت أن إسرائيل باتت في حالة "حرب" بعد هجوم حماس، في تبدّل جذري عن الخطاب الذي ألقاه الشهر الماضي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ورأى فيه أن اتفاقات التطبيع مع ثلاث دول عربية في عام 2020 أطلقت "عهدا جديدا من السلام".

كما أكد في حينه إمكانية إبرام اتفاق "سلام تاريخي" مع السعودية، سيكون ذا أهمية كبرى لإسرائيل نظرا لثقل المملكة السياسي والاقتصادي ورمزيتها في العالمين العربي والإسلامي.

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن في اتجاه الاتفاق لما سيشكله من مكسب دبلوماسي يعزز حملته للانتخابات الرئاسية في 2024، على رغم أن بعض حلفائه الديمقراطيين الذين غالبا ما ينتقدون السجل الحقوقي للمملكة، ممتعضون من الضمانات الأمنية التي قد توفرها واشنطن للرياض لقاء التطبيع.

وقال نائب رئيس السياسات في معهد الشرق الأوسط في واشنطن براين كاتوليس إن اتفاقا كهذا "كان دائما قمة يصعب تسلّقها، والآن ازداد ذلك صعوبة".

ورأى أن الأحداث الأخيرة تعيد تسليط الضوء على النزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل "وتجعل من الصعوبة بمكان إخفاء هذه المسائل المعقّدة كما فعلت اتفاقات أبراهام المبرمة عام 2020"، في إشارة إلى التطبيع بين إسرائيل وكل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب.

وأكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في أيلول/سبتمبر الاقتراب "أكثر فأكثر" من التطبيع مع إسرائيل، لكنه كرّر موقف بلاده بضرورة أن يشمل أي اتفاق معالجة قضايا الفلسطينيين.

وقال "نأمل أن تؤدّي (مباحثات الاتفاق) لنتيجة تجعل الحياة أسهل للفلسطينيين وتسمح لإسرائيل بأن تلعب دوراً في الشرق الأوسط".

"سلام بارد"

بعد التصعيد السبت، ذكّرت وزارة الخارجية السعودية بـ"تحذيراتها المتكررة من مخاطر انفجار الأوضاع نتيجة استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدساته".

ورأى الباحث السعودي عزيز الغشيان أن موقف الرياض يهدف إلى دحض الشكوك بأن المملكة ستولي التطبيع أولوية على حساب دعم حقوق الفلسطينيين.

وأوضح "هذا الوضع دفع السعودية للعودة إلى دورها التقليدي (...) وضع نتنياهو عقبة أخرى أمام المباحثات لأنه قال إن هذه حرب الآن. لا أتوقع أن يحصل التطبيع على خلفية حرب".

من جهته، رأى مسؤول أميركي أنه ما يزال "من السابق لأوانه" الحكم على مدى تأثير الأحداث على مباحثات التطبيع. وتواصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن السبت مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان.

وأكدت الخارجية السعودية أنّ الأخير شدد على "رفض استهداف المدنيين العزّل بأي شكل وضرورة احترام القانون الدولي الإنساني من جميع الأطراف".

ورأى مدير الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية يوست هلتيرمان أن أحد دوافع حماس لشنّ عملية السبت قد يكون الخشية من "تهميش إضافي مقبل للقضية الفلسطينية في نظر الفلسطينيين" في حال طبّعت السعودية مع إسرائيل.

وأشار الى أنه في حال مضت إسرائيل في التصعيد ردا على العملية، ستكون الدول العربية ملزمة باتخاذ مواقف أكثر تصلبا تماهيا مع الرأي العام.

وقال "إذا حصل كل ذلك، أتوقع سيناريو مشابها للسلام البارد بين إسرائيل والأردن وإسرائيل ومصر: أن نشهد فتورا في العلاقة بين الإمارات وإسرائيل، وربما إرجاء على أقل تقدير، لأي صفقة بين إسرائيل والسعودية".

ولفت الباحث في مجلس العلاقات الخارجية ستيفن كوك إلى أن استطلاعات للرأي في المملكة تؤشر إلى أن اثنين في المئة من السعوديين يؤيدون التطبيع.

"كابوس" لإيران

وكان نتنياهو الذي يقود أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل، قد طوى صفحة السلام مع الفلسطينيين، وقدّم التطبيع مع دول الخليج على أنه المستقبل، خصوصا في ظل ما يجمعها بإسرائيل من توجس مشترك حيال إيران.

وعلى رغم أن إيران والسعودية اتفقتا في نيسان/أبريل على استئناف العلاقات الدبلوماسية بعد سبعة أعوام من القطيعة، وجّهت طهران انتقادا لاذعا للحديث عن تطبيع محتمل بين الرياض وتل أبيب، كما سبق لها أن انتقدت كل اتفاقات التطبيع السابقة.

واعتبر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي هذا الشهر أن المقاربة الواجب اعتمادها حيال إسرائيل هي "المقاومة" عوضا عن "التطبيع والاستسلام".

ورأى السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أن هجوم حماس المدعومة بدورها من طهران، يبدو مصمّما "لوقف مساعي السلام بين السعودية وإسرائيل".

وأضاف "اتفاق سلام بين هذين البلدين سيكون كابوسا بالنسبة لإيران وحماس".