icon
التغطية الحية

هل سيكون عام 2024 مرهقاً لأنصار الديمقراطية الليبرالية؟

2023.12.29 | 19:54 دمشق

آخر تحديث: 29.12.2023 | 19:54 دمشق

دونالد ترامب - المصدر: الإنترنت
دونالد ترامب - المصدر: الإنترنت
The Economist - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

أكثر من نصف سكان العالم يعيشون في دول ستعقد فيها انتخابات رئاسية في عام 2024، وهذه هي المرة الأولى التي يحقق فيها عالمنا لهذا الإنجاز.  فبناء على الأنماط التي ظهرت مؤخراً لمدى إقبال الناخبين، هنالك ما يقرب من ملياري شخص في أكثر من 70 دولة سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع خلال العام المقبل، حيث ستقام الانتخابات من بريطانيا وصولاً إلى بنغلاديش، ومن الهند إلى إندونيسيا، إلا أن ما يبدو أنه سنة نصر للديمقراطية هو في الحقيقة نقيض ذلك تماماً.

سنة متعبة

لابد أن ترسخ معظم الانتخابات حكم رؤساء غير ليبراليين، فيما ستكافئ انتخابات أخرى الفاسدين وغير المؤهلين من الحكام. أما الانتخابات الرئاسية الأميركية فستكون سامة وعرضة للاستقطاب وستلقي بظلالها السيئة على السياسة العالمية. وبالنسبة للنزاعات التي تجري في الخلفية، ابتداء من أوكرانيا وصولاً إلى الشرق الأوسط، فسيصبح التوجه المستقبلي لأميركا على المحك هو والنظام العالمي الذي رسمته القيادة الأميركية، أي أن السنة المقبلة ستكون سنة خطيرة ومتعبة.

ستكون بعض الانتخابات مزيفة بشكل جلي، إذ في بيلاروسيا أو رواندا مثلاً، ستكون المعضلة الوحيدة هي مدى اقتراب نسبة التصويت للمرشح من 100%، وبعدما غير فلاديمير بوتين الدستور بصورة مخالفة للقانون في عام 2020 وذلك ليحذف المادة التي تحدد عدد مرات الترشح لمنصب الرئاسة، لاشك بأن هذا الرجل سيفوز بولاية رئاسية ثالثة (هي الخامسة فعلياً) في روسيا.

معظم عمليات التصويت ستتم في آسيا، حيث ستقترع أكبر الدول الديمقراطية فيها أي بنغلاديش والهند وإندونيسيا، ولكن لسوء الطالع، ثمة خطر يتمثل بزيادة نزعة الابتعاد عن الليبرالية، ففي ظل حكم ناريندرا مودي، أصبحت الهند تتمتع بنجاح اقتصادي وجيوسياسي متميز، حتى في الوقت الذي يغض فيه رئيس الوزراء الهندي الطرف عن الشوفينية المناهضة للمسلمين ويفكك المؤسسات التي تحمي البلد. وفي إندونيسيا، يبدو الرئيس جوكو ويدودو كمن يركز على ترسيخ الحكم السياسي لعائلته. في حين تشهد بنغلاديش منعطفاً استبدادياً، بعد حبس زعماء المعارضة وكم أفواه المعارضين.

ستقام معظم انتخابات العالم في أفريقيا، بيد أن الناخبين هناك تبدد لديهم أي وهم بالنسبة لطريقة عمل الديمقراطية، بعدما أصبحت الانقلابات أمراً شائعاً، إذ استولت تسعة أنظمة على السلطة بالقوة منذ عام 2020، ولهذا تشير الأصوات بأن أعداداً غفيرة من الأفارقة يمكن أن يصوتوا للدولة العسكرية. وقد تذكرنا انتخابات جنوب أفريقيا بسلسلة من خيبات الأمل، إذ بعد مرور ثلاثة عقود على وصول حزب المؤتمر الوطني الأفريقي إلى السلطة وتحقيقه لانتصار مدو في أول انتخابات أجريت بعد انتهاء الفصل العنصري، يبدو أن هذا الحزب سيعود للسلطة من جديد في بلد يرزح تحت وطأة الفساد والجريمة والبطالة.

أخبار سارة

ولكن ثمة أخبار سارة، فالمكسيك ستنتخب أول رئيسة لها بوجود امرأتين تتنافسان على منصب الرئاسة، وكلتاهما أقل شعبوية من الرئيس الحالي. في حين سيختار الناخبون البريطانيون أخيراً ما بين مرشحين مناسبين، إذ بعد 14 عاماً من حكم حزب المحافظين، بات من المرجح لحزب العمال أن يفوز بالانتخابات، إلا أن قلائل خارج بريطانيا بوسعهم ملاحظة هذا التغيير.

تايوان وفرص التوتر

هذا وستخلف بعض الانتخابات أثراً هائلاً خارج حدودها، إذ سواء أكان الناخبون التايوانيون البالغ عددهم 18 مليوناً سيختارون مرشح الحزب التقدمي الديمقراطي أم مرشح حزب الكومينتانغ (الحزب القومي الصيني) وهو حزب معارض مقرب من الصين، فإن ذلك لابد أن يؤثر على العلاقات في مختلف أنحاء مضيق تايوان، وبالنتيجة، سيؤثر ذلك على حجم التوتر بين الولايات المتحدة والصين. إذ على المدى القريب، يمكن لانتصار حزب الكومينتانغ تقليل فرص النزاع، ولكن على المدى المتوسط، قد يزيد رضا الشعب التايواني عن نفسه من خطر تنامي روح المغامرة لدى الصين، وبالتالي قد يحدث صدام جراء ذلك بين القوى الكبرى.

الديمقراطية الأميركية في خطر

إلا أن كل ذلك لا يقارن بالانتخابات الأميركية، سواء من حيث قتامة المشهد أو العواقب المحتملة، إذ من الصعب أن نصدق بأن النتيجة المرجحة تتمثل بإعادة التنافس بين رجلين عجوزين معظم الناخبين يتمنون ألا يكون أي منهماً مرشحاً للانتخابات الرئاسية.

إن ترشح دونالد ترامب بحد ذاته يعد تقويضاً للديمقراطية الأميركية، إذ إن ترشيح الحزب الجمهوري لرجل حاول أن يغير نتائج الانتخابات الرئاسية السابقة يطمس الدور الذي اضطلعت به أميركا بوصفها منارة للديمقراطية. فإذا فاز ترامب بولاية ثانية، عندئذ سيظهر تحول كبير في أميركا سيجعل منها أكبر دولة تطلق نزعات انعزالية في وقت تحيق فيه الكثير من المخاطر على المستوى الجيوسياسي. أما ولع ترامب بالطغاة، وعلى رأسهم بوتين، إن دل على شيء فإنما يدل على أنه سيتفاخر بإنهاء النزاع الروسي-الأوكراني في غضون 24 ساعة، وهذا لن يتم إلا على حساب أوكرانيا.

قد لا يترشح ترامب للرئاسة، ولكنه قد يخسر كثيراً في حال ترشحه، إلا أن حظوظه في الوصول لولاية ثانية باتت مرتفعة بشكل مرعب، لكن العواقب قد تكون كارثية، سواء على الديمقراطية أو على العالم بأسره.

المصدر: The Economist