هل بدأت المعارضة التركية استخدام ملف السوريين لحسابات خارجية؟

2024.05.21 | 06:38 دمشق

آخر تحديث: 21.05.2024 | 06:38 دمشق

855555555555555555555
+A
حجم الخط
-A

بعد انتخابات البلديات الأخيرة في تركيا وفوز المعارضة بشكل فاجأ الجميع يمكن اعتبار هذا الفوز تحولاً مهماً وانعطافة في السياسة العامة لحزب الشعب الجمهوري الذي بدأت ملامح التغيير فيه منذ إعلان الأخير اجتماعاً عاماً العام وأجرى انتخابات رئاسية للحزب أسفرت عن فوز أزغور أوزال.

الأمر الثاني هو عدم استخدام الحزب التحريض ضد السوريين في الخطابات السياسية التي كان مرشحوه يدلون بها سابقاً لنصل في وقتنا الحالي لخطاب غير مسبوق من قبل الرئيس الجديد للحزب يقدم فيه رؤية جديدة للتعامل مع السوريين أقل ما يقال عنها إنها منطقية ومعقولة.

بمجرد المقارنة مع تصريحات الرئيس السابق لحزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو خلال انتخابات 2023 ورفعه شعار ترحيل اللاجئين السوريين سنجد التباين أصبح ظاهراً بين أفكار كلا الرئيسين اتضحت معالمها في الخطابات السياسية والشعارات ولعل أحد أسباب هزيمة الحزب هو استغلال ورقة السوريين بشكل غير إنساني وهذا ما فطن له السيد أوزال الذي حرف البوصلة 180 درجة في تصريحاته الأخيرة في زيارته لمدينة أفيون وكان قد سبقه في تغيير هذه اللهجة رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أغلو الذي بات ينظر بشكل أقوى للانتخابات الرئاسية القادمة خاصة بعد فوزه مرتين في رئاسة بلدية مدينة إسطنبول ليصبح الشخصية الأكثر حظاً للفوز بها، إضافة للدعم الغربي الذي يحظى به.

ولعل زيارة الرئيس الألماني له في 22 نيسان/ أبريل الماضي هي دلالة واضحة على هذا الدعم إضافة لنجاحه في استجلاب بعض القروض من البنوك الألمانية لدعم مشاريعه في المدينة كل هذا جعله واجهة سياسية مرحب بها في الغرب ولكن هذا لا يكفي ما لم يكن لديه دعم حقيقي من حزبه للاستمرار في خطى النجاح التي يسير بها.

بكل تأكيد الدعم الغربي ليس مجانياً فهو مشروط ومصحوب بأجندات لا بد من العمل عليها من أجل حماية المصالح والأمن الأوروبي ومنها مسألة المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين السوريين الذين بدؤوا بالهروب من تركيا نحو أوروبا نتيجة للأوضاع المعيشية والاقتصادية السيئة إلى جانب تفاقم العنصرية التي باتت واضحة وهذا ما لا تريده أوروبا بكل تأكيد وهذا الأمر لا يستوي مع السياسات العنصرية التي كان يستخدمها قبلاً حزب الشعب الجمهوري.

من الناحية السياسية فمازال حزب الشعب الجمهوري مصراً على نظريته وهي ضرورة الحوار مع النظام السوري ورئيسه الأسد من أجل إيجاد صيغة سلام.

أما الآن وبعد أن فاز الحزب برئاسة 35 ولاية إضافة لمدينة إسطنبول بوابة الولوج للفوز بالمنصب الرئاسي أصبح حزب الشعب مدركاً لأهمية الانتباه والدقة في كل خطوة من خطواته السياسية ليقول للغرب إنه على المستوى الشعبي والداخلي أصبح هو المتقدم والمتفوق على حساب حزب العدالة والتنمية وأن هذا التقدم سوف يزداد خلال السنوات الأربعة القادمة وعلى الغرب أن يشاهد هذه التغيرات ليزيد دعمه السياسي والإعلامي للحزب الذي ينتمي في كثير من أفكاره إلى اليسار الأوروبي الذي يحكم معظم الدول الأوروبية ذات التأثير الفاعل في السياسة التركية.

في الوقت نفسه يمكن اعتبار تصريح أوزغور أوزال بأن سياسة الهجرة ليست من اختصاص الإدارات المحلية (أي البلديات) هو نوع من تحميل المسؤولية للحكومة التركية بقيادة حزب العدالة والتنمية والتي كان يستخدمها كورقة ضغط ضد أوروبا من أجل ملفات أخرى تريدها أنقرة وكأنه في طي الكلمات يلمح بالقول لو أن حزبه فاز بالانتخابات الرئاسية القادمة لن يسمح بمثل هذا الابتزاز أو الخطأ الاستراتيجي أن يُرتكب من قبل حكومة تركية وأن على الغرب أن يتبصر بهذه النقطة وخاصة أن تركيا بلد عبور مهم جداً من آسيا نحو أوروبا وبالوقت عينه سوف تستفيد تركيا من الكفاءات والاستثمارات الموجودة في هؤلاء اللاجئين وخاصة السوريين منهم وذلك لارتباط المصالح الاقتصادية لجالية كبيرة في الداخل بالاقتصاد التركي الذي يعاني أساساً من عوامل داخلية وخارجية بسبب سياسات الحكومة الحالية (وفق تلميحه) هذا من الناحية الاقتصادية.

أما من الناحية السياسية فمازال الحزب مصراً على نظريته وهي ضرورة الحوار مع النظام السوري ورئيسه الأسد من أجل إيجاد صيغة سلام وفق تعبير السيد أوزال فهو يعلم أن هذا الأمر يداعب مشاعر الساسة الأوروبيين التواقين للتخلص من الملف السوري عبر إيجاد صيغة سياسية تتوافق مع مصالحهم المتناغمة ببقاء النظام على السلطة السياسية في دمشق وجعل الأمم المتحدة واجهة ليس أكثر في تنفيذ كل القرارات.

لو تمعنا في ورقة الحل التي تخص اللاجئين السوريين سنجد أنها مدروسة بعناية تامة وفيها من المنطق والعقل ما لا يرفضه أحد.

التطور الكبير في خطابات المعارضة التركية لا يمكن وضعه إلا في خانة التفكير في الانتخابات الرئاسية القادمة فالتصريحات الأخيرة لرئيس حزب الشعب الجمهروي السيد أوزغور يمكن اعتبارها ورقة حل يقدمها من أجل تقليل عدد اللاجئيين السوريين في البلاد.

ولو تمعنا في ورقة الحل هذه سنجد أنها مدروسة بعناية تامة وفيها من المنطق والعقل ما لا يرفضه أحد لعل هذا ما يتناسب مع الجميع سواء الرافضين لوجود السوريين أو الداعمين له وأيضاً تحاكي حقوق الإنسان التي يصر عليها الاتحاد الأوروبي بشكل دائم والتي هي نقطة الخلاف بينه وبين الحكومة التركية الحالية وبهذا استطاع أوزغور أن يضرب عصفورين بحجر واحد.

ولكن يبقى تساؤل مهم هنا وهو هل سيلتزم حزب الشعب الجمهوري بهذه الحلول في حال توليه السلطة في تركيا وتصبح استراتيجية له أم أنها مجرد حلول مؤقتة لتغيير الوضع السياسي الحالي.