icon
التغطية الحية

ناقش مبادرة دمج الفصائل.. ما نتائج زيارة الشيخ أسامة الرفاعي إلى سوريا؟

2021.11.30 | 12:55 دمشق

ffrkcmqwqaekxbc.jpg
حلب - ثائر المحمد
+A
حجم الخط
-A

أجرى المفتي العام لسوريا، ورئيس المجلس الإسلامي السوري، الشيخ أسامة الرفاعي، الأسبوع الماضي، زيارة إلى شمال غربي سوريا، للمرة الأولى بعد انتخابه مفتياً عامّاً للبلاد، في 20 من شهر تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، التقى خلالها بعدد من الأكاديميين والعلماء وقادة فصائل الجيش الوطني السوري.

زيارة الشيخ الرفاعي إلى الداخل السوري، جاءت بعد خمسة أيام فقط على انتخابه مفتياً لسوريا، واضعاً نصب عينيه جملة من الأهداف، أولها تسجيل كلمته الأولى كمفتٍ من داخل البلاد، والاجتماع بالشخصيات والمؤسسات الفاعلة بالمنطقة.

كلمة "الرفاعي".. النصر مشروط بتوحيد الصف

تحدث الشيخ أسامة الرفاعي في كلمته المسجلة، عن أهمية الخطوة التي أقدم عليها المجلس الإسلامي السوري بانتخاب مفتٍ لسوريا، بعد إلغاء هذا المنصب من قبل نظام الأسد، كما أشار إلى ضرورة توحيد الصفوف من قبل الفصائل.

أفاد الرفاعي بأنه لم يكن يود أن يشغل هذا المنصب، إلا أن أعضاء المجلس الإسلامي السوري، ومجلس الإفتاء السوري بما يضمان من علماء وشيوخ وأكاديميين في الشريعة الإسلامية أصروا على ذلك، وانتخبوه بالإجماع.

وخلال كلمته، حذر الشيخ من مخاطر الفرقة بين الفصائل العسكرية، مؤكداً أنه "ما لم تتوحد صفوف الفصائل فلا نحلم بالنصر"، كما أشاد بالسوريات، قائلاً إن "المرأة عانت أكثر من غيرها خلال السنوات الماضية".

ولم يغفل الشيخ عن المعتقلين والمفقودين والمهجرين، داعياً إلى فعل ما يمكن لإنقاذهم "فهم ليسوا غرباء، وهو واجب وليس تبرعاً، وعلى القوي أن يأخذ بيد الضعيف والغني أن يأخذ بيد الفقير"، في حين ختم حديثه بالتأكيد على أن "منصب المفتي ليس لفئة من دون فئة، وهكذا عوّدنا علماء سوريا القدامى، حيث نمد يدنا إلى كل الطوائف والأديان والأعراق والإثنيات في بلدنا ولا نفرق بينهم".

حديث الشيخ الرفاعي عن ضرورة دمج الفصائل، وتوحيد الصفوف، يأتي في سياق مبادرة يعمل عليها المجلس الإسلامي، لدمج مكونات الجيش الوطني السوري، وتحديداً الكتلتين الأكبر فيه (غرفة القيادة الموحدة "عزم" - الجبهة السورية للتحرير).

مجريات الزيارة إلى الداخل

زيارة "الرفاعي" إلى الداخل السوري، تعد الثانية خلال فترة قصيرة، ففي آب/أغسطس الماضي دخل إلى سوريا، وخطب الجمعة في أحد مساجد مدينة اعزاز، والتقى وزير الدفاع السابق في الحكومة السورية المؤقتة، وقادة فصائل الجيش الوطني، فضلاً عن زيارة بعض المؤسسات مثل جامعة حلب الحرة، والثانوية الشرعية في قرية تركمان بارح.

على غرار الزيارة الماضية، دخل الشيخ الرفاعي في رفقة وفد من المجلس الإسلامي السوري، برعاية "الجبهة الشامية"، أو ما بات يعرف بـ "الفيلق الثالث"، وبدأ جولته بزيارة جامعة حلب الحرة في مدينة اعزاز.

وقالت الجامعة إن الشيخ والوفد المرافق له، اجتمع بعددٍ من عمداء الكليّات وأعضاء الهيئة التدريسيّة ومجموعة من طلاب الجامعة، ثم ألقى (الرفاعي) كلمته، مباركاً فيها تخريج الدفعة الأولى من كليّة الطب البشري في الجامعة، ومثمّناً الجهود التي بذلتها الجامعة خلال السنوات الماضية.

 

FFI4FuTX0AgJYzj.jpg

 

ونصح المفتي الشباب بمواصلة طريق العلم والتعب في سبيل ذلك، وأشاد بدور المرأة السوريّة الصامدة، مباركاً لها صبرها طوال سنوات الثورة، ثم أجاب عن بعض الأسئلة والاستفسارات التي طرحها الحاضرون نهاية اللقاء.

والتقى الرفاعي أيضاً بهيئة الأوقاف والشؤون الدينية في الحكومة السورية المؤقتة، والتي أكد مديرها رفاعة عبد الفتاح "الالتزامَ بمرجعية المجلس الإسلامي وسماحة المفتي واعتماد ما يصدر عنه من فتاوى".

 

 

وفي يوم الجمعة الماضي، توجه الشيخ الرفاعي إلى مقر وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، في بلدة كفر جنة شمالي حلب، والتقى وزير الدفاع العميد حسن حمادة، وبعض قادة الجيش الوطني السوري.

 

ما أهداف الزيارة؟

لزيارة الشيخ أسامة الرفاعي إلى الشمال السوري، ثلاثة أهداف رئيسية، بحسب أحد الأشخاص الذين حضروا معظم لقاءات الشيخ مع المؤسسات المحلية، أولها كسب وحشد الرأي العام، بعد تسلم الرفاعي لمنصب الإفتاء في سوريا، وزيادة التواصل مع الجهات المحلية والعلماء داخل سوريا.

وذكر المصدر -الذي طلب عدم الكشف عن اسمه- أن الهدف الثاني من الزيارة، يتمثل بتسجيل الكلمة المصورة الأولى للشيخ الرفاعي من داخل سوريا، حيث أصر المجلس الإسلامي على هذه الجزئية.

وأما الهدف الثالث، فيتمثل بمناقشة مبادرة المجلس الإسلامي السوري، الهادفة إلى توحيد فصائل الجيش الوطني السوري.

وكان موقع تلفزيون سوريا قد كشف منتصف الشهر الجاري، عن مبادرة يقودها عدد من أعضاء المجلس الإسلامي لتوحيد فصائل الجيش الوطني على أسس متينة، يمكن من خلالها تفادي عمليات الانشقاق المتكررة من قبل بعض الفصائل.

ومن أهداف المبادرة توحيد كل فصائل الجيش الوطني ضمن جسم واحد، بما يمكن أن يضبط العسكرة والملف الأمني، كما تنص على وضع شروط جزائية على كل فصيل يخرج من المشروع بعد التوافق عليه، وكذلك "رفع اليد عنه"، ما يعني أنه مهدد بالتفكك.

هل يحرك "الرفاعي" المياه الراكدة؟

لم تحقق مبادرة المجلس الإسلامي السوري المرجوَّ منها بعد أسابيع على إطلاقها، ويعود ذلك لعدة أسباب، من بينها الشروط المتبادلة من الفصائل المفترض أن تنخرط في عملية الاندماج، وعدم اقتناع فصائل أخرى بالمبادرة، على اعتبار أنها ستنهي المسميات الفصائلية بشكل كليّ.

ولعل اللقاء الأبرز الذي عقده الرفاعي داخل سوريا، كان في وزارة الدفاع بالحكومة المؤقتة، والذي حضره قائد غرفة القيادة الموحدة "عزمأبو أحمد نور، وقائد الجبهة السورية للتحرير، المعتصم عباس.

 

FFRKcmQWQAEkxbC.jpg

 

 

بعد اللقاء، قال المعتصم عباس، في تغريدة على تويتر: "شرُفت بالاجتماع والوقوف بين يدي سيدي فضيلة الشيخ العلامة أسامة عبد الكريم الرفاعي حفظه الله مفتي الجمهورية العربية السورية، وقد أكرمنا بجميل نصحه ودعمه للجيش الوطني ومشدداً على إنهاء الحالة الفصائلية ووحدة الصف والكلمة، وبدورنا أكدنا على الالتزام بتوصيات وتوجيهات فضيلته".
 

 

وأشار مصدر مطلع، إلى أنه أعيد التذكير بهذا الاجتماع، بمبادرة المجلس الإسلامي السوري، التي تهدف إلى إنهاء الحالة الفصائلية ووحدة الصف.

وكان من المخطط أن يحضر كل قادة الجيش الوطني للتوقيع على ميثاق يتعلق بمبادرة المجلس الإسلامي، لكن المصدر لفت إلى أنه لم يحضر اللقاء سوى قائد الفيلق الثالث في "عزم"، وقائد الجبهة السورية (ممثلاً عن فرقة المعتصم)، وقائد فصيل جيش الشرقية.

وأضاف المصدر: "تم الحديث مفصلاً عن مبادرة المجلس الإسلامي لتوحيد الفصائل ضمن غرفة عزم، وفي إطار التبعية لوزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، لكن لم ينتج شيء عملي عن اللقاء، بسبب التغيب الكبير لقادة الفصائل وامتناعهم عن التوقيع على المبادرة، حيث طلب بعضهم بالتريث في دراستها".

ورغم التصريحات المتبادلة من قبل فصائل الجيش الوطني، التي تؤكد ضرورةَ توحيد الصفوف، وظهور قائد "عزم" والجبهة السورية للتحرير، بصورة مشتركة خلال حفل تخريج دفعة من طلاب كلية الطب البشري في جامعة حلب الحرة، فإن المصدر قال: "المفاوضات معقدة، وربما تتجه إلى الفشل".

 

Untitled_1.jpg

 

الجبهة السورية: نأمل أن يكون إعلان الاندماج قريباً

أعرب قائد الجبهة السورية للتحرير، المعتصم عباس، عن أمله في أن يكون الإعلان عن الاندماج مع بقية فصائل الجيش الوطني السوري، تحت مظلة وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، قريباً.

وفي وقت سابق حصل موقع تلفزيون سوريا على معلومات حصرية، تؤكد وجود مفاوضات بين غرفة القيادة الموحدة، وفرقتي الحمزة والمعتصم (تعملان ضمن الجبهة السورية للتحرير)، لانضمام الفرقتين إلى "عزم"، وتحديداً الفيلق الثالث.

وقال المعتصم عباس، لموقع تلفزيون سوريا: إننا في "الجبهة السورية للتحرير كنا قد أعلنا ومنذ اللحظة الأولى بعد إعلان التشكيل، أننا لن نقف هنا، إنما سنبذل جهدنا ووسعنا للعمل على توحيد الساحة وإنهاء الحالة الفصائلية، ونعمل على دمج كامل بين مكونات الجيش الوطني، وهدفنا بناء مؤسسة عسكرية قوية ومنضبطة".

وفيما يتعلق بمبادرة المجلس الإسلامي، قال عباس: "رحبنا بمبادرة المجلس الإسلامي، وكنا قد تقدمنا برؤيتنا للمجلس، والقائمة على دعم هيئة الأركان ووزارة الدفاع وتقديم الكفاءات وأهل الاختصاص".

وأفاد بأن "العلاقة مع الفيلق الثالث وحركة ثائرون وباقي فصائل الجيش الوطني علاقة قوية ومتينة، وقد جمعتنا الخنادق قبل أن تجمعنا الهياكل التنظيمية"، مضيفاً أن المجلس الإسلامي قدم مبادرة قيمة، وأن "جهود المجلس محل اهتمام وتقدير، فهو مرجعيتنا وثقتنا به كبيرة".

وتحدث "عباس" عن مساع خارجية (روسية) وغير روسية تستهدف الجيش الوطني والمؤسسات الرسمية في "المناطق المحررة"، كونهم يريدون جيشاً واحداً في سوريا، وهو جيش الأسد، وحكومة واحدة في سوريا، وهي حكومة الأسد.

وتابع: "الجيش الوطني والحكومة السورية المؤقتة يشكلان عائقاً كبيراً أمام المساعي الروسية، وبدورنا لن نسمح أبداً بهدم المؤسسات الرسمية الثورية".

وعن طبيعة ونتائج مبادرة المجلس الإسلامي، أوضح أن المبادرة قامت على رؤى التشكيلات العسكرية الكبرى في المنطقة، حيث طلب المجلس رؤى كبرى الفصائل وعليه صاغ مبادرة منطقية وموضوعية.

وأشار إلى أن لجنة المبادرة في المجلس الاسلامي تعقد الاجتماعات مع جميع الأطراف في الوقت الحالي، كما قال: "نأمل أن نتمكن من الإعلان قريباً جداً عن الاندماج الكامل بين فصائل الجيش الوطني".

وتبدو مبادرة توحيد الفصائل محط اهتمام المجلس الإسلامي السوري، وبشكل خاص رئيسه، والمفتي العام أسامة الرفاعي، لما لها من انعكاسات إيجابية على مختلف مناحي الحياة في شمال غربي سوريا، إضافة إلى دورها في ضبط الأمن والحد من المخاطر، مثل رواج المخدرات، لكن المعطيات تشير إلى أن هذه المبادرة ستظل حبراً على ورق، ما لم يفكر قادة الفصائل جدياً بالانخراط فيها وتطبيقها.