icon
التغطية الحية

موّلته إيران ودرّبته روسيا.. من هو "لواء القدس" الذي تبنى قصف الجولان؟

2023.04.09 | 15:08 دمشق

من هو "لواء القدس" الذي تبنى قصف الجولان؟
من هو "لواء القدس" الذي تبنى قصف الجولان؟
إسطنبول - عبدالله الموسى
+A
حجم الخط
-A

عاد "لواء القدس" إلى الواجهة فجر يوم الأحد عندما أعلن مسؤوليته عن إطلاق الصواريخ على مرتفعات الجولان السوري المحتل، "رداً على الاعتداءات على المسجد الأقصى"، ليقصف الجيش الإسرائيلي الليلة الماضية بالمدفعية والطائرات مواقع لقوات النظام في القنيطرة ومحيط العاصمة دمشق.

وكانت وسائل إعلام مقربة من إيران أول من أوردت خبر تبني القصف، إلا أن تلفزيون سوريا لم يرصد منشوراً أو صورة لبيان رسمي صادر عن "لواء القدس" المعروف في سوريا والذي يقوده محمد السعيد ابن مخيم النيرب في حلب، كما أن هذا اللواء لا يمتلك معرفات رسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن موقع تلفزيون سوريا رصد منشورات لقياديين في اللواء تثني على تبني الهجوم.
وتشن إسرائيل ضربات ضد إيران في سوريا بشكل متكرر منذ قرابة عقد كامل، ولم ترد إيران على الهجمات الإسرائيلية سوى مرة واحدة عام 2018، لترد إسرائيل بشن عملية "بيت الورق"، التي قصفت خلالها 50 مواقعاً إيرانياً في سوريا على مدار ساعتين متواصلتين.

وكثفت إسرائيل ضرباتها على المواقع الإيرانية في سوريا منذ بداية العام الجاري، إذ شنت 9 هجمات ضد قوات النظام السوري وحلفائه الإيرانيين داخل الأراضي السورية، بدأت في 2 كانون الثاني بشن هجمات على مطار دمشق، أعقبها هجوم على مقر للحرس الثوري في كفر سوسة بتاريخ 19 شباط.
وفي شهر آذار الماضي وحده نفذت إسرائيل 5 ضربات في سوريا، الأولى كانت على مطار حلب الدولي في 7 آذار، ثم استهدفت مواقع في مصياف بحماة وأخرى تابعة للنظام في طرطوس بتاريخ 12 آذار، وفي 22 آذار هاجمت مطار حلب الدولي مرة أخرى، وعادت إسرائيل لتنفذ هجومين على ضواحي دمشق في 30 و31 آذار بأقل من 24 ساعة، ما أدى إلى مقتل ميلاد حيدري من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني ومستشار آخر.
وشهد شهر نيسان ضربتين إسرائيليتين، الأولى في 2 نيسان استهدفت مواقع عسكرية للنظام في ريف حمص الغربي، تبعه هجوم في 4 نيسان على محيط دمشق.

هذه الضربات الإسرائيلية لم تلق رداً إيرانياً لحين يوم أمس، وتزامن الرد مع جولة التصعيد التي بدأت يوم الجمعة الماضي عندما انطلقت عشرات الصواريخ من قطاع غزة وجنوبي لبنان ردا على اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين في المسجد الأقصى.

من هو "لواء القدس"؟

سارع النظام والحرس الثوري الإيراني في بداية دخول الجيش الحر لمدينة حلب في تموز عام 2012، إلى تشكيل مجموعات من اللجان الشعبية في محيط مطار النيرب المتاخم للمدينة من الجهة الشرقية، وظهرت حينئذ "كتيبة أسود القدس" في مخيم النيرب.

واعتمد النظام بالكامل في بداية معركة حلب عام 2012 على "كتيبة أسود القدس" للدفاع عن مطار النيرب العسكري الملاصق لمطار حلب الدولي، حيث يقع مخيم النيرب على التخوم الجنوبية من المطار، وتكررت محاولات الجيش الحر للسيطرة على مطار النيرب، إلا أن فلول النظام المنسحبة من الأحياء الشرقية وعددا من أبناء مخيم النيرب، حالوا دون ذلك.

وتشكلت "كتيبة أسود القدس" في تشرين الأول من العام 2011، أي بعد 7 أشهر فقط من انطلاق الثورة السورية.

في هذا الوقت تشكلت المجموعات الأولى من "لواء القدس" في مخيم النيرب تحت مسمى "كتيبة أسود القدس" كأحد أبرز التشكيلات العسكرية التابعة للدفاع الوطني، وأُعلن عن اسم الميليشيا بقيادة المهندس محمد السعيد في صفحات الإعلام الموالية للنظام في تشرين الأول من عام 2013 تحت مسمى "لواء القدس"، وذلك بعد أن ضمّ إلى صفوفه "كتيبة الردع" المكونة من شبيحة مخيم حندرات الذين انسحبوا منه بعد سيطرة الجيش الحر عليه في أواخر نيسان 2013 عند المدخل الشمالي لمدينة حلب.

قائد اللواء محمد السعيد.. كيف نشأت العلاقة مع إيران؟

المهندس محمد السعيد ابن مخيم النيرب، اسم معروف لضباط النظام الأمنيين ومسؤوليه في البلديات والشركات العقارية ونقابة المهندسين في حلب، والذي عمل في مجال العقارات والإنشاءات العشوائية بمشاركة وتسهيل من فرع المخابرات الجوية.

كان المهندس المدني محمد السعيد مديراً لـ "جمعية الثورة" في حلب؛ ومنذ ذاك الوقت كانت له علاقات أمنية قوية، وحظوة لدى الطلبة الفلسطينيين في جامعة حلب، كما كان مسؤولاً في النادي العربي الفلسطيني في حلب.

يي
قائد "لواء القدس" محمد السعيد

كان نزوح آلاف اللبنانيين عقب حرب تموز 2006 إلى مدينة حلب، مفتاحاً لعلاقة متينة بين السعيد وحزب الله، حيث نشط السعيد في عمليات إغاثة واستقبال النازحين اللبنانيين، وأصبحت المدينة مقصداً لقادة من الحزب بهدف تنسيق الجهود لمساعدة اللبنانيين في المدينة.

ومع انطلاق المظاهرات في مدينة حلب، كُلّف السعيد بمهام أمنية لضبط المخيمات الفلسطينية بحلب من قبل المخابرات الجوية، ومع بداية العمل العسكري اقترب من الإيرانيين وأصبح ذراعاً لفيلق القدس الإيراني؛ ليحظى بدعم لوجستي وعسكري من قبل الفيلق، وكان مشاركًا في غرف عمليات عديدة إلى جانب حزب الله في حلب.

كافأ النظام قادة ميليشيا "لواء القدس" بالدعم السخي بالرواتب الشهرية والأسلحة الخفيفة والمتوسطة، ليتوسع نفوذه ويضم إليه مجموعات الدفاع الوطني من أبناء مدينة حلب وبعض المجموعات العشائرية من البكّارة والعساسنة وكذلك مجموعات من بلدتي نبل والزهراء ذات الغالبية الشيعية.

وتوسّع انتشار "لواء القدس" في الجبهات الشرقية لمدينة حلب حيث يقع مخيم النيرب، ومن ثم الجبهات الشمالية حيث شارك بكامل قوته في معارك حصار المدينة، بالإضافة إلى الريف الجنوبي بعد أن شارك أيضاً في المعركة الإيرانية عام 2015 والتي وصلت إلى حدود الطريق الدولي (حلب – دمشق M5)، ليصل عدد عناصر "لواء القدس" في أواخر معركة حلب إلى ما يزيد على 6 آلاف عنصر

بدعم روسي.. "لواء القدس" ميليشيا عابرة لحدود حلب

مع بداية تدخلهم في سوريا، وجدت روسيا بمحمد السعيد ولوائه فرصة للنفوذ في مدينة حلب على حساب النفوذ الإيراني، واستفادت منه كمسؤول ارتباط نظراً لعلاقته الجيدة بالميليشيات التابعة لإيران.

21150058_500986953572511_8655685414289561862_n.jpg

رئيس أركان القوات المسلحة الروسية، الجنرال فاليري غيراسيموف وقائد لواء القدس محمد السعيد

وفي آب 2016 كرّم ألكسندر جورافليوف، قائد القوات الروسية في سوريا، "قائد العمليات العسكرية في لواء القدس"، محمد محمود رافع (العرّاب)، "تقديرًا لشجاعته ولإنجازات مقاتلي لواء القدس في مختلف المهمات القتالية التي أوكلت إليهم ضمن معارك الدفاع عن حلب".

وقُتل الرافع في نهاية عام 2016 في الاشتباكات مع فصائل المعارضة في حلب. وخلفه أخوه سامر الذي اعتقله النظام منتصف عام 2018 بتهمة تهريب وبيع السلاح والذخائر لتنظيم الدولة.

وكان الظهور البارز الأول للميليشيا خارج حدود حلب، في منتصف عام 2018، عندما شارك "لواء القدس" في معارك السيطرة على البادية السورية من تنظيم الدولة.

وتوسّع "لواء القدس" بعد ذلك في مخيم اليرموك جنوبي العاصمة دمشق ومخيم الرمل في مدينة اللاذقية، بالإضافة إلى افتتاحه مقارَّ في المنطقة الوسطى كمراكز انطلاق وإمداد لقواته في البادية السورية وصولاً إلى دير الزور.

DD5lmVKW0AQzFdk.jpeg

وشارك "لواء القدس" في معارك الغوطة الشرقية بعد أن ضمّ إلى صفوفه عناصر محلية من مخيم اليرموك وعناصر من المصالحات. وكل ذلك بدعم روسي من دون أن يقطع العلاقة بشكل كامل مع الميليشيات الإيرانية.

ومنذ بداية 2019 أسس لواء القدس معسكرين للتدريب والتأهيل برعاية روسية، واحد في حندرات شمالي المدينة والثاني في النيرب شرقيها، وبدعم روسي ضم مزيداً من العناصر إلى صفوفه وأصبحت الرواتب التي يمنحها لمقاتليه أكثر انتظاماً، وهنا بدأ التنافس بينه وبين الميليشيات الإيرانية، وحصلت صدامات عديدة بينهما في الأحياء الغربية وخسر عدداً من عناصره في المواجهات.

روسيا تدرب "لواء القدس"

يمكن القول إن لواء القدس خرج من العباءة الإيرانية من ناحية الدعم والتدريب لكنه لا يستطيع قطع العلاقة كلياً، هو بحاجة فعلياً لعلاقات مرنة معها لأن الثقل العسكري والجغرافي في الشمال لصالح الميليشيات الإيرانية التي تسيطر على أكثر من 85 بالمئة من الجغرافيا في حين ليس للميليشيات الروسية ومنها لواء القدس سوى 15 بالمئة من الانتشار والنفوذ.

والجدير بالذكر أنه لم يسجل لـ"لواء القدس" أي وجود في الجنوب السوري قبل أن يعلن مسؤوليته عن إطلاق الصواريخ على الجولان السوري المحتل.