icon
التغطية الحية

موجة صقيع تضرب الشمال السوري وتلحق خسائر فادحة بالخضراوات

2022.03.24 | 07:16 دمشق

b9b7d184-8d12-45da-8e70-b870a48984b0.jpg
(تلفزيون سوريا)
إدلب - فائز الدغيم
+A
حجم الخط
-A

ضربت موجة صقيع حادة مختلف المناطق السورية خلال الأيام الماضية، مما تسبب بإلحاق الضرر في كثير من المحاصيل والمواسم الزراعية.

الشمال السوري كان أحد المناطق المتأثرة بهذه الموجة التي اعتبرها المختصون استثنائية نسبياً حيث تضررت بشكل رئيسي الخضراوات الربيعية وشتول الخضراوات الصيفية كالبطاطا والكوسا والباذنجان والبندورة والخيار والفاصولياء والفول، والمحاصيل الزراعية كالعدس والكمون وحبة البركة، في حين نجا محصول القمح من موجة الصقيع بسبب نموه إلى درجة كافية تجعل النبتة تقاوم الصقيع، واقتصر تأثير الصقيع عليه على احتراق نهايات أوراقه.

لا إحصائيات شاملة للخسائر لكنها فادحة

وزارة الزراعة والري في حكومة الإنقاذ لم تتمكن من إحصاء المساحات المتضررة بسبب موجة الصقيع بحسب حديث المهندس محمود الجاسم مدير الزراعة في إدلب لموقع تلفزيون سوريا، لكن الجاسم أكد أن الصقيع تركز على المحاصيل الزراعية على الشكل الآتي:

  1. تضرر شتول الخضار تحت الأنفاق البلاستيكية بين 40 و 100 % بحسب المنطقة .
  2. حدوث فقد ويباس في زهر الفول بنسبة بين 20 و60 % بحسب المنطقة.
  3. ضرر واضح وكبير على أشجار اللوزيات بشكل عام حيث كانت في مرحلة الأزهار مما أدى إلى تضرر الأزهار بنسب متفاوتة وكبيرة بالمجمل .
  4. لوحظ احتراق حواف نهايات أوراق محصول  القمح في بعض المناطق .
  5. ضرر جزئي غير واضح تماما على محصولي الكمون وحبة البركة.

وأوضح الجاسم أن عملية إحصاء الأضرار بشكل أوضح ممكنة في الأيام القليلة المقبلة، بعد انتهاء الفرق المختصة من إجراء الجولات التفقدية على المناطق المتضررة، باستثناء الخضار كالبندورة والجبس والبطيخ فلا يتم حصر الأضرار التي لحقت بها حتى انتهاء المزارعين من الزراعة اي بعد ١٥ من نيسان.

المزارعون: خسائرنا كبيرة ومتروكون وحدنا

 على الأرض التقى موقع تلفزيون سوريا بعدد من المزارعين المتضررين من موجة الصقيع في عدة مناطق، حيث أفاد المزارع محمد جمعة اليسوف من منطقة كفريحمول شمالي إدلب بأن خسارته في محصول الفول فقط فاقت الـ 1500 دولار أميركي وهي كلفة البذار وحراثة أرضه البالغة مساحتها خمسة عشر دونماً، في حين كانت خسارته كبيرة جداً في محصول البطاطا حيث إن كلفة زراعة دونم البطاطا الواحد فاقت 300 دولار.

أما في سهل الروج فالتقى موقع تلفزيون سوريا بالمزارع نورس ماضي من قرية حيلا، والذي تضررت كامل أرضه البالغة مساحتها ستة دونمات مزروعة بالكوسا والباذنجان والفاصولياء، وجميعها مزروعة داخل الأنفاق البلاستيكية، وبكلفة تقدر بأكثر من ألف وخمسمئة دولار أميركي.

وقال ماضي إنه عاود زراعة الأرض من جديد لكن ذلك لن يعوضه عن خسارته الكبيرة، ولن يحقق له السعر المناسب الذي كان يرغب فيه عند طرح خضراواته في بداية الموسم، فهو رغم امتلاكه الأنفاق البلاستيكية وما وضعه من تكاليف عليها أصبح متساويا مع من يزرع في الأرض دون تكاليف.

في العموم وبحسب المزارعين، تقسم زراعة الخضراوات والشتول من حيث التوقيت إلى قسمين:

  • زراعة مبكرة: تمت في الفترة الممتدة ما بين منتصف كانون الثاني ومطلع شباط، كان الهدف منها إنتاج محاصيل مبكرة تحظى بأسعار مرتفعة عند طرحها في الأسواق مع بداية الموسم، كانت نتيجتها التلف التام بسبب تعرض فروعها التي بدأت في النمو إلى الصقيع الحاد.
  • زراعة متأخرة: ونسبتها قليلة، تمت في الفترة الممتدة ما بين منتصف شباط ومنتصف آذار، تأخر أصحابها عن بقية المزارعين بسبب عوامل مادية كتأمين ثمن البذار والشتول وغيرها، تعرضت للصقيع بشكل محدود بسبب عدم نمو فروع النباتات فوق سطح التربة.

كما انقسمت زراعة الخضراوات والشتول ذاتها إلى قسمين أيضاً من حيث آلية الزراعة:

  • الزراعة داخل الأنفاق البلاستيكية: وتفاوتت نسبة تلف شتولها بحسب المنطقة والنبات المزروع حيث تراوحت نسبة تلف النباتات ما بين ٢٠ إلى ٧٥ في المئة.
  • الزراعة في الأرض المكشوفة مباشرة: تعرضت فيها النباتات للتلف كلياً حيث بلغت نسبة الأضرار ١٠٠ في المئة.

المزارعون طالبوا وزارة الزراعة والجهات المعنية بتعويضهم والالتفات إلى معاناتهم معتبرين بأن تضرر المزارع يؤدي حتماً إلى تضرر المجتمع كاملاً.

موجة الصقيع الحالية شبه استثنائية

الباحث في مجال الطقس أنس الرحمون قال لموقع تلفزيون سوريا إن توقيت موجة الصقيع ليس مستغرباً وذلك لتسجيل حالات صقيع ونزولات قطبية في مطلع نيسان على الأرشيف المناخي، لكن الرحمون اعتبر أن استمرارية وتراتبية موجة الصقيع الحالية هو الأمر الاستثنائي نسبياً، حيث استمرت موجة الصقيع الحالي من التاسع وحتى الثالث والعشرين من آذار الحالي، تشكلت خلالها ثلاث ذروات طويلة استمرت كل واحدة منها ما بين الـ 48 والـ 72 ساعة، لتكون المحصلة قرابة سبعة أيام من الصقيع الحاد، بينما تعتاد منطقة بلاد الشام على موجات صقيع قصيرة لا تزيد مدتها على يومين أو ثلاثة في أقصى الحالات.

الرحمون أضاف بأن موجات صقيع مشابهة حدثت في كل من عامي 2014 و1992.

حلول بدائية غير مجدية والأسعار سترتفع

خلال ليالي الصقيع حاول المزارعون تفادي موجات الصقيع عبر اتباعهم وسائل بدائية كتغطية الشتول الصغيرة بمادة التبن العلفية أو بكؤوس ورقية أو بإشعال الإطارات البلاستيكية لكن تلك الطرق البدائية لم تأتِ بأي نتيجة بسبب طول مدة موجة الصقيع وشدتها.

الخسائر لن تقف عند المزارعين وحدهم، فموجة الصقيع التي ألحقت الضرر بالمزروعات وخاصة الخضراوات ستُحدث خللاً وتأخيراً في الروزنامة الزراعية وارتفاعاً في الأسعار يؤثر في سكان الشمال السوري عموماً، ليصبح شراء الخضار أزمة لمحدودي الدخل وترفاً لا يقدر عليه إلا الأغنياء في منطقة يعيش فيها مليون ونصف المليون شخص في المخيمات.