icon
التغطية الحية

من سقبا إلى دمياط.. سوريون ينقلون صناعة "الموبيليا" معهم إلى مصر

2023.06.14 | 07:15 دمشق

من سقبا إلى دمياط.. سوريون ينقلون صناعة "الموبيليا" معهم إلى مصر
من داخل إحدى الورشات السورية لصناعة المفروشات في مدينة الدمياط المصرية (تلفزيون سوريا)
القاهرة - لجين عبد الرزاق دياب
+A
حجم الخط
-A

تشتهر مدينة دمياط المصرية على الساحل الشمالي بصناعة المفروشات والأثاث المنزلي، على المستوى المحلي، ما جعلها مقصداً للسوريين المقيمين في مصر الذين يمتهنون هذه الحرفة والتي تعرف في سوريا باسم "الموبيليا".

يقيم العديد من اللاجئين السوريين في محافظة دمياط، وذلك منذ وصولهم إلى مصر منذ أكثر من عشر سنوات، ويعملون في مجالات عديدة أشهرها المفروشات والأثاث المنزلي، في المدينة التي تعد عاصمة صناعة الأثاث في مصر.

في مدينة دمياط الجديدة، بدأ أحمد ياسين، سوري من مدينة سقبا في ريف دمشق، رحلة البحث عن عمل، بعد أن اضطر مجبرا إلى مغادرة مدينته، وترك منزله وكل ما يملك بحثاً عن النجاة.

كانت دمياط هي بالنسبة له سقبا التي تعد هي ومدينة داريا عاصمتي نجارة "الموبيليا" وصناعة المفروشات في سوريا.

يقول أحمد، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" دمرت سقبا بالكامل، وتم نهب جميع المعدات في مصانعنا هناك، فلجأت إلى مصر مع عائلتي بعد أن خسرت كل شيء، وذهبت إلى دمياط من أجل أن أجد عملاً في مهنتي التي تعلمتها منذ صغري وهي صناعة المفروشات.

يضيف أحمد، في البداية عملت في أحد الورش التابعة لرجل مصري، ولكن بعد فترة من العمل استطعت افتتاح ورشتي الخاصة، وتخصصت بالأثاث "المودرن".

بحسب أحمد، فإن "المودرن" هو نوع من الأثاث يتقنه السوريون كثيرا، مما وفره له فرص التعامل مع العديد من المعارض في محافظات مصر.

تعدّ مدينة دمياط أكبر مدينة مصرية في تصنيع الأثاث، وبحسب دراسة أعدها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 2020، حول صناعة الأثاث في مصر بين عامي 2008 و2019، تبين أن سوق الأثاث في دمياط، يوفر أكثر من 40 ألف فرصة عمل مباشرة لأبناء المحافظة، والتي يمثل إنتاجها نحو 70% من حجم صادرات الأثاث على مستوى مصر.

من داخل إحدى الورشات السورية لصناعة المفروشات في مدينة دمياط المصرية (تلفزيون سوريا)

سوق سقبا في دمياط

دمر النظام مدينة سقبا وهجر أهلها بعد أن كانت تستعد للدخول إلى موسوعة "غينيس" العالمية كأكبر تجمع لمعارض المفروشات في مكان واحد في العالم.

بدأ صنّاع "الموبيليا" السوريون الذين يعملون في النجارة والمفروشات في مصر من الصفر، واستطاعوا تحقيق شهرة في دمياط، وصنعوا لهم اسما وسمعة جيدة في عالم المفروشات.

واحتضنت مدينة دمياط الصناعية السوريين وساعدتهم على الانطلاق من جديد ويمتلك العديد من السوريين اليوم مصانع وورشاً ومعارض خاصة بهم.

محمد عبد الكافي، سوري من حلب يقول، أتيت إلى مصر مع ابن عمي ولم نكن نملك المال من أجل أن نفتتح ورشة ونعمل، فقام بعض أصدقائنا المصريين بإعطائنا مبلغاً من المال من أجل أن نبدأ، وساعدونا في نشر اسمنا في السوق.

ويضيف محمد، الآن أعمل في البيع بالمعرض في منطقة العاشر من رمضان، وابن عمي يعمل في مصنعنا في دمياط، ونقوم بعرض نماذج عملنا على موقع "فيس بوك"، ولدينا كثير من الزبائن المصريين والسوريين.

بدوره عبد الله، سوري من مدينة جسرين، يقول كنا نملك مصنعاً في داريا وبعد الحرب فقدنا كل ما نملك، قمت ببيع بيتي في الريف وأتيت إلى دمياط لأبدأ العمل.

ويضيف عبد الله، استقبلنا المصريون الذين يعملون في الأثاث في مصانعهم وورشهم من أجل أن نتعلم بعض الموديلات الدارجة في السوق المصري وأساليب جديدة في الطلاء، وساعدونا أيضاً في الحصول على الخشب بأنواعه بأسعار الجملة، كما تعلم زملاؤنا المصريون منا طرق التنجيد السورية المشهورة.

تبادل للخبرات ومزجها

على الرغم من وجود منافسة بين السوريين والمصريين العاملين في فن صناعة الأثاث، إلا أنهم يتشاركون خبراتهم ويتعلمون من بعضهم ما يجهلون في هذا المجال مما جعل الأثاث القادم من دمياط هو الأفضل بحسب اعتقاد يسود حالياً في الشارع المصري.

يبرع السوريون في الأثاث الحديث "المودرن" وطرق التنجيد السورية الشهيرة، في حين يتفوق المصريون في الصناعة الكلاسيكية و"الاستيل" وطرق الطلاء الجديدة.

محمد أبو حمزة، سوري من ريف دمشق، صاحب ورشة في دمياط يقول، أدخل السوريون الأثاث المودرن إلى السوق الدمياطي حيث إنه كان متوفراً بشكل قليل، بالإضافة إلى تنجيد السفنج بالطرق السورية.

يضيف أبو حمزة، نحن أيضاً كسوريين تعلمنا من المصريين طرقاً جديدة في النجارة والدهانات، بالإضافة إلى موديلات الكلاسيك والاستيل لمواكبة السوق المصري وذوق الزبائن المصريين.

أما بشار محمد، سوري وصاحب ورشة موبيليا فيقول، وُجدت في مصر معدات جديدة لم نكن نستخدمها في سوريا ساعدتنا على إنجاز العمل بسرعة وبدقة عالية، مثل ماكينات الحفر على الخشب.

ويضيف بشار، لا توجد مدينة أفضل من دمياط في مصر من أجل القيام بمشروع للمفروشات، واخترتها بناء على دراسة طويلة، كما أن هناك يداً عاملة خبيرة من المصريين والسوريين فلا يمكن أن يحصل عجز في العمالة.

ولم تختلف آراء المصريين كثيراً عن السوريين، حسين فخر الدين، صاحب ورشة يقول، لا ضرر من التعلم فنحن بحاجة دائمة للتجديد، السوريون إخوتنا وصناعة الأثاث فن يقبل التنوع.

ويضيف صاحب الورشة المصري، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، في الحقيقة أنا تعلمت من السوريين كثيراً في طرق صناعة غرف النوم وغرف الضيوف "الركنة والانتريه".

معارض في جميع محافظات مصر

كما لم يقتصر عمل السوريين في الأثاث على محافظة دمياط فقط، بل ينتشرون في جميع أرجاء الجمهورية، وبشكل كثيف في محافظة القاهرة.

ولا تخلو مدينة من معرض سوري للأثاث، كمدينة "السادس من أكتوبر"، التي ينتشر فيها السوريون بكثرة، وحي المعادي ومدينة نصر والرحاب، فمنهم من يصنع بضاعته بنفسه ومنهم من يشتريها من المصانع سواء السورية أو المصرية في دمياط.

سامر مهنا، سوري صاحب معرض للأثاث في "السادس من أكتوبر" يقول، أشتري المفروشات من مصنع سوري في دمياط نتعامل معاً منذ سنوات، ودائماً ما يصمم لنا موديلات جديدة.

ويضيف سامر، المصريون شعب طيب، ويحبون كل ما هو سوري ويثقون بجودة منتجاتنا الأمر الذي يجعلنا ناجحين هنا بسبب التشجيع الشعبي.

بدورها سما يسري، مصرية تشيد بنجاح السوريين وتقول، السوريون شعب يحب العمل ويتفانى جداً من أجله، ونجحوا في كل مهنة دخلوا إليها الأمر الذي يجعلني أثق دائما ببضاعاتهم، بالإضافة إلى ذوقهم ولطفهم في التعامل والكلام وقدرة استيعابهم لمتطلبات العميل.

صعوبات تواجه السوريين في دمياط

تعد مشكلة الإقامة من أبرز مشكلات السوريين المقيمين في دمياط، حيث يتطلب تجديد الإقامة السفر من محافظة دمياط إلى القاهرة، في ظل عدم وجود أماكن قريبة لتنفيذها.

بالإضافة إلى عدم قدرة من لا يحملون إقامة لاجئ أو إقامة سنوية، على شراء منازل أو وورش للعمل، ويكلف التخلف عن الإقامة مبالغ كبيرة للعائلة ذات عدد أفراد كبير.

في حين يمكن في بعض الأحيان تجديد إقامة اللجوء "غير الدراسية" عن طريق المنظمات التابعة للمفوضية أو شركاء المفوضية في الإسكندرية، وتقوم هذه المنظمات مثل "كاريتاس" بإرسال موفد يساعد اللاجئين في تجديد إقامتهم.

يقول عبد الله، حاولنا أن نجد حلاً لتجديد الإقامة في أقرب وقت من دون الحاجة للسفر إلى القاهرة ولكن لم نستطع إيجاد حل للمشكلة وما زال العديد منا متخلفين عن الإقامة بسبب هذا الأمر وتراكمت علينا الغرامات.