icon
التغطية الحية

من أصل سوري.. كيف سقط "قيصر النفط" الفنزويلي طارق العيسمي؟

2024.04.12 | 10:06 دمشق

سبس
 تلفزيون سوريا ـ وكالات
+A
حجم الخط
-A

أعلنت السلطات الفنزويلية اعتقال وزير النفط السابق طارق العيسمي الذي استقال من منصبه العام الماضي في إطار التحقيق بقضية فساد في "شركة النفط الوطنية الفنزويلية" المملوكة للدولة.

وقال النائب العام طارق وليم صعب "تمكنا من الكشف عن المشاركة المباشرة للعيسمي وبالتالي القبض عليه"، مضيفا أنه سيتم الإعلان عن لائحة الاتهام ضده "خلال الساعات القليلة المقبلة".

والعيسمي (49 عاما) من أصل سوري كان مساعدا مقربا لمادورو وشغل منصب نائبه بين عامي 2017 و2018.

واستقال العيسمي من منصبه الوزاري في آذار/مارس 2023 عقب الكشف عن مخالفات في إدارة الأموال من العمليات النفطية التي كانت تتم باستخدام أصول مشفرة.

وأدت القضية أيضا إلى اعتقال عشرات المسؤولين وبينهم مديرون كبار في هيئة تنظيم العملات المشفرة "سوناكريب".

وتملك فنزويلا أكبر احتياطات نفطية مؤكدة في العالم، لكن إنتاجها انخفض من ثلاثة ملايين برميل يوميا إلى أقل من مليون بعد سنوات من سوء الإدارة والعقوبات الأميركية المشددة.

وولد طارق العيسمي في 12 نوفمبر 1974 في فنزويلا وهو أحد خمسة أطفال. والدته لبنانية ووالده زيدان الأمين العيسمي، سوري من السويداء وكان يعرف أيضاً في فنزويلا باسم كارلوس زيدان.

كان والده رئيساً لفرع حزب البعث العراقي في فنزولا وعُرف بعلاقاته مع اليساريين في الشرق الأوسط ودعمه للانقلاب الذي قاده هوغو شافيز عام 1992، واعتقل بعدها.

وعمه القيادي المعروف في حزب البعث شبلي العيسمي، الذي أقام في مصر حتى اندلاع الثورة السورية عام 2011، وتم اختطافه في جبل لبنان واتهم النظام السوري بالعملية.

كيف سقط طارق العيسمي؟

في ذروة مجده، كان طارق العيسمي أحد أقوى الرجال في فنزويلا ومقرباً من الرئيس الراحل هوغو تشافيز ثم من خليفته نيكولاس مادورو لكنه أصبح حاليا في السجن بتهمة تشغيل أحد أكبر "أنظمة الفساد" في صناعة النفط.

اعتقل العيسمي (49 عاما) صباح الثلاثاء في كراكاس. وعرض النائب العام طارق وليم صعب صوراً ومقاطع فيديو للوزير السابق مكبل اليدين، ويرتدي قميصاً أسود، يرافقه عنصرا شرطة ملثمان. كما أوقف وزير الاقتصاد السابق سيمون زيربا و"المشغّل المالي" سامارك لوبيز.

يواجه العيسمي احتمال السجن 30 عاما بتهم "الخيانة واختلاس أموال عامة واستغلال النفوذ وغسل أموال وتشكيل عصابة تآمر جنائي".

وذكرت الصحف الفنزويلية أن هؤلاء اختلسوا أكثر من 15 مليار دولار من شركة النفط العملاقة المملوكة للدولة "بتروليوس دي فنزويلا" ("بي دي في أس ايه").

غيابه عن الصورة

اختفى العيسمي من الحياة العامة بعد استقالته في آذار/مارس 2023 عند تكشّف الفضيحة. وكان عدد من المسؤولين والموظفين المقربين منه في الشركة النفطية وهيئات حكومية قد أوقفوا. وأثيرت بشأنه شائعات عدة، راوحت بين وفاته وفراره الى إحدى الدول التي تعد من الملاذات الضريبية.

وتعليقا على غياب العيسمي لأكثر من عام ثم توقيفه بشكل مفاجئ، قال صعب الثلاثاء إن "كل شيء (يتم) في الوقت المناسب، وحان الوقت المناسب".

ويرى أستاذ العلوم السياسية لويس سالامانكا أن الحكومة "تسعى إلى إحداث تأثير انتخابي، وتحفيز الناخبين التشافيزيين لإخراجهم من سباتهم" قبل نحو أربعة أشهر من الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 28 تموز/يوليو.

وقال إن "مادورو الساعي لولاية ثالثة مدتها ست سنوات، لا يملك قاعدة صلبة". ويتوقع أن تكون مكافحة الفساد والإفلات من العقاب مع رمزية سقوط شخصية مهمة، من العناوين الأساسية في حملة مادورو.

في المقابل، يتفق خبراء آخرون على أن "تاريكازو" جزء من عملية تطهير.

ويشير هؤلاء إلى أن ظهور عصابة ترين دي أراغوا الإجرامية يعود إلى وقت كان العيسمي فيه حاكما لولاية أراغوا (2012-2017). ولم يذكر المدعي العام هذه الروابط المفترضة مع المجموعة التي أصبحت إحدى أكبر المنظمات الإجرامية في أميركا اللاتينية.

العملات المشفرة

لجأت الحكومة الفنزويلية إلى العملات المشفرة للالتفاف على العقوبات المالية الأميركية والحظر النفطي.

في 2020، أصدرت الحكومة قانونًا يسمح بالالتفاف على بعض القواعد القانونية من دون أن تجازف باحتمال المحاسبة. وحذّر خبراء حينذاك من إلغاء هذه الضمانات، ما يوفّر أرضاً خصبة للفساد.

في حديثه عن "مافيا"، أكد صعب أن العيسمي ومساعديه باعوا النفط بعملات أجنبية ثم حولوها إلى عملة مشفرة في شركات واجهة لجعل عملية الاختلاس "غير قابلة للرصد من قبل هيئات الرقابة".

وتقول منظمة "ترابارنسيا فنزويلا" (Transparencia Venzuela) المعنية بالشفافية، إن شركة النفط الوطنية خسرت نحو 17 مليار دولار في أنشطة العملات المشفرة بين 2020 و2023.

وأوضح صعب أن العيسمي "بدأ التعامل مباشرة، من دون أي إجراءات إدارية، مع شحنات" النفط، مشيرا إلى أن "ملايين الدولارات (...) نقدا أو ذهبا" نقلت "في حقائب سفر" إلى الخارج.

هجوم ودفاع

عندما اتهمت الولايات المتحدة العيسمي بتهريب المخدرات في 2020، فتح البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة لكنه محروم من صلاحيات الحكم، تحقيقا ضد العيسمي وسمارك لوبيز. لكن المحاكم أوقفت العملية.

وكتب فريدي غيفارا النائب المعارض السابق الذي قاد التحقيقات، على منصة إكس أن الحكومة "دافعت عن الرجلين وهاجمتنا بسببهما".

وأوضح جوليو تشيليني مدير شركة لوغ (LOG) الاستشارية "في ذلك الوقت، كان كبار المسؤولين بمن فيهم المعتقلون اليوم، يستفيدون من حماية كبيرة".

وفي 2022، دعم العيسمي صعب في تحقيق ضد الوزير السابق رافائيل راميريز بتهمة ارتكاب "احتيال ضخم" بقيمة 4,85 مليارات دولار.