icon
التغطية الحية

مقابر حمص تغص بالمدفونين فيها والنظام السوري يتجاهل تنظيمها وتوسيعها | صور

2022.05.01 | 06:28 دمشق

1441418_1514002622183952_6684786844095032459_n.jpg
مقبرة في مدينة حمص (تلفزيون سوريا)
خالد عواد الأحمد
+A
حجم الخط
-A

لم يعد بمقدور أهالي بلدة دير بعلبة الواقعة شرق مدينة حمص دفن مزيد من المتوفين في مقبرة "الزهورية" التي تم تخصيصها عام 2012 كوقف، بعد أن استكملت طاقتها الاستيعابية، ولأن الأرض تم بيعها من قبل مالكيها الأصليين الذين طلبوا من ذوي الموتى نقل جثامينهم إلى مقبرة "تل النصر"، وفق ناشطين.

 وروت سيدة من بلدة دير بعلبة لتفزيون سوريا أن والدتها توفيت في حزيران من عام 2012، ودفنت في أرض مملوكة لآل عباس في قرية الزهورية تم التبرع بها كمقبرة.

وأضافت السيدة التي تعيش خارج سوريا منذ 5 سنوات أن بعض معارفها ممن بقوا في دير بعلبة أخبروها أن المقبرة تم بيعها ويجب على أهالي المدفونين نقل موتاهم إلى مقبرة "تل النصر"،

ووفق مصادر محلية فإن قسماً من أرض المقبرة تم بيعه والباقي سيتم بيعه رغم أن المقبرة تضم رفات أكثر من  300 شخص من أهالي دير بعلبة، أغلبهم قتلوا في المجزرة التي نفذتها قوات النظام السوري بمساندة ميليشيات إيرانية بتاريخ 29 كانون الأول 2012، وراح ضحيتها أكثر من مئتي مدني معظمهم من النساء والأطفال ذبحاً بالسكاكين منهم 50 شخصاً من عائلة العباس ملاك أرض المقبرة  الأصليين، كما يقول الناشط محمد رحال، أحد أبناء البلدة.

وأضاف لموقع تلفزيون سوريا أن مالكي الأرض عندما باعوها منذ عامين لجؤوا إلى خداع الشاري فادّعوا أن القبور مؤقتة وكل أقارب الموتى سينقلون جثامينهم إلى مقبرة "تل النصر".

واستعاد محدثنا بداية معاناة أهالي دير بعلبة مع الاستملاكات الحكومية المتكررة لأراضي أهلها بزعم بناء مقابر، وروى أن "بلدية حمص استملكت قديماً عقاراً بمساحة (400) دونم شمالي كلية البتروكيميا من أجل إقامة مقابر لأهالي حمص عليها، فقام الأهالي بالتنازل عن عقاراتهم الواقعة في تل النصر لإشادة المقبرة المذكورة، بدلاً من العقار السابق، ووافقت البلدية على ذلك، لكن الأهالي فوجئوا بأن البلدية أخذت العقارات في تل النصر وبقي العقار الأول قيد الاستملاك، وعندما راجعنا رئيس البلدية في ذلك قال لنا دون مواربة: نستغل العقار في أمر آخر".

ويعرف الاستملاك بأنه نزع جبري للملكية من أجل تنفيذ المشاريع ذات النفع العام، مقابل تعويض يدفع لمالك العقار.

"تل النصر"  وحيل الاستملاك

وتعد مقبرة "تل النصر" التي تقع إلى الشمال الغربي من حي دير بعلبة من أكبر المقابر الإسلامية وأقدمها في مدينة حمص، إلى جانب مقبرة "الكثيب الأصفر" كما يعرفها أهل المدينة، وارتبطت باسم معركة تاريخية وقعت بين الجيش الإسلامي بقيادة المماليك والتتار، وانتصر فيها المسلمون وأقيمت المقبرة التي تتبع لمجلس المدينة في أرض زراعية من حي دير بعلبة كي تعوض عن كثير من المقابر القديمة التي أغلقت منذ سنين مثل مقبرة "الشيخ سليم خلف" في حي الميدان و"الكتيب" في باب الدريب (التي لا يسمح بالدفن فيها إلا بموجب استثناءات، لكونها ذات مكانة دينية خاصة).

ويجري التوسع حالياً في مقبرة "تل النصر" العامة بسبب امتلائها، علماً أن هذا التوسع يلقى معارضة شديدة من أهالي دير بعلبة الذين ضيع الاستملاك ألف دونم من أخصب أراضيها الزراعية وذلك منذ سبعينيات القرن الماضي بغرض إقامة سوق للماشية، ثم تغير غرض الاستملاك إلى مقبرة عامة، ويطالبون حالياً بوقف التوسع الحاصل وإيجاد أراضي أملاك دولة (علماً أنها متوافرة وغير بعيدة عن مدينة حمص ولا تصلح للزراعة).

 وشهدت المقبرة مجزرة كبيرة بتاريخ 27 أيار 2012 راح ضحيتها عشرات الضحايا، حينما أطلقت قوات النظام النار باتجاه المواكب التي شاركت بتشييع الضحايا الذين سقطوا برصاص قوات النظام قبل يوم من الحادثة، وتوقف الدفن فيها مع بدء سيطرة المعارضة المسلحة على أحياء دير بعلبة الشمالي والجنوبي والبياضة الملاصقة للمقبرة. ليعاد السماح بالدفن مع بدء سيطرة قوات النظام على مدينة حمص وريفها الشمالي.

وتغص مقبرة "تل النصر" بالمدفونين القدامى والجدد في ظل عدم وجود خطط لدى سلطات النظام من أجل تنظيمها أو توسيعها.

وكانت محافظة حمص قد وضعت دراسات لإنشاء أربع مقابر للمسلمين في الاتجاهات العامة الأربعة لمدينة حمص والتي تكفي لمدة 50 سنة قادمة قبل سنتين من قيام الثورة على أن يشمل المشروع دراسة مرورية لكل المقابر والتوسعات الموجودة، لتعديل المداخل القديمة والحديثة والجديدة وتقديم الخيارات للحركة المرورية ودراسة تأهيل لمقبرة تل النصر الحالية ودراسة التوسع المستقبلي.

وكلف مجلس المدينة بالتعاون مع فرع المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية بما يتعلق بوضع دراسة مرورية شاملة للمنطقة وتحديد مسارات القادمين إليها والخروج منها باتجاه عدة حارات.

كما اقترحت الدراسة حينئذ أن تحتوي كل مقبرة على مرج أخضر وشجيرات زينة وحماية وإنارة وشواهد وتحقيق حالة فصل لمنطقة استثمارية تضم بعض الخدمات (براكيات سياحية، كافيتريات، سوبر ماركت، ملاعب أطفال)، وذلك لتوفير حالة جذب للمواطنين لزيارة المقابر، ولكن هذا المشروع ظل حبراً على ورق في حين بقيت المقبرة العامة الوحيدة في المدينة "تل النصر" على حالها تئن تحت وطأة الاكتظاظ والفوضى.

  

لم تعد تتسع لدفن أي جثمان

وعلى المقلب الآخر يبدو أن توسعة المقابر ليس مطلباً شعبياً في مناطق حاضنة النظام كما في مقبرة "الفردوس" أو مقبرة "الشهداء" كما يسميها موالو النظام السوري، كونها الوحيدة التي يتم دفن قتلى قوات الأسد من أبناء الأحياء الموالية فيها بالإضافة إلى دفن قتلى من ميليشيات "فوج مغاوير البحر"، و"مغاوير البادية"، المنتشرة بشكل رئيسي في الريف الشرقي لحمص، وتمت توسعة المقبرة التي تمتد على مساحة تصل لأكثر من 30 دونماً، أربع مرات خلال سنوات الثورة، نتيجة ارتفاع أعداد الوفيات وقتلى النظام، كما بوشر بعدها بتجهيز موقع جديد قريب منها على مساحة 28 دونماً، ونشر مجلس مدينة حمص بيانا بتاريخ  27 حزيران 2019، قال فيه إنه يقوم بتنفيذ مشروع توسعة مقبرة الفردوس، بموجب العقد 47 لعام 2018.

وأضاف المجلس أن مقبرة الفردوس هي "مقبرة الشهداء الوحيدة في حمص ولم تعد تتسع لدفن أي جثمان"، ورغم ذلك قوبل مشروع التوسع باعتراض أهالي المنطقة الذين أكدوا أن المشروع سيشرد 12 عائلة نتيجة لهدم بيوتهم الواقعة ضمن المنطقة.

 ونتيجة لذلك صدر قرار عن قاضي "الصلح المدني الثاني" في حمص بإيقاف تنفيذ المشروع بسبب مخالفة العقد وعدم وجود قرار الاستملاك، بعد رفع صاحب الأرض لدعوى قضائية على المجلس، إلا أن المجلس استأنف أعماله بالرغم من عدم انتهاء الدعوى، علماً أن جزءاً من هذه الأراضي تابع للاتحاد الرياضي العام، وتخضع هذه المنطقة للقانون 26 وهو قانون تنظيم مناطق المخالفات الجماعية، وتم الاتفاق بين مجلس المدينة والاتحاد الرياضي على توسيع مقبرة الشهداء ضمن تلك الأراضي فقط.

وكانت المقبرة ذاتها شهدت عام 2013 توسيعاً شمل السماح بدفن الموتى في الحديقة العامة القريبة منها، والمعروفة باسم حديقة الفردوس، في حين شملت التوسعة اللاحقة الامتداد إلى بقية الحديقة وتحويلها بالكامل إلى مقبرة، والممتدة على طول طريق زيدل، وصولاً إلى حي الزهراء الموالي.