icon
التغطية الحية

معامل تعيد تدوير المنتهي صلاحيته.. لماذا تراجعت فعالية الأدوية السورية؟

2023.07.27 | 10:29 دمشق

آخر تحديث: 27.07.2023 | 12:33 دمشق

معامل تعيد تدوير المنتهي صلاحيته.. لماذا تراجعت فعالية الأدوية السورية؟
انتشرت أسماء تجارية لعدد من أنواع الأدوية في سوريا
دمشق ـ فتحي أبو سهيل
+A
حجم الخط
-A

"الدوا صاير متل البودرة خود حبتين بدل حبة"، عبارة باتت متداولة بكثرة في الشارع السوري، في إشارة إلى تدني فعالية بعض أصناف الدواء المصنع محلياً. ليس فقط على الصعيد الشعبي، بل حتى الأطباء باتوا يفضلون وصف أغلب الأدوية الأجنبية المهربة وخاصة الصادات الحيوية بدلاً من محلية الصنع، أو يصفون جرعتين بدل جرعة واحدة من الأدوية المحلية لتحقيق الفعالية.

رأي أطباء 

رغم أن نقابة الصيادلة تمنع وصف الدواء المهرب عبر وصفاتها المختومة، لكن هذا لا يمنع وصفها من قبل الأطباء بالاسم دون ورقة نقابة. يشير بعض الأطباء الذين التقاهم موقع تلفزيون سوريا إلى أن تراجع بعض فعالية الصادات الحيوية (أدوية الإلتهاب) قد يعود لسبب استخدامها بشكل عشوائي، لكن من غير المبرر ألا يستفيد المريض من منتج محلي بينما يحقق الاستفادة من منتج أجنبي مشابه، ما يعني أن هناك مشكلة بفعالية المواد المؤثرة.

وتابعوا أنه "هناك العديد من الأسماء التجارية لنفس الأدوية، لكن ليس هناك مبرر لانخفاض فعالية أحدها دون الآخر، فمن المفترض أن تحقق كل الأصناف ذاتها نفس الشروط والفعالية. قد نعطي بعض المرضى أدوية لا يستفيدون عليها ثم نقوم باستبدالها باسم تجاري آخر فتحقق الفائدة".

ثغرات تسمح بالتلاعب بالأدوية السورية

أحد العاملين في معامل الأدوية، شرح بعض الثغرات التي قد تؤدي لانخفاض فعالية الدواء، وأشار إلى أن كل شركات الأدوية ملزمة بتزويد وزارة الصحة بعينة من أول طبخة للدواء قبل طرحه في السوق، وريثما تصدر نتيجة التحليل يكون الدواء قد طرح.

وأضاف مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن "فرض الرقابة على الطبخة الأولى من المستحضر، يترك هامشاً كبيراً للشركات للتلاعب بالطبخات التالية. عقب استيراد المادة الفعالة يجب على شركة تصنيع الأدوية تحليلها واستخراج شهادة تحليل وإرسالها مع العينات إلى وزارة الصحة، لكن لا يوجد حالياً خبرات كافية لإجراء هذه التحاليل إضافةً إلى أن كلفته مرتفعة جداً وتصل إلى 300 دولار، وطالما هي بيد المعمل فيكمن التلاعب بها".

مصدر في أحد المعامل شرح القضية بشكل أدق، مشيراً إلى أن الرقابة على الطبخة الأولى أو حتى الطبختين الأوليتين للمستحضر الدوائي، قد تكون تمت قبل الحرب، ما يعني أن المستحضر حالياً لا يخضع للرقابة إلاّ الرقابة العشوائية إن وجدت لكنها لا تحدث حالياً، وليس من مصلحة أحد اليوم أن يسيء لسمعة الدواء السوري الذي يباع بأقل من كلفة تصنيعه ويثير البلبلة.

وأضاف "نتيجة ارتفاع كلفة تحليل العينات العشوائية والوقت الذي تحتاجه، لم تسحب وزارة الصحة منذ سنوات مثل هذه العينات العشوائية لشركات وأصناف أدوية معروفة، بينما لم نرسل منذ سنوات نتائج تحليلات المعمل الخاصة بالطبخات".

أيضاً، تحليل الفعالية من قبل وزارة الصحة يركز على نسبة تركيز المادة الفعالة في الدواء، لكن المصدر أكد أن نوعية المادة الفعالة نفسها لا تخضع للقياس ويتم الاكتفاء بشهادة المنشأ، ويشرح "مثلاً يمكن أن يضع المعمل المادة الفعالة بالنسبة المتعارف عليها عالمياً، لكن جودتها أقل من جودة ذات المادة الفعالة في منشأ آخر، ولنأخذ مثالاً على عروض على المواد الفعالة لمصانع صينية وذات المصانع يمكن أن تقدم لك مادة فعالة مثلاً بـ50 دولار ومثلها بـ100 دولار، بينما مثل هذه المادة قد يكون سعرها أضعاف من منشأ أوروبي".

حيل في التصنيع

ويضيف المصدر "أن انخفاض قيمة الليرة وارتفاع كلف التصنيع والاستيراد والتعليب، ورفض وزارة الصحة رفع أسعار الأدوية إلى المستوى الذي يتناسب والأدوية ذات الفعالية، دفعت بعض المعامل إلى اللجوء لبعض الحيل، ومنها شراء مادة فعالة من الصين بسعر العروض، إضافةً إلى تدوير بعض المواد الفعالة قريبة انتهاء الصلاحية في مستحضرات أخرى تدخل فيها نفس المادة بنسب أقل، أو تخفيض نسبة المادة الفعالة الرئيسية في الدواء بنسب بسيطة لكنها كافية لصناعة طبخات كبيرة، يعني كأن يضع المعمل للحبوب عيار 250 ملغ 245 ملغ مثلاً ويوفر الباقي من كل حبة، وبذلك يستطيع أن يصنع أكثر".

فتح الملف بصحيفة رسمية

في حزيران الماضي، نشرت صحيفة تشرين الرسمية تحقيقاً حول الدواء السوري وفعاليته، جاء فيه أن "حكاية الدواء المصنّع محلياً مع حيثية الفعالية باتت معلنة، بعضهم – أطباء – يعذر شركات التصنيع لجهة عدم الموافقة على رفع الأسعار بما يواكب ارتفاع التكاليف، بالتالي يتم لجوء الشركات المصنعة إلى تقليل نسبة المادة الفعالة المستوردة، وقد تابع الجميع السجالات بين أصحاب شركات الدواء ووزارة الصحة من أجل رفع أسعار كثير من الأصناف، وهذا حديث متكرر مع كل ارتفاع ولو كان طفيفاً في أسعار صرف العملات الأجنبية في السوق المحلية".

وتواجه الأوساط المعنية بالرقابة على الدواء السوري الحديث عن تراجع فعالية الدواء بالنفي القاطع، حيث قال رئيس فرع دمشق لنقابة الصيادلة حسن ديروان لصحيفة تشرين أن "هذا غير صحيح، فالدواء المصنّع محلياً يخضع لتحاليل مخبرية فيزيائية وكيميائية وجرثومية دقيقة للتأكد من فعاليته"، في وقت امتنعت فيه نقيب صيادلة سورية وفاء كريشي بإدلاء أي تصريح بهذا الخصوص للصحيفة، بينما قالت رنوة السيد من كلية الصيدلة بجامعة دمشق، إن "الصناعة الدوائية واجهت الصعوبات نفسها التي واجهتها كل الصناعات في سورية اضطرت الكثير من المعامل في سوريا أن تخفض إنتاجها أو تقلل من إنتاجها على حساب النوعية، فالعملية الإنتاجية تعاني من غلاء في الموارد وظروف العمل غير المناسبة وبأن يستورده المادة من الهند بدلاً من ألمانيا.

ديروان، أكد وجود إشكالية أو فجوة بين وزارة الصحة ومصنعي الأدوية بخصوص أسعار الأدوية بعد ارتفاع سعر صرف المركزي و بالتالي ارتفاع سعر المواد الأولية المستوردة وارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج في الصناعات الدوائية. ويرى أنه على وزارة الصحة الإسراع في معالجة الموضوع حتى لا نعاني من فقدان الأدوية من الصيدليات.

وأعلنت نقابة الصيادلة في دمشق مؤخراً، أن وزارة الصحة تدرس تعديل أسعار بعض أصناف الأدوية حتى لا يكون هناك انقطاع لهذه الأصناف من الأسواق، في الوقت الذي انقطعت بعض الأصناف ما قد يؤدي إلى أزمة دوائية خلال المرحلة المقبلة.