icon
التغطية الحية

مظاهرات السويداء مستمرة بزخمها الكبير في تحد لبشار الأسد الذي يحاول تجاوز الحرب

2023.09.20 | 15:51 دمشق

لافتة من مظاهرات السويداء
CBS News- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

حققت المظاهرات المناهضة للنظام في سوريا زخماً كبيراً واستمرت على تلك الوتيرة لأكثر من شهر، وهي في ذلك تشبه المظاهرات التي خرجت ضد بشار الأسد ودفعت قوات الأمن لديه لقمع الناس في عام 2011، ما جعل البلاد تدخل في دوامة تراجع كبير، ثم استحال الوضع إلى حرب شاملة.

تركزت المظاهرات في مدينة السويداء جنوبي البلاد، وكان دافعها الأساسي ارتفاع تكاليف المعيشة والذي تسبب بأزمة للناس، كما ضعف الاقتصاد السوري بعد سنوات الحرب، وزاد الوضع سوءاً مع فرض عدد من العقوبات الدولية. إلا أن الغضب حيال تردي الاقتصاد تطور بسرعة إلى مطالب أخذت تطالب بإسقاط الأسد ونظامه.

ماذا وراء هذه الاحتجاجات؟

بدأت المظاهرات في السويداء وجارتها درعا التي تعتبر مهد الثورة السورية التي انطلقت في عام 2011، بعدما خفض الأسد من الدعم المخصص للمحروقات ورفع سعر البنزين بنسبة 250% تقريباً وذلك خلال شهر آب الفائت.

رفع الأسد الرواتب والرواتب التقاعدية البسيطة بالأصل للعاملين في القطاع العام، لكن الجهود التي بذلت لتخفف من حنق العامة لم تُجد نفعاً مع تلك الضربة التي وجهت للاقتصاد، بل إن تلك الحركة سرعت من عجلة التضخم وأضعفت الليرة السورية أكثر فأكثر. ثم إن ملايين السوريين أصبحوا يعيشون في فقر بعد مرور أكثر من عقد على الحرب، وهؤلاء ألفوا وضعهم بعد الحرب أسوأ بكثير مما كان عليه خلالها.

أكدت حكومة الأسد على أن الأزمة الاقتصادية في سوريا أتت نتيجة للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها من الدول الأوروبية وذلك منذ أن اندلعت الحرب.

الدروز وردة فعل نظام الأسد تجاههم

أصيب ثلاثة متظاهرين في السويداء بتاريخ 13 أيلول وذلك عندما فتح مسلحون النار على المتظاهرين عندما حاولوا إغلاق فرع حزب البعث الحاكم عنوة، ولم يتمكن أحد من تحديد هوية من أطلقوا النار، إلا أن التقارير أفادت بأنهم قوات أمن ترتدي لباساً مدنياً، فكانت تلك المرة الأولى التي يطلق فيها النار على المتظاهرين خلال الاحتجاجات الأخيرة.

ولكن بالعموم، ضبط نظام الأسد نفسه تجاه هذه المظاهرات ذات الصوت العالي في السويداء لكنها بقيت خالية من العنف.

تعتبر مدينة السويداء معقل طائفة الدروز في جنوب غربي سوريا، ولهذا لا يبدو الأسد راغباً بممارسة القوة الساحقة ضد هذه الطائفة. إذ خلال الحرب، قدم النظام نفسه على أنه مدافع عن الأقليات الدينية أمام التطرف الإسلامي.

في عام 2010، أي قبل الثورة السورية بعام واحد، كان الدروز يشكلون نسبة 3% من تعداد السكان البالغ عددهم 22 مليوناً في سوريا، ويتميز أبناء هذه الطائفة التي تتركز في السويداء وفي جرمانا بريف دمشق بأنهم مثقفون، وتعتبر هذه الطائفة من أشد الطوائف علمانية في المجتمع السوري، بيد أنها طائفة عابرة للحدود والدول، إذ هنالك دروز في لبنان والأردن وإسرائيل.

بعد ثورة عام 2011، ظل الدروز بعيدين عن الحرب، على الرغم من أن معظم شباب الطائفة رفضوا التجنيد الإجباري في الجيش السوري. والآن هنالك شخصية واحدة على الأقل ذات نفوذ داخل الطائفة تؤيد مقاومة المركزية بدلاً من الوقوف على الحياد.

التواصل الأميركي مع الدروز.. والكبتاغون في السويداء

طلب من الشيخ حكمت الهجري الذي يعتبر أقوى شيخ عقل يتزعم الطائفة الدرزية في سوريا، تشكيل دولة ديمقراطية جديدة والتخلي عن سيطرة حكومة الأسد على منطقته.

أجرى النائب الأميركي فرينش هيل زيارة مقتضبة لمناطق الثوار في شمال غربي سوريا خلال الشهر الفائت، ورافقه في تلك الزيارة نائبان آخران، فكانت تلك أول زيارة علنية لبلد مزقته الحرب يقوم بها سياسيون أميركيون منذ ست سنين. وبعد تلك الزيارة، أجرى هيل مكالمة فيديو مع الشيخ الهجري وذلك ليتعرف على تجربة السوريين الذين يعيشون في السويداء على حد وصفه، وذكر هذا النائب أنهما تناقشا عن حالة السخط التي يبديها الأهالي والمظاهرات السلمية التي خرجوا فيها، ومن جانبه أبلغه الهجري بأن قوات النظام قطعت الماء والكهرباء عن المدينة، واتهم نظام الأسد وعملاءه من الميليشيات الإيرانية بالاتجار بالكبتاغون في المنطقة.

SYRIA-LEBANON-CONFLICT-CORRUPTION-CRIME-DRUGS-CAPTAGON

الكبتاغون في سوريا

فرضت إدارة بايدن وكذلك المملكة المتحدة عقوبات على عدد من الشخصيات ضمن عائلة الأسد خلال شهر آذار الماضي، وذلك لقيامهم بتسهيل عمليات تصدير الكبتاغون، وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية بأن حزمة العقوبات هذه فرضت للتأكيد على هيمنة عائلة الأسد على عمليات الاتجار بالكبتاغون غير المشروعة والتي تمول نظام الأسد القمعي.

فيما ذكر ماهر شرف الدين وهو كاتب وصحفي وناشط معارض درزي من السويداء بأن هيل أوضح للهجري بأنه يأمل بتعميق العلاقات بين الولايات المتحدة والطائفة الدرزية، ما جعل شرف الدين يتمنى أن يكون هذا التواصل المبدئي بمثابة مؤشر على دعم جديد من واشنطن للمعارضة في الحرب السورية.

جيران الأسد يرحبون بعودته

بقي الأسد في السلطة بعد الحرب بفضل الدعم العسكري الذي أمنته له حليفتاه روسيا وإيران، غير أن النزاع جعل البلاد تتشظى، وخلف ما لا يقل عن 300 ألف قتيل وتسبب بنزوح نصف سكان سوريا الذين وصل عددهم قبل الحرب إلى 23 مليوناً.

هزت مظاهرات السويداء نظام الأسد، لكن لا يبدو أنها تمثل أي تهديد على وجوده، وذلك لأن قوات النظام عززت سيطرتها على معظم المناطق في سوريا، بعد سنوات أمضتها في محاربة حالة الشيطنة بسبب جرائم الحرب التي ارتكبها الأسد ضد شعبه، وبذلك عاد الأسد حرفياً إلى مقعده على الطاولة.

 

Syria Arab League

الأسد يستقبل وفداً يضم برلمانيين عرباً

 

أعاد قادة دول شرق أوسطية أخرى العلاقات مع نظام الأسد، بحجة أن التعامل معه خير سبيل لمعالجة مشكلة تدفق اللاجئين وتهريب المخدرات عبر الحدود السورية.

منذ فترة قريبة، أعادت 22 دولة عضو في الجامعة العربية سبق لها أن قطعت علاقاتها مع نظام الأسد في بداية الحرب، مقعد سوريا للدولة السورية، ولأول مرة منذ أكثر من عقد، انضم الأسد للقادة والرؤساء في اجتماع القمة العربية الذي عقد خلال أيار الماضي.

بيد أن إدارة بايدن ألمحت إلى أنها لن تتراجع عن موقفها المتمثل بفرض عقوبات ثقيلة على نظام الأسد، إذ بكل صراحة أعلن نيد برايس وهو الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية: "لا نؤيد تطبيع العلاقات مع نظام الأسد" وذلك خلال شهر آذار الفائت، في الوقت الذي عملت فيه الولايات المتحدة على إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي دمرها زلزال قوي في سوريا.

بعد زيارته الميدانية لمناطق الثوار في سوريا، وحديثه مع الشيخ الهجري، أعلن النائب هيل أنه شعر بأن هدف الولايات المتحدة وبقية الدول يجب أن يتلخص بالعمل على إيجاد حل سياسي ينهي تدمير الأسد الممنهج لبلده، ويتوصل إلى نتيجة يمكن من خلالها للسوريين أن يعودوا بشكل آمن وبسلام إلى بيوتهم وقراهم ولحياتهم وعملهم.

هذا ولم تتطرق وسائل الإعلام السورية التي تخضع لسيطرة الدولة للحديث عن مظاهرات السويداء، بل عمدت الوكالة السورية للأنباء (سانا) عوضاً عن ذلك لبث تقارير حول المساعدات الغذائية التي قدمتها روسيا لقرية صلخد في ريف السويداء.

كما أعلن مكتب رئاسة الجمهورية في سوريا يوم الثلاثاء أن الأسد سيسافر إلى بيكين خلال هذا الأسبوع ليلتقي بالرئيس الصيني شي جين بينغ ضمن أعمال القمة الصينية-السورية.

 

المصدر: CBS News